صفحة 1 من 1

بيان عدم صحة وبطلان ما ينقل عن أحمد بن سنان من أنه يقول بكفر من قال بخلق القرآن:

مرسل: الأربعاء إبريل 17, 2024 10:06 am
بواسطة عود الخيزران
بيان عدم صحة وبطلان ما ينقل عن أحمد بن سنان من أنه يقول بكفر من قال بخلق القرآن:

قال الذهبي في كتابه " العلو" النص رقم(٤٧١):
[ أحمد بن سنان محدّث واسط ( 259):
471- قال ابن أبي حاتم في " الرد على الجهمية" : ثنا أحمد بن سنان الواسطي قال: بلغني عن ابن أبي دؤاد يعني قاضي أيام المحنة أنه قال: ثلاثة من الأنبياء مشبهة عيسى بن مريم حيث يقول: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}المائدة:116، وموسى حيث يقول: {رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ}الأعراف:143، ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: ((إنكم ترون ربكم)). قال: هذا كفر صراح. أو فالتشبيه بهذا الاعتبار حق، فتعالى الله عمَّا يقول الجاحدون علوّاً كبيراً، وقد ذكرنا قول نُعَيم: من شبَّه الله بخلقه فقد كفر.
وأحمد بن سنان القطان حافظ ثقة ورع، من مشيخة البخاري ومسلم، ما نَقَل هذا عن أحمد بن أبي دؤاد الملحد سدى، وهو الذي كان واقفاً يوم محنة الإمام أحمد بين يدي المعتصم يقول: يا أمير المؤمنين: هو ضال مضل اقتله، مات أحمد بن سنان سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين عن نَيِّفٍ وثمانين سنة].

أقول في بيان بطلان وعدم صحة هذا النقل:

أولاً:
نقله عن نعيم وأنه قال:( من شبَّه الله بخلقه فقد كفر
):
فهذا كذب! والإسناد منقطع! وقد اعترف متناقض عصرنا الألباني بعدم ثبوت هذا في "مختصر العلو" ص (208)!! فقال: [قلت: لكن السند لا يصح إلى ابن أبي دؤاد القاضي بما ذكر عنه، والله يحب الإنصاف، وهو القائل: {ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا} الآية. لأن الواسطي وإن كان ثقة فقد ذكره بلاغاً ولم يسمِّ الذي بلَّغه لينظر فيه أثقة هو أم لا؟]. وأزيد عليه بأنَّ هذا كذب على ابن أبي دؤاد!! وابن أبي دؤاد كان فاضلاً عالماً سخياً!! ولم يصح فيه كل ما قالوه في حقه من أنه هو الذي قام بالمحنة وأنه كان يطلب من الخليفة قتل أحمد بن حنبل!! بل من قرأ ترجمة أحمد بن نصر الشهيد في "سير أعلام النبلاء" (11/167) وجد أنَّ ابن أبي دؤاد كان يحاول التخفيف عنه وصرف الخليفة عن قتل أحمد بن نصر بأي وسيلة!! وكانت المسألة سياسية لا علاقة للمعتزلة بها!! لكن أهل الأثر وأولئك المحدثين مفترون ويكفي في إثبات إفترائهم ما رموا به الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى!! كما هو معلوم ومشهور!! وقد نقدهم في ذلك وزيف طعوناتهم الإمام الكوثري رحمه الله تعالى في كتابه الفذ "تأنيب الخطيب" فارجع إليه!!

ثانياً:
في وصفه للقاضي ابن أبي داود تناقض واضح ؛
يقول الذهبي في "السير" (11/169) رجع فقال: ((القاضي الكبير، أبوعبدالله أحمد بن فرج بن حريز الإيادي البصري ثمَّ البغدادي الجهمي، عدو أحمد بن حنبل، كان داعية إلى خلق القرآن، له كرم وسخاء وأدب وافر ومكارم)). ولم يكن ابن أبي دؤاد ملحداً بل كان مؤمناً بالله تعالى ولم يؤلّب الخلفاء على أحد!! بل كان يخفف عنهم لو كانوا يعلمون!! وقد غضب المحدثون لأجل ضرب ابن حنبل ولم يغضبوا لأجل قتل آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصلبهم وسمهم في السجون!! فلله الأمر من قبل ومن بعد!! وقد ذكر الذهبي في "السير" (11/259) في ترجمة ابن حنبل أنَّ بعض الناس اقترح على المعتصم أن يقتل أحمد بن حنبل وأن ابن أبي دؤاد قال عقب ذلك للمعتصم - على المعتصم من الله ما يستحق -: ((لا يا أمير المؤمنين لا تفعل فإنه إن قتل أو مات في دارك قال الناس: صبر حتى قُتل...)) فهذا الكلام يفيد العاقل مع ما هو مذكور في ترجمة أحمد بن نصر الشهيد أنَّ القاضي ابن أبي دؤاد كان يدرأ عن هؤلاء ويخفف عنهم ويصرف غضب الخلفاء عنهم!! لكنهم ما كانوا يفهمون ذلك!! لأنهم ظاهرية والقاضي المعتزلي أدرك خبث مقصد الخلفاء فكان يسعى في أن يدرأ عنهم!!

ثالثاً:
تقوّله على ابن أبي دؤاد من أنه أشار بقتل أحمد بن حنبل,فأقول:

ما أظنُّ هذا يصح!! ولذلك تعجّب الذهبي في " سير أعلام النبلاء" (11/264) فقال: [العجب من أبي القاسم علي بن الحسن الحافظ (يعني ابن عساكر) كيف ذكر ترجمة أحمد مطوَّلة كعوائده ولكن ما أورد من أمر المحنة كلمة، مع صحة أسانيدها، فإنَّ حنبلاً ألَّفها في جزئين وكذلك صالح بن أحمد وجماعة]. قلت: لأنه لم يصح عنده أكثر المزاعم والتضخيم الذي أحدثته الحنابلة فيها ورأى ما فيها من كذب وتناقض وأنَّ رواتها من متعصبة الحنابلة لذلك أعرض عنها وعلم أنه لا يمكن إطلاق الصحة على أسانيدها!! حتى يتم الوثوق بها ونقل ما فيها من مقولات وآراء!! فافهم!!