بيان ضعف لفظ (أين الله) الذي ورد في بعض طرق حديث الجارية الذي يطنطن ويتغنى به المجسمة والمشبهة:
مرسل: الأربعاء نوفمبر 01, 2023 7:48 am
رواه مالك في الموطأ (1270) وأحمد في المسند من طريق:
[.. ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَإِنْ كُنْتَ تَرَاهَا مُؤْمِنَةً أُعْتِقُهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَـــــــشْـــهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتِقْهَا].
وروى عبد الرزاق في المصنف (9/175) وعنه أحمد المسند (3/451):
[حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ جَاءَ بِأَمَةٍ سَوْدَاءَ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَإِنْ كُنْتَ تَرَى هَذِهِ مُؤْمِنَةً أَعْتَقْتُهَا. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: (أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟) قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: (أَتَشْهَدِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟) قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: (أَتُؤْمِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ؟) قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: (أَعْتِقْهَا)].
قال ابن كثير في تفسيره (1/710): [وهذا إسناد صحيح وجهالة الصحابي لا تضره].
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (1/444) في ترجمة معاوية بن الحكم السلمي:
[كان ينزل المدينة ويسكن في بني سليم... ومعاوية بن الحكم هذا معدود في أهل المدينة].
قلت: وأهل المدينة أصلاً هم الأنصار.
ورواه الطبراني في الكبير (12/26/12369) ,الأوسط (5/350/5523) من طريق:
[.. علي بن هاشم، عن بن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو والحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن عليَّ رقبة وعندي جارية سوداء أعجمية فقال ائتني بها فقال: (أتشهدين أن لا إله إلا الله؟) قالت: نعم. قال: (أتشهدين أني رسول الله؟) قالت: نعم. قال: (فأعتقها)].
فهذا كله من رواية معاوية بن الحكم السلمي وما رواه مالك في الموطأ وعبد الرزاق وأحمد قصة واحدة.
وأما القصة الأخرى فهي ما رواه الدارمي (2242) فقال:
[أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ الشَّرِيدِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّ عَلَى أُمِّي رَقَبَةً وَإِنَّ عِنْدِي جَارِيَةً سَوْدَاءَ نُوبِيَّةً أَفَتُجْزِئُ عَنْهَا؟ قَالَ: (ادْعُ بِهَا). فَقَالَ: (أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟) قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: (أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ)].
وحديث الشريد بن سويد هذا روي بلفظ آخر، فقد رواه أحمد (4/222) والنسائي (3593) وابن حبان في صحيحه (1/418) بلفظ:
[.. قال عندي جارية سوداء أو نوبية فأعتقها؟ فقال: (ائت بها) فدعوتها فجاءت فقال لها: (مَنْ ربك؟) قالت: الله. قال: (مَنْ أنا؟) فقالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال: (اعتقها فإنها مؤمنة)].
قال المعلق على مسند أحمد وصحيح ابن حبان: إسناده حسن. وحسنه الألباني في صحيح النسائي.
فالألفاظ الصحيحة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله تنص على أنه قال لها (أتشهدين أن لا إله إلا الله) أو (من ربك) وأرجحها الموافق لجميع أحوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو دعوته الناس إلى الشهادة في أحاديث كثيرة جدا.
فيكون لفظ (أين الله) من باب المنكر لفظاً الشاذ إن قلنا بصحة سنده مع أن في صحة سنده كلام!
ثم إن البيهقي نفى وجود لفظ (أين الله) في صحيح مسلم فقال : إن مسلما أخرج حديث معاوية بن الحكم السلمي المكون من عدة قصص في صحيحه دون قصة الجارية لاختلاف الرواة في لفظه! فقال في كتابه "الأسماء والصفات" ص (421) من طبعة الإمام الكوثري:
[وهذا صحيح قد أخرجه مسلم مقطّعاً من حديث الأوزاعي وحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير دون قصة الجارية وأظنه إنما تركها من الحديث لاختلاف الرواة في لفظه ، وقد ذكرت في كتاب الظهار من السنن مخالفة مَن خالف معاوية بن الحكم في لفظ الحديث] اهـ !!!
ونسخة البيهقي ليست نسخة يشتريها من أي مكتبة لا يدري ما هو أصلها وإنما هي نسخة مقروءة بالسماع على شيوخه وشيوخ شيوخه عن الإمام مسلم مصنف الكتاب.
فهذه هي بعض أقوال أهل الحديث ورواياتهم وبياناتهم حول هذا الحديث.
وهذا مما يقطع وشيجة ودابر المتنطعة والمتفلسفة في عدة قضايا تتعلق بلفظ (أين الله) الذي في حديث معاوية بن الحكم السلمي في قصة الجارية!
ومن أراد التوسع في الموضوع فعليه برسالتنا في حديث الجارية المطبوعة قبل نحو ثلاثين سنة والمسماة (تنقيح الفهوم العالية بما ثبت وما لم يثبت في حديث الجارية).
والله المستعان!
__________________
[.. ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَإِنْ كُنْتَ تَرَاهَا مُؤْمِنَةً أُعْتِقُهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَـــــــشْـــهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتِقْهَا].
وروى عبد الرزاق في المصنف (9/175) وعنه أحمد المسند (3/451):
[حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ جَاءَ بِأَمَةٍ سَوْدَاءَ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَإِنْ كُنْتَ تَرَى هَذِهِ مُؤْمِنَةً أَعْتَقْتُهَا. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: (أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟) قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: (أَتَشْهَدِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟) قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: (أَتُؤْمِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ؟) قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: (أَعْتِقْهَا)].
قال ابن كثير في تفسيره (1/710): [وهذا إسناد صحيح وجهالة الصحابي لا تضره].
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (1/444) في ترجمة معاوية بن الحكم السلمي:
[كان ينزل المدينة ويسكن في بني سليم... ومعاوية بن الحكم هذا معدود في أهل المدينة].
قلت: وأهل المدينة أصلاً هم الأنصار.
ورواه الطبراني في الكبير (12/26/12369) ,الأوسط (5/350/5523) من طريق:
[.. علي بن هاشم، عن بن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو والحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن عليَّ رقبة وعندي جارية سوداء أعجمية فقال ائتني بها فقال: (أتشهدين أن لا إله إلا الله؟) قالت: نعم. قال: (أتشهدين أني رسول الله؟) قالت: نعم. قال: (فأعتقها)].
فهذا كله من رواية معاوية بن الحكم السلمي وما رواه مالك في الموطأ وعبد الرزاق وأحمد قصة واحدة.
وأما القصة الأخرى فهي ما رواه الدارمي (2242) فقال:
[أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ الشَّرِيدِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّ عَلَى أُمِّي رَقَبَةً وَإِنَّ عِنْدِي جَارِيَةً سَوْدَاءَ نُوبِيَّةً أَفَتُجْزِئُ عَنْهَا؟ قَالَ: (ادْعُ بِهَا). فَقَالَ: (أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟) قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: (أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ)].
وحديث الشريد بن سويد هذا روي بلفظ آخر، فقد رواه أحمد (4/222) والنسائي (3593) وابن حبان في صحيحه (1/418) بلفظ:
[.. قال عندي جارية سوداء أو نوبية فأعتقها؟ فقال: (ائت بها) فدعوتها فجاءت فقال لها: (مَنْ ربك؟) قالت: الله. قال: (مَنْ أنا؟) فقالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال: (اعتقها فإنها مؤمنة)].
قال المعلق على مسند أحمد وصحيح ابن حبان: إسناده حسن. وحسنه الألباني في صحيح النسائي.
فالألفاظ الصحيحة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله تنص على أنه قال لها (أتشهدين أن لا إله إلا الله) أو (من ربك) وأرجحها الموافق لجميع أحوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو دعوته الناس إلى الشهادة في أحاديث كثيرة جدا.
فيكون لفظ (أين الله) من باب المنكر لفظاً الشاذ إن قلنا بصحة سنده مع أن في صحة سنده كلام!
ثم إن البيهقي نفى وجود لفظ (أين الله) في صحيح مسلم فقال : إن مسلما أخرج حديث معاوية بن الحكم السلمي المكون من عدة قصص في صحيحه دون قصة الجارية لاختلاف الرواة في لفظه! فقال في كتابه "الأسماء والصفات" ص (421) من طبعة الإمام الكوثري:
[وهذا صحيح قد أخرجه مسلم مقطّعاً من حديث الأوزاعي وحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير دون قصة الجارية وأظنه إنما تركها من الحديث لاختلاف الرواة في لفظه ، وقد ذكرت في كتاب الظهار من السنن مخالفة مَن خالف معاوية بن الحكم في لفظ الحديث] اهـ !!!
ونسخة البيهقي ليست نسخة يشتريها من أي مكتبة لا يدري ما هو أصلها وإنما هي نسخة مقروءة بالسماع على شيوخه وشيوخ شيوخه عن الإمام مسلم مصنف الكتاب.
فهذه هي بعض أقوال أهل الحديث ورواياتهم وبياناتهم حول هذا الحديث.
وهذا مما يقطع وشيجة ودابر المتنطعة والمتفلسفة في عدة قضايا تتعلق بلفظ (أين الله) الذي في حديث معاوية بن الحكم السلمي في قصة الجارية!
ومن أراد التوسع في الموضوع فعليه برسالتنا في حديث الجارية المطبوعة قبل نحو ثلاثين سنة والمسماة (تنقيح الفهوم العالية بما ثبت وما لم يثبت في حديث الجارية).
والله المستعان!
__________________