بيان عدم صحة ما ينقل عن محمد بن أسلم الطوسي في مسألة خلق القرآن:
مرسل: الجمعة إبريل 19, 2024 7:41 pm
بيان عدم صحة ما ينقل عن محمد بن أسلم الطوسي في مسألة خلق القرآن:
قال الذهبي في كتابه "العلو" النص رقم(473):
[473- قال عبدالرحمن بن محمد الحافظ: نا عبدالله بن محمد بن الفضل الصيداوي، سمعت إسحاق بن داود الشعراني يذكر أنه عرض على محمد بن أسلم الطوسي كلام بعض من تكلَّم في القرآن فقال محمد: القرآن كلام الله غير مخلوق أينما تلي وحيثما كتب، لا يتغيَّر ولا يتحوَّل ولا يتبدّل.
قلت: صدق والله، فإنك تنقل من المصحف مائة مصحف وذلك الأول لا يتحول في نفسه ولا يتغيَّر، وتلقن القرآن ألف نفس وما في صدرك باق بهيئته لا انفصل عنك ولا تغيَّر. وذاك لأنَّ المكتوب واحد والكتابة تعددت والذي في صدرك واحد وما في صدور المقرئين عين ما في صدرك، سواء والمتلو وإن تعدد التالون به واحد مع كونه سوراً وآيات وأجزاء متعددة ، وهو كلام الله ووحيه وتنزيله وإنشاؤه، ليس هو بكلامنا أصلاً، نعم وتَكَلُّمُنَا به وتلاوتنا له ونطقنا به من أفعالنا وكذلك كتابتنا به وأصواتنا به من أعمالنا، قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}الصافات:96، فالقرآن المتلو مع قطع النظر عن أعمالنا كلام الله ليس بمخلوق، وهذا إنما يُحَصِّلُهُ الذهن، وأما في الخارج فلا يتأتى وجود القرآن إلا مـن تالٍ أو في مصحف، فإذا سمعه المؤمنون في الآخرة من رب العالمين فالتلاوة إذ ذاك والمتلو ليسا بمخلوقين، ولهذا يقول الإمام أحمد: من قال لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن فهو جهمي، فتأمل هذا، فالمسألة صعبة، وما فصلته منها وإن كان حق فأحمد رحمه الله وعلماء السلف لم يأذنوا في التعبير عن ذلك، وفرُّوا من الجهمية ومن الكلام بكل ممكن حتى أنَّ حرب بن إسماعيل قال: سمعت ابن راهويه وسئل عن الرجل يقـول: القرآن ليس بمخلوق وقراءتي إياه مخلوقة، لأني أحكيه فقال: هذا بدعة لا يقارّ على هذا حتى يدع قوله.
قلت: أظنُّ إسحاق نفر من قوله (لأني أحكيه)، بحيث أنَّ الحافظ الثبت عبدالله ابن أحمد قال: سألت أبي ما تقول في رجل قال: التلاوة مخلوقة وألفاظنا بالقرآن مخلوقة والقرآن كلام الله ليس بمخلوق. فقال: هذا كلام الجهميـة. قـال الله: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}التوبة:6. وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((حتى أُبَلِّغ كلام ربي)) وقال: ((إنَّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس..)) وكان أبي يكره أن يتكلَّم في اللفظ بشيء أو يقال: مخلوق أو غير مخلوق.
ولقد كان محمد بن أسلم من السادات علماً وعملاً له تصانيف منها: الأربعون التي سمعناها، توفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين بطوس].
أقول في بيان عدم صحة ما نُقل عن محمد بن أسلم، والتعليق على كلام الذهبي:
أولاً:
ما نقله الذهبي عن محمد بن أسلم لا يثبت البتة!! (عبد الله بن محمد بن الفضل الصيداوي) هو الأسدي قال ابن أبي حاتم في كتابه "الجرح والتعديل" (1/310): [عبد الله بن محمد بن الفضل الأسدي الصيداوي المعروف بأبي بكر الأسدي]. وقال في "الجرح والتعديل" (5/163) في ترجمته: [...روى عن خالد بن خداش وداود بن عمرو ومصعب بن عبد الله الزبيري وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين ومحرز بن عون سمعت منه بواسط وبالري وكتب عنه أبي وأبو زرعة ورويا عنه. نا عبد الرحمن قال: سئل أبي عنه فقال: صدوق]. والصدوق عند أبي حاتم لا يحتج على الغالب بحديثه كما تقدَّم. وقد ذكره ابن قطلوبغا في كتابه "الثقات" (6/161) نقلاً عن الجرح فلم يصب في توثيقه! وهو من الحنابلة المترجمين في "طبقات الحنابلة" (1/196) لأبي يعلى. و(وإسحاق بن داود الشعراني أبو يعقوب ت261هـ) مجهول الحال تَرْجَمَهُ الخطيب البغدادي في تاريخه (6/371) ولم يذكره بجرح ولا تعديل! فبقي على الجهالة!! وهو مذكور في حكاية اعتمد الحنابلة فيها رمي الإمام أبي ثور بالتجهم! ستأتي إن شاء الله تعالى في التعليق على عبد الوهاب الوراق في الترجمة التي تلي هذه، والله الموفق.
ثانيأً:
قول الذهبي أن القرآن لا يتغير بكثرة النسخة والتناقل في الصدور؛ فأقول:
وكذلك تنقل من ألفية ابن مالك وغيرها مليون نسخة وذلك الأول لا يتحوَّل في نفسه ولا يتغيَّر!! ومن هذا تعلمون سخافة هذا الاستدلال وسخافة تلك العقول التي تستدل على قدم الشيء بمثل هذا الهُرَاء!!
وكذا تعدد ألفية ابن مالك وغيرها في الصدور!!
ولا يخفى ما في هذا الكلام من قياس لكلام الله تعالى على كلام المخلوقين إذا قالوا بقدمه!! وقياس القديم على الحادث باطل بلا ريب!!
ثم من أين أتى الذهبي بأنهم يسمعون القرآن في الآخرة من رب العالمين؟!
والمسألة ليست صعبة بل هي ظاهرة وواضحة!!
وقوله : "قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:( حتى أُبَلِّغ كلام ربي ):
الواقع أنَّ الحديث مروي أيضاً بلفظ ((حتى أُبلِّغ رسالة ربي)) وفي رواية ((رسالات ربي)) رواه بهذا اللفظ أحمد في "المسند" (3/322و339). وصحح لفظ (حتى أبلغ رسالة ربي) متناقض عصرنا في "صحيحته" (1/62/63)، وبهذا يتبين أنه لا يتم الاستدلال ولا يصلح باللفظ الذي ذكره الذهبي هنا لما يريدون لأنه من تصرّف الرواة، لا سيمـا واللفـظ الآخـر (رسالـة) أو (رسالات) هو الموافق لقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}المائدة: 67. وقوله تعالى {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ}الأحزاب: 39. وهو الحري بأن يكون هو الثابت عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!! وباللفظ الذي ذكره المصنف رواه الترمذي (2925) وأبو داود (4734) وابن ماجه (201) وغيرهم ولا يمكن الاعتماد عليه لأنه مخالف للفظ الذي جاء في القرآن فهو من جملة تصرّفات الرواة!! فلا تغفل عن هذا!!
قال الذهبي في كتابه "العلو" النص رقم(473):
[473- قال عبدالرحمن بن محمد الحافظ: نا عبدالله بن محمد بن الفضل الصيداوي، سمعت إسحاق بن داود الشعراني يذكر أنه عرض على محمد بن أسلم الطوسي كلام بعض من تكلَّم في القرآن فقال محمد: القرآن كلام الله غير مخلوق أينما تلي وحيثما كتب، لا يتغيَّر ولا يتحوَّل ولا يتبدّل.
قلت: صدق والله، فإنك تنقل من المصحف مائة مصحف وذلك الأول لا يتحول في نفسه ولا يتغيَّر، وتلقن القرآن ألف نفس وما في صدرك باق بهيئته لا انفصل عنك ولا تغيَّر. وذاك لأنَّ المكتوب واحد والكتابة تعددت والذي في صدرك واحد وما في صدور المقرئين عين ما في صدرك، سواء والمتلو وإن تعدد التالون به واحد مع كونه سوراً وآيات وأجزاء متعددة ، وهو كلام الله ووحيه وتنزيله وإنشاؤه، ليس هو بكلامنا أصلاً، نعم وتَكَلُّمُنَا به وتلاوتنا له ونطقنا به من أفعالنا وكذلك كتابتنا به وأصواتنا به من أعمالنا، قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}الصافات:96، فالقرآن المتلو مع قطع النظر عن أعمالنا كلام الله ليس بمخلوق، وهذا إنما يُحَصِّلُهُ الذهن، وأما في الخارج فلا يتأتى وجود القرآن إلا مـن تالٍ أو في مصحف، فإذا سمعه المؤمنون في الآخرة من رب العالمين فالتلاوة إذ ذاك والمتلو ليسا بمخلوقين، ولهذا يقول الإمام أحمد: من قال لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن فهو جهمي، فتأمل هذا، فالمسألة صعبة، وما فصلته منها وإن كان حق فأحمد رحمه الله وعلماء السلف لم يأذنوا في التعبير عن ذلك، وفرُّوا من الجهمية ومن الكلام بكل ممكن حتى أنَّ حرب بن إسماعيل قال: سمعت ابن راهويه وسئل عن الرجل يقـول: القرآن ليس بمخلوق وقراءتي إياه مخلوقة، لأني أحكيه فقال: هذا بدعة لا يقارّ على هذا حتى يدع قوله.
قلت: أظنُّ إسحاق نفر من قوله (لأني أحكيه)، بحيث أنَّ الحافظ الثبت عبدالله ابن أحمد قال: سألت أبي ما تقول في رجل قال: التلاوة مخلوقة وألفاظنا بالقرآن مخلوقة والقرآن كلام الله ليس بمخلوق. فقال: هذا كلام الجهميـة. قـال الله: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}التوبة:6. وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((حتى أُبَلِّغ كلام ربي)) وقال: ((إنَّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس..)) وكان أبي يكره أن يتكلَّم في اللفظ بشيء أو يقال: مخلوق أو غير مخلوق.
ولقد كان محمد بن أسلم من السادات علماً وعملاً له تصانيف منها: الأربعون التي سمعناها، توفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين بطوس].
أقول في بيان عدم صحة ما نُقل عن محمد بن أسلم، والتعليق على كلام الذهبي:
أولاً:
ما نقله الذهبي عن محمد بن أسلم لا يثبت البتة!! (عبد الله بن محمد بن الفضل الصيداوي) هو الأسدي قال ابن أبي حاتم في كتابه "الجرح والتعديل" (1/310): [عبد الله بن محمد بن الفضل الأسدي الصيداوي المعروف بأبي بكر الأسدي]. وقال في "الجرح والتعديل" (5/163) في ترجمته: [...روى عن خالد بن خداش وداود بن عمرو ومصعب بن عبد الله الزبيري وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين ومحرز بن عون سمعت منه بواسط وبالري وكتب عنه أبي وأبو زرعة ورويا عنه. نا عبد الرحمن قال: سئل أبي عنه فقال: صدوق]. والصدوق عند أبي حاتم لا يحتج على الغالب بحديثه كما تقدَّم. وقد ذكره ابن قطلوبغا في كتابه "الثقات" (6/161) نقلاً عن الجرح فلم يصب في توثيقه! وهو من الحنابلة المترجمين في "طبقات الحنابلة" (1/196) لأبي يعلى. و(وإسحاق بن داود الشعراني أبو يعقوب ت261هـ) مجهول الحال تَرْجَمَهُ الخطيب البغدادي في تاريخه (6/371) ولم يذكره بجرح ولا تعديل! فبقي على الجهالة!! وهو مذكور في حكاية اعتمد الحنابلة فيها رمي الإمام أبي ثور بالتجهم! ستأتي إن شاء الله تعالى في التعليق على عبد الوهاب الوراق في الترجمة التي تلي هذه، والله الموفق.
ثانيأً:
قول الذهبي أن القرآن لا يتغير بكثرة النسخة والتناقل في الصدور؛ فأقول:
وكذلك تنقل من ألفية ابن مالك وغيرها مليون نسخة وذلك الأول لا يتحوَّل في نفسه ولا يتغيَّر!! ومن هذا تعلمون سخافة هذا الاستدلال وسخافة تلك العقول التي تستدل على قدم الشيء بمثل هذا الهُرَاء!!
وكذا تعدد ألفية ابن مالك وغيرها في الصدور!!
ولا يخفى ما في هذا الكلام من قياس لكلام الله تعالى على كلام المخلوقين إذا قالوا بقدمه!! وقياس القديم على الحادث باطل بلا ريب!!
ثم من أين أتى الذهبي بأنهم يسمعون القرآن في الآخرة من رب العالمين؟!
والمسألة ليست صعبة بل هي ظاهرة وواضحة!!
وقوله : "قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:( حتى أُبَلِّغ كلام ربي ):
الواقع أنَّ الحديث مروي أيضاً بلفظ ((حتى أُبلِّغ رسالة ربي)) وفي رواية ((رسالات ربي)) رواه بهذا اللفظ أحمد في "المسند" (3/322و339). وصحح لفظ (حتى أبلغ رسالة ربي) متناقض عصرنا في "صحيحته" (1/62/63)، وبهذا يتبين أنه لا يتم الاستدلال ولا يصلح باللفظ الذي ذكره الذهبي هنا لما يريدون لأنه من تصرّف الرواة، لا سيمـا واللفـظ الآخـر (رسالـة) أو (رسالات) هو الموافق لقوله تعالى {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}المائدة: 67. وقوله تعالى {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ}الأحزاب: 39. وهو الحري بأن يكون هو الثابت عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!! وباللفظ الذي ذكره المصنف رواه الترمذي (2925) وأبو داود (4734) وابن ماجه (201) وغيرهم ولا يمكن الاعتماد عليه لأنه مخالف للفظ الذي جاء في القرآن فهو من جملة تصرّفات الرواة!! فلا تغفل عن هذا!!