صفحة 1 من 1

بيان حال الرواية التي أوردها الذهبي عن عبدالوهاب الوراق والتعليق عليها وعلى ما قاله عقبها:

مرسل: الجمعة إبريل 19, 2024 7:44 pm
بواسطة عود الخيزران
بيان حال الرواية التي أوردها الذهبي عن عبدالوهاب الوراق والتعليق عليها وعلى ما قاله عقبها:

قال الذهبي في كتابه " العلو" النص رقم(474):
[عبد الوهاب الوراق (250):
474- حدّث عبد الوهاب بن عبد الحكيم الوراق بقول ابن عباس: ما بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك، ثمَّ قال عبد الوهاب: من زعم أنَّ الله ههنا فهو جهمي حيث أنَّ الله فوق العرش وعلمه محيط بالدنيا والآخرة.
كان عبدالوهاب يُعَدُّ حافظاً كبير القدر، حدَّث عنه أبو داود والنَّسائي والترمذي، قيل للإمام أحمد: مَنْ نسأل بعدك؟ فقال: سلوا عبد الوهاب وأثنى عليه، توفي سنة خمسين ومائتين.
قال غالٍ نافٍ بلسان الحال: ما لهذا المحدّث ذنب ولا لأمثاله غرّهم قول شيوخهم واغتر شيوخهم بما صرَّح به التابعون في هذه المسألة وأولئك غرهم قول ابن عباس وابن مسعود وعبدالله بن عمرو بن العاص، قلت: نعم يا جاهل فاطرد مقالتك الشنعاء وقل: الصحابة غرَّهم قول الصادق المصدوق ((أعتقها فإنها مؤمنة)) وقوله ((ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا)) فالنبي صلوات الله عليه وسلامه أصَّلَ ذلك وألقاه إلى أُمته وبناه على ما أوحي إليه من قول أصدق القائلين: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}طه:5، {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}النحل:50، إلى غير ذلك من الآيات، وإلى ما علَّمه جبريل وما جاءه به عن رب العالمين من السنة، وما جاء به المرسلون إلى أُممهم من إثبات نعوت الرب سبحانه وتعالى، فالحمد لله على الإسلام والسنة].


أقول في بيان حال هذه الرواية والتعليق على ما قاله الذهبي في ذيلها:

أولاً:
تحديث الرجل بالشيء لا يدل على أن ذلك القول مذهب له البتة!! إلا عند من يتشبَّث بخيط عنكبوت لنصر باطله!!
وما ورد من أنَّ (ما بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك):
واهٍ موقوف وأصله عن ابن سلام فهو إسرائيلي. وقد تقدم تخريجه في التعليق على النص رقم (246) واستقصاؤه من جميع طرقه. وقد رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" ص (420) وأبو الشيخ في كتاب "العظمة" ص (18حديث رقم 2و3). والأصبهاني في "الترغيب" (1/388)، وابن قدامة في العلو (برقم64)، من طريق عاصم بن علي عن أبيه عن عطاء، وزعم الدكتور البراك في تخريج "العلو" (1/702) أن أبا الشيخ رواه في "العظمة" (1/240) من طريق عبد الوهاب بن عبد الحكم وهو الوراق عن عطاء! والصواب أن الوراق رواه هناك عن علي بن عاصم عن عطاء بن السائب! وقال البراك هناك: (فقوي الأثر)(!!) وليس ذلك بشيء! وذكره السيوطي في الجامع الكبير (1/477)، والصغير (1/514)، وقال: بأن أبا نصر السجزي رواه في "الإبانة"، وقال: غريب. وأورده متناقض عصرنا الألباني في صحيحته (4/396)، وقال: (هذا إسناد ضعيف، عطاء كان اختلط).
وقوله:( قال عبد الوهاب: من زعم أنَّ الله ههنا فهو جهمي ):
فهذا لا يثبت؛ إذ لا يعرف له إسناد يمكن الحكم عليه!! وقد سكت المتناقض!! على كل هذا فلم يتعقبَّه بشيء!! ومما يكشف لنا حال عبد الوهاب الوراق ما جاء في "طبقات الحنابلة" (1/211-212) قال: [وقال زكريا بن الفرج: سألت عبد الوهاب غير مرة عن أبي ثور فأخبرني أن أبا ثور جهمي، وذلك أنه قطع بقول أبي يعقوب الشعراني، حكى أنه سأل أبا ثور عن خلق آدم على صورته فقال: إنما هو على صورة آدم ليس هو على صورة الرحمن. قال زكريا فقلت: بعد ذلك لعبد الوهاب ما تقول في أبي ثور فقال: ما أدين فيه إلا بقول أحمد بن حنبل يهجر أبو ثور ومن قال بقوله. قال زكريا وقلت: لعبد الوهاب مرة أخرى وقد تكلم قوم فِي هذه المسألة خلق اللَّه آدم عَلَى صورته فقال: من لم يقل إن اللَّه خلق آدم عَلَى صورة الرحمن فهو جهمي. وقال عَبْد الرحمن بن أبي حاتم حَدَّثَنَا أبي قَالَ: قَالَ عبد الوهاب الوراق القرآن كلام اللَّه غير مخلوق ومن قال: مخلوق فهو كافر هو والله زنديق]. فهذا يفيدنا بأن عبد الوهاب الوراق وأبا يعقوب الشعراني من متشددي الحنابلة المشبهة العدائيين الذين لا عبرة بأقوالهم! وهم من السلف الطالح!

وقول الذهبي:( قال غالٍ نافٍ بلسان الحال: ما لهذا المحدّث ذنب ولا لأمثاله غرّهم قول شيوخهم واغتر شيوخهم بما صرَّح به التابعون في هذه المسألة وأولئك غرهم قول ابن عباس وابن مسعود وعبدالله بن عمرو بن العاص):
فأقول : انظر إلى هذه الفلسفة الباطلة التي يريد أن يصنعها الذهبي هنا وكيف سنهدمها من أساسها!!
وقول هذا النافي صحيح جداً لأنَّ هذه الأقوال نقلها هؤلاء الصحابة عن كعب الأحبار وليس عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى!! وقد اعترفتَ أنت بذلك أيها الذهبي المتفلسف فيما بعد حيث قلتَ في "سير أعلام النبلاء" (3/489): [أنَّ كعباً جالس أصحاب محمد  فكان يُحَدِّثهم عن الكتب الإسرائيلية]. وتقدّم في هذه التخريجات أنَّ كثيراً مما نقله هؤلاء الصحابة تبين أنه مأخوذ من الإسرائيليات وقد اعترف البخاري بأن حديث التربة الذي في صحيح مسلم إنما هو من رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار وليس عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم!! وعبد الله بن عمرو بن العاص من أكبر رواة الإسرائيليات كما هو معلوم.
ومن هذا البيان وغيره من الشواهد التي تقدَّمت يتبين بطلان ما سيلزمنا به الذهبي من قوله (نعم يا جاهل فاطرد مقالتك وقل الصحابة غَرَّهم قول الصادق المصدوق..) الخ هرائه. إذ أننا نقول إن إلزامه هذا باطل وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل ولم يفه بهذه الأحاديث التي بينَّا في هذا التخريج وفي غيره من كتبنا أنها موضوعات أو واهيات وضعاف وإسرائيليات!! فإياك أيها الذهبي وشيعتك من التلبيس على العامة بالباطل!!

ثانياً:
وأما إيراد الذهبي لحديث الجارية فأقول: لم يقل لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (أين الله؟) كما تقدَّم في تخريج أول حديث في هذا الكتاب وفي الرسالة الخاصة التي ألفناها في هذا الحديث!! وإنما قال لها: ((أتشدين أن لا إله إلا الله...))(!!) فتنبَّه وإياك أن ينطلي عليك تلبيس الذهبي والمتمسلفين(!!)

وكذا إيراده لحديث النزول ،فبيانه أنَّ النازل هو ملك من الملائكة كما بيناه في تخريج هذا الحديث برقم (208) من هذا الكتاب والحقيقة أنَّ هذا ليس بحديث بل هو كلام إسرائيلي منقول عن كعب الأحبار كما يعرف ذلك من يراجع أقوال كعب الأحبار من "حلية الأولياء"، وقد ذكرنا هذا في تخريج الحديث في النص رقم (208) من هذا الكتاب.

واستخدامه للآية فأقول: قد تقدّم بيان معنى هذه الآيات الكريمة أول هذا الكتاب قبل الشروع في ذكر تخريج الأحاديث فارجع إليها هناك إن شئت!! فلا تغرنَّك إنشاءيات الذهبي التركماني!!
وبقيّة كلام الذهبي فما هو إلا كلام إنشائي وعظي فارغ لا قيمة له!! والرسل والأنبياء لم يأتوا بالتشبيه وإنما بعثوا بالتنزيه ومحاربة الوثنية! قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} أي سبحان رب السماوات والأرض الذي هو رب هذا المُلْك عما يصفونه وينعتونه من النعوت التي هو مُنَزَّهٌ عنها سبحانه!