بيان بطلان كلام ابن أبي شيبة و نقص مذهبه في التجسيم:
قال الذهبي في كتابه " العلو" النص رقم(486):
[ ابـن أبـي شيبـة( 297):
486- قال الحافظ أبو جعفر محمد بن عثمان بن محمد بن أبي شيبة العبسي محدّث الكوفة في وقته، وقد تُكُلِّم فيه، ألَّف كتاباً في العرش فقال: ذكروا أنَّ الجهمية يقولون ليس بين الله وبين خلقه حجاب، وأنكروا العرش وأن يكون الله فوقه، وقالوا إنه في كل مكان، فَفَسَّرَتِ العلماءُ {وَهُوَ مَعَكُمْ}الحديد:4، يعني علمه، ثمَّ تواترت الأخبار أنَّ الله تعالى خلق العرش فاستوى عليه فهو فوق العرش، متخلِّصاً من خلقـه بائناً منهم
توفي أبو جعفر سنة سبع وتسعين ومائتين، لحق أحمد بن يونس وطبقته].
أقول في بيان بطلان هذا الكلام ونقضه على صاحبه:
أقوال محمد بن عثمان ابن أبي شيبة ساقطة بصاحبها! فهذا الرجل مجسم حشوي مشهور وقد كذَّبه جماعة من الحفاظ منهم عبد الله بن أحمد بن حنبل مع أنه من نفس طينته!! فلا عبرة بما يرويه ويقوله!! وإذا نظرت في ترجمته في "تاريخ بغداد" (3/45) ترى العجب العجاب! وقال الحافظ ابن حجـر في ((لسان الميزان)) (5/317) في ترجمته نقلاً عن الذهبي وزاد عليه: ((وأما عبدالله بن أحمد بن حنبل فقال: كذاب، وقال ابن خراش: كان يضع الحديث، وقال مُطَيَّنُ: هو عصى موسى تلقف ما يأفكون، وقال الدَّارقطني: يقال إنه أخذ كتاب نمير فحدَّث به، وقال البرقاني: لم أزل أسمعهم يذكرون أنه مقدوح فيه... وقال ابن عقدة: سمعت عبد الله بن أسامة الكلبي وإبراهيم بن إسحاق الصواف وداود بن يحيى يقولون: محمد بن عثمان كذاب، زادنا داود: قد وضع أشياء على قوم ما حَدَّثوا بها قط، ثم حكى ابن عقدة نحو هذا عن طائفة في حق محمد انتهى. وذكره ابن حِبَّان في الثقات وقال كتب عنه أصحابنا وقال جعفر بن محمد الطيالسي كان كذاباً سمع عن قوم بأحاديث ما حدثوا بها قط، متى سمع؟! أنا به عارف)). قلت: وكذبه أيضاً جعفر الطيالسي وعبدالله بن إبراهيم بن قتيبة، وجعفر بن هذيل، ومحمد بن أحمد. وقال الذهبي في "الميزان" (3/607) في ترجمة مُطَيَّن: [محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي الحافظ مُطَيَّن محدِّث الكوفة، حَطَّ عليه محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وحَطَّ على ابن أبي شيبة، وآل أمرهما إلى القطيعة... قلت: مُطَيَّن وثَّقَهُ الناس وما أصغوا إلى ابن أبي شيبة. توفيا سنة سبع وسبعين ومائتين]. قال الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (7/257أبو غدة) في ترجمة مُطَيَّن زائداً على ما قاله الذهبي: [وقد أنكر موسى بن هارون الحافظ أيضاً على مُطَيَّن أحاديث لكن ظهر الصواب مع مطين]. أقول: موسى بن هارون وابن أبي شيبة من المحدثين الذين كانوا مع أحمد متعصبة ضد التيار الآخر من المنزهة فكان فريق مجسمة الحنابلة هؤلاء يحاولون الكرَّ على المعتدلين ويشوِّهون صورتهم كما حاولوا تشويه صورة أبي ثور، والكرابيسي، ومحمد بن نصر، ومطين، ومحمد بن جرير، وغيرهم كما سيأتي وتقدَّم بعضه! قال الخطيب البغدادي في تاريخه (10/67): [سنة أربع وثلاثين ومائتين: فيها أشخص المتوكل الفقهاء والمحدثين فكان فيهم مصعب الزبيري وإسحاق بن أبي إسرائيل وإبراهيم بن عبد الله الهروي وعبد الله وعثمان ابنا محمد بن أبي شيبة الكوفيان وهما من بنى عبس وكانا من حفاظ الناس فقسمت بينهم الجوائز وأجريت عليهم الأرزاق وأمرهم المتوكل ان يجلسوا للناس وان يحدثوا بالأحاديث التي فيها الرد على المعتزلة والجهمية وأن يحدّثوا بالأحاديث في الرؤية... أخبرنا البرقاني قال قرئ على أبى علي بن الصواف وأنا اسمع حدثكم جعفر بن محمد الفريابي قال: سألت محمد بن عبيد الله بن نمير عن بنى أبي شيبة ثلاثتهم؟ فقال فيهم قولاً لم أحب أن أذكره...]. وفي "تاريخ الإسلام" للذهبي (17/166تدمري): [قال جعفر بن محمد الفريابي: سألت محمد بن عبد الله بن نمير قلت له: أيما أحب إليك؟ أبو خيثمة، أو أبو بَكْر بنُ أبي شَيْبَة؟ فقالَ: أبو خَيْثَمة، وجعل يُطْرِي أبا خيثمة ويَضَع من أبي بكر]. وهذا أيضاً مذكور في "تهذيب" المِزّي (9/405) وغيره. وفي "سير النبلاء" للذهبي (11/153): [الدارقطني أخبرنا أحمد بن كامل حدثني الحسن بن الحباب أن عثمان بن أبي شيبة قرأ عليهم في التفسير: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} فقالها: ألف لام ميم]. وقال الذهبي في تاريخه (23/384طبعةتدمري) في حوادث سنة (317هـ): [الفتنة في تفسير آية: وهاجت ببغداد فتنة كبرى بسبب قوله: {عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً}، فقالت الحنابلة: معناه يُقْعِدهُ اللَّه عَلَى عرشه كما فسّره مجاهد. وقال غيرهم من العلماء: بل هِيَ الشّفاعة العُظْمى كما صحَّ في الحديث. ودام الخصام والشَّتْم واقتتلوا، حتّى قُتِل جماعة كبيرة]. وكذا ذكر ذلك جماعة منهم: ابن كثير في "البداية والنهاية" (6/11/162دار الفكر) فقال: [وَفِيهَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بِبَغْدَادَ بَيْنَ أَصْحَابِ أَبِي بكر المروذي الْحَنْبَلِيِّ، وَبَيْنَ طَائِفَةٍ مِنَ الْعَامَّةِ، اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً} فَقَالَتِ الْحَنَابِلَةُ: يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ. وَقَالَ الْآخَرُونَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ الشَّفَاعَةُ الْعُظْمَى، فَاقْتَتَلُوا بِسَبَبِ ذلك وقتل بينهم قتلى، فإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ مَقَامُ الشَّفَاعَةِ العظمى، وهي الشفاعة في فصل القضاء بين العباد، وَهُوَ الْمَقَامُ الَّذِي يَرْغَبُ إِلَيْهِ فِيهِ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ، حَتَّى إبراهيم، وَيَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ.]. وانتبه هنا أن ابن كثير سمى مخالفي الحنابلة من العلماء (عامة) والذهبي سماهم (علماء)! والمرّوذي هذا مترجم في "طبقات الحنابلة" لأبي يعلى (1/56) وقال عنه هناك: [أحمد بن محمد بن الحجاج بن عبدالعزيز أبو بكر المروذي كانت أمه مروذيه وأبو خوارزمياً وهو المقدَّم من أصحاب أحمد لورعه وفضله وكان إمامنا يأنس به وينبسط إليه، وهو الذي تولى إغماضه لما مات وغسله وقد روى عنه مسائل كثيرة، منها: ما أنبأنا أبو بكر المقري، أخبرنا احمد السوسنجردي، أخبرنا أبو بكر بن بخيت، حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا أبو بكر المروذي قال: سألت أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية والإسراء وقصة العرش فصححها وقال قد تلقتها الأمة بالقبول وتمر الأخبار كما جاءت]. وجاء في ترجمة (محمد بن نصر المروزي 202-294هـ) في "سير النبلاء" (14/33): [محمد بن نصر بن الحجاج المروزي الإمام شيخ الإسلام أبو عبد الله الحافظ... ذكره الحاكم فقال: إمام عصره بلا مدافعة في الحديث... قلت: يقال: إنه أعلم الأئمة باختلاف العلماء على الإطلاق... قال الحافظ أبو عبد الله بن مَنْدَه في مسألة الإيمان: صرَّح محمد بن نصر في كتاب الإيمان بأن الإيمان مخلوق وأن الإقرار والشهادة وقراءة القرآن بلفظه مخلوق. ثم قال: وهجره على ذلك علماء وقته، وخالفه أئمة خراسان والعراق. قلت (أي الذهبي): الخوض في ذلك لا يجوز، وكذلك لا يجوز أن يقال: الإيمانُ والإقرار والقراءة والتلفظ بالقرآن غير مخلوق، فإن الله خلق العباد وأعمالهم، والإيمانُ: فقول وعمل، والقراءةُ والتلفظ من كسب القارىء، والمقروءُ الملفوظ هو كلام الله ووحيه وتنزيل، وهو غير مخلوق، وكذلك كلمة الإيمان وهي قول لا إله إلا الله محمد رسول الله، داخلة في القرآن، وما كان من القرآن فليس بمخلوق، والتكلم من فعلنا وأفعالنا مخلوقة، ولو أنا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفوراً له قمنا عليه وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن مَنْدَه ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحق وهو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة]. وكل هذا يثبت لنا أن محمد بن عثمان بن أبي شيبة كذاب ورهطه الموافقون له الناصرون لعقيدته من محدثي ذلك الزمان لا يمثلون كل أهل السنة ولهم مخالفون ينكرون عليهم! ولذلك وصفهم الحافظ ابن جرير الطبري صاحب التفسير وهو يبين حال أبي بكر بن أبي داود ورهطه الحنابلة بقوله: [لا عصابة في الإسلام كهذه العصابة الخسيسة] كما في "المنتظم" لابن الجوزي (13/217) وسيأتي الكلام مفصلاً في ترجمة ابن جرير إن شاء الله تعالى.
قوله تواترت أخبار إثبات الاستواء لله، فنقول: ليس كذلك!! إذ لم تصح فضلاً عن أن تتواتر!!
ثم أين وردت كلمة (مُتَخَلِّصَاً) أو (بائناً) في الكتاب والسنة حتى يصحَّ أن يصفوا الله تعالى بها؟! وأنتم تقولون معاشر المجسمة لا نصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه!! ولا يستغرب صدور هذا الكلام من ابن أبي شيبة هذا وهو من أئمة المشبهة والمجسمة!
بيان بطلان كلام ابن أبي شيبة و نقص مذهبه في التجسيم:
عرض عقائد المجسمة والمشبهة والرد عليها
-
- مشاركات: 777
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm
العودة إلى ”عرض عقائد المجسمة والمشبهة والرد عليها“
الانتقال إلى
- القرآن الكريم وتفسيره
- ↲ تفسير آية أو آيات كريمة
- ↲ أبحاث في التفسير وعلوم القرآن الكريم
- الحديث النبوي الشريف وعلومه
- ↲ قواعد المصطلح وعلوم الحديث
- ↲ تخريج أحاديث وبيان مدى صحتها
- ↲ شرح الحديث
- ↲ التراجم والرجال: الصحابة والعلماء وغيرهم
- ↲ أحاديث العقائد
- العقائد والتوحيد والإيمان
- ↲ القواعد والأصول العقائدية
- ↲ مسائل وقضايا التوحيد والإيمان
- ↲ أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم
- ↲ قضايا ومسائل لغوية تتعلق بالعقائد
- ↲ الفرق والمذاهب وما يتعلق بها
- ↲ عرض عقائد المجسمة والمشبهة والرد عليها
- التاريخ والسيرة والتراجم
- ↲ السيرة النبوية
- ↲ قضايا تاريخية
- ↲ سير أعلام مرتبطة بالتاريخ والأحداث السياسية الغابرة
- ↲ معاوية والأمويون والعباسيون
- الفكر والمنهج والردود
- ↲ توجيهات وتصحيح لأفكار طلبة العلم والمنصفين من المشايخ
- ↲ الردود على المخالفين
- ↲ مناهضة الفكر التكفيري والرد على منهجهم وأفكارهم
- ↲ أسئلة وأجوبة عامة
- الفقه وأصوله
- ↲ القواعد الأصولية الفقهية
- ↲ مسائل فقهية عامة
- ↲ المذهب الحنفي
- ↲ المذهب المالكي
- ↲ المذهب الشافعي
- ↲ المذهب الحنبلي
- علوم اللغة العربية
- ↲ النحو والصرف
- ↲ مسائل لغوية ومعاني كلمات وعبارات
- الكتب الإلكترونية
- ↲ كتب العلامة المحدث الكوثري
- ↲ كتب السادة المحدثين الغماريين
- ↲ كتب السيد المحدث حسن السقاف
- ↲ كتب مجموعة من العلماء
- المرئيات
- ↲ العقيدة والتوحيد: شرح متن العقيدة والتوحيد