صفحة 1 من 1

بيان بطلان وعدم صحة ما يروى عن الطبري من أنه يسوق أحاديث الصفات وينصر مذهب التجسيم:

مرسل: الجمعة إبريل 26, 2024 10:29 am
بواسطة عود الخيزران
بيان بطلان وعدم صحة ما يروى عن الطبري من أنه يسوق أحاديث الصفات وينصر مذهب التجسيم]:

قال الذهبي في كتابه " العلو" النص رقم(491):
[ 491- وقال في كتاب ((التبصير في معالم الدين)) له: القول فيما أدرك علمه من الصفات خبراً، وذلك نحو إخباره عزَّ وجل أنه سميع بصير وأنَّ له يدين بقوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}المائدة:64، وأنَّ له وجهاً بقوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ}الرحمن:27، وأنَّ له قدماً بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((حتى يضع الرب فيها قدمه)) وأنه يضحك بقوله: ((لقي الله وهو يضحك إليه)) ، وأنه يهبط إلى سماء الدنيا لخبر رسوله بذلك. وأنَّ له إصبعاً لقول رسوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن)) فإنَّ هذه المعاني التي وصفت ونظائرها مما وصف الله به نفسه ورسوله ما لا يثبت حقيقة علمه بالفكر والرؤيا، ولا نُكَفِّرُ بالجهل بها أحداً إلا بعد انتهائها إليه.
أخرج هذا الكلام لابن جرير: القاضي أبو يعلى الحنبلي في كتاب ((إبطال التأويل)) له.
قال الخطيب: كان ابن جرير أحد العلماء يُحْكَمُ بقوله، ويُرْجَع إلى رأيه، وكان قد جمع من العلوم ما لا يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان عارفاً بالقرآن بصيراً بالمعاني فقيهاً في الأحكام عالماً بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، ناسخها ومنسوخها، عارفاً بأقوال الصحابة والتابعين في الأحكام والحلال والحرام إلى أن قال: سمعت علي بن عبيد الله اللغوي يحكي أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة، وقال الأستاذ أبو حامد الاسفراييني: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل له تفسير ابن جرير لم يكن كثيراً، أو كما قال.
وقال إمام الأئمة ابن خزيمة: ما أعلم على أديم الأرض أحداً أعلم من محمد ابن جرير. قلت: توفي سنة عشر وثلاثمائة وله نحو من تسعين سنة رحمه الله، ويُذكر عنه تشيَّع قليل].

أقول في بيان بطلان هذا الكلام والكشف عن التخرص الذي فيه:

أبو يعلى الحنبلي مجسم مشبه غير مؤتمن في النقل، وكتابه "إبطال التأويل" فيه طامات مستشنعات وقد رد عليه الحافظ ابن الجوزي في كتاب مستقل وهو: "دفع شبه التشبيه". قال ابن الأثير في "الكامل في التاريخ" في حوادث سنة ثمان وخمسين وأربعمائة: ((وفيها توفي أبو يعلى الفرّاء الحنبلي، وهو مصنّف كتاب "الصفات"، أتى فيه بكل عجيبة، وترتيب أبوابه يدل على التجسيم المحض، تعالى الله عن ذلك)).

فابن جرير كان ضد مبدأ هؤلاء المجسمة ويمكن أن تُجمع تأويلاته التي ذكرها في تفسيره والتي تخالف مشرب المجسمة في مجلَّد، وكان رحمه الله تعالى شيعيـاً محباً لآل البيت عليهم السلام ومناصراً لأفكارهم ولم يكن ناصبياً حنبلياً مجسماً!! ولذلك حاربه الحنابلة وآذوه!!
قال الذهبي معترفاً بذلك في ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (14/277): [وكانت الحنابلة حزب أبي بكر بن أبي داود، فَكَـثُرُوا وشَغَّـبُوا على ابن جرير، وناله أذى، ولزم بيته، نعوذ بالله من الهوى. وكان ابن جرير من رجال الكمال، وشنع عليه بيسير تشيع، وما رأينا إلا الخير]. وقد تقدَّم ذلك قبل قليل. وينبغي تتبع أسانيد كتاب "التبصير" لمعرفة مدى صحة تلك الأسانيد! فلعل الكتاب منسوب له، ألَّفه من يسعَون في تأليف الكتب العقائدية وينسبونها إلى الأئمة!

أما الأحاديث الواردة في النص السابق الذي نقله الذهبي من كتاب "التبصير": فحديث أن الرب (يضع قدمه في النار) فهو باطل مردود مع أنه مروي في الصحيحين وغيرهما، وممن ردَّه أبو منصور الماتريدي في تفسيره (4/566) وهو معاصر لابن جرير! وأما حديث (لقي الله وهو يضحك إليه): لم أقف عليه مرويا في كتاب من كتب الحديث بهذا اللفظ! وهذا يؤكِّد لنا أن الكلام برمته (أي هذه العقيدة) مدسوسة على ابن جرير، فهناك أحاديث ذُكِرَ فيها الضحك وهي في الصحيحين، فلماذا يتركها ابن جرير ويعمد إلى مثل هذه الرواية الغريبة؟! وحديث (يهبط الله) حديث مردود تعالى الله عن ذلك! وحديث (إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله) رواه مسلم من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص وهو من جملة الإسرائيليات التي صيرت أحاديث! وكل ذلك تكلمنا عليه في محله!

و الحمد لله أنك اعترفت بذلك!! ثم ما هو التشيع القليل وما هو التشيع الكثير؟!