عدم صحة ما ينسبة المجسمة لابن فُوْرَك لنصرة مذهبهم في التجسيم:
مرسل: الجمعة مايو 10, 2024 10:20 am
عدم صحة ما ينسبة المجسمة لابن فُوْرَك لنصرة مذهبهم في التجسيم:
قال الذهبي في كتابه " العلو" النص رقم(533):
[ ابن فُوْرَك ( 406):
533- قال الإمام العلامة أبوبكر محمد بن الحسن بن فُوْرَك فيما نقله عنه تلميذه الإمام أبوبكر البيهقي في كتاب " الأسماء والصفات"أنه قال: استوى بمعنى علا. وقال في قوله: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}الملك:16، أي: مَنْ فوق السماء، ثمَّ احتجَّ البيهقي لذلك بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي قدَّمناه لسعد: ((لقد حكمتَ فيهم بحكم الله من الذي حكم به من فوق سبع سماوات)) وبقول ابن عباس: ((إنَّ بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك)).
كان ابن فُوْرَك شيخ أهل خراسان في النَّظر والكلام والأصول، ألَّف قريباً من مائة مصنَّف وحدَّث عن أبي محمد بن فارس الأصبهاني بمسند الطيالسي، توفي سنة ستٍ وأربعمائة].
أقول في بيان عدم صحة هذه النسبة:
ابـن فُوْرَك بضمِّ الفاء وفتح الرَّاء أشعري مُنَزِّه مؤوِّل وهو معروف مشهور!! وله كتاب: " مشكل الحديـث وبيانه"ومن قرأه تيقن أنه كان على عكس مراد الذهبي ومشربه ونحلته تماماً والحمد والمنة لله تعالى!! وكان يناظر المجسمة والكرامية كما سيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى في ترجمة أبي أحمد القصاب المجسم الحنبلي بعد قليل (في التعليق على الترجمة رقم 140) من كتاب " العلو" فارجع إليها هناك.
و لو نقل الذهبي كامل كلام ابن فُوْرَك ــ في تفسيره للآية ــ المنقول في " الأسماء والصفات"ص (411) للبيهقي لتبيَّن انهدام ما نقله ههنا عن ابن فُوْرَك فمن رجع إلى كلام ابن فُوْرَك وجد الذهبي قد نقله مبتوراً مقطَّعاً!! وسأنقل الكلام تاماً من كتاب البيهقي ليتبيَّن لكل منصف هل اقترف الذهبي تزويراً على ابن فُوْرَك وأوهم أنه يوافقه أم كان أميناً في النقل!! قال الإمام البيهقي هنالك:
[وحكى الأستاذ أبو بكر بن فُوْرَك هذه الطريقة عن بعض أصحابنا أنه قال: استوى بمعنى علا، ثمَّ قال: ولا يريد بذلك علواً بالمسافة والتحيّز والكون في مكان متمكنٍ فيه، ولكن يريد معنى قول الله عزَّ وجل {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} أي مَنْ فوقها، على معنى نفي الحد عنه، وأنه ليس مما يحويه طبق أو يحيط به قطر، ووصف الله سبحانه وتعالى بذلك طريقه الخبر، فلا نتعدّى ما ورد به الخبر، قلت: وهو على هذه الطريقة من صفات الذات، وكلمة (ثمَّ) تعلَّقت بالمستوى عليه، لا بالاستواء كقوله: {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ}يونس:46، يعني: ثمَّ يكون عملهم فيشهده، وقد أشار أبو الحسن علي بن إسماعيل إلى هذه الطريقة حكاية، فقال: وقال بعض أصحابنا إنه صفة ذات، ولا يقال لم يزل مستوياً على عرشه، كما أنَّ العلم بأنَّ الأشياء قد حدثت من صفات الذات، ولا يقال لم يزل عالماً بأن قد حدثت ولـمَّا حدثت بعد، قال (أي ابن فُوْرَك): وجوابي هو الأول وهو أنَّ الله مستوٍ على عرشه، وأنه فوق الأشياء بائن منها بمعنى أنها لا تَحُلُّهُ ولا يَحُـلُّها، ولا يمسها ولا يشبهها، وليست البينونة بالعزلة تعالى الله ربنا عن الحلول والمماسة علواً كبيراً، قال (أي ابن فُوْرَك) وقد قال بعض أصحابنا: إنَّ الاستواء صفة الله تعالى بنفي الاعوجاج عنه، وفيما كتب إليَّ الأستاذ أبو منصور بن أبي أيوب أنَّ كثيراً من متأخري أصحابنا ذهبوا إلى أنَّ الاستواء هو القهر والغلَبَة، ومعناه أنَّ الرحمن غلب العرش وقهره، وفائدته الإخبار عن قهره مملوكاته، وأنها لم تقهره، وإنما خصَّ العرش بالذكر لأنه أعظم المملوكات، فنبَّه بالأعلى على الأدنى، قال: والاستواء بمعنى القهر والغلبة شائع في اللغة...]. فتأملوا بالله عليكم!!
وقال أبو بكر بن فُوْرَك في كتابه "مشكل الحديث وبيانه" ص (160) مؤولاً حديث الجارية الذي بلفظ (أين الله) ما نصه: [مَا رُوِيَ فِي الْخَبَر أَن جَارِيَة عرضت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم مِمَّن أُرِيد عتقهَا فِي الْكَفَّارَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم لَهَا: (أَيْن الله).. اعْلَم أَن الْكَلَام فِي ذَلِك من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: فِي تَأْوِيل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم (أَيْن الله) مَعَ استحالة كَونه فِي مَكَان. وَالثَّانِي: قَوْله: (إنَّهَا مُؤمنَة) من غير ظُهُور عمل مِنْهَا. فَأَما الْكَلَام فِيمَا يتَضَمَّن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم: (أَيْن الله) فَإِن ظَاهر اللُّغَة تدل من لفظ (أَيْن) أَنَّهَا مَوْضُوعَة للسؤال عَن الْمَكَان ويستخبر بهَا عَن مَكَان المسؤول عَنهُ بأين إِذا قيل: أَيْن هُوَ؟ وَذَلِكَ أَن أهل اللُّغَة قَالُوا لما ثقل على أهل اللِّسَان فِي الاستفهام عَن الْمَكَان أَن يَقُولُوا: أهوَ فِي الْبَيْت أم فِي الْمَسْجِد أم فِي السُّوق أم فِي بقْعَة كَذَا وَكَذَا وضعُوا لَفْظَة تجمع لجمع الْأَمْكِنَة يستفهمون بهَا عَن مَكَان المسؤول عَنهُ بأين وَهَذَا هُوَ أصل هَذِه الْكَلِمَة، غير أَنهم قد استعملوها عَن مَكَان الْمَسْؤول عَنهُ فِي غير هَذَا الْمَعْنى توسعاً أَيْضاً تَشْبِيهاً بِمَا وضع لَهُ وَذَلِكَ أَنهم يَقُولُونَ عِنْد استعلام منزلَة المستعلم عِنْد من يستعلمه: أَيْن منزلَة فلَان مِنْك؟ وَأَيْنَ فلَان من الْأَمِير؟ واستعملوه فِي استعلام الفَرْق بَين الرتبتين بِأَن يَقُولُوا: أَيْن فلَان من فلَان وَلَيْسَ يُرِيدُونَ الْمَكَان وَالْمحل من طَرِيق التجاوز فِي الْبِقَاع بل يُرِيدُونَ الاستفهام عَن الرُّتْبة والمنزلة وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ لفُلَان عِنْد فلَان مَكَان ومنزلة وَمَكَان فلَان فِي قلب فلَان حسن ويريدون بذلك المَرْتبَة والدرجة فِي التَّقْرِيب والتبعيد وَالْإِكْرَام والإهانة فَإِذا كَانَ ذَلِك مَشْهُوراً فِي اللُّغَة احْتمل أَن يُقَال: إِن معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم: (أَيْن الله) استعلام لمنزلته وَقدره عِنْدهَا وَفِي قَلبهَا، وأشارت إِلَى السَّمَاء ودلَّت بإشارتها على أَنه فِي السَّمَاء عِنْدهَا على قَول الْقَائِل إِذا أَرَادَ أَن يخبر عَن رفْعَة وعلو منزلَة فلَان: فِي السَّمَاء. أَي: هُوَ رفيع الشَّأْن عَظِيم الْمِقْدَار، كَذَلِك قَوْلهَا: (فِي السَّمَاء) على طَرِيق الْإِشَارَة إِلَيْهَا تَنْبِيها عَن مَحَله فِي قَلبهَا ومعرفتها بِهِ، وَإِنَّمَا أشارت إِلَى السَّمَاء لِأَنَّهَا كَانَت خرساء فدلَّت بإشارتها على مثل دلَالَة الْعبارَة على نَحْو هَذَا الْمَعْنى وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يجز أَن يحمل على غَيره مِمَّا يَقْتَضِي الْحَد والتشبيه والتمكين فِي الْمَكَان والتكييف. وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ: إِن الْقَائِل إِذا قَالَ: (إِن الله فِي السَّمَاء) وَيُرِيد بذلك أَنه فَوْقهَا من طَرِيق الصّفة لَا من طَرِيق الْجِهَة على نَحْو قَوْله سُبْحَانَهُ {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} لم يُنكر ذَلِك]. انتهى ما أردنا نقله. وهذا يثبت أن ابن فُوْرَك لا يقول بما ادَّعاه الذهبي.
وقول الذهبي:" احتج البيهقي ..." فنقول:
كلا لم يحتج البيهقي لذلك بهذا الذي ذكره الذهبي فلا أدري ما تسمَّى هذه الأفعال وهذا التدليس؟ وبذلك لا نستطيع أن نثق بالذهبي في النقل عن إمام أو عالم في هذه البابة حتى نتأكد من كلامه أو كان معترفاً بما يدينه أو يَدِين المجسمة!!
والحديث سبق تخريجه في النص رقم (47) من كتاب " العلو" وذكرنا هناك أنَّ لفظ (من فوق سبع سماوات) غير ثابت في هذا الحديث!! فارجع إليه إن شئت!!
و"قول ابن عباس: ((إنَّ بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك))" فهذه خرافة إسرائيلية حكاها سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما عن كعب الأحبار اليهودي أصلاً!! وقد روى هذا الهُرَاء أبـو الشيخ في كتاب " العظمـة" بـرقم (2) والبيهقي في" الأسماء والصفات" ص (420)!! وقد سبق تخريجه والكلام عليه في النص رقم (246) من كتاب " العلو".
قال الذهبي في كتابه " العلو" النص رقم(533):
[ ابن فُوْرَك ( 406):
533- قال الإمام العلامة أبوبكر محمد بن الحسن بن فُوْرَك فيما نقله عنه تلميذه الإمام أبوبكر البيهقي في كتاب " الأسماء والصفات"أنه قال: استوى بمعنى علا. وقال في قوله: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}الملك:16، أي: مَنْ فوق السماء، ثمَّ احتجَّ البيهقي لذلك بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي قدَّمناه لسعد: ((لقد حكمتَ فيهم بحكم الله من الذي حكم به من فوق سبع سماوات)) وبقول ابن عباس: ((إنَّ بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك)).
كان ابن فُوْرَك شيخ أهل خراسان في النَّظر والكلام والأصول، ألَّف قريباً من مائة مصنَّف وحدَّث عن أبي محمد بن فارس الأصبهاني بمسند الطيالسي، توفي سنة ستٍ وأربعمائة].
أقول في بيان عدم صحة هذه النسبة:
ابـن فُوْرَك بضمِّ الفاء وفتح الرَّاء أشعري مُنَزِّه مؤوِّل وهو معروف مشهور!! وله كتاب: " مشكل الحديـث وبيانه"ومن قرأه تيقن أنه كان على عكس مراد الذهبي ومشربه ونحلته تماماً والحمد والمنة لله تعالى!! وكان يناظر المجسمة والكرامية كما سيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى في ترجمة أبي أحمد القصاب المجسم الحنبلي بعد قليل (في التعليق على الترجمة رقم 140) من كتاب " العلو" فارجع إليها هناك.
و لو نقل الذهبي كامل كلام ابن فُوْرَك ــ في تفسيره للآية ــ المنقول في " الأسماء والصفات"ص (411) للبيهقي لتبيَّن انهدام ما نقله ههنا عن ابن فُوْرَك فمن رجع إلى كلام ابن فُوْرَك وجد الذهبي قد نقله مبتوراً مقطَّعاً!! وسأنقل الكلام تاماً من كتاب البيهقي ليتبيَّن لكل منصف هل اقترف الذهبي تزويراً على ابن فُوْرَك وأوهم أنه يوافقه أم كان أميناً في النقل!! قال الإمام البيهقي هنالك:
[وحكى الأستاذ أبو بكر بن فُوْرَك هذه الطريقة عن بعض أصحابنا أنه قال: استوى بمعنى علا، ثمَّ قال: ولا يريد بذلك علواً بالمسافة والتحيّز والكون في مكان متمكنٍ فيه، ولكن يريد معنى قول الله عزَّ وجل {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} أي مَنْ فوقها، على معنى نفي الحد عنه، وأنه ليس مما يحويه طبق أو يحيط به قطر، ووصف الله سبحانه وتعالى بذلك طريقه الخبر، فلا نتعدّى ما ورد به الخبر، قلت: وهو على هذه الطريقة من صفات الذات، وكلمة (ثمَّ) تعلَّقت بالمستوى عليه، لا بالاستواء كقوله: {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ}يونس:46، يعني: ثمَّ يكون عملهم فيشهده، وقد أشار أبو الحسن علي بن إسماعيل إلى هذه الطريقة حكاية، فقال: وقال بعض أصحابنا إنه صفة ذات، ولا يقال لم يزل مستوياً على عرشه، كما أنَّ العلم بأنَّ الأشياء قد حدثت من صفات الذات، ولا يقال لم يزل عالماً بأن قد حدثت ولـمَّا حدثت بعد، قال (أي ابن فُوْرَك): وجوابي هو الأول وهو أنَّ الله مستوٍ على عرشه، وأنه فوق الأشياء بائن منها بمعنى أنها لا تَحُلُّهُ ولا يَحُـلُّها، ولا يمسها ولا يشبهها، وليست البينونة بالعزلة تعالى الله ربنا عن الحلول والمماسة علواً كبيراً، قال (أي ابن فُوْرَك) وقد قال بعض أصحابنا: إنَّ الاستواء صفة الله تعالى بنفي الاعوجاج عنه، وفيما كتب إليَّ الأستاذ أبو منصور بن أبي أيوب أنَّ كثيراً من متأخري أصحابنا ذهبوا إلى أنَّ الاستواء هو القهر والغلَبَة، ومعناه أنَّ الرحمن غلب العرش وقهره، وفائدته الإخبار عن قهره مملوكاته، وأنها لم تقهره، وإنما خصَّ العرش بالذكر لأنه أعظم المملوكات، فنبَّه بالأعلى على الأدنى، قال: والاستواء بمعنى القهر والغلبة شائع في اللغة...]. فتأملوا بالله عليكم!!
وقال أبو بكر بن فُوْرَك في كتابه "مشكل الحديث وبيانه" ص (160) مؤولاً حديث الجارية الذي بلفظ (أين الله) ما نصه: [مَا رُوِيَ فِي الْخَبَر أَن جَارِيَة عرضت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم مِمَّن أُرِيد عتقهَا فِي الْكَفَّارَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم لَهَا: (أَيْن الله).. اعْلَم أَن الْكَلَام فِي ذَلِك من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: فِي تَأْوِيل قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم (أَيْن الله) مَعَ استحالة كَونه فِي مَكَان. وَالثَّانِي: قَوْله: (إنَّهَا مُؤمنَة) من غير ظُهُور عمل مِنْهَا. فَأَما الْكَلَام فِيمَا يتَضَمَّن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم: (أَيْن الله) فَإِن ظَاهر اللُّغَة تدل من لفظ (أَيْن) أَنَّهَا مَوْضُوعَة للسؤال عَن الْمَكَان ويستخبر بهَا عَن مَكَان المسؤول عَنهُ بأين إِذا قيل: أَيْن هُوَ؟ وَذَلِكَ أَن أهل اللُّغَة قَالُوا لما ثقل على أهل اللِّسَان فِي الاستفهام عَن الْمَكَان أَن يَقُولُوا: أهوَ فِي الْبَيْت أم فِي الْمَسْجِد أم فِي السُّوق أم فِي بقْعَة كَذَا وَكَذَا وضعُوا لَفْظَة تجمع لجمع الْأَمْكِنَة يستفهمون بهَا عَن مَكَان المسؤول عَنهُ بأين وَهَذَا هُوَ أصل هَذِه الْكَلِمَة، غير أَنهم قد استعملوها عَن مَكَان الْمَسْؤول عَنهُ فِي غير هَذَا الْمَعْنى توسعاً أَيْضاً تَشْبِيهاً بِمَا وضع لَهُ وَذَلِكَ أَنهم يَقُولُونَ عِنْد استعلام منزلَة المستعلم عِنْد من يستعلمه: أَيْن منزلَة فلَان مِنْك؟ وَأَيْنَ فلَان من الْأَمِير؟ واستعملوه فِي استعلام الفَرْق بَين الرتبتين بِأَن يَقُولُوا: أَيْن فلَان من فلَان وَلَيْسَ يُرِيدُونَ الْمَكَان وَالْمحل من طَرِيق التجاوز فِي الْبِقَاع بل يُرِيدُونَ الاستفهام عَن الرُّتْبة والمنزلة وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ لفُلَان عِنْد فلَان مَكَان ومنزلة وَمَكَان فلَان فِي قلب فلَان حسن ويريدون بذلك المَرْتبَة والدرجة فِي التَّقْرِيب والتبعيد وَالْإِكْرَام والإهانة فَإِذا كَانَ ذَلِك مَشْهُوراً فِي اللُّغَة احْتمل أَن يُقَال: إِن معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وآله وَسلم: (أَيْن الله) استعلام لمنزلته وَقدره عِنْدهَا وَفِي قَلبهَا، وأشارت إِلَى السَّمَاء ودلَّت بإشارتها على أَنه فِي السَّمَاء عِنْدهَا على قَول الْقَائِل إِذا أَرَادَ أَن يخبر عَن رفْعَة وعلو منزلَة فلَان: فِي السَّمَاء. أَي: هُوَ رفيع الشَّأْن عَظِيم الْمِقْدَار، كَذَلِك قَوْلهَا: (فِي السَّمَاء) على طَرِيق الْإِشَارَة إِلَيْهَا تَنْبِيها عَن مَحَله فِي قَلبهَا ومعرفتها بِهِ، وَإِنَّمَا أشارت إِلَى السَّمَاء لِأَنَّهَا كَانَت خرساء فدلَّت بإشارتها على مثل دلَالَة الْعبارَة على نَحْو هَذَا الْمَعْنى وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يجز أَن يحمل على غَيره مِمَّا يَقْتَضِي الْحَد والتشبيه والتمكين فِي الْمَكَان والتكييف. وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ: إِن الْقَائِل إِذا قَالَ: (إِن الله فِي السَّمَاء) وَيُرِيد بذلك أَنه فَوْقهَا من طَرِيق الصّفة لَا من طَرِيق الْجِهَة على نَحْو قَوْله سُبْحَانَهُ {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} لم يُنكر ذَلِك]. انتهى ما أردنا نقله. وهذا يثبت أن ابن فُوْرَك لا يقول بما ادَّعاه الذهبي.
وقول الذهبي:" احتج البيهقي ..." فنقول:
كلا لم يحتج البيهقي لذلك بهذا الذي ذكره الذهبي فلا أدري ما تسمَّى هذه الأفعال وهذا التدليس؟ وبذلك لا نستطيع أن نثق بالذهبي في النقل عن إمام أو عالم في هذه البابة حتى نتأكد من كلامه أو كان معترفاً بما يدينه أو يَدِين المجسمة!!
والحديث سبق تخريجه في النص رقم (47) من كتاب " العلو" وذكرنا هناك أنَّ لفظ (من فوق سبع سماوات) غير ثابت في هذا الحديث!! فارجع إليه إن شئت!!
و"قول ابن عباس: ((إنَّ بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك))" فهذه خرافة إسرائيلية حكاها سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما عن كعب الأحبار اليهودي أصلاً!! وقد روى هذا الهُرَاء أبـو الشيخ في كتاب " العظمـة" بـرقم (2) والبيهقي في" الأسماء والصفات" ص (420)!! وقد سبق تخريجه والكلام عليه في النص رقم (246) من كتاب " العلو".