صفحة 1 من 1

عدم صحة ما ينسبة المجسمة للحافظ أبي نُعيم من عقائد التجسيم:

مرسل: السبت مايو 11, 2024 5:02 pm
بواسطة عود الخيزران
عدم صحة ما ينسبة المجسمة للحافظ أبي نُعيم من عقائد التجسيم:
قال الذهبي في كتابه " العلو" النص رقم(536):
[ أبو نُعَيم الأصبهاني (336 ـ 430):
536- قال الحافظ الكبير أبو نُعَيْم أحمد بـن عبـدالله بـن أحمد الأصبهاني مصنِّف ((حلية الأولياء)) في كتاب ((الاعتقاد)) له: طريقنا طريقة السلف المتبعين للكتاب والسنة وإجماع الأمة ومما اعتقدوه: أنَّ الله لم يزل كاملاً بجميع صفاته القديمة لا يزول ولا يحول، لم يزل عالماً بعلم، بصيراً ببصر، سميعاً بسمع، متكلماً بكلام، ثمَّ أحدث الأشياء من غير شيء، وأنَّ القرآن كلام الله وفي جميع الجهات، مقروأً ومتلواً ومحفوظاً ومسموعاً وملفوظاً ومكتوباً كلام الله حقيقة لا حكاية ولا ترجمة، وأنه بألفاظنا كلام الله غير مخلوق، وأنَّ الواقفة واللفظية من الجهمية، وأنَّ من قصد القرآن بوجه من الوجوه يريد به خلق كلام الله فهو عندهم من الجهمية، وأنَّ الجهمي عندهم كافر.
إلى أن قال: وأنَّ الأحاديث التي ثبتت في العرش واستواء الله عليه يقولون بها ويثبتونها من غير تكييف ولا تمثيل، وأنَّ الله بائن من خلقه والخلق بائنون منه، لا تحل فيه ولا يمتزج بهم، وهو مستوٍ على عرشه في سمائه من دون أرضه.
فقد نقل هذا الإمام الإجماع على هذا القول ولله الحمد، وكان حافظ العجم في زمانه بلا نزاع، جمع بين علو الرواية وتحقيق الدراية، ذكره ابن عساكر الحافظ في أصحاب أبي الحسن الأشعري، توفي في صفر سنة ثلاثين وأربعمائة وله أربع وتسعون سنة، وكان ما بينه وبين ابن مَنْدَه فاسداً لمسائل من العقيدة].

أقول في بيان بطلان نسبة هذا الكلام لأبي نعيم:

نسبة كتاب " الاعتقاد " لأبي نعيم ؛ لا يثبت وهو مُزَوَّر على أبي نُعَيم الحافظ، لأنه لم يَذْكُرْ لهذا الكتاب إسناداً يعتمد عليه فننظر فيه، ولا وجود لهذا الكتاب فيما أعلم! إذ لا نعلم أن لأبي نُعَيم كتاباً في "الاعتقاد"! ولم يذكر الذهبي ولا ابن تيمية الذي ينقل الذهبي عنه سند هذا الكتاب، والحافظ أبو نُعَيم إمام حافظ كبير وهو منزِّه أشعري مشهور كان ضد الحنابلة! وكان بينه وبين ابن مَنْدَه الحنبلي المجسم ما صنع الحداد! وقد اعترف ابن تيمية شيخ الذهبي - القديم - في كتبه أن الحافظ أبا نُعَيم كان يقول بأن لفظه بالقرآن مخلوق ويخالف ابن مَنْدَه في ذلك! وكل ذلك خلاف ما جاء في هذا النص وهذه العقيدة التي يحكيها الذهبي هنا من أنه يقول فيها بأن لفظه بالقرآن غير مخلوق! قال ابن تيميه في "درء التعارض" (1/268تحقيق عبد اللطيف عبد الرحمن): [ووقع بين أبي نُعَيم الأصبهاني وأبي عبدالله ابن مَنْدَه في ذلك ما هو معروف وصنف أبو نُعَيم في ذلك كتابه في الرد على اللفظية والحلولية ومال فيه إلى جانب النفاة القائلين بأن التلاوة مخلوقة كما مال ابن مَنْدَه إلى جانب من يقول إنها غير مخلوقة وحكى كل منهما عن الأئمة ما يدل على كثير من مقصوده..].
فليس جميع ما ذكره الذهبي هنا مجمعاً عليه وخاصة فيما يتعلَّق بالقرآن والعرش والاستواء!! ونحن نحتاج إلى الرجوع إلى كتاب أبي نُعَيم هذا حتى نتأكد من الكلام!! لأنَّنا لا نثق بنقول الذهبي في مثل هذه الأمور كما تقدَّم الدليل على هذا في التعليق على قول ابن فُوْرَك!! وسيأتي أيضاً نحوه مما قد اقترفه في التعليق على كلام ابن عبد البر!! قال التاج السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (4/22) في ترجمة أبي نُعَيم: [قلت: وَمن كراماته الْمَذْكُورَة أَن السُّلْطَان مَحْمُود بن سبكتكين لما استولى على أَصْبَهَان وَلَّى عَلَيْهَا والياً من قِبَلِهِ ورحل عَنْهَا فَوَثَبَ أهل أَصْبَهَان وَقتلُوا الْوَالِي فَرَجَعَ مَحْمُود إِلَيْهَا وأمَّنهم حَتَّى اطمأنوا ثمَّ قصدهم يَوْم الْجُمُعَة فِي الْجَامِع فَقتل مِنْهُم مقتلة عَظِيمَة وَكَانُوا قبل ذَلِك قد مَنَعُوا أَبَا نُعَيم الْحَافِظ من الْجُلُوس فِي الْجَامِع فحصلت لَهُ كرامتان السَّلامَة مِمَّا جرى عَلَيْهِم إِذْ لَو كَانَ جَالِساً لقتل وانتقام الله تَعَالَى لَهُ مِنْهُم سَرِيعاً]. وتقدَّم في ترجمة ابن مَنْدَه - قبل صفحات هنا الترجمة رقم (135) - أن الذهبي قال في "سير أعلام النبلاء" (17/41): [..عَنْ يَحْيَى بنِ مَنْدَة، قَالَ: سَمِعْتُ عمِّي عبد الرَّحْمَن، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الطَّبَرَانِيّ يَقُوْلُ: قُمْتُ يَوْماً فِي مَجْلِس وَالدِك - رَحِمَهُ اللهُ - فَقُلْتُ: أَيُّهَا الشَّيْخُ، فِيْنَا جَمَاعَةٌ مِمَّنْ يدخلُ عَلَى هَذَا المشؤومِ - أَعنِي أَبَا نُعَيم الأَشْعَرِيَّ -، فَقَالَ: أَخرجُوْهُم. فَأَخْرَجْنَا مِنَ المَجْلِسِ فُلاَناً وَفلاَناً، ثُمَّ قَالَ: عَلَى الدَّاخلِ عَلَيْهِم حَرَجٌ أَنْ يَدخُلَ مَجلِسَنَا، أَوْ يَسمعَ منَّا، أَوْ يَرْوِي عَنَّا، فَإِنْ فعلَ فلَيْسَ هُوَ منَّا فِي حِلّ. قُلْتُ: رُبَّمَا آل الأَمْرُ بِالمَعْرُوف بصَاحِبه إِلَى الغضبِ وَالحِدَّة، فيقعُ فِي الهِجْرَان المُحَرَّمُ، وَرُبَّمَا أَفضَى إِلَى التَّكفيرِ وَالسَّعْي فِي الدَّمِ، وَقَدْ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ – ابن مَنْدَه - وَافرَ الجَاهِ وَالحُرمَةِ إِلَى الغَايَة بِبَلَدِهِ، وَشَغَّب عَلَى أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ الحَافِظِ (أبو نعيم)، بِحيث إِنَّ أَحْمَد اخْتَفَى. وَلأَبِي عَبْدِ اللهِ كِتَابٌ كَبِيْرٌ فِي الإِيْمَان فِي مُجَلَّد، وَكِتَابٌ فِي النَّفْس وَالرُّوحِ، وَكِتَابٌ فِي الرَّدِّ عَلَى اللَّفظيَّةِ. وَإِذَا رَوَى الحَدِيْثَ وَسكت أَجَاد، وَإِذَا بوَّب أَوْ تَكَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ انحرفَ، وَحَرْفَش، بَلَى ذَنْبُه وَذنبُ أَبِي نُعَيم أَنَّهُمَا يَرويَانِ الأَحَادِيْثَ السَّاقطَة وَالمَوْضُوْعَةَ، وَلاَ يَهتِكَانِهَا فنسأَلُ اللهَ الْعَفو]. قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (29/278) في ترجمة أبي نُعَيم: [وقال السُّلَميّ: سمعت أبا العلاء محمد بن عبد الجبّار الفِرْسانيّ يقول: صرتُ إلى مجلس أبي بكر بن أبي عليّ المعدَّل في صِغَري مع أبي، فلمّا فرغ من إملائه قال إنسان: مَن أراد أن يحضر مجلس أبي نُعَيم فلْيَقُمْ، وكان أبو نُعَيم في ذلك الوقت مهجورًا بسبب المذهب، وكان بين الحنابلة والأشْعَريّة تعصُّبٌ زائدٌ يؤديّ إلى فتنةٍ وقال وقيل، وصراعٍ طويل، فقام إليه أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام، وكاد يُقْتَل] وزاد الذهبي في "السير" (17/460): (قلت: ما هؤلاء بأصحاب الحديث، بل فجرة جهلة، أبعد الله شرهم). وأكمل الذهبي في "تاريخ الإسلام" فقال: [وقال أبو القاسم عليّ بن الحسن الحافظ: ذكر الشّيخ أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني عمّن أدرك من شيوخ أصبهان أنّ السّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين لمّا استولى على إصبهان أمرَّ عليها والياً من قِبَله ورحل عنها، فوثب أهلها بالوالي فقتلوه. فرجع السّلطان محمود إليها، وأمّنهم حتّى اطمأنوا. ثمّ قصدهم يوم جمعة وهم في الجامع فقتل منهم مقتلة عظيمة. وكانوا قبل ذلك قد منعوا أبا نُعَيم الْحَافِظُ من الجلوس في الجامع، فَسَلِِمَ ممّا جرى عليهم. وكان ذلك من كرامته] ثم ذكر الذهبي كلام الخطيب في أبي نُعَيم أنه يتساهل في الرواية بالإجازة فيقول فيها: (أخبرنا) من غير أن يُبَيِّن! ثم رد الذهبي على الخطيب بسوق دلائل تنفي ما يقول الخطيب ثم قال الذهبي في آخر ذلك: (فبطل ما تخيَّله الخطيب). والخطيب حاول أن يشوِّه صورة شيخه أبي نُعَيم ويتعاون مع الحنابلة فينصر عقيدتهم ولو باللمز في شيخه!


والإجماع الذي حكاه الذهبي هو إجماع مزيّف ــ فالصوــ لا قيمة له كما يقال زيف! وهو مردود لا عبرة به!!