بطلان نسبة مذهب التجسيم لأبي بكر القيرواني:

أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم
أضف رد جديد
عود الخيزران
مشاركات: 484
اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm

بطلان نسبة مذهب التجسيم لأبي بكر القيرواني:

مشاركة بواسطة عود الخيزران »

بطلان نسبة مذهب التجسيم لأبي بكر القيرواني:

قال الذهبي في كتابه " العلو" النص رقم(554):
[ القيروانـي :
554- قال الإمام أبوبكر محمد بن الحسن الحضرمي القيرواني المتكلِّم صاحب رسالة ((الإيماء إلى مسألة الاستواء)) فساق فيها قول أبي جعفر محمد بن جرير، وأبي محمد بن أبي زيد، والقاضي عبدالوهاب، وجماعة من شيوخ الفقه والحديث: إنَّ الله سبحانه مستوٍ على العرش بذاتـه، قال: وأطلقوا في بعض الأماكن: أنه فوق عرشه.
ثمَّ قال: وهذا هو الصحيح الذي أقول به من غير تحديد ولا تكهنٍ في مكان ولا كون فيه ولا مماسة.
قلت: سلب هذه الأشياء وإثباتها مداره على النقل، فلو ورد شيء بذلك نطقنا به وإلا فالسكوت والكف أشبه بشمائل السلف، إذ التعرّض لذلك نوع من الكيف وهو مجهول، وكذلك نعوذ بالله أن نثبت استواؤه بمماسة أو تمكن بلا توقيف ولا أثر، بل نعلم من حيث الجملة أنه فوق عرشه كما ورد النص.
وقال السِّلَفي في معجم بغداد: سألتُ أبا عبدالله محمد بن أبي بكر التميمي القيرواني ابن أبي كدية المتكلّم الأشعري عن الاستواء فقال: من أصحابنا مَنْ قال: المراد به: العلو، ومنهم من قال: القصد، ومنهم من قال: الاستيلاء، ومن أصحابنا المتقدمين من ذهب إلى أنه يحمل على ما ورد به ولا يفسَّر وهو أحد الوجهين عن أبي الحسن].

أقول في بيان بطلان نسبة هذا الكلام:

لا يثبت هذا! لقد خلط الذهبي هنا بين ترجمتين لِقَيرَوانِيَّينِ اثنينِ!
الأول: أبو بكر محمد بن الحسن الحضرمي القيرواني، وهذا مشهور باسم المرادي القيرواني ووفاته سنه (489هـ) كما في كتاب "الصلة" ص (572) لابن بشكوال المتوفى سنة (578هـ).
والثاني: أبو عبد الله محمد بن عتيق التميمي القيرواني المشهور بابن أبي كُدَيَّة (420-512هـ) كما في "سير أعلام النبلاء" (19/417) وغيرها. وجعلهما الألباني في "مختصر العلو" ص (279-280) ترجمتين، ولم يعرف الرجلين! فوضع على مولد ووفاة كل منهما علامات استفهام! أي أنه لم يصل إلى ترجمتيهما! وكلاً من هذين الرجلين مؤوّل يقول بالتنزيه ولا يوافق المعتقد الذي يريده الذهبي! وكل ما نقله الذهبي عنهما باطل مردود!
فأما الأول منهما: وهو أبو بكر الحضرمي له عقيدة فيها إثبات أنه مُنَزِّهٌ اعترف بها محقق كتاب "العلو" البراك الوهابي فقال في تحقيقه هناك (2/1191): [جاء في كتاب "عقيدة أبي بكر المرادي الحضرمي" باب في معنى الاستواء ما يخالف ما هنا. ومعنى استوائه على عرشه: (أنه أرفع قدراً من مخلوقاته) والمخلوقات كلها دونه... (ص245). وقال في حديث الجارية ((أين الله؟)) معناه: أنه أرفع قدراً، لا أنه متمكن في الأماكن على ما بيناه في معنى الاستواء. (ص260)]. وعلق البرَّاك على لفظة [أنه أرفع قدراً من مخلوقاته] فقال في الحاشية: [قال المحقق: بياض في الأصل. و (ح) يبدو أن بعضهم تعمد محوه لمعنى]. قلت: والذي يتعمد محو ذلك إنما يكون مجسماً مشبهاً. فتبين أن في النقل عنه تحريفاً! فقد جاء في كتاب "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" أن الإمام أبا بكر محمد بن الحسن القيرواني قال في رسالة "الإيماء إلى مسألة الاستواء": [والثامن: قول المجسمة إنه سبحانه على العرش بمعنى استقرار الكائن في المكان سبحانه عن ذلك. فالله تعالى كان موجوداً في الأزل قبل خلق المكان وبعد أن خلق المكان هو الآن على ما كان عليه كان أي بلا مكان فالله لا يتغير من حال إلى حال كالمخلوق]. فهذا يبين لنا أنه رجل منزهٌ! فإذا ضُمَّ لهذا اعتراف محقق العلو الدكتور البرَّاك الوهابي بأن ما وجده من عقيدة أبي بكر المرادي يخالف ما نقله الذهبي ههنا يجعل نقل الذهبي مردوداً لا قيمة له!
وأما الثاني: وهو ابن كُدَيَّة القيرواني فقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (19/417): [وكان متعصباً لمذهب الأشعري.. قال ابن عقيل: هو شيخ هش، حسن العارضة، جاري العبارة، حُفْظَةٌ متديّن صَلِفٌ، تذاكرنا، فرأيته مملوءاً علماً وحفظاً.. وقال السِّلَفي: كان مشاراً إليه في الكلام، قال لي: أنا أدرس الكلام من سنة ثلاث وأربعين، جرت بينه وبين الحنابلة فتن، وأوذي غاية الإيذاء، سألته عن مسألة الاستواء، فقال: أحد الوجهين للأشعري أنه يحمل على ما ورد ولا يفسر]. قلت: كونه أشعرياً وأوذيَ من الحنابلة يبين أنه لا يقول بقولهم ولا ما يقاربه من التفويض! خلافاً للباقلاني الذي كان يقول بقول الحنابلة ويصاحبهم! وما نقله الذهبي عنه هنا بواسطة السِّلَفي ليس فيه ما يوافق الذهبي فلم يقل فيه بأنه يقول بأنه يفسره بالعلو! والسِّلَفي لا أوثق به! والخلاصة أن الذهبي لم يستفد مما أورده عن القيروانيينِ شيئاً! والحمد لله رب العالمين!

ونقل الذهبي لقول القيرواني:( وهذا هو الصحيح الذي أقول به من غير تحديد ولا تكهنٍ في مكان ولا كون فيه ولا مماسة) ؛ هذا يفيد أن القيرواني مخالف للذهبي فيما يريده!! لذلك أنكر عليه بعد هذه العبارة كما ترى!!

وتعليقنا على قول الذهبي:( قلت: سلب هذه الأشياء وإثباتها مداره على النقل، فلو ورد شيء بذلك نطقنا به وإلا فالسكوت والكف أشبه بشمائل السلف )، فنقول:
أولاً: السلف ليسوا هم مصدر التشريع لا سيما وقد اختلفوا! وإنما مصدر التشريع هو الكتاب والسنة! وثانياً: لقد أتى بعض السلف بكلمات لم تَرِدْ في الكتاب والسنة كقولهم عن الله تعالى بأنه (بائن عن خلقه) وقولهم عن القرآن الكريم بأنه (غير مخلوق) وكل ذلك لم يَرِد! فلا تتظاهر بأنك تقول بقول السلف وتتفلسف علينا بفهم السلف وبالسلف!

ولا يخفى أن الذهبي ينقل كلام ومذهب شيخه الحراني المجسم في مسألة جهالة الكيف!!
بل الكيف (غير معقول) وليس كما يقول (مجهول) لأن الله لا كيف له والكيف عنه مرفوع!! كما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى!!

وتقرير الذهبي أن النصوص ناطقة بأن الله فوق العرش ؛ فتقرير باطل ؛ لأن النص القرآني لم يقل الرحمن فوق عرشه، بل قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} هكذا جاء في القرآن!! ولكلٍ من جملتين معنى! وبين أنَّ الفوقية بالقهر لا بالحس والجسم!! فقال {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}الأنعام:18، ولم يأت نص في القرآن بلفظ (فوق عرشه) وأما في السنة فلم يثبت فيها شيء من ذلك كما بينّاه في تعليقنا على هذا الكتاب!! والآحاد لا تُثْبت به أصول الاعتقاد!! شاء المبتدعة أم أَبَوا!!
أضف رد جديد

العودة إلى ”أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم“