صفحة 1 من 1

ما جاء في معاوية من الذم بلسان الشرع (1)

مرسل: السبت يونيو 08, 2024 12:15 pm
بواسطة cisayman3
أقوال سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه الكرام في معاوية ابن أبي سفيان
جاءت أحاديث صحيحة وحسنة كثيرة للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم تذم معاوية بن أبي سفيان، وكان واقع معاوية يؤكد صدق هذه الأحاديث الشريفة لأن أفعاله كانت معاكسة لأوامر الله تعالى ونواهيه، وقد أغار على هذه الأحاديث الشريفة عدد من العلماء ـ عمداً أو جهلاً ـ ومنهم ابن تيمية ومقلدوه المتعصبون بالتأويل والتضعيف والإنكار! وتبعهم على ذلك بعض أهل العلم تقليداً وتعصباً دون تحقيق! وَوُضِعَت أحاديث مكذوبة في بيان فضل معاوية بإرادة من معاوية وحزبه في دولته الأموية فسارع ابن تيمية وأتباعه إلى ترقيع أسانيدها وتصحيحها والاستدلال بها(1)! مع تصريح جهابذة من المحدثين كالنسائي وإسحاق بن راهويه والحافظ ابن حجر وغيرهم من أكابر علماء أهل السنة والجماعة بأنه لا يصح في فضل معاوية شيء!
قال الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (7/104) عن إسحاق بن راهويه والنسائي وإسماعيل القاضي المالكي: [لم يصح في فضائل معاوية شيء].
وإليكم بعض ما ورد في السنة النبوية الصحيحة من بيان حال معاوية والحكم عليه بنص الرسول المعصوم عليه الصلاة والسلام:
1- روى البخاري في صحيحه (447) و (2812) ومسلم أيضاً (2916) بألفاظ عدة وهذا لفظ البخاري في الموضع الأول: [عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار(2)]، ثم قال سيدنا عمار رضي الله عنه: أعوذ بالله من الفتن. وكان سيدنا عمار بن ياسر في جيش سيدنا علي بن أبي طالب إمام أهل البيت يقاتل معاوية وحزبه!
وهذا حديث صريح يقرر فيه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم الأمور التالية:
أ- أن معاوية وطائفته هم الفئة الباغية، وقد أمرنا الله تعالى بقتال الفئة الباغية في قوله تعالى { فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } ولم تفىء تلك الفئة ولا أتباعها إلى أمر الله تعالى حتى يومنا هذا!!
وقال تعالى: { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق.. } الأعراف: 33.
ب - أن معاوية وطائفته التي يقودها يدعون إلى النار!!
فهل يجوز بعد هذا الدفاع عن إنسان يدعو هو وطائفته إلى النار ؟!
ألا نستحي من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ؟!
ج - أن سيدنا علياً وطائفته ومنهم سيدنا عمار يدعون إلى الجنة وإلى الله تعالى! وكيف نقول بعد ذلك: إن معاوية أخطأ وله أجر واحد على خطئه والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إنه وطائفته يدعون إلى النار ؟! هل من يدعو إلى النار له أجر وثواب ؟!
فأين المؤمنون الممتثلون لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ؟
{ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً بعيداً } الأحزاب: 36.
قال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) (1/543):
[وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة وفضيلة ظاهرة لعلي وعمار ورد على النواصب الزاعمين أن علياً لم يكن مصيباً في حروبه].
والحق أن الزاعم لهذا هو ابن تيمية الحراني الذي يُلَقِّبُهُ بعضهم بشيخ الإسلام! مع كون هذا التلقيب حراماً شرعاً وخصوصاً لهذا الرجل الذي صحح حديث الشاب الأمرد واعتقد بظاهره وقال إنها رؤيا عين أي ليست رؤيا منام(3)!!
تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً و { سبحان ربك رب العزة عما يصفون }!!
قال ابن تيمية في حق سيدنا علي رضي الله عنه في ((منهاج السنة)) (4/500من الطبعة المحققة و 2/232 من الطبعة الأخرى):
[ثم يقال لهؤلاء الرافضة: لو قالت لكم النواصب: علي قد استحلَّ دماء المسلمين، وقاتلهم بغير أمر الله ورسوله على رياسته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)) وقال: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)) فيكون عليٌّ كافراً لذلك، لم تكن حجتكم أقوى من حجتهم، لأن الأحاديث التي احتجوا بها صحيحة.


وأيضاً فيقولون: قتل النفوس فساد فمن قتل النفوس على طاعته كان مريداً للعلو في الأرض والفساد. وهذا حال فرعون.....]!! وتناسى ابن تيمية أن معاوية هو من قتل الأنفس بغير حق ظلماً وعدواناً! ولم يطبق ابن تيمية عليه هذه القواعد بل تمادى وشبَّه سيدنا علي بفرعون ولم يشبه معاوية بذلك!
فتأملوا كيف أيد قول النواصب بأن الدليل على كون سيدنا علي رضي الله عنه كان كافراً هو الأقوى والأصح من ناحية الدليل!!
والنواصب الذين يقولون هذا هم هو لا غير!! وهو يخترع الأقوال وينسبها إلى أناس مجهولين وهي أقواله وعقيدته!!
ونسي المسكين قول الله تعالى في القرآن الكريم { فقاتلوا التي تبغي } ووصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الصحاح لتلك الفئة بأنها الفئة الباغية الداعية إلى النار! فحكى عن إخوانه النواصب ترجيح كفر سيدنا علي وأيدهم ونص على أن حجتهم هي الأقوى!!
ويرى هؤلاء النواصب المعتدون على خيار الصحابة رضي الله عنهم أن تكفير سيدنا علي أمر سهل بسيط وأما مجرَّد التفكير أو التلفظ اليسير في حق معاوية ضلال مبين فيفزعون منه ويدعون أن فيه هداماً للدين من أساسه!
وتناسى ابن تيمية قول سيدنا علي رضي الله عنه وأرضاه: أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن منكم مَنْ يُقَاتِلُ على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله)) قال أبوبكر: أنا هو يا
رسول الله ؟ قال: ((لا))، قال عمر: أنا هو يا رسول الله ؟ قال: ((لا، ولكن خاصف النعل)) قال: وكان أعطى علياً نعله يخصفه. رواه ابن حبان في صحيحه (15/385) وأبو يعلى (2/341) وصححوه وقال الهيثمي في ((المجمع)) (5/186):
((رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح)).
ولهذا ندم النفر القليل من الصحابة الذين اعتزلوا القتال ولم يقاتلوا مع سيدنا علي وطائفته التي تدعو إلى الجنة! فهذا ابن عمر يقول:
ما وجدت في نفسي من شيء في أمر هذه الآية ما وجدت في نفسي أني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله عز وجل. رواه الحاكم في ((المستدرك)) (3/115) وهو صحيح.
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (2/177): ((ولا ريب أن عائشة ندمت ندامة كلية على مسيرها إلى البصرة وحضورها يوم الجمل...)).
وقال ابن تيمية في منهاج سنته (4/514):
[وعلي عاجز عن مقاومة المرتدين الذين هم من الكفار أيضاً]. وهذه قلة فطنة وخيبة قلم خانه فيها التعبير، أو هوى به هواه إلى حضيض التعصب!
وقد نص الحافظ ابن حجر في ((الدرر الكامنة)) (1/155) أن ابن تيمية قال ذلك في سيدنا علي إذ قال الحافظ:
[ومنهم من ينسبه إلى النفاق لقوله في علي ما تقدم ولقوله إنه كان مخذولاً حيثما توجَّه، وإنه حاول الخلافة مراراً فلم ينلها، وإنما قاتل للرياسة لا للديانة، ولقوله إنه كان يحب الرياسة، وإن عثمان كان يحب المال، ولقوله أبو بكر أسلم شيخاً يدري ما يقول وعلي أسلم صبياً والصبي لا يصح إسلامه على قول(4)....
وبكلامه في قصة خطبة بنت أبي جهل ومات وما نسيها....
وقصة أبي العاص بن الربيع وما يؤخذ من مفهومها فإنه شنَّع في ذلك.
فألزموه بالنفاق لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ولا يبغضك إلا منافق....
وكان إذا حوقق وألزم يقول لم أرد هذا إنما أردت كذا! فيذكر احتمالاً
بعيداً...].
وعيون النواصب والمغفلين تتعامى عن هذا كله الذي يقوله ابن تيمية من الطعن في رجل كسيدنا علي من سادات الصحابة وأجلائهم وتراه أمراً هيناً ولكن مس جانب معاوية بنظرهم المخطىء هو هدم الإسلام وطعن فيه!
وقال ابن حجر في ((لسان الميزان)) (6/319-320) عن ابن تيمية: [وكم من مبالغة لتوهين كلام الرافضي أدته أحياناً إلى تنقيص علي رضي الله عنه].
بينما نجد ابن تيمية في كتبه يمدح معاوية ويعظمه ويثني عليه ويدافع عنه بحرارة!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي السفلية:
(1) في ((مجموع الفتاوى)) (35/64) وفي ((الفتاوى الكبرى)) (4/259) أورد ابن تيمية حديث: ((اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب)) وهو حديث موضوع في أسانيده ضعفاء وكذابون! وسيأتي!
(2) وفي اللفظ الآخر للبخاري: ((عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار)) وقد روى هذا الحديث: ابن حبان في الصحيح (15/553) وابن أبي شيبة (6/385) وأحمد (3/90) والطبراني في المعجم الكبير (12/395) وغيرهم. وقال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) (1/543): [روى حديث ((تقتل عمار الفئة الباغية)) جماعة من الصحابة منهم قتادة بن النعمان كما تقدم، وأم سلمة عند مسلم، وأبو هريرة عند الترمذي، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند النسائي، وعثمان بن عفان وحذيفة وأبو أيوب وأبو رافع وخزيمة بن ثابت ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو اليسر وعمار نفسه وكلها عند الطبراني وغيره وغالب طرقها صحيحة أو حسنة، وفيه عن جماعة آخرين يطول عدهم].
(3) وذلك في كتابه ((التأسيس في الرد على أساس التقديس)) (3/241) مخطوط!!
(4) انظر منهاج سنة ابن تيمية (7/155)