إسقاط استدلال المجسمة بلفظة:( إليه)، الواردة في حديث أبي هريرة:
مرسل: الجمعة يوليو 05, 2024 9:55 am
إسقاط استدلال المجسمة بلفظة:( إليه)، الواردة في حديث أبي هريرة:
قال الذهبي في كتابه " العلو":
[حديث أبي هريرة أنَّ رسول الله قال: ((الملائكة يتعاقبون فيكم، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثمَّ يعرج إليـه الذين باتوا فيكم؛ فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلّون وتركناهم وهم يصلـون)) متفق عليه ].
أقول في بيان عدم ثبوت هذه اللفظة:
صحيح دون لفظة (إليه) رواه مالك في الموطأ (413) والبخاري (555و3223و7429و7486) ومسلم (632) والنَّسائي (485) وأحمد (2/396و486) وقد وقع استدلال المجسمة هنا بلفظة (إليه) التي في هذا الحديث ومع أنَّ بعض الروايات في الصحيحين وغيرهما خلوٌ من هذه اللفظة إلا أنَّ إثباتها موافق للقرآن وهو قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}المعارج:4، ولفظة (إليه) هنا لا تدلُّ على أنَّ الملائكة يذهبون لمكان فيه الله تعالى البتة!! بل هي مثل قوله تعالى حكاية عن سيدنا إبراهيم عليه السلام: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}الصافات:99، ولا يقول عاقل بأنَّ سيدنا إبراهيم ذهب إلى مكان فيه الله تعالى!! وإنما المعنى بلاغي عربي وهو: إني مفارقكم وذاهب إلى الموضع الذي أمرني به ربي، أو إني مفارقكم للتفرّغ لعبادة ربي وطاعته!! ومثل هذا أيضاً قوله تعالى في الظل: {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيرًا}الفرقان:46، فقوله سبحانه {إِلَيْنَا} لا يدلُّ على أنَّ الظلَّ يذهب في الليل عند الله تعالى أو أنَّ الله تعالى في مكان؛ تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً!! فهذه معان بلاغية أو مجازية لا يراد بها التشبّث بظواهرها والعاقل من نظر في النصوص بعقله لا بعقل غيره وأعمل فكره واجتهد في فهم المعنى المراد وترك التقليد المذموم!!
وقد تقدّم الجواب عن استدلالهم بهذه الآية الكريمة فيما علَّقْناه على كتاب ((دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه)) للإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى ص (132) وما قبلها وبعدها ببعض توسع!! وأوردنا هنالك أيضاً قوله تعالى عن سيدنا عيسى عليه السلام: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}آل عمران:55، وأنَّ معناه رافعك إلى السماء الثانية كما جاء في الصحيحين في حديث الإسراء أن سيدنا عيسى عليه السلام في السماء الثانية!! فيكون معنى الآية: إني رافعك إلى مكان لا يستطيعون أن يصلوا إليك فيه البتة!! فلا يعني ذلك أنَّ سيدنا عيسى الآن عند الله تعالى حقيقة أي أنه جالس عنده أو بجنبه تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً!! بل معناه مثل: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}الصافات:99، ومثل {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيرًا}الفرقان:46، ومثـل: إنَّا لله وإنَّـا إليـه راجعون!! ومثل ((أَبِيتُ عند ربـي يطعمني ويسقيني)) ومثل قولنا: (الشهداء أحياء عند ربهم يُرزقون) فتبصَّر!!
إلى هنا تم عمل الآيات
فالملائكة مسكنهم السماء بدليل قوله تعالى حكاية عنهم: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا}البقرة:30، أي: الأرض {مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ}البقرة:30، فيكون معنى الحديث الذي نحن بصدده: ثمَّ يعرجون إلى مساكنهم وموضعهم الأصلي بعد انتهاء وظيفتهم في مراقبة أعمال الناس وهو المكان الذي يوحي الله إليهم فيه ويسألهم (إن صحَّ حديث السؤال) وهو أعلم به منهم!! فتأمّل!! قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (13/417) عند شرح حديث رقم (7429): [والمراد منه قوله فيه (ثمَّ يعرج الذين باتوا فيكم) وقد تمسَّك بظواهر أحاديث الباب من زعم أنَّ الحق سبحانه وتعالى في جهة العلو وقد ذكرتُ معنى العلو في حقه جلَّ وعلا في الباب الذي قبله]. قلت: قال الحافظ ابن حجر في الباب الذي قبله وهو (باب وكان عرشه على الماء...): [قال الكَرْماني: قوله (في السماء) ظاهره غير مراد، إذ الله مُنَزّه عن الحلول في المكان، لكن لما كانت جهة العلو أشرف من غيرها أضافها إليه إشارة إلى علو الذات والصفات، وبنحو هذا أجاب غيره عن الألفاظ الواردة في الفوقية ونحوها، قال الراغب: (فوق) يستعمل في المكان والزمان والجسم والعدد والمنزلة والقهر....]. ولو ذهبنا نسرد أقوال أهل العلم المنزهة لله تعالى عن التشبيه والتجسيم في هذه القضية لطال الكلام جداً وفيما ذكرناه من الأدلة والأقول والنقول كفاية والله الهادي. ومن شاء التوسع في ذلك فعليـه بكتاب ((دفع شبه التشبيه)) و ((صحيح شرح الطحاوية)) لنا وكتب أهل العلم التي أسهبت في هذا الموضوع كالفتح وغيره والله الموفق.
قال الذهبي في كتابه " العلو":
[حديث أبي هريرة أنَّ رسول الله قال: ((الملائكة يتعاقبون فيكم، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثمَّ يعرج إليـه الذين باتوا فيكم؛ فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلّون وتركناهم وهم يصلـون)) متفق عليه ].
أقول في بيان عدم ثبوت هذه اللفظة:
صحيح دون لفظة (إليه) رواه مالك في الموطأ (413) والبخاري (555و3223و7429و7486) ومسلم (632) والنَّسائي (485) وأحمد (2/396و486) وقد وقع استدلال المجسمة هنا بلفظة (إليه) التي في هذا الحديث ومع أنَّ بعض الروايات في الصحيحين وغيرهما خلوٌ من هذه اللفظة إلا أنَّ إثباتها موافق للقرآن وهو قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}المعارج:4، ولفظة (إليه) هنا لا تدلُّ على أنَّ الملائكة يذهبون لمكان فيه الله تعالى البتة!! بل هي مثل قوله تعالى حكاية عن سيدنا إبراهيم عليه السلام: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}الصافات:99، ولا يقول عاقل بأنَّ سيدنا إبراهيم ذهب إلى مكان فيه الله تعالى!! وإنما المعنى بلاغي عربي وهو: إني مفارقكم وذاهب إلى الموضع الذي أمرني به ربي، أو إني مفارقكم للتفرّغ لعبادة ربي وطاعته!! ومثل هذا أيضاً قوله تعالى في الظل: {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيرًا}الفرقان:46، فقوله سبحانه {إِلَيْنَا} لا يدلُّ على أنَّ الظلَّ يذهب في الليل عند الله تعالى أو أنَّ الله تعالى في مكان؛ تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً!! فهذه معان بلاغية أو مجازية لا يراد بها التشبّث بظواهرها والعاقل من نظر في النصوص بعقله لا بعقل غيره وأعمل فكره واجتهد في فهم المعنى المراد وترك التقليد المذموم!!
وقد تقدّم الجواب عن استدلالهم بهذه الآية الكريمة فيما علَّقْناه على كتاب ((دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه)) للإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى ص (132) وما قبلها وبعدها ببعض توسع!! وأوردنا هنالك أيضاً قوله تعالى عن سيدنا عيسى عليه السلام: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}آل عمران:55، وأنَّ معناه رافعك إلى السماء الثانية كما جاء في الصحيحين في حديث الإسراء أن سيدنا عيسى عليه السلام في السماء الثانية!! فيكون معنى الآية: إني رافعك إلى مكان لا يستطيعون أن يصلوا إليك فيه البتة!! فلا يعني ذلك أنَّ سيدنا عيسى الآن عند الله تعالى حقيقة أي أنه جالس عنده أو بجنبه تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً!! بل معناه مثل: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}الصافات:99، ومثل {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيرًا}الفرقان:46، ومثـل: إنَّا لله وإنَّـا إليـه راجعون!! ومثل ((أَبِيتُ عند ربـي يطعمني ويسقيني)) ومثل قولنا: (الشهداء أحياء عند ربهم يُرزقون) فتبصَّر!!
إلى هنا تم عمل الآيات
فالملائكة مسكنهم السماء بدليل قوله تعالى حكاية عنهم: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا}البقرة:30، أي: الأرض {مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ}البقرة:30، فيكون معنى الحديث الذي نحن بصدده: ثمَّ يعرجون إلى مساكنهم وموضعهم الأصلي بعد انتهاء وظيفتهم في مراقبة أعمال الناس وهو المكان الذي يوحي الله إليهم فيه ويسألهم (إن صحَّ حديث السؤال) وهو أعلم به منهم!! فتأمّل!! قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (13/417) عند شرح حديث رقم (7429): [والمراد منه قوله فيه (ثمَّ يعرج الذين باتوا فيكم) وقد تمسَّك بظواهر أحاديث الباب من زعم أنَّ الحق سبحانه وتعالى في جهة العلو وقد ذكرتُ معنى العلو في حقه جلَّ وعلا في الباب الذي قبله]. قلت: قال الحافظ ابن حجر في الباب الذي قبله وهو (باب وكان عرشه على الماء...): [قال الكَرْماني: قوله (في السماء) ظاهره غير مراد، إذ الله مُنَزّه عن الحلول في المكان، لكن لما كانت جهة العلو أشرف من غيرها أضافها إليه إشارة إلى علو الذات والصفات، وبنحو هذا أجاب غيره عن الألفاظ الواردة في الفوقية ونحوها، قال الراغب: (فوق) يستعمل في المكان والزمان والجسم والعدد والمنزلة والقهر....]. ولو ذهبنا نسرد أقوال أهل العلم المنزهة لله تعالى عن التشبيه والتجسيم في هذه القضية لطال الكلام جداً وفيما ذكرناه من الأدلة والأقول والنقول كفاية والله الهادي. ومن شاء التوسع في ذلك فعليـه بكتاب ((دفع شبه التشبيه)) و ((صحيح شرح الطحاوية)) لنا وكتب أهل العلم التي أسهبت في هذا الموضوع كالفتح وغيره والله الموفق.