صفحة 1 من 1

بيان ضعف الحديث الوارد عن علي بن زيد عن الحارث بن نوفل وإسقاط استدلال المجسمة به في تأييد مذهبهم:

مرسل: الأحد يوليو 07, 2024 10:51 am
بواسطة عود الخيزران
بيان ضعف الحديث الوارد عن علي بن زيد عن الحارث بن نوفل وإسقاط استدلال المجسمة به في تأييد مذهبهم:

قال الذهبي في كتابه " العلو":
[ حديث علي بن زيد بن جُدْعان، عن عبدالله بن الحارث بن نوفل أنَّ صعصعة بن صوحان تكلَّم يوماً عند عثمان رضي الله عنـه فقـال: فيمـا يقول: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}الحج:39، الآيتين. فقال عثمان: أيها الناس ها إنَّ هذا البَجْبَاجَ النَّفَّاجَ لا يدري مَنِ الله ولا أين الله، والله ما نزلت هذه الآية إلا في أصحابي، أُخرجنا من ديارنا بغير حق.
فقال: أما قولك لا أدري من الله، فإنَّ الله ربنا ورب آبائنا الأولين، وقولك لا أدري أين الله؛ فإنَّ الله لبالمرصاد.
رواه عَبْدُ بن حميد في تفسيره عن الحسن الأشيب عن حماد بن سلمة عنه].

أقول في بيان ضعف هذا الحديث:

أحاديث هذا الرجل ـ الحارث بن نوفل ـ مشكلة وعليها عندنا علامات استفهام! وخاصة ما يتعلَّق منها بالصفـات! وكان يروي عن كعب الأحبار ترجمته في ((تهذيب الكمال)) (14/396)، ومثله في الشك المنهال بن عمرو. وسيأتي الكلام عليهما إن شاء الله تعالى.
و روى صعصعة كما في ((تهذيب)) المزي (13/168) عن: عبد الله بن عباس وعثمان بن عفان وسيدنا علي بن أبي طالب عليه السلام وشهد معه صفين وأمَّره على بعض الكراديس. أي بعض كتائب الخيل في الجيش.

وما جاء في هذه القصة بلفظ:( إنَّ هذا البَجْبَاجَ النَّفَّاجَ لا يدري مَنِ الله ولا أين الله) ، إنما وقع استدلال المجسمة أو الذهبي بهذه اللفظة وقد اتفق قائلها مع عثمان بن عفان على أنَّ معناها غير ما يريده المجسمة من إثبات المكان وكون معبودهم في السماء!! فأثبت كل منهما أنَّ معناها {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}الفجر:14، فأما صعصعة فقد صرّح بذلك في كلامه وأما عثمان فبإقراره له!! وهي كما تقول: (أين الله منك؟ ألستَ تعلم أنه يراك فيما تفعل؟!!). فلا دلالة في النص على ما يريده المجسمة ولا علاقة له بذلك!! وبذا يتلاشى استدلالهم بهذا النص!! ثمَّ هو قول صحابي وقول الصحابي ليس بحجة على الصحيح في علم الأصول ما لم يجمعوا عليه!!.
وهذا الأثر برمته سنده ضعيف من أجل حماد بن سلمة وغيره!! رواه ابن شبة (173-262هـ) في "تاريخ المدينة" (3/1063) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (24/88)، ورواه ابن أبي شيبة (7/515/39659) بلفظ آخر ليس فيه كل ما أورده الذهبي فقال: [يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: أَشْرَفَ عَلَيْكُمْ عُثْمَانُ مِنَ الْقَصْرِ فَقَالَ: ائْتُونِي بِرَجُلٍ أُتَالِيهِ كِتَابَ اللَّهِ, فَأَتَوْهُ بِصَعْصَعَةَ بْنِ صُوحَانَ, وَكَانَ شَابًّا, فَقَالَ: مَا وَجَدْتُمْ أَحَداً تَأْتُونِي غَيْرَ هَذَا الشَّابِّ, قَالَ: فَتَكَلَّمَ صَعْصَعَةُ بِكَلَامٍ, فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: اتْلُ: فَقَالَ صَعْصَعَةُ {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}الحج:39 فَقَالَ: لَيْسَتْ لَكَ وَلَا لِأَصْحَابِكَ, وَلَكِنَّهَا لِي وَلِأَصْحَابِي, ثُمَّ تَلَا عُثْمَانُ {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ..}]. وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن ابن سيرين لم يسمع من عثمان بن عفان والظاهر أنه رواه عن صعصعة. أما الرواية التي أوردها الذهبي مستدلاً بها ففيها حماد بن سلمة والقاعدة عندنا أنَّ حماد بن سلمة ضعيف في كل ما يتعلَّق بأحاديث الصفات وما يدخل في عقائد المجسمة بعد تتبع كثير منها ولأنه كان له ربيبان يدسان في كتبه كما صرّح بذلك بعض الحفاظ!! أما ما كان متابعاً فيه ولم ينصر عقيدة المجسمة والنواصب فربما نقبله بعد الفحص والسبر؛ وقد أوضحنا بعض ما يتعلّق بحماد بن سلمة في تعليقنـا علـى "دفع شبه التشبيه" ص (190) فارجع إليه إذا شئت. ومتناقض عصرنا ضعَّف الحديث فيما يبدو بعلي بن جُدْعان الذي طالما طعن فيه في كتبه المتناقضـة!! وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (20/434ترجمه4070) وليس هو من رجال مسلم وإن زعموا ذلك بل أخرج مسلم له حديثاً واحداً متابعة (3/1415/1789) وعليه فلا يعتبر من رجال مسلم!! قال المزي في ترجمته هناك: [روى له البخاري في الأدب ومسلم مقروناً بثابت البناني.