صفحة 1 من 1

بطلان حديث أنس الذي جاء فيه:( فإذا كان يوم الجمعة نزل تبارك وتعالى من عليين على كرسيه...):

مرسل: الثلاثاء يوليو 09, 2024 12:24 pm
بواسطة عود الخيزران
بطلان حديث أنس الذي جاء فيه:( فإذا كان يوم الجمعة نزل تبارك وتعالى من عليين على كرسيه...):

قال الذهبي في كتابه " العلو":
[ أخبرنا الحسن بن علي، أنبأ سالم بن الحسن، أنبأ ابن شاتيل، أنبأ أبوغالب الباقلاني، ثنا عبد الملك بن محمد، ثنا أحمد بن سليمان النجاد نا الحسن ابن مكرم، نا عمر بن يونس اليمامي سنة 199، نا جهضم بن عبدالله، حدثني أبو طيبة عن عثمان بن عمير عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أتاني جبريل وفي يده مرآة بيضاء فيها نكتة سوداء، فقلت: مـا هـذا يا جبريل؟! قال هذه الجمعة يعرضها عليك ربك عزَّ وجلَّ لتكون لك عيداً ولقومك من بعدك، تكون أنت الأول وتكون اليهود والنصارى من بعدك. فقلت ما لنا فيها؟ قال: لكم فيها خير، فيها ساعة من دعا الله فيها بخير هو قسم له أعطاه إياه، أو ليس له بقسم إلا ادّخر له ما هو أعظم منه. قلت ما هذه النكتة السوداء فيها؟ قال: هي الساعة تقوم يوم الجمعة، وهو سيد الأيام عندنا، ونحن ندعوه يوم المزيد في الآخرة. قلت: وما يوم المزيد؟ قال: إنَّ ربَّكَ اتخذ في الجنة وادياً أفيح من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة نزل تبارك وتعالى من عليين على كرسيه، ثمَّ حف الكرسي بمنابر من نور ثمَّ جاء النبيون حتى يجلسوا عليها، ثمَّ حف المنابر بكراسي من ذهب، ثمَّ جاء الصديقون والشهداء حتى يجلسوا عليها ثمَّ جاء أهل الجنة حتى يجلسوا على الكثيب، فيتجلَّى لهم ربهم عزَّ وجلَّ حتى ينظروا إلى وجهه، ثمَّ يقول أنا الذي صدقتكم وعدي وأتممـت عليكم نعمتي، وهذا محل كرامتي، فيسألونه ويسألونه حتى تنتهي رغبتهم، فيفتح لهم عند ذلك ما لا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر إلى أوانِ مُنْصَرَفِ الناسِ من يوم الجمعة، ثمَّ يصعد على كرسيه، ويصعد معه الصديقون والشهداء، ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم درة بيضاء لا فصْم فيه ولا نظم، أو ياقوتة حمراء أو زبرجدة خضراء فيها غرفها وأبوابها، مطردة فيها أنهارها، متذللة فيها أثمارها فيها أزواجها وخدمها، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة ليزدادوا من كرامته عزَّ وجلَّ وليزدادوا نظراً إلى وجهه، فلذلك يدعى يوم المزيد))
هذا حديث مشهور وافر الطرق أخرجه الإمام عبدالله بن أحمد في كتاب السنة عن عبدالأعلى بن حماد النرسي عن عمر بن يونس].

أقول في بيان بطلان هذا الحديث:

الحسن بن علي؛ تقدّم تعريفه في التعليق على الحديث الذي هو بعنوان : ( بطلان حديث الجارية بلفظ:( مَنْ في السماء؟) الوارد عن عطاء بن يسارعن صاحب الجارية نفسه) في هذا الموقع ، وهو الحسن بن علي القلانسي ابن الخلال، وهو مترجم في ((معجم الشيوخ)) للذهبي (1/211برقم222).
وسالم بن الحسن ؛ هو سالم ابن الحافظ أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صَصْرَى أبو الغنائم التغلبي الدمشقي الشافعي عاش 60 سنة وتوفي في جمادى الآخرة سنة 637 ودفن بسفح جبل قاسيون، كما في ترجمته في ((سير أعلام النبلاء)) (23/60).

وابن شاتيل؛ شيخٌ مسندٌ مُعَمَّر اسمه أبو الفتح عبيدالله بن عبدالله بن محمد بن نجا بن شاتيل البغدادي الدبـاس، مُتَكَلَّمٌ فيه، كان يدّعي سماعات غير صحيحة، قال ابن النجار كما في ترجمته في ((سير أعلام النبلاء)) (21/117): ((أبطل أهل الحديث سماعه من ابن البَطِر)).

وأبو غالب الباقلاني؛ هو الشيخ أبوغالب محمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن البقال الفامي البغدادي. مترجم في ((سير أعلام النبلاء)) (19/235).

وعبدالملك بن محمد؛ هو ابن بشران، أبو القاسم عبدالملك بن محمد بن عبدالله بن بشران بن محمد بن بشران بن مهران الأموي مولاهم البغدادي، المحدّث مسند العراق، وثقه الخطيب في "تاريخه" (10/432) وله ترجمة في ((سير أعلام النبلاء)) (17/450).

وأحمد النّجاد؛ قال الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) (15/504): ((قال الدارقطني: حدّث النَّجَّاد من كتاب غيره بما لم يكن في أصوله)) وانظر تاريخ الخطيب (4/191). وهو مجسم مجرم يقول بقعود النبي بجنب الله تعالى على العرش كما سيأتي في التعليق على بعض جمل وعبارات النص رقم (425).

والحسن بن مكرم؛ مترجم في ((سير أعلام النبلاء)) (13/192) ووثقه الخطيب في تاريخه (7/432).

وعمر اليمامي؛ ثقة من رجال الستة كما في التقريب.

وجهضم بن عبدالله؛ من رجال الترمذي وابن ماجه، قال ابن مَعِين: ثقة إلا أنَّ حديثه منكر. انظر ((تهذيب الكمال)) (5/157).

وأبو طيبة هو عبدالله بن مسلم السُّلَمي. قال أبو حاتم: يُكتب حديثه ولا يُحتج به. وقال ابن حِبَّان: يخطىء ويخالف. وهو من رجال (د ت س) كما في ((تهذيب الكمال)) (16/133). وأورده الذهبي في ((ديوان الضعفاء)) ترجمة (2310). وجهله البراك الوهابي في تخريجه "للعلو" (1/301) فقال: [أبو طيبة: لم أجد له ترجمة].

وعثمان بن عمير؛ هو عثمان بن عمير البَجَلي أبو يقظان الكوفي الأعمى. قال أحمد بن حنبل: هو ضعيف الحديث. وقال يحيى بن مَعِين: ليس حديثه بشيء. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث منكر الحديث كان شعبة لا يرضاه. انظر ((تهذيب الكمال)) (19/469-472).

والحديث موضوع مكذوب قبَّح الله من وضعه!! روى هذا البلاء والكذب: عبد الله بن أحمد في "سنته" (1/250/برقم460)، والآجُرِّي في "الشريعة" (265)، مع أن هذا افتراء على الشريعة! ورواه أيضاً في كتابه "التصديق بالنظر" (برقم45)، والطبري في تفسيره (22/368)، والبزار (2/364)، والنجاد في أمالية (46)، وغيرهم، ومن المصائب أن المنذري ذكره في "الترغيب" (4/311/برقم5747) وصرح بصحته وأن إسناده قوي!! وهو كلام باطل مردود! والألباني تناقض فيه! فأورده في "صحيح الترغيب" (3761) وحذفه من "مختصر العلو" لأنه ضعيف بنظره هناك. وقد تبين ذلك من كلامنا في الحواشي السابقة على رجاله!! وهو منكر المتن جداً تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً!! وكنتُ قد استشكلتُ رواية أبي يعلى له في مسنده (7/228) إذ قال: ((حدثنا شيبان بن فرّوخ، حدثنا الصَّعق بن حزن، حدثنا علي بن الحكم البناني عن أنس...)) به!!! كما استشكلت قول محقق المسند هناك (حسين سليم) حيث قال: ((إسناده صحيح))!! ثمَّ عرفت ضعْف السند وقد نبه عليه ابن أبي حاتم في ((العلل)) (1/199) إذ قـال: [قال أبو زرعة: هذا خطأ رواه سعيد بن زيد عن علي بن الحكم عن عثمان بن عثمان عـن أنس عن النبي . قال أبي: نقَّصَ الصعق رجلاً من الوسط))!! قلت: عثمان هذا هو على التحقيق عثمان بن عمير الذي تقدَّمت ترجمته آنفاً في الحاشية السابقة وهو منكر الحديث كما تقدَّم بيَّنَ ذلك العُقَيلي في ((كتاب الضعفاء الكبير)) (1/293) فانظره هناك في ترجمة حمزة بن واصل المنقري!! فتبين أن ما وقع في "علل ابن أبي حاتم" من قوله (عثمان بن عثمان) صوابه: (عثمان بن عمير) فتنبَّه!!

وقول الذهبي : ( هذا حديث مشهور)، فليس كذلك ولم يذكره هنا إلا من روايته عن سيدنا أنس وأسانيده ضعيفة تالفة فكيف يكون مشهوراً؟! إلا أن يريد الذهبي بالشهرة عند أئمة المجسمة والمشبهة!! نسأل الله تعالى السلامة!!

وقوله:( وافر الطرق)، فنقول :
وفرة الطرق الضعيفة التالفة لا تفيده شيئاً ولذلك نحَّاه الشيخ المتناقض المجسم!! من "مختصر العلو" ولم يذكره فيه!! اعترافاً منه بضعفه على الأقل!! وعلى كل حال فإننا سنتعرّض لِذِكْر درجة تلك الطرق من الصحة والضعف حتى يتبين ما فيها ليتبين أنه لا فائدة من وفرة الطرق هذه!!

وإشارة الذهبي إلى كتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل، فنقول فيها :
كنَّا قد تكلَّمنا على هذا الكتاب في تعليقاتنا على ((دفع شبه التشبيه)) وبينَّا أنَّ هذا كتاب يليق به أن يُسمَّى كتاب البدعة!! وللإمام المحدّث الكوثري رحمة الله عليه ورضوانه مقالات عديدة في بيان حال هذا الكتاب وسقوطه تجدها في كتاب ((مقالات الكوثري)) منها مقالة سمّاها رحمه الله تعالى ((كتاب يسمى كتاب السنة وهو كتاب الزيغ)) فارجع لتلك المقالات فإنها مهمة جداً.