صفحة 1 من 1

بطلان حديث أنس بن مالك الذي جاء فيه:( ... فإذا كان يوم الجمعة نزل على كرسيه ونزل معه النبيون والصديقون...):

مرسل: الأربعاء يوليو 10, 2024 2:55 pm
بواسطة عود الخيزران
بطلان حديث أنس بن مالك الذي جاء فيه:( ... فإذا كان يوم الجمعة نزل على كرسيه ونزل معه النبيون والصديقون...):

قال الذهبي في كتابه " العلو":
[ قرأت على محمد بن الحسين القرشي، أخبركم محمد بن عماد، نا عبدالله بن رفاعة السعدي، أنبأ علي بن الحسن القاضي، أنبأ عبد الرحمن بن عمر المالكي، أنبأ أبو الطاهر المديني، نا يونس بن عبد الأعلى، نا أسد بن موسى، ثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، ثنا صالح بن حيان عن عبدالله بن بُرَيدة، عن أنس ابن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
((أتاني جبريل وفي يده كالمرآة البيضاء، فقلتُ يا جبريل ما هـذه؟ قال: هذه الجمعة بعثني الله بها إليك، وهو عندنا يوم المزيد، إنَّ ربك اتخذ في الجنة وادياً أفيح من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة نزل على كرسيه ونزل معه النبيون والصديقون ثمَّ حفَّتْ بالكراسي منابر من ذهب مكللة بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت، فيجلس عليه النبيون والصديقون، ونزل أهل الغرف على الكثب من المسك الأبيض فيتجلَّى لهم ربهم فينظرون إلى وجهه ثمَّ ارتفع على كرسيه وارتفع أهل الغرف إلى غرفهم)).
صالح ضعيف تفرَّدَ به عنه القاضي أبو يوسف].


أقول في بيان بطلان هذا الحديث:

هذا السند إلى هناــ إلى يونس بن عبدالأعلى ــ تجده في ((معجم الشيوخ)) (2/185 ترجمه 722) للذهبي.
والحديث موضـوع منكر، رواه ابن عَدِي في ((الكامل في الضعفاء)) (4/1373) في ترجمة صالح بن حيان على أنه من منكراته، لكن لفظه هناك: ((أتاني جبريل بمثل المرآة فقلت: ما هذه؟ فقال الجمعـة، أرسلني الله بها إليك لتتخذها عيداً أنت وأمتك من بعدك)) وليس فيه الزيادة المذكورة، ويغلب أنها مما وُضِع في الحديث بعد ذلك!! ورواه الحافظ ابن الجوزي فـي كتابـه ((العلل المتناهية في الأحاديث الواهية)) (1/458) وقال: ((هذا لا يصح، قال النَّسائي: صالح ابن حيان ليس بثقة)). وأورد الحديث ابن القيم في ((زاد المعاد)) (1/410) وقال: ((ولهذا الحديث عدة طرق ذكرها أبو الحسن الدارقطني في كتاب الرؤية)). أقول: هذا الكتاب مدسوس على الدارقطني على الصحيح عندنا كما بينَّاه في رسالة مستقلة أسميناها ((الكافي)) وهي مطبوعة بذيل كتاب ((دفع شبه التشبيه)) بتحقيقنا. وإذا رجعت لكتاب "الرؤية" المنسوب غلطاً للدارقطني طبع مكتبة المنار بالتحقيق الهزيل ص (169-190) فإنك ستجد أنَّ جميع الروايات عن سيدنا أنس بن مالك إسنادها ضعيف جداً أو ضعيف باعتراف المحقِّقَينِ اللَّذينِ لم يُنَبِّها على وضع الكتاب. وأما الشيخ شعيب وعبد القادر الأرنأووط محققا "زاد المعاد" فقالا هناك في تخريج الحديث ما نصه: [إسناده ضعيف لضعف عثمان بن عمير، وهو في "مسند الشافعي" بنحوه 1/148 في الجمعة: باب فضل يوم الجمعة وفي ساعة الإجابة. وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 6/108 وزاد نسبته لابن أبي شيبة، والبزار، وأبي يعلى، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني في الأوسط، وابن مردويه، والآجُرِّي في "الشريعة"، والبيهقي في "الرؤية"، وأبي نصر السجزي فـي "الإبانـة"]. قلت: "مسند الإمام الشافعي" رحمه الله تعالى ليس من تصنيف الإمام الشافعي وإنما هو من تصنيف أبي عمرو محمد بن جعفر بن مطر النيسابوري المتوفى سنة 360هـ صاحب الأصم كما نصَّ على ذلك الإمام المحدث الكوثري رحمه الله تعالى في مقدمة "مسند الشافعي" ص (6) فتنبه. لكن الحديث مروي في كتاب "الأم" وكتاب الأم ليس من تصنيف الشافعي كما نص على ذلك جماعة منهم الإمام الغزالي، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في تخريج الحديث الذي بعد هذا، والله الموفق.
وقد أورد حديث سيدنا أنس هذا السيوطي في "الجامع الصغير" (1860) بلفظ: ((إنَّ الله تعالى يتجلّى لأهل الجنة في مقدار كل يوم جمعة على كثيب كافور أبيض)) وعزاه للخطيب. وقال المناوي في شرحه هناك في "فيض القدير" (2/286): ((حكم ابن الجوزي بوضعه وقال: لا أصل له، جعفر وجدُّه وعاصم مجهولون. وتبعه على ذلك المؤلَّف (يعني السيوطي) في مختصر الموضوعات فأقره ولم يتعقبه)). أما صالح بن حيان أحد رجال هذا الحديث ورواته، فقال البخاري في ((التاريخ الكبير)) (4/275/2789): ((فيه نظر)). وقول الإمام البخاري في الرجل ((فيه نظر)) من أردأِ الجَرْح عنده. انظر ((الرفع والتكميل)) ص (141و511). وصالح هذا متفق على ضعفه عند جميع مَنْ تكلّم في شأنه في ((تهذيب الكمال)) (13/33). وقال الحافظ ابن عَدِي في ((الكامل في الضعفاء)) (4/1373) بعدما ذكر حديثه هذا الذي نحن بصدده: ((ولصالح بن حيان غير ما ذكرت من الحديث وعامة ما يرويه غير محفوظ)). وانظر ترجمته في "ميزان الذهبي" (2/292).