بيان بطلان الحديث الذي يستدل به المجسمة والذي جاء فيه:( ويحك أتدري ما الله إنَّ عرشه لعلى سمواته وأرضه هكذا (قـال وأرانا
مرسل: الخميس يوليو 11, 2024 1:53 pm
بيان بطلان الحديث الذي يستدل به المجسمة والذي جاء فيه:( ويحك أتدري ما الله إنَّ عرشه لعلى سمواته وأرضه هكذا (قـال وأرانا وهب بيده هكذا وقال مثل القبة) وإنه ليئط (به) أطيط الرَّحْل بالرَّاكـب..):
قال الذهبي في كتابه " العلو":
[ أخبرنا التاج عبد الخالق وبنت عمته ست الأهل قالا: أنبأ البهاء عبدالرحمن بن إبراهيم، أنبأ عبد المغيث بن زهير، أنبأ أبو العز ابن كادش ،أنبأ أبو طالب محمد بن علي، أنبأ أبو الحسن الدارقطني، ثنا يحيى بن صاعد، ثنا محمد بن يزيد أخو كرخويه، ثنا وهب بن جرير، ثنا أبي، سمعت ابن إسحق يحدِّث عن يعقوب بن عتبة، عن جبير عن أبيه عن جده قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعرابي فقال يا رسول الله: جهدت الأنفس وضاع العيال وهلكت الأنعام ونهكت الأموال فاستسق الله لنا فإنا نشتشفع بالله عليك وبك على الله فقال:
((ويحك أتدري ما تقول!! إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك!! ويحك أتدري ما الله إنَّ عرشه لعلى سمواته وأرضه هكذا (قـال وأرانا وهب بيده هكذا وقال مثل القبة) وإنه ليئط (به) أطيط الرَّحْل بالرَّاكـب)).
هذا حديث غريب جداً فرد، وابن إسحق حجة في المغازي إذا أسند وله مناكير وعجائب فالله أعلم أقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا أم لا، والله فليس كمثله شيء.
والأطيط الواقع بذات العرش من جنس الأطيط الحاصل في الرَّحْل فذاك صفة للرَّحْل وللعرش ومعاذ الله أن نَعُدَّه صفة لله عزَّ وجل، ثمَّ لفظ الأطيط لم يأت به نص ثابت وقولنا في هذه الأحاديث: إننا نؤمن بما صحَّ منها وبما اتفق السلف على إمراره وإقراره، فأما ما في إسناده مقال أو اختلف العلماء في قبوله وتأويله فإنَّا لا نتعرّض له بتقريربل نرويه في الجملة ونبين حاله، وهذا الحديث إنما سقناه لما فيه مما تواتر من علو الله تعالى فوق عرشه مما يوافق آيات الكتاب].
أقول في بيان بطلان هذا الحديث:
أبو العز ابن كادش أحد الوضاعين من مجسمة الحنابلة واسمه: أحمد بن عبيد الله بن محمد بن كادش، قال الحافظ ابن حجر في ترجمته في "لسان الميزان" (1/235): ((قال ابن النجار: كان مخلطاً كذَّاباً لا يُحْتَجُّ بمثله وللأئمة فيه مقال...... وقال ابن عساكر: قال لي أبو العز ابن كادش وسمع رجلاً قد وضع في حق عليٍّ حديثاً ووضعتُ أنا في حق أبي بكر حديثاً بالله أليس فعلـت جيـداً؟!)). قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (19/559) معلقاً على كلامه هذا: ((قلت: هذا يدل على جهله، يفتخر بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم)). أقـول: إذا كان الرجل كذَّاباً يفتخر بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما تقول فلماذا تورد أحاديثه ورواياته في هذا الكتاب؟!
و أبو طالب محمد بن علي وهذا هو العشاري وهو مغفلٌ آخر من مجسمة الحنابلة وهو أحد الوضاعين ومن موضوعاته ما ذكره الذهبي نفسه في "ميزان الاعتدال" (3/656-657) حيث قال: ((أدخلوا عليه أشياء فحدَّث بها بسلامة باطن منها حديث موضوع في فضل ليلة عاشوراء ومنها عقيدة للشافعي)). وأما قول الذهبي (بسلامة باطن) فكلام باطل مردود إذ البواطن لا يطّلع عليها إلا الله تعالى!! وكيف اطّلع الذهبي على سلامة باطنه وبينهما نحو ثلاثمائة سنة؟!!
وهذا الحديث:( ويحك أتدري ما تقول!! إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك!! ويحك أتدري ما الله إنَّ عرشه لعلى سمواته وأرضه هكذا (قـال وأرانا وهب بيده هكذا وقال مثل القبة) وإنه ليئط (به) أطيط الرَّحْل بالرَّاكـب )؛هو حديث موضوع والسلام. ويَعْرِفُ ذلك من نظر فيما قلناه في إسناده وإسناد الذي قبله.
ثُمَّ إذا كان لم يثبت نص في الأطيط فلماذا التأويل والتمحل في بيان معناه؟!! وقال الألباني المتناقض في "ضعيفته" (2/307/في تخريج الحديث رقم 906): [ولا يصح في الأطيط حديث مرفوع]. فمن أين جاءت أحاديث الأطيط إذاً؟!
ونقول للذهبي في قوله:( وقولنا في هذه الأحاديث: إننا نؤمن بما صحَّ منها وبما اتفق السلف)، نقول:
من هم السلف؟ هل هم عشرة أو عشرين من المحدثين في عصرٍ ما؟ والسلف لم يتفقوا على ما يدّعـي!! والذين يقصدهم الذهبي من السلف ليس اتفاقهم من الحجج الشرعية لا سيما وفي عصرهم من يخالفهم من باقي المسلمين!! فاتفاق السلف خيال قائم في عقول المجسمة!! ومن أئمة السلف أئمة أهل البيت وهم لا يقولون بهذه الأحاديث البتة!! ثم هو يقول: (اتفق السلف على إمراره وإقراره) مع أن تأويلات ابن عباس وغيره من الصحابة والتابعين كثيرة متوافرة!
ومن أمثلة اختلاف السلف وأهل الحديث وعلماء أهل السنة المنزهين مع الحنابلة الذين يلقِّبهم الذهبي بالسلف في قضايا الصفات قوله في "تاريخ الإسلام" (23/384طبعةتدمري) في حوادث سنة (317هـ) ما نصه: [الفتنة في تفسير آية: وهاجت ببغداد فتنة كبرى بسبب قوله: {عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً}الإسراء:79، فقالت الحنابلة: معناه يُقْعِدهُ اللَّه عَلَى عرشه كما فسّره مجاهد. وقال غيرهم من العلماء: بل هِيَ الشّفاعة العُظْمى كما صحَّ في الحديث. ودام الخصام والشَّتْم واقتتلوا، حتّى قُتِل جماعة كبيرة].
وتعليقًا على كلام الذهبي، نقول:
ومن قبائح أقوال ابن تيمية والدلائل على فساد معتقده قوله في "تلبيسه" (3/115) محاولاً تثبيت حديث الأطيط الواهي الموضوع ما نصه – وما هو خارج الأقواس من تعليقاتي على كلامه الباطل - : [وهذا الحديث قد يطعن فيه بعض المشتغلين بالحديث انتصاراً للجهمية] لاحظ كيف يعتبر هذا الرجل مَن يضعّف الحديث لأنه ضعيف الإسناد أنه ينتصر للجهمية! ومذهب الجهمية خير منه ومن أفكاره التجسيمية! [وإن كان لا يفقه حقيقة قولهم وما فيه من التعطيل] التعطيل المتخيَّل خير من التجسيم الخرافي اليهودي! [أو استبشاعاً لما فيه من ذكر الأطيط كما فعل أبو القاسم (ابن عساكر) المؤرخ] يعني أنه لا ينبغي أن يستبشعوا أطيط عرش الرحمن من ثقله عليه وسيأتي نقل كلامه الصريح في ذلك [ويحتجون بأنه تفرَّد به محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن جبير، ثم يقول بعضهم ولم يقل ابن إسحاق حدثني، فيحتمل أن يكون منقطعاً، وبعضهم يتعلل بكلام بعضهم في ابن إسحاق، مع إن هذا الحديث وأمثاله وفيما يشبهه في اللفظ والمعنى لم يزل متداولاً بين أهل العلم خالفاً عن سالف، ولم يزل سلف الأمة وأئمتها يروون ذلك رواية مصدّق به رادّ به على مَنْ خالفه من الجهمية متلقين لذلك بالقبول] هم أيضاً – أي هؤلاء المجسمة الذين يسميهم ابن تيمية سلف الأمة - تلقوا بالقبول الأثر المنسوب لمجاهد في الإقعاد وزعموا أنه لا يردُّه إلا الجهمية وتركوا تفسير المقام المحمود في الصحيحين بالشفاعة وذهبوا إلى عقيدة الإقعاد وكفَّروا وضلَّلوا من ينكره ورموه بالتجهم (!!) [حتى قد رواه الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة في كتابه في "التوحيد" الذي اشترط فيه أنه لا يحتج فيه إلا بأحاديث الثقات المتصلة الإسناد] كلام فارغ [... وممن احتج به الحافظ أبو محمد بن حزم في مسألة استدارة الأفلاك مع أن أبا محمد هذا من أعلم الناس لا يقلد غيره ولا يحتج إلا بما تثبت عنده صحته وليس هذا الموضوع] الآن صار يحتج بكلام ابن حزم وجعله معصوماً مع أنه يقول في مجموع الفتاوى (4/19باز) عن ابن حزم: (لَكِنْ قَدْ خَالَطَ مِنْ أَقْوَالِ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فِي مَسَائِلِ الصِّفَاتِ مَا صَرَفَهُ عَنْ مُوَافَقَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي مَعَانِي مَذْهَبِهِمْ) (!!) [وهؤلاء يحتجُّون في معارضة ذلك من الحديث بما أوهى عند أهله من الرأي السخيف الفاسد الذي يحتج به قيَّاسو الجهمية كاحتجاج أبي القاسم (ابن عساكر) المؤرخ في حديث أملاه في التنزيه بحديث أسنده عن عوسجة وهذا الحديث مما يعلم صبيان أهل الحديث أنه كذب مختلق وأنه مفترى وأنه لم يروه قط عالم من علماء المسلمين المقتدى بهم في الحديث ولا دوَّنوه في شيء من دواوين الإسلام، ولا يستجيز أهل العلم والعدل منهم أن يورد مثل ذلك إلا على بيان أنه كذب، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من حدَّث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين))] هراء فارغ! فكم من حديث باطل احتج به ابن تيمية وضعَّفه الألباني من بعده وكم من حديث صحيح ردَّه ابن تيمية تعصباً للباطل كحديث ((من كنت مولاه فعلي مولاه..)) ورد عليه فيه الألباني ووصفه بأنه تسرَّع في رد حديث متواتر بقصد الرد على الشيعة (!!) [فمن ردَّ تلك الأحاديث المتلقاة بالقبول] كذب هي غير متلقاة بالقبول بل هي أحاديث واهية تداولها المجسمة والمشبهة كما تداولوا كثيراً من الأحاديث الواهية في كتبهم التي يسمونها: "السنة" (!!) [واحتج في نقضها بمثل هذه الموضوعات فإنما سلك سبيل من لا عقل له ولا دين وإن كان في ذلك ممن يتبع الظن وما تهوى الأنفس وهو من المقلِّدين لقوم لا علم لهم بحقيقة حالهم كما قال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ}الشورى:14...]. إلى آخر هرائه الذي يريد أن يصف فيه الحافظ ابن عساكر بأنه لا عقل له ولا دين! ثم أورد ابن تيمية أثراً عن كعب الأحبار اليهودي فقال مدافعاً عنه بالطرق العرجاء: [..قال كعب: (أُخْبِرُكَ أن الله خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن ثم جعل ما بين كل سمائين كما بين السماء الدنيا والأرض وكثفهن مثل ذلك ثم رفع العرش فاستوى عليه فما في السموات سماء إلا لها أطيط كأطيط الرَّحل في أول ما يرتحل من ثقل الجبار فوقهن) وهذا الأثر وإن كان هو رواية كعب فيحتمل أن يكون من علوم أهل الكتاب ويحتمل أن يكون مما تلقاه عن الصحابة ورواية أهل الكتاب التي ليس عندنا شاهد هو لا يدافعها ولا يصدقها ولا يكذبها فهؤلاء الأئمة المذكورة في إسناده هم من أجل الأئمة وقد حدثوا به هم وغيرهم ولم ينكروا ما فيه من قوله (من ثقل الجبار فوقهن) فلو كان هذا القول منكراً في دين الإسلام عندهم لم يحدثوا به على هذا الوجه]. وهذا هراء ظاهر لا قيمة له وبطلانه ظاهر لكل من تأمله دون زيادة شرح وبيان! مع أن الذهبي لما ذكر هذا الأثر اليهودي عن كعب الأحبار في "العلو" (النص281) لم يذكر جملة (الثِّقَل) بل عبَّر عن ذلك بقوله: (وذكر كلمة منكرة لا تسوغ لنا) فالذهبي اعتبر الثقل منكراً من القول لا يسوغ لنا! وابن تيمية ذهب بعد ذلك يقرر الثقل الذي نقله كعب الأحبار اليهودي الأصل وينقل تقريره عن أبي يعلى الحنبلي المجسم ويؤوِّل معانيه ليجعله مستساغاً !! وهذا يناقض قوله في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/820): [وقد صنَّف طائفة من الناس مصنفات في فضائل بيت المقدس وغيره من البقاع التي بالشام وذكروا فيها من الآثار المنقولة عن أهل الكتاب وعمن أخذ عنهم ما لا يحل للمسلمين أن يبنوا عليه دينهم وأمثل من ينقل عنه تلك الإسرائيليات كعب الأحبار وكان الشاميون قد أخذوا عنه كثيراً من الإسرائيليات]. أفرأيتم ألوان التخبّط والتناقض والتضارب في عقل وتفكير ابن تيمية؟!
ودعوى موافقة ما يسرده الذهبي للكتاب العزيز نقول فيها:
هذه قواعد أو جمل متناقضة! وقد اعترف قبل أسطر أنه شاك (هل قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك الحديث أم لا) واعترف أنَّ الأطيط لم يأت بنص ثابت فكيف يكون هذا من جملة ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما يوافق الكتاب؟! ونحن نقول إنما هذا مما يخالف آيات الكتاب المحكمة ولا يوافقها!! فالعبرة بما وافق المحكم لا المتشابه!!
قال الذهبي في كتابه " العلو":
[ أخبرنا التاج عبد الخالق وبنت عمته ست الأهل قالا: أنبأ البهاء عبدالرحمن بن إبراهيم، أنبأ عبد المغيث بن زهير، أنبأ أبو العز ابن كادش ،أنبأ أبو طالب محمد بن علي، أنبأ أبو الحسن الدارقطني، ثنا يحيى بن صاعد، ثنا محمد بن يزيد أخو كرخويه، ثنا وهب بن جرير، ثنا أبي، سمعت ابن إسحق يحدِّث عن يعقوب بن عتبة، عن جبير عن أبيه عن جده قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعرابي فقال يا رسول الله: جهدت الأنفس وضاع العيال وهلكت الأنعام ونهكت الأموال فاستسق الله لنا فإنا نشتشفع بالله عليك وبك على الله فقال:
((ويحك أتدري ما تقول!! إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك!! ويحك أتدري ما الله إنَّ عرشه لعلى سمواته وأرضه هكذا (قـال وأرانا وهب بيده هكذا وقال مثل القبة) وإنه ليئط (به) أطيط الرَّحْل بالرَّاكـب)).
هذا حديث غريب جداً فرد، وابن إسحق حجة في المغازي إذا أسند وله مناكير وعجائب فالله أعلم أقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا أم لا، والله فليس كمثله شيء.
والأطيط الواقع بذات العرش من جنس الأطيط الحاصل في الرَّحْل فذاك صفة للرَّحْل وللعرش ومعاذ الله أن نَعُدَّه صفة لله عزَّ وجل، ثمَّ لفظ الأطيط لم يأت به نص ثابت وقولنا في هذه الأحاديث: إننا نؤمن بما صحَّ منها وبما اتفق السلف على إمراره وإقراره، فأما ما في إسناده مقال أو اختلف العلماء في قبوله وتأويله فإنَّا لا نتعرّض له بتقريربل نرويه في الجملة ونبين حاله، وهذا الحديث إنما سقناه لما فيه مما تواتر من علو الله تعالى فوق عرشه مما يوافق آيات الكتاب].
أقول في بيان بطلان هذا الحديث:
أبو العز ابن كادش أحد الوضاعين من مجسمة الحنابلة واسمه: أحمد بن عبيد الله بن محمد بن كادش، قال الحافظ ابن حجر في ترجمته في "لسان الميزان" (1/235): ((قال ابن النجار: كان مخلطاً كذَّاباً لا يُحْتَجُّ بمثله وللأئمة فيه مقال...... وقال ابن عساكر: قال لي أبو العز ابن كادش وسمع رجلاً قد وضع في حق عليٍّ حديثاً ووضعتُ أنا في حق أبي بكر حديثاً بالله أليس فعلـت جيـداً؟!)). قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (19/559) معلقاً على كلامه هذا: ((قلت: هذا يدل على جهله، يفتخر بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم)). أقـول: إذا كان الرجل كذَّاباً يفتخر بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما تقول فلماذا تورد أحاديثه ورواياته في هذا الكتاب؟!
و أبو طالب محمد بن علي وهذا هو العشاري وهو مغفلٌ آخر من مجسمة الحنابلة وهو أحد الوضاعين ومن موضوعاته ما ذكره الذهبي نفسه في "ميزان الاعتدال" (3/656-657) حيث قال: ((أدخلوا عليه أشياء فحدَّث بها بسلامة باطن منها حديث موضوع في فضل ليلة عاشوراء ومنها عقيدة للشافعي)). وأما قول الذهبي (بسلامة باطن) فكلام باطل مردود إذ البواطن لا يطّلع عليها إلا الله تعالى!! وكيف اطّلع الذهبي على سلامة باطنه وبينهما نحو ثلاثمائة سنة؟!!
وهذا الحديث:( ويحك أتدري ما تقول!! إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه شأن الله أعظم من ذلك!! ويحك أتدري ما الله إنَّ عرشه لعلى سمواته وأرضه هكذا (قـال وأرانا وهب بيده هكذا وقال مثل القبة) وإنه ليئط (به) أطيط الرَّحْل بالرَّاكـب )؛هو حديث موضوع والسلام. ويَعْرِفُ ذلك من نظر فيما قلناه في إسناده وإسناد الذي قبله.
ثُمَّ إذا كان لم يثبت نص في الأطيط فلماذا التأويل والتمحل في بيان معناه؟!! وقال الألباني المتناقض في "ضعيفته" (2/307/في تخريج الحديث رقم 906): [ولا يصح في الأطيط حديث مرفوع]. فمن أين جاءت أحاديث الأطيط إذاً؟!
ونقول للذهبي في قوله:( وقولنا في هذه الأحاديث: إننا نؤمن بما صحَّ منها وبما اتفق السلف)، نقول:
من هم السلف؟ هل هم عشرة أو عشرين من المحدثين في عصرٍ ما؟ والسلف لم يتفقوا على ما يدّعـي!! والذين يقصدهم الذهبي من السلف ليس اتفاقهم من الحجج الشرعية لا سيما وفي عصرهم من يخالفهم من باقي المسلمين!! فاتفاق السلف خيال قائم في عقول المجسمة!! ومن أئمة السلف أئمة أهل البيت وهم لا يقولون بهذه الأحاديث البتة!! ثم هو يقول: (اتفق السلف على إمراره وإقراره) مع أن تأويلات ابن عباس وغيره من الصحابة والتابعين كثيرة متوافرة!
ومن أمثلة اختلاف السلف وأهل الحديث وعلماء أهل السنة المنزهين مع الحنابلة الذين يلقِّبهم الذهبي بالسلف في قضايا الصفات قوله في "تاريخ الإسلام" (23/384طبعةتدمري) في حوادث سنة (317هـ) ما نصه: [الفتنة في تفسير آية: وهاجت ببغداد فتنة كبرى بسبب قوله: {عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً}الإسراء:79، فقالت الحنابلة: معناه يُقْعِدهُ اللَّه عَلَى عرشه كما فسّره مجاهد. وقال غيرهم من العلماء: بل هِيَ الشّفاعة العُظْمى كما صحَّ في الحديث. ودام الخصام والشَّتْم واقتتلوا، حتّى قُتِل جماعة كبيرة].
وتعليقًا على كلام الذهبي، نقول:
ومن قبائح أقوال ابن تيمية والدلائل على فساد معتقده قوله في "تلبيسه" (3/115) محاولاً تثبيت حديث الأطيط الواهي الموضوع ما نصه – وما هو خارج الأقواس من تعليقاتي على كلامه الباطل - : [وهذا الحديث قد يطعن فيه بعض المشتغلين بالحديث انتصاراً للجهمية] لاحظ كيف يعتبر هذا الرجل مَن يضعّف الحديث لأنه ضعيف الإسناد أنه ينتصر للجهمية! ومذهب الجهمية خير منه ومن أفكاره التجسيمية! [وإن كان لا يفقه حقيقة قولهم وما فيه من التعطيل] التعطيل المتخيَّل خير من التجسيم الخرافي اليهودي! [أو استبشاعاً لما فيه من ذكر الأطيط كما فعل أبو القاسم (ابن عساكر) المؤرخ] يعني أنه لا ينبغي أن يستبشعوا أطيط عرش الرحمن من ثقله عليه وسيأتي نقل كلامه الصريح في ذلك [ويحتجون بأنه تفرَّد به محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن جبير، ثم يقول بعضهم ولم يقل ابن إسحاق حدثني، فيحتمل أن يكون منقطعاً، وبعضهم يتعلل بكلام بعضهم في ابن إسحاق، مع إن هذا الحديث وأمثاله وفيما يشبهه في اللفظ والمعنى لم يزل متداولاً بين أهل العلم خالفاً عن سالف، ولم يزل سلف الأمة وأئمتها يروون ذلك رواية مصدّق به رادّ به على مَنْ خالفه من الجهمية متلقين لذلك بالقبول] هم أيضاً – أي هؤلاء المجسمة الذين يسميهم ابن تيمية سلف الأمة - تلقوا بالقبول الأثر المنسوب لمجاهد في الإقعاد وزعموا أنه لا يردُّه إلا الجهمية وتركوا تفسير المقام المحمود في الصحيحين بالشفاعة وذهبوا إلى عقيدة الإقعاد وكفَّروا وضلَّلوا من ينكره ورموه بالتجهم (!!) [حتى قد رواه الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة في كتابه في "التوحيد" الذي اشترط فيه أنه لا يحتج فيه إلا بأحاديث الثقات المتصلة الإسناد] كلام فارغ [... وممن احتج به الحافظ أبو محمد بن حزم في مسألة استدارة الأفلاك مع أن أبا محمد هذا من أعلم الناس لا يقلد غيره ولا يحتج إلا بما تثبت عنده صحته وليس هذا الموضوع] الآن صار يحتج بكلام ابن حزم وجعله معصوماً مع أنه يقول في مجموع الفتاوى (4/19باز) عن ابن حزم: (لَكِنْ قَدْ خَالَطَ مِنْ أَقْوَالِ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فِي مَسَائِلِ الصِّفَاتِ مَا صَرَفَهُ عَنْ مُوَافَقَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي مَعَانِي مَذْهَبِهِمْ) (!!) [وهؤلاء يحتجُّون في معارضة ذلك من الحديث بما أوهى عند أهله من الرأي السخيف الفاسد الذي يحتج به قيَّاسو الجهمية كاحتجاج أبي القاسم (ابن عساكر) المؤرخ في حديث أملاه في التنزيه بحديث أسنده عن عوسجة وهذا الحديث مما يعلم صبيان أهل الحديث أنه كذب مختلق وأنه مفترى وأنه لم يروه قط عالم من علماء المسلمين المقتدى بهم في الحديث ولا دوَّنوه في شيء من دواوين الإسلام، ولا يستجيز أهل العلم والعدل منهم أن يورد مثل ذلك إلا على بيان أنه كذب، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من حدَّث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين))] هراء فارغ! فكم من حديث باطل احتج به ابن تيمية وضعَّفه الألباني من بعده وكم من حديث صحيح ردَّه ابن تيمية تعصباً للباطل كحديث ((من كنت مولاه فعلي مولاه..)) ورد عليه فيه الألباني ووصفه بأنه تسرَّع في رد حديث متواتر بقصد الرد على الشيعة (!!) [فمن ردَّ تلك الأحاديث المتلقاة بالقبول] كذب هي غير متلقاة بالقبول بل هي أحاديث واهية تداولها المجسمة والمشبهة كما تداولوا كثيراً من الأحاديث الواهية في كتبهم التي يسمونها: "السنة" (!!) [واحتج في نقضها بمثل هذه الموضوعات فإنما سلك سبيل من لا عقل له ولا دين وإن كان في ذلك ممن يتبع الظن وما تهوى الأنفس وهو من المقلِّدين لقوم لا علم لهم بحقيقة حالهم كما قال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ}الشورى:14...]. إلى آخر هرائه الذي يريد أن يصف فيه الحافظ ابن عساكر بأنه لا عقل له ولا دين! ثم أورد ابن تيمية أثراً عن كعب الأحبار اليهودي فقال مدافعاً عنه بالطرق العرجاء: [..قال كعب: (أُخْبِرُكَ أن الله خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن ثم جعل ما بين كل سمائين كما بين السماء الدنيا والأرض وكثفهن مثل ذلك ثم رفع العرش فاستوى عليه فما في السموات سماء إلا لها أطيط كأطيط الرَّحل في أول ما يرتحل من ثقل الجبار فوقهن) وهذا الأثر وإن كان هو رواية كعب فيحتمل أن يكون من علوم أهل الكتاب ويحتمل أن يكون مما تلقاه عن الصحابة ورواية أهل الكتاب التي ليس عندنا شاهد هو لا يدافعها ولا يصدقها ولا يكذبها فهؤلاء الأئمة المذكورة في إسناده هم من أجل الأئمة وقد حدثوا به هم وغيرهم ولم ينكروا ما فيه من قوله (من ثقل الجبار فوقهن) فلو كان هذا القول منكراً في دين الإسلام عندهم لم يحدثوا به على هذا الوجه]. وهذا هراء ظاهر لا قيمة له وبطلانه ظاهر لكل من تأمله دون زيادة شرح وبيان! مع أن الذهبي لما ذكر هذا الأثر اليهودي عن كعب الأحبار في "العلو" (النص281) لم يذكر جملة (الثِّقَل) بل عبَّر عن ذلك بقوله: (وذكر كلمة منكرة لا تسوغ لنا) فالذهبي اعتبر الثقل منكراً من القول لا يسوغ لنا! وابن تيمية ذهب بعد ذلك يقرر الثقل الذي نقله كعب الأحبار اليهودي الأصل وينقل تقريره عن أبي يعلى الحنبلي المجسم ويؤوِّل معانيه ليجعله مستساغاً !! وهذا يناقض قوله في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم" (2/820): [وقد صنَّف طائفة من الناس مصنفات في فضائل بيت المقدس وغيره من البقاع التي بالشام وذكروا فيها من الآثار المنقولة عن أهل الكتاب وعمن أخذ عنهم ما لا يحل للمسلمين أن يبنوا عليه دينهم وأمثل من ينقل عنه تلك الإسرائيليات كعب الأحبار وكان الشاميون قد أخذوا عنه كثيراً من الإسرائيليات]. أفرأيتم ألوان التخبّط والتناقض والتضارب في عقل وتفكير ابن تيمية؟!
ودعوى موافقة ما يسرده الذهبي للكتاب العزيز نقول فيها:
هذه قواعد أو جمل متناقضة! وقد اعترف قبل أسطر أنه شاك (هل قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك الحديث أم لا) واعترف أنَّ الأطيط لم يأت بنص ثابت فكيف يكون هذا من جملة ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما يوافق الكتاب؟! ونحن نقول إنما هذا مما يخالف آيات الكتاب المحكمة ولا يوافقها!! فالعبرة بما وافق المحكم لا المتشابه!!