بيان بطلان الحديث المنسوب لابن مسعود والذي جاء فيه:( والله فوق الكرسي ويعلم ما أنتم عليه):
قال الذهبي في كتابه " العلو":
قرأ عليَّ عمر بن عبد المنعم بغربيل وأنا أسمع، عن القاسم الحرستاني، عن أبي عبدالله الفراوي، قال أنبأ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب "الأسماء والصفات" له قال: أنبأ أبو عبدالله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا محمد بن يعقوب، ثنا هارون بن سليمان، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن عاصم، عن زِرٍّ، عن عبدالله قال:
((بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام، وبين كل سماء خمسمائة عام، وبين السابعة والكرسي خمسمائة عام، وبين الكرسي والماء خمسمائة عام، والله فوق الكرسي ويعلم ما أنتم عليه))
رواه بنحوه المسعودي عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل بدل زر عـن عبدالله ولفظه: ((والله فوق ذلك ولا يخفى عليه شيء من أعمالكم)) وله طرق].
أقول في بيان بطلان هذا الحديث:
هذا موقوف وهو موضوع على ابن مسعود والأصل أن الموقوف ليس بحجة والتحقيق أن هذا من جملة الإسرائيليات المروية عن ابن عمرو بن العاص وليس عن ابن مسعود رضي الله عنه. رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" ص (401) وابن خزيمة في توحيده (105-106) والطبراني في "المعجم الكبير" (9/228/ 8987) والحافظ ابن عبد البر في "التمهيد" (7/139). وأبو الشيخ في "العظمة" (2/565)، والخطيب في "موضح الأوهام" (2/14)، وابن زمنين في "أصول السنة" (برقم 39)، وأسانيده ضعيفة وبعضها تالف، وفي أسانيده اضطراب كبير يعلم ذلك من ينظر فيها ويتتبعها، وسبب ذلك عاصم قال الذهبي في "مَنْ تُكُلِّمَ فيهِ وهو مُوَثَّق" برقم (171): [عاصم بن أبي النجود القارىء على صدوق قال الدارقطني: في حفظه شيء]. وقال المزي في "تهذيب الكمال" (13/476): [قال ابن سعد: .. وكان ثقة إلا أنه كان كثير الخطأ في حديثه، وقال يعقوب بن سفيان: في حديثه اضطراب وهو ثقة... وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زُرْعَة عنه فقال: ثقة. فذكرته لأبي فقال: ليس محله هذا أن يقال إنه ثقة، وقد تكلَّم فيه ابن عُلَيّة فقال: كأن كل أن الحافظ البيهقي روى نحو هذا عَقِبَهُ عن عبد الله بن عمرو بن العاص. ومنطق هذا من الإسرائيليات الجلية الواضحة، وعبدالله بن عمرو اشتهر برواية كثير من الإسرائيليات!! وقد تقدّم هذا فارجع إليه بالاستعانة بفهرس أعلام هذا الكتاب، وأزيد هنا بأنَّ الحافظ ابن حجر قال في كتاب ((النكت على كتاب ابن الصلاح)) (2/532) شارحاً قول الحافظ ابن الصلاح (إذا كان الصحابي ينظر في الإسرائيليات فلا يُعطى تفسيره حكم الرفع) ما نصه: [وكعبدالله بن عمرو بن العاص، فإنه كان حصل له في وقعة اليرموك كتب كثيرة من كتب أهل الكتاب فكان يخبر بما فيها من الأمور المغيبة...]. وهذا تنبيه مهم جداً فلا تغفلوا عنه. فملخص القول في هذا الأثر: أنَّ إسناده ضعيف أو واه، وهو موقوف وليس مرفوعاً، ومنطقه إسرائيلي، فالاستدلال به في العقائد باطل والسلام.
قول الذهبي:( وله طرق)، أقول:
كلها طرق مضطربة، والمسعودي اختلط واضطرب في روايته فتارة يرويه عن أبي وائل كما عند البيهقي في الموضع السابق، ومرة يرويه عن زر بن حبيش كما عند ابن خزيمة في التوحيد ص (376). ورواه اللالكائي (659) وابن قدامة في كتاب ((إثبات صفة العلو)) الذي بنى الذهبي عليه كتابه من طريق الحسن بن أبي جعفر عن المسعودي وابن أبي جعفر واهٍ متروك!! قال البخاري: ((منكر الحديث)). وقال النَّسائي: ((متروك))، وقال ابن مَعِين: ((لا شيء)). انظر ((تهذيب الكمال)) (6/76). فتبين بذلك سقوط هذا الأثر من جميع طرقه وأسانيده!
بيان بطلان الحديث المنسوب لابن مسعود والذي جاء فيه:( والله فوق الكرسي ويعلم ما أنتم عليه):
-
- مشاركات: 777
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm