صفحة 1 من 1

بيان بطلان الأبيات التي تروى عن عيدالله بن رواحة والنقض على من يستدل بها لنصرة مذهب التجسيم:

مرسل: الجمعة يوليو 12, 2024 1:50 pm
بواسطة عود الخيزران
بيان بطلان الأبيات التي تروى عن عيدالله بن رواحة والنقض على من يستدل بها لنصرة مذهب التجسيم:

قال الذهبي في كتابه " العلو":
[قال أبو عمر بن عبدالبر في كتاب "الاستيعاب": روينا من وجوه صحاح أنَّ عبدالله بن رواحة مشى ليلة إلى أَمَةٍ له فنالها، فرأته امرأته فلامته فجحدها، فقالت له: إن كنتَ صادقاً فاقرأ القرآن، فإنَّ الجنب لا يقرأ القرآن، فقال:
شهدتُ بأنَّ وعـد الله حـق
وأنَّ النـار مثـوى الكافرينـا

وأنَّ العرش فـوق الماء طـاف
وفوق العـرش رب العالمينـا

فقالت امرأته: صدق الله وكذبت عيني، وكانت لا تحفظ القرآن .
قلـت: روي من وجوه مرسلة منها يحيى بن أيوب المصري، ثنا عمارة ابن غزية عن قدامة بن محمد بن إبراهيم الحاطبي فذكره، فهو منقطع].

أقول في بيان بطلان هذه الأبيات:

لم يصح هذا بل نقطع بأنه كذب بحت وهو من باطل الخرافات!! رواه الدارمي المجسم في "الرد على الجهمية" (ص56 برقم82)، فقال: [حدثنا سعيد بن أبي مريم المصري، أنبأ يحيى بن أيوب، حدثني عمارة بن غَزِيَّة، عن قدامة بن إبراهيم بن محمد بن حاطب، أنه حدَّثه أن عبد الله بن رواحة..] به. و(قدامة بن إبراهيم بن محمد) قال عنه الحافظ ابن حجر في "التقريب": (مقبول) يعني ضعيف. وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (8/519): (صويلح) ولم يدرك ابنَ رواحه فهو منقطع. و(يحيى بن أيوب) هو الغافقي المصري (ت168هـ)، قال الذهبي في "المغني في الضعفاء" (6931): [قال ابن مَعِين: صالح. وقال أحمد: سيء الحفظ. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال الدارقطني: في بعض حديثه اضطراب. وقد ذكره ابن عَدِي في كامله وقال: هو عندي صدوق]. وقال ابن سعد في "الطبقات" (7/516): [يحيى بن أيوب الغافقي كان منكر الحديث]. فعلى هذا مع إرساله وانقطاعه وضعف إسناده، باطل مردود. وقد اعترف الذهبي هنا أنه روي من وجوه مرسلة أي غير صحاح، والعجب العجاب أنَّ الذهبي روى هذه القصة في ((سير أعلام النبلاء)) (1/238) بإسناده الواهي إلى عبد العزيز ابن أخي الماجشون أنه قال بلغنا!! وذكر القصة وذكر في آخرها أنَّ ابن رواحة أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحدَّثه بها فضحك ولم يغيِّر (أي ينكر) عليه!! وحاشا رسول الله أن يُقِرَّ مَنْ يدّعي بأنَّ الشِّعْرَ قرآن! قال تعالى: {وما هو بقول شاعـر قليلاً ما تؤمنون...... ولو تقوَّل علينا بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين، ثمَّ لقطعنا منه الوتين} الحاقة: 46 وأنقل هنا ما قاله الإمام العلامة محمد زاهد الكوثري رحمه الله تعالى في تعليقه على "السيف الصقيل" المسمى بِـ ((تبديد الظلام المخيم من نونية ابن القيم)) ص (125) حيث نقد هذه القصة فقال: [وهذه قصة تُذْكَرُ في كتب المحاضرات والمسامرات دون كتب الحديث المعتمدة، ولم تَرِدْ في كتب أهل الحديث بسند متصل ولو من وجه واحد، وأما ما وقع في الاستيعاب مـن قـول ابـن عبد البـر (رويناه من وجوه صحاح) فسهو واضح من الناسخ، وأصل الكلام (من وجوه غير صحاح) فسقط لفظ (غير) فتتابعت النسخ على السهو، إذ لم يجد أهل الاستقصاء سنداً واحداً يحتج بمثله في هذه القصة، بل كل ما عندهم في هذا الصدد أخبار منقطعة، وما يكون في عهد ابن عبد البر مروياً بطرق صحيحة كيف لا يكون مروياً عند من بعده ولو بطريق واحد صحيح، وهذا يعيِّن ما قلناه من سقوط لفظة (غير) في الكتـاب، ولم يتمكن الذهبي بعد بذل جهده من ذكر سند واحد غير منقطع في القصة، وأفعال الصحابة كلها جد، وجلَّ مقدار مثل هذا الصحابي عن أن يوهم صحابية أنه يتلو القرآن بإنشاده الشعر لها، وإيهام كون الشعر من القرآن ليس مما يُقِرُّ عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فمتن الخبر نفسه يدل على البطلان، على أنَّ الحافظ ابن الجوزي ذكر في كتاب الأذكياء أنه قال:

وفينا رسـول الله يتلـو كتابـه
كمـا انشق مرموق من الصبح ساطـع

أرانـا الهدى بعد العمى فقلوبنـا
بـه موقنات أن مـا قـال واقـع

يبيت يجافي جنبـه عـن فراشـه
إذا استقبلـت بالمشركيـن المضاجـع

وأين هذا الشعر من ذاك الشعر والحكاية هي هي، ولا مجال لتعدد القصة لأنَّ المرأة لا تخدع بمثل ذلك مرتين]. انتهى كلام سيدي العلامة الكوثري رضي الله عنه.
والحمد لله تعالى، والصحابي لا يكذب مثل هذا الكذب الشنيع على كتاب الله تعالى!!