بيان بطلان حديث أبي هريرة الذي جاء فيه:(ما طرف صاحب الصور مذ وكل به مستعداً ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر..):
مرسل: السبت يوليو 13, 2024 10:46 am
بيان بطلان حديث أبي هريرة الذي جاء فيه:(ما طرف صاحب الصور مذ وكل به مستعداً ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر..):
قال الذهبي في كتابه " العلو":
[ أخبرنا عبد الخالق القاضي، أنبأ الفقيه أبو محمد، أنبأ محمد هو ابن البطي، أنبأ حمد، أنبأ أحمد بن عبدالله، ثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا عبدالله بن عمر بن أبان، ثنا مروان بن معاوية، عن عبيدالله بن عبدالله عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله :
((ما طرف صاحب الصور مذ وكل به مستعداً ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه، كأنَّ عينيه كوكبان دُرّيان)). أخرجه الحاكم وصححـه].
أقول في بيان بطلان هذا الحديث وأنه من الإسرائيليات:
هذا حديث ضعيف مضطرب ولا دلالة فيه بل هو من الإسرائيليات على التحقيق. رواه الحاكم في "المستدرك" (4/559) وأبو نُعَيم في "الحلية" (4/99). من طريق مروان بن معاوية الفزاري عن عمرو بن عبدالله بن الأصم ثنا يزيد بن الأصم عن أبي هريرة مرفوعاً به. عند الحاكم يروي مروان بن معاوية عن (عمرو بن عبد الله بن الأصم) وعند أبي نُعَيم وغيره (عن عبيد الله بن عبد الله عن يزيد بن الأصم) إلا أن يكون في المطبوع من "المستدرك" تحريف أو نحوه، ومروان بن معاوية مدلس من الطبقة الثالثة وكان مشهوراً بتغيير أسماء المشايخ المجهولين الذين يروي عنهم! أي يدلس تدليس الشيوخ! قال الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (10/89): قال ابن أبي خيثمة عن ابن مَعِين: ((كان مروان يغيِّر الأسماء يُعَمِّي على الناس....)). ويعارض هذا المتن الذي ذكره الذهبي هنا في "العلو" والذي فيه: (ينظر نحو العرش): ما رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1/463) والنسائي في "الكبرى" (6/316) وابن حِبَّان في صحيحه (3/105) وغيرهم بعضهم عن أبي هريرة وبعضهم عن أبي سعيد: (عند ابن حِبَّان: من طريق عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال): [قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كيف أَنْعَمُ وصاحب الصور قد التقم القَرْنَ وَحَنَى جبهته ينتظر متى يؤمر أن ينفخ)]. وليس فيه (ونظر إلى العرش) وإنما فيه: (حنى جبهته) والذي يحني جبهته هو الذي ينظر للأرض! وهو (ينتظر) لا (ينظر)!! وهذا وحده يجعل الاستشهاد والاستدلال بحديث الصور هذا على إثبات العلو والعرش فاسداً. وينادي هذا الاختلاف بين ألفاظه وفي أسانيده بالاضطراب ولا أشك أنه من الإسرائيليات كما سيأتي. فهذا اللفظ الذي جاء الذهبي به فيه عدة علل:
(الأولى): أنه معارض بلفظ آخر في صحيح ابن حِبَّان وغيره ليس فيه ذكر العرش ولا النظر إليه.
(الثانية): قال الحافظ أبو نعيم في "الحلية" (4/99): [غريب من حديث يزيد تفرد به عنه ابن أخيه عبيد الله بن عبدالله]. وهذا تعليل منه.
(الثالثة): أن له إسناداً آخر عن أبي هريرة قال فيه البخاري: (مرسل ولم يصح). قلت: ظاهر قوله يفيد أن هذا الحديث لا يصح من جميع طرقه.
وهذا هو الطريق الآخر عن أبي هريرة: روى ابن أبي حاتم في تفسيره (9/2928)، وابن جرير الطبري (18/122)، وإسحاق بن راهويه (1/84/10)، والطبراني في "الأحاديث الطوال" (برقم36)، والبيهقي في "البعث والنشور" (برقم 609)، وأبو الشيخ في "العظمة" (3/821)، وغيرهم من طريق إسماعيل بن رافع المدني، عن يزيد بن فلان، عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب الْقُرَظيّ، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة مرفوعاً. و(إسماعيل بن أبي رافع) قال عنه الذهبي في "الكاشف" (برقم372)" (ضعيف واهٍٍ). وقال البخاري في "التاريخ الكبير" (1/260) كما تقدَّم: [محمد بن يزيد بن أبى زياد روى عنه اسمعيل بن رافع حديث الصور، مرسل ولم يصح]. قال المزي في "تهذيب الكمال" (3/87): [وقال عباس الدوري عن يحيى: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: منكر الحديث] وقال النسائي والدارقطني: (متروك). وفي السند مجهول. و(محمد بن يزيد) قال الذهبي في "الكاشف" (5221): [محمد بن يزيد بن أبي زياد الفلسطيني نزيل مصر صاحب حديث الصور عن القرظي ونافع وجماعة وعنه إسماعيل بن رافع وأبو بكر بن عياش ليس بحجة]. وقال أبو حاتم الرازي: (مجهول) كما في "الجرح والتعديل" (8/126). ومحمد بن كعب القرظي قال الحافظ في "التقريب": [قال البخاري إن أباه كان ممن لم ينبت من سبي قريظة]. أي أن أصله من يهود بني قريظة! فهذا من جملة الموضوعات الإسرائيلية.
(الرابعة): أن مروان بن معاوية رواه بنفس الإسناد عن ابن عباس موقوفاً عليه! رواه أبو الشيخ في كتاب "العظمة" (3/345برقم92).
(الخامسة): أن مروان بن معاوية مدلس أورده الحافظ ابن حجر في "طبقات المدلسين" (برقم105) في المرتبة الثالثة وهم الذين لا تقبل منهم العنعنة! وهنا عنعن (مروان)! وعند الحاكم (4/559) جعل اسم شيخه (عمرو بن عبد الله بن الأصم) وفي مواضع أخرى (عبيد الله بن عبد الله بن الأصم)، والظاهر أن هذا هو تدليس أسماء الشيوخ المجهولين الذي يفعله إن لم يكن في نسخة "المستدرك" المطبوعة تحريف كما تقدَّم!
قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (10/88): [قال الدوري: سألت يحيى بن مَعِين عن حديث مروان بن معاوية عن علي ابن أبي الوليد؟ قال: هذا علي بن غراب والله ما رأيت أحيل الناس للتدليس منه. وقال عبد الله بن علي بن المَدِيني عن أبيه: ثقة فيما يروي عن المعروفين وضعفه فيما يروي عن المجهولين. وقال علي بن الحسين بن الجنيد عن ابن نمير: كان يلتقط الشيوخ من السكك. وقال العجلي: ثقة ثبت ما حدث عن المعروفين فصحيح وما حدث عن المجهولين ففيه ما فيه وليس بشيء. وقال أبو حاتم: صدوق لا يدفع عن صدقه ويكثر روايته عن الشيوخ المجهولين]. وهذا الحديث - إن كان قد رواه (مروان) عن (عبيدالله بن عبد الله بن الأصم) كما ذكره الذهبي هنا نقلاً عن بعض الروايات فإن فيه علة أخرى وهي:
(السادسة): ضعف (عبيدالله) هذا فهو وإن كان من رجال مسلم في الصحيح فلم يوثقه أحد وهو من المقبولين عند الحافظ في "التقريب"، والمقبول هو الضعيف اللَّيِّن الحديث. فكيف يكون الحديث صحيحاً؟ فهذا حديث ضعيف ويحتمل لو صحَّ أن يكون مما رواه أبو هريرة عن كعب الأحبـار فإن رائحة الإسرائيليات تفوح منه!
وله إسناد آخر عند الطبري في تفسيره (18/122) قال: [حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن فضيل، عن مُطَرِّف، عن عطية، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كَيْفَ أنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ القَرْنَ، وَحَنى جَبْهَتَهُ يَسْتَمِعُ مَتى يُؤْمَرُ فَيَنْفُخُ فِيهِ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكيف نقول؟ قال: تَقُولُونَ: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، تَوكَّلْنا على اللهِ". حدثنا أبو كريب والحسن بن عرفة، قالا ثنا أسباط، عن مطرف، عن عطية، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، مثله].
قال الذهبي في "مَنْ تُكُلِّمَ فيهِ وهو مُوَثَّق": [أسباط بن نصر.. وَثَّقَهُ ابن مَعِين، وضعَّفه أبو نُعَيم. قال النسائي: ليس بالقوي].
وقال ابن جرير الطبري هناك (18/122): [حدثني يعقوب، قال: ثنا شعيب بن حرب، قال: ثنا خالد أبو العلاء، قال: ثنا عطية العوفيّ، عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ أَنْعَمُ وصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَحَنى الجَبْهَةَ، وأصْغَى بالأذُنِ مَتَى يُؤْمَرُ أنْ يَنْفُخَ، وَلَوْ أنَّ أهْلَ مِنَى اجْتَمَعُوا على القَرْنِ على أن يُقِلُّوهُ مِنَ الأرْضِ، ما قَدَرُوا عليه"..]. وأقول: (خالد بن طهمان أبو العلاء الخفاف) قال في "تهذيب التهذيب" (3/85): [الدوري عن ابن مَعِين: ضعيف. وقال أبو حاتم: هو من عتق الشيعة محله الصدق. وقال أبو عبيد: لم يذكره أبو داود إلا بخير. وذكره ابن حِبَّان في الثقات وقال: يخطي ويهم. قلت: وقال ابن الجارود: ضعيف. وقال ابن أبي مريم عن ابن مَعِين: ضعيف، خلَّط قبل موته بعشر سنين، وكان قبل ذلك ثقة]. وعطية العوفي ضعفوه.
ورواه الحاكم (4/603/برقم8678) من طريق أبو يحيى التيمي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد ولم يصححه وقال الذهبي هناك: (أبو يحيى واهٍ). وقال البخاري في "التاريخ الكبير" (1/342): [قال ابن نمير: هو ضعيف جداً].
فهذان مدارهما على عطية العوفي كما ترى، وقد ضعفوه وفيه كلام مشهور عندهم وإن كان عندنا ثقة، وعطية العوفي تارة يرويه عن ابن عباس وتارة عن أبي سعيد وتارة عن زيد بن أرقم (كما في الفتن 2/636 لِنُعَيم بن حماد)، فإن كان ثابتاً عنهما فإنه مما روياه عن أهل الكتاب من الإسرائيليات، لأن كل هؤلاء: أبو هريرة وأبو سعيد وابن عباس من رواة الإسرائيليات! وروى اللالكائي (6/1233/برقم2186) بسنده عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: [إِنَّ الْمَلَكَيْنِ النَّافِخَيْنِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا مُسْتَعِدَّانِ يَنْظُرَانِ مَتَى يُؤْمَرَانِ يَنْفُخَانِ فِي الصُّورِ، قَالَ: وَرَأْسُ أَحَدِهِمَا بِالْمَشْرِقِ، وَرِجْلَاهُ فِي الْمَغْرِبِ وَرَأْسُ الْآخَرِ بِالْمَغْرِبِ وَرِجْلَاهُ بِالْمَشْرِقِ]. وهذا ظاهر بأنه من الإسرائيليات.
ثمَّ إنَّ المتن لا دلالة فيه لما يريد المصنف!! فليس فيه ذكر أنَّ الله تعالى على العرش!! وإنما فيه نظر صاحب الصور إلى العرش!! فإن صحَّ هذا – ولم يصح - فيحتمل أنه إذا جاء وقت النفخ أقام الله تعالى لِلْمَلَك في العرش علامةً يعرفها أو أوحى الله إلى سيدنا جبريل وهو رئيس الملائكة وهو من الحافين بالعرش أن يأمره بالنفخ، وليس في الحديث أن الله تعالى جسماً جالساً على العرش والملك ينظر إليه متى يأمره! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً!! لكن عقول المجسمة تتصوّر هذا فتستدل به!! والصواب أنَّ هذا الحديث إسرائيلي منقول عن أهل الكتاب، والعرش لا وجود له بالمعنى الذي يريدونه وهو السرير!! فتنبه!! ويحتاج هذا لجزء مفرد يتبيّن فيه تصرُّف الرواة واضطرابهم في حكاية القصة التي هي من جملة الإسرائيليات!
قال الذهبي في كتابه " العلو":
[ أخبرنا عبد الخالق القاضي، أنبأ الفقيه أبو محمد، أنبأ محمد هو ابن البطي، أنبأ حمد، أنبأ أحمد بن عبدالله، ثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا عبدالله بن عمر بن أبان، ثنا مروان بن معاوية، عن عبيدالله بن عبدالله عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله :
((ما طرف صاحب الصور مذ وكل به مستعداً ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه، كأنَّ عينيه كوكبان دُرّيان)). أخرجه الحاكم وصححـه].
أقول في بيان بطلان هذا الحديث وأنه من الإسرائيليات:
هذا حديث ضعيف مضطرب ولا دلالة فيه بل هو من الإسرائيليات على التحقيق. رواه الحاكم في "المستدرك" (4/559) وأبو نُعَيم في "الحلية" (4/99). من طريق مروان بن معاوية الفزاري عن عمرو بن عبدالله بن الأصم ثنا يزيد بن الأصم عن أبي هريرة مرفوعاً به. عند الحاكم يروي مروان بن معاوية عن (عمرو بن عبد الله بن الأصم) وعند أبي نُعَيم وغيره (عن عبيد الله بن عبد الله عن يزيد بن الأصم) إلا أن يكون في المطبوع من "المستدرك" تحريف أو نحوه، ومروان بن معاوية مدلس من الطبقة الثالثة وكان مشهوراً بتغيير أسماء المشايخ المجهولين الذين يروي عنهم! أي يدلس تدليس الشيوخ! قال الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (10/89): قال ابن أبي خيثمة عن ابن مَعِين: ((كان مروان يغيِّر الأسماء يُعَمِّي على الناس....)). ويعارض هذا المتن الذي ذكره الذهبي هنا في "العلو" والذي فيه: (ينظر نحو العرش): ما رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1/463) والنسائي في "الكبرى" (6/316) وابن حِبَّان في صحيحه (3/105) وغيرهم بعضهم عن أبي هريرة وبعضهم عن أبي سعيد: (عند ابن حِبَّان: من طريق عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال): [قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كيف أَنْعَمُ وصاحب الصور قد التقم القَرْنَ وَحَنَى جبهته ينتظر متى يؤمر أن ينفخ)]. وليس فيه (ونظر إلى العرش) وإنما فيه: (حنى جبهته) والذي يحني جبهته هو الذي ينظر للأرض! وهو (ينتظر) لا (ينظر)!! وهذا وحده يجعل الاستشهاد والاستدلال بحديث الصور هذا على إثبات العلو والعرش فاسداً. وينادي هذا الاختلاف بين ألفاظه وفي أسانيده بالاضطراب ولا أشك أنه من الإسرائيليات كما سيأتي. فهذا اللفظ الذي جاء الذهبي به فيه عدة علل:
(الأولى): أنه معارض بلفظ آخر في صحيح ابن حِبَّان وغيره ليس فيه ذكر العرش ولا النظر إليه.
(الثانية): قال الحافظ أبو نعيم في "الحلية" (4/99): [غريب من حديث يزيد تفرد به عنه ابن أخيه عبيد الله بن عبدالله]. وهذا تعليل منه.
(الثالثة): أن له إسناداً آخر عن أبي هريرة قال فيه البخاري: (مرسل ولم يصح). قلت: ظاهر قوله يفيد أن هذا الحديث لا يصح من جميع طرقه.
وهذا هو الطريق الآخر عن أبي هريرة: روى ابن أبي حاتم في تفسيره (9/2928)، وابن جرير الطبري (18/122)، وإسحاق بن راهويه (1/84/10)، والطبراني في "الأحاديث الطوال" (برقم36)، والبيهقي في "البعث والنشور" (برقم 609)، وأبو الشيخ في "العظمة" (3/821)، وغيرهم من طريق إسماعيل بن رافع المدني، عن يزيد بن فلان، عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب الْقُرَظيّ، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة مرفوعاً. و(إسماعيل بن أبي رافع) قال عنه الذهبي في "الكاشف" (برقم372)" (ضعيف واهٍٍ). وقال البخاري في "التاريخ الكبير" (1/260) كما تقدَّم: [محمد بن يزيد بن أبى زياد روى عنه اسمعيل بن رافع حديث الصور، مرسل ولم يصح]. قال المزي في "تهذيب الكمال" (3/87): [وقال عباس الدوري عن يحيى: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: منكر الحديث] وقال النسائي والدارقطني: (متروك). وفي السند مجهول. و(محمد بن يزيد) قال الذهبي في "الكاشف" (5221): [محمد بن يزيد بن أبي زياد الفلسطيني نزيل مصر صاحب حديث الصور عن القرظي ونافع وجماعة وعنه إسماعيل بن رافع وأبو بكر بن عياش ليس بحجة]. وقال أبو حاتم الرازي: (مجهول) كما في "الجرح والتعديل" (8/126). ومحمد بن كعب القرظي قال الحافظ في "التقريب": [قال البخاري إن أباه كان ممن لم ينبت من سبي قريظة]. أي أن أصله من يهود بني قريظة! فهذا من جملة الموضوعات الإسرائيلية.
(الرابعة): أن مروان بن معاوية رواه بنفس الإسناد عن ابن عباس موقوفاً عليه! رواه أبو الشيخ في كتاب "العظمة" (3/345برقم92).
(الخامسة): أن مروان بن معاوية مدلس أورده الحافظ ابن حجر في "طبقات المدلسين" (برقم105) في المرتبة الثالثة وهم الذين لا تقبل منهم العنعنة! وهنا عنعن (مروان)! وعند الحاكم (4/559) جعل اسم شيخه (عمرو بن عبد الله بن الأصم) وفي مواضع أخرى (عبيد الله بن عبد الله بن الأصم)، والظاهر أن هذا هو تدليس أسماء الشيوخ المجهولين الذي يفعله إن لم يكن في نسخة "المستدرك" المطبوعة تحريف كما تقدَّم!
قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (10/88): [قال الدوري: سألت يحيى بن مَعِين عن حديث مروان بن معاوية عن علي ابن أبي الوليد؟ قال: هذا علي بن غراب والله ما رأيت أحيل الناس للتدليس منه. وقال عبد الله بن علي بن المَدِيني عن أبيه: ثقة فيما يروي عن المعروفين وضعفه فيما يروي عن المجهولين. وقال علي بن الحسين بن الجنيد عن ابن نمير: كان يلتقط الشيوخ من السكك. وقال العجلي: ثقة ثبت ما حدث عن المعروفين فصحيح وما حدث عن المجهولين ففيه ما فيه وليس بشيء. وقال أبو حاتم: صدوق لا يدفع عن صدقه ويكثر روايته عن الشيوخ المجهولين]. وهذا الحديث - إن كان قد رواه (مروان) عن (عبيدالله بن عبد الله بن الأصم) كما ذكره الذهبي هنا نقلاً عن بعض الروايات فإن فيه علة أخرى وهي:
(السادسة): ضعف (عبيدالله) هذا فهو وإن كان من رجال مسلم في الصحيح فلم يوثقه أحد وهو من المقبولين عند الحافظ في "التقريب"، والمقبول هو الضعيف اللَّيِّن الحديث. فكيف يكون الحديث صحيحاً؟ فهذا حديث ضعيف ويحتمل لو صحَّ أن يكون مما رواه أبو هريرة عن كعب الأحبـار فإن رائحة الإسرائيليات تفوح منه!
وله إسناد آخر عند الطبري في تفسيره (18/122) قال: [حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن فضيل، عن مُطَرِّف، عن عطية، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كَيْفَ أنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ القَرْنَ، وَحَنى جَبْهَتَهُ يَسْتَمِعُ مَتى يُؤْمَرُ فَيَنْفُخُ فِيهِ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكيف نقول؟ قال: تَقُولُونَ: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، تَوكَّلْنا على اللهِ". حدثنا أبو كريب والحسن بن عرفة، قالا ثنا أسباط، عن مطرف، عن عطية، عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، مثله].
قال الذهبي في "مَنْ تُكُلِّمَ فيهِ وهو مُوَثَّق": [أسباط بن نصر.. وَثَّقَهُ ابن مَعِين، وضعَّفه أبو نُعَيم. قال النسائي: ليس بالقوي].
وقال ابن جرير الطبري هناك (18/122): [حدثني يعقوب، قال: ثنا شعيب بن حرب، قال: ثنا خالد أبو العلاء، قال: ثنا عطية العوفيّ، عن أبي سعيد الخدريّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ أَنْعَمُ وصَاحِبُ القَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَحَنى الجَبْهَةَ، وأصْغَى بالأذُنِ مَتَى يُؤْمَرُ أنْ يَنْفُخَ، وَلَوْ أنَّ أهْلَ مِنَى اجْتَمَعُوا على القَرْنِ على أن يُقِلُّوهُ مِنَ الأرْضِ، ما قَدَرُوا عليه"..]. وأقول: (خالد بن طهمان أبو العلاء الخفاف) قال في "تهذيب التهذيب" (3/85): [الدوري عن ابن مَعِين: ضعيف. وقال أبو حاتم: هو من عتق الشيعة محله الصدق. وقال أبو عبيد: لم يذكره أبو داود إلا بخير. وذكره ابن حِبَّان في الثقات وقال: يخطي ويهم. قلت: وقال ابن الجارود: ضعيف. وقال ابن أبي مريم عن ابن مَعِين: ضعيف، خلَّط قبل موته بعشر سنين، وكان قبل ذلك ثقة]. وعطية العوفي ضعفوه.
ورواه الحاكم (4/603/برقم8678) من طريق أبو يحيى التيمي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد ولم يصححه وقال الذهبي هناك: (أبو يحيى واهٍ). وقال البخاري في "التاريخ الكبير" (1/342): [قال ابن نمير: هو ضعيف جداً].
فهذان مدارهما على عطية العوفي كما ترى، وقد ضعفوه وفيه كلام مشهور عندهم وإن كان عندنا ثقة، وعطية العوفي تارة يرويه عن ابن عباس وتارة عن أبي سعيد وتارة عن زيد بن أرقم (كما في الفتن 2/636 لِنُعَيم بن حماد)، فإن كان ثابتاً عنهما فإنه مما روياه عن أهل الكتاب من الإسرائيليات، لأن كل هؤلاء: أبو هريرة وأبو سعيد وابن عباس من رواة الإسرائيليات! وروى اللالكائي (6/1233/برقم2186) بسنده عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: [إِنَّ الْمَلَكَيْنِ النَّافِخَيْنِ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا مُسْتَعِدَّانِ يَنْظُرَانِ مَتَى يُؤْمَرَانِ يَنْفُخَانِ فِي الصُّورِ، قَالَ: وَرَأْسُ أَحَدِهِمَا بِالْمَشْرِقِ، وَرِجْلَاهُ فِي الْمَغْرِبِ وَرَأْسُ الْآخَرِ بِالْمَغْرِبِ وَرِجْلَاهُ بِالْمَشْرِقِ]. وهذا ظاهر بأنه من الإسرائيليات.
ثمَّ إنَّ المتن لا دلالة فيه لما يريد المصنف!! فليس فيه ذكر أنَّ الله تعالى على العرش!! وإنما فيه نظر صاحب الصور إلى العرش!! فإن صحَّ هذا – ولم يصح - فيحتمل أنه إذا جاء وقت النفخ أقام الله تعالى لِلْمَلَك في العرش علامةً يعرفها أو أوحى الله إلى سيدنا جبريل وهو رئيس الملائكة وهو من الحافين بالعرش أن يأمره بالنفخ، وليس في الحديث أن الله تعالى جسماً جالساً على العرش والملك ينظر إليه متى يأمره! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً!! لكن عقول المجسمة تتصوّر هذا فتستدل به!! والصواب أنَّ هذا الحديث إسرائيلي منقول عن أهل الكتاب، والعرش لا وجود له بالمعنى الذي يريدونه وهو السرير!! فتنبه!! ويحتاج هذا لجزء مفرد يتبيّن فيه تصرُّف الرواة واضطرابهم في حكاية القصة التي هي من جملة الإسرائيليات!