بطلان الزيادة الواردة عن الأعمش من حديث أبي هريرة والتي جاءت بلفظ:( ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي..):
مرسل: السبت يوليو 13, 2024 10:54 am
بطلان الزيادة الواردة عن الأعمش من حديث أبي هريرة والتي جاءت بلفظ:( ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي..):
قال الذهبي في كتابه " العلو":
[أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أنبأ عبدالله بن أحمد، أنبأ أبو الفتح بن البَطِّـي، أنبأ ابن طلحة، أنبأ علي بن محمد، حدثنا محمد بن عمرو، حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
((يعني يقول الله تعالى: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن اقترب إليَّ شبراً اقتربت إليه ذراعاً، وإن اقترب إليَّ ذراعاً اقتربت إليه باعاً، وإن أتاني ماشياً أتيته هرولة))
هذا حديث صحيح وفيه التفريق بين كلام النفس والكلام المسموع، فهو تعالى متكلم بهذا وبهذا وهو الذي كلَّم موسى تكليماً وناداه من جانب الطور وقرَّبَهُ نجيّـاً].
أقول في بيان بطلان هذه الزيادة وعدم دلالتها على ما يريده المجسمة:
قال الحافظ في "الفتح" (13/386/7405): ((أي إن ذكرني بالتنزيه والتقديس سراً ذكرته بالثواب والرحمة سراً)). مع أن هذه الجملة غير ثابتة في الحديث كما سيأتي الآن في تخريج الحديث إن شاء الله تعالى.
وقال الحافظ هناك: ((والتقدير: إن ذكرني في نفسه ذكرته بثواب لا أطلع عليه أحداً، وإن ذكرني جهراً ذكرته بثواب أطلع عليه الملأ الأعلى)).
والحديث إسناده صحيح ولا علاقة له بموضوع العلو وجملة (فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي) غير ثابتة. رواه البخاري (13/384/7405) ومسلم (4/2061 و 2067) وغيرهما وقد جاء الحديث من رواية أبي ذر وأبي هريرة وفيهما مخالفة وفي أكثر الروايات ليس فيها الذكر في النفس والملأ!! فليتأمل وليراجع!! وهو مشكل!! وأزيد الآن فأقول: قد حققت الكلام عليه بعد كتابة هذه التعليقات بنحو (25) سنة وذلك في التعليق على كتاب الفخر الرازي "تأسيس التقديس" وبينت أن جملة (ذكرته في نفسي) لا تثبت بالدلائل والبراهين في التعليق رقم (132) على كتاب الفخر الرازي.
فالذين رووا الحديث بدون جملة (ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي) هم:
1- أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عند البخاري (7505) ولفظه: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي) فقط وليس فيه ذكر النفس.
2- أبو صالح السمان عن أبي هريرة عند مسلم (2675) ولفظه كالذي قبله مع قوله فيه: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي وَاللَّهِ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ..).
3- يزيد بن الأصم عن أبي هريرة عند مسلم في الصحيح (2675) والبخاري في الأدب (619) بلفظ: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني).
4- كريمة بنت الحسحاس عن أبي هريرة عند أحمد (10592) بلفظ: (أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت شفتاه) وهو صحيح.
5- أم الدرداء عن أبي هريرة عند أحمد (10585) باللفظ الذي قبله لكريمة.
6- أم الدرداء عن أبي الدرداء عند الحاكم (4/371) بلفظ كريمة.
7- قتادة عن أنس بن مالك عند أحمد (12715) وأبي يعلى (6/12) بلفظ: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني).
8- قيس بن أبي حازم عن ابن مسعود في "فوائد تمام" (1/177/416) بلفظ: (أنا عند حسن ظن عبدي بي، وأنا أذكره كلما ذكرني). وغيرهم.
ورواه الأعمش عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة باللفظ الذي فيه زيادة: (ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي). عند البخاري (7405) ومسلم (2675). وبذلك تكون زيادة الأعمش شاذة عن الجماعة! فكيف إذا انضاف إلى ذلك أن أصل مادة هذا الحديث من الإسرائيليات التي تصرَّفَ الرواة فيها فحكوه بألفاظ متعددة؟! كما يُفهم من خلال تتبع رواياته وألفاظه المختلفة ومن خلال كلام الحفاظ! فقد قال الحافظ السيوطي في "الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة" ص (3-4): [حديث أنا جليس من ذكرني. البيهقي في الشعب من الإسرائيليات، ثم أورد معناه من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: (أنا مع عبدي ما ذكرني، وتحركت بي شفتاه). قلت: ... وأسنده –الديلمي- من طريق عمرو بن الحكم عن ثوبان مرفوعاً: قال الله: يا موسى أنا جليس عبدي حين يذكرني، وأنا معه إذا دعاني. وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" عن كعب: قال موسى: يا رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ قال: يا موسى أنا جليس من ذكرني..].
وقال البيهقي في ((الأسماء والصفات)) ص (286) أيضاً: [وقد قيل في قوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} المائدة: 116، أي تعلم ما أُكِنُّهُ وأُسِرُّهُ ولا علم لي بما تستره عني وتغيبه]. وهذا تأويل من الحافظ البيهقي أو ممن ينقل عنه البيهقي لهذه الآية الكريمة حيث لم يُثْبِتُ بها الكلامَ النفسيَّ وإنما أوَّلها بما هو مغاير للكلام النفسي. وأوَّلَه أيضاً ابن حجر في "الفتح" (13/386) فقال: [قوله (فإن ذكرني في نَفْسه ذكرته في نفسي) أي: إن ذَكَرَني بالتنزيه والتقديس سِرَّاً ذكرته بالثواب والرحمة سِرَّاً]. وأجمل ما قيل في ذلك قول الفخر الرازي في "تأسيس التقديس" ص (): [وأما قوله عليه السلام حكاية عن رب العزة: ((فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي)). فالمراد: أنه إن يذكرني بحيث لا يطَّلع غيره على ذلك ذكرته بإنعامي وإحساني من غير أن يطَّلع عليه أحد من عبيدي. لأن الذِّكْر في النَّفْس عبارة عن الكلام الخفي والذِّكْر الكامن في القلب. وذلك على الله تعالى محال].
و لقد تبين مما ذكرناه في الحاشية السابقة أن هذا الكلام من الذهبي باطل مردود لأنه بناه على جملة شاذة جاءت في حديث ولم يَعْرِفْ أن بقية الرواة رووه بدون هذا اللفظ المأخوذ أصلاً من تصرّف الرواة حسب فهمهم من الإسرائيليات! والذي بيَّن العلماء معناه على فرض ثبوته وصحته بما لم يفهمه الذهبي والمجسمة في هذه القضية! وقد شرحت هذا وفصلته في شرحي على جوهرة التوحيد فليرجع إليه من أراد التحقيق!! ولا أريد هنا أن أبسط الكلام وأتوسع فيه بأكثر من هذا.
قال الذهبي في كتابه " العلو":
[أخبرنا إسماعيل بن عبدالرحمن، أنبأ عبدالله بن أحمد، أنبأ أبو الفتح بن البَطِّـي، أنبأ ابن طلحة، أنبأ علي بن محمد، حدثنا محمد بن عمرو، حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
((يعني يقول الله تعالى: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن اقترب إليَّ شبراً اقتربت إليه ذراعاً، وإن اقترب إليَّ ذراعاً اقتربت إليه باعاً، وإن أتاني ماشياً أتيته هرولة))
هذا حديث صحيح وفيه التفريق بين كلام النفس والكلام المسموع، فهو تعالى متكلم بهذا وبهذا وهو الذي كلَّم موسى تكليماً وناداه من جانب الطور وقرَّبَهُ نجيّـاً].
أقول في بيان بطلان هذه الزيادة وعدم دلالتها على ما يريده المجسمة:
قال الحافظ في "الفتح" (13/386/7405): ((أي إن ذكرني بالتنزيه والتقديس سراً ذكرته بالثواب والرحمة سراً)). مع أن هذه الجملة غير ثابتة في الحديث كما سيأتي الآن في تخريج الحديث إن شاء الله تعالى.
وقال الحافظ هناك: ((والتقدير: إن ذكرني في نفسه ذكرته بثواب لا أطلع عليه أحداً، وإن ذكرني جهراً ذكرته بثواب أطلع عليه الملأ الأعلى)).
والحديث إسناده صحيح ولا علاقة له بموضوع العلو وجملة (فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي) غير ثابتة. رواه البخاري (13/384/7405) ومسلم (4/2061 و 2067) وغيرهما وقد جاء الحديث من رواية أبي ذر وأبي هريرة وفيهما مخالفة وفي أكثر الروايات ليس فيها الذكر في النفس والملأ!! فليتأمل وليراجع!! وهو مشكل!! وأزيد الآن فأقول: قد حققت الكلام عليه بعد كتابة هذه التعليقات بنحو (25) سنة وذلك في التعليق على كتاب الفخر الرازي "تأسيس التقديس" وبينت أن جملة (ذكرته في نفسي) لا تثبت بالدلائل والبراهين في التعليق رقم (132) على كتاب الفخر الرازي.
فالذين رووا الحديث بدون جملة (ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي) هم:
1- أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عند البخاري (7505) ولفظه: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي) فقط وليس فيه ذكر النفس.
2- أبو صالح السمان عن أبي هريرة عند مسلم (2675) ولفظه كالذي قبله مع قوله فيه: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي وَاللَّهِ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ..).
3- يزيد بن الأصم عن أبي هريرة عند مسلم في الصحيح (2675) والبخاري في الأدب (619) بلفظ: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني).
4- كريمة بنت الحسحاس عن أبي هريرة عند أحمد (10592) بلفظ: (أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت شفتاه) وهو صحيح.
5- أم الدرداء عن أبي هريرة عند أحمد (10585) باللفظ الذي قبله لكريمة.
6- أم الدرداء عن أبي الدرداء عند الحاكم (4/371) بلفظ كريمة.
7- قتادة عن أنس بن مالك عند أحمد (12715) وأبي يعلى (6/12) بلفظ: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني).
8- قيس بن أبي حازم عن ابن مسعود في "فوائد تمام" (1/177/416) بلفظ: (أنا عند حسن ظن عبدي بي، وأنا أذكره كلما ذكرني). وغيرهم.
ورواه الأعمش عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة باللفظ الذي فيه زيادة: (ومن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي). عند البخاري (7405) ومسلم (2675). وبذلك تكون زيادة الأعمش شاذة عن الجماعة! فكيف إذا انضاف إلى ذلك أن أصل مادة هذا الحديث من الإسرائيليات التي تصرَّفَ الرواة فيها فحكوه بألفاظ متعددة؟! كما يُفهم من خلال تتبع رواياته وألفاظه المختلفة ومن خلال كلام الحفاظ! فقد قال الحافظ السيوطي في "الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة" ص (3-4): [حديث أنا جليس من ذكرني. البيهقي في الشعب من الإسرائيليات، ثم أورد معناه من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: (أنا مع عبدي ما ذكرني، وتحركت بي شفتاه). قلت: ... وأسنده –الديلمي- من طريق عمرو بن الحكم عن ثوبان مرفوعاً: قال الله: يا موسى أنا جليس عبدي حين يذكرني، وأنا معه إذا دعاني. وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" عن كعب: قال موسى: يا رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ قال: يا موسى أنا جليس من ذكرني..].
وقال البيهقي في ((الأسماء والصفات)) ص (286) أيضاً: [وقد قيل في قوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} المائدة: 116، أي تعلم ما أُكِنُّهُ وأُسِرُّهُ ولا علم لي بما تستره عني وتغيبه]. وهذا تأويل من الحافظ البيهقي أو ممن ينقل عنه البيهقي لهذه الآية الكريمة حيث لم يُثْبِتُ بها الكلامَ النفسيَّ وإنما أوَّلها بما هو مغاير للكلام النفسي. وأوَّلَه أيضاً ابن حجر في "الفتح" (13/386) فقال: [قوله (فإن ذكرني في نَفْسه ذكرته في نفسي) أي: إن ذَكَرَني بالتنزيه والتقديس سِرَّاً ذكرته بالثواب والرحمة سِرَّاً]. وأجمل ما قيل في ذلك قول الفخر الرازي في "تأسيس التقديس" ص (): [وأما قوله عليه السلام حكاية عن رب العزة: ((فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي)). فالمراد: أنه إن يذكرني بحيث لا يطَّلع غيره على ذلك ذكرته بإنعامي وإحساني من غير أن يطَّلع عليه أحد من عبيدي. لأن الذِّكْر في النَّفْس عبارة عن الكلام الخفي والذِّكْر الكامن في القلب. وذلك على الله تعالى محال].
و لقد تبين مما ذكرناه في الحاشية السابقة أن هذا الكلام من الذهبي باطل مردود لأنه بناه على جملة شاذة جاءت في حديث ولم يَعْرِفْ أن بقية الرواة رووه بدون هذا اللفظ المأخوذ أصلاً من تصرّف الرواة حسب فهمهم من الإسرائيليات! والذي بيَّن العلماء معناه على فرض ثبوته وصحته بما لم يفهمه الذهبي والمجسمة في هذه القضية! وقد شرحت هذا وفصلته في شرحي على جوهرة التوحيد فليرجع إليه من أراد التحقيق!! ولا أريد هنا أن أبسط الكلام وأتوسع فيه بأكثر من هذا.