بطلان الحديث الذي جاء عن طريق علي بن الحسين بلفظ:( ... ؛ إنَّ هذا جبرائيل قال: وهو عن يمين الرحمن …):

[عود الخيزران]

بطلان الحديث الذي جاء عن طريق علي بن الحسين بلفظ:( ... ؛ إنَّ هذا جبرائيل قال: وهو عن يمين الرحمن …):

قال الذهبي في كتابه " العلو":
[حديث إبراهيم بن سعد ومعمر، عن الزهري، عن علي بن الحسين، أخبرني رجل من أهل العلم، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
((تمد الأرض لعظمة الرحمن يوم القيامة مدَّ الأديم ثمَّ لا يكون لبشر منها إلا موضع قدميه ثمَّ أُدْعَى أول الناس فأخر ساجداً ثمَّ يؤذن لي فأقول: أي رب؛ إنَّ هذا جبرائيل قال: وهو عن يمين الرحمن …)) الحديث. هذا مرسل قوي].

أقول في بيان بطلان هذا الحديث:

موضوع إسرائيلي. رواه بهذا اللفظ الحاكم في ((المستدرك)) (4/570) من رواية علي بن الحسين عليه السلام عن جابر مرفوعاً وفي السند ضعف من قبل شيخ الحاكم وشيخ شيخه أما شيخه فهو إسماعيل بن محمد بن الفضل مترجم في ((لسان الميزان)) (1/484) قال الحاكـم: ((ارتبتُ في لقيه بعض الشيوخ)). فهو لين أو مدلس، وشيخ شيخه هو جد الأول وهو الفضل الشعراني مترجم في ((سير أعلام النبلاء)) (13/318) قال ابن أبي حاتم: تَكَلَّموا فيه، وقال الأخرم: صدوق غال في التشيع، وكذَّبه القباني. ثم رواه الحاكم بعد ذلك هناك بسندين عن علي بن الحسين مرسلاً، وهذا مما يحاولون إلصاقه بسيدنا علي بن الحسين عليه السلام وهو منه بريء.
والحديث أخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (1/282/303) وفي سنده الكُدَيمي وهو كذاب. انظر ترجمته في ((سير أعلام النبلاء)) (13/302). وأخرج الحاكم (4/575) من حديث عبدالله بن عمرو وفيه: أنَّ الأرض تمد مد الأديم، وهذا يساعدنا على الحكم بأنه من الإسرائيليات.
ولو كان علي بن الحسين إن ثبت عنه ذلك رواه عن صحابي لذكر اسمه ولكن الظاهر أنه رواه عن رجل يروي من الكتب القديمة ككعب الأحبار أو غيره. وابن شهاب الزهري مدلس تكلمنا عليه في الجزء الثالث من "التناقضات الواضحات" فليرجع إليه، مع أننا نقبل أحاديثه إذا لم يكن فيها نكارة. وعلى كل الأحوال فلا دلالة في هذا الحديث على ما يريد الذهبي وذلك لأنَّ الحارث رواه في مسنده كما في "بغية الباحث" (2/1008/1131) وكذا أبو نُعَيم في "الحلية" (3/145) بلفـظ: ((وجبريل عليه السلام عن يمين العرش..)) وليس ((عن يمين الرحمن)). وقال الحافظ في ((الفتح)) (8/400/4718):((ورجاله ثقات وهو صحيح إن كان الرجل صحابياً)). وأورد الحافظ في ((الفتح)) (11/375-376/6521) كلاماً نفيساً ينبغي الرجوع له واستفدت منه أنَّ قولـه تعالـى {يـوم تبدَّل الأرض غير الأرض والسموات} أنَّ ذلك يوم القيامة، وأنَّ قولـه تعالى {وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلَّت} بعد النفخة الأولى في الدنيا. فدخل في هذا الخلط الإسرائيلي من الكتب المحرَّفة فجاءوا بما في الحديث الذي نحن بصدده. وعلى كل حال فالحديث لا دلالة فيه على ما يريد الذهبي كما تقدّم ونحن نجزم بأنه من الإسرائيليات والموضوعات والسلام.