بيان ضعف ما أورده البخاري في أواخر صحيحه عن موضوع الاستواء؛ وأنه بمعنى العلو:
مرسل: الجمعة يوليو 19, 2024 7:22 pm
بيان ضعف ما أورده البخاري في أواخر صحيحه عن موضوع الاستواء؛ وأنه بمعنى العلو:
قال الذهبي في كتابه " العلو":
[قال البخاري في أواخر صحيحه: باب قوله عز وجل {وكان عرشه على الماء} هود: 7. وهو رب العرش العظيم، ثمَّ قال: وقال مجاهد: استوى: علا على العرش].
أقول في بيان ضعف هذا الأثر:
إسناده ضعيف فيه أكثر من عِلَّةٍ تجد تفصيل ذلك في التعليق عليه عند النص رقم (287) لأن الذهبي كرَّره في هذا الكتاب فذكره أيضاً برقم (464). هو قول تابعي ليس بحجة ولا دلالة فيه وهو مردود. ذكره البخاري في صحيحه (12/403) في التوحيد باب 22. قال الحافظ هناك: ((وصله الفريابي عن وَرْقَاء عن ابن أبي نَجِيح عنه)). وورقاء له منكرات منها ما تقدَّم في الكلام على الحديث رقم (92). ويحتمل أنَّ مجاهداً أراد بالعلو علو الرتبة والقهر لا علو المكان والجهة إن صحَّ عنه، ومجاهد تروى عنه في هذا الباب منكرات منها قوله في المقام المحمود أنه يجلسه بجنبه على العرش رواه الخلال عنه في سنته (1/258) - لكن ذلك غير ثابت عنه بسند يصح! - وهذا القول المنسوب لمجاهد في القعود هو أصلاً مأخوذ عن عبدالله بن سلام الإسرائيلي، فالفكرة فكرة إسرائيلية ومجاهد عنده نقل وتفسير من هذه البابة فتأمل جيداً ولا تغفل عن مثل هذا!!
قلت: في كتابي "متن العقيدة والتوحيد": وأما قوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} هود: 7، أي: من الماء. فمعناه أن أصل مادة هذا الكون كانت من ماءٍ خَلَقَهُ الله تعالى وأبرزه من العدم. وحَرْفُ (على) يأتي أحياناً بمعنى (مِنْ) كما في قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} المطففين:2. أي: (من الناس يستوفون) وكما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}( ) المؤمنون:5-6. قال الحافظ ابن الجوزي (510-597هـ) في "زاد المسير" (6/133): [قوله تعالى: {الذين إذا اكتالوا على الناس} أي: من الناس. فَـ (على) بمعنى (مِنْ) في قول المفسرين واللغويين]. وقال ابن الجوزي أيضاً هناك (4/403): [قوله تعالى: {إِلا على أزواجهم} قال الفَرَّاء: (على) بمعنى (مِنْ)]. والفَرَّاء (ولد سنة 144هـ وتوفي سنة 207هـ). وكلامه في تفسير {على أزواجهم} في كتابه "معاني القرآن" (3/188)، وكلامه في تفسير {على الناس} أيضاً في "معاني القرآن" (5/193). قال ابن عادل الحنبلي (775-880هـ) في تفسيره (3/249) والفخر الرازي (ت606هـ) كذلك (7/12): [القول الرابع: ما اختاره القَفَّال وهو أن المقصود من هذا الكلام تصوير عظمة الله وكبريائه وتقريره أنه تعالى خاطب الخلق في تعريف ذاته وصفاته بما اعتادوه في ملوكهم وعظمائهم من ذلك أنه جعل الكعبة بيتاً له يطوف الناس به كما يطوفون ببيوت ملوكهم وأمر الناس بزيارته كما يزور الناس بيوت ملوكهم، وذكر في الحجر الأسود أنه يمين الله في أرضه ثم جعله موضعاً للتقبيل كما يُقَبِّل الناس أيدي ملوكهم، وكذلك ما ذكر في محاسبة العباد يوم القيامة من حضور الملائكة والنبيّين والشهداء ووضع الموازين فعلى هذا القياس أثبت لنفسه عرشاً في قوله: {الرحمن عَلَى العرش استوى} ووصف العرش بقوله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المآء} ثم قال: {وَتَرَى الملائكة حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ العرش} ثم قال: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} وقال: {الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ}، وكذلك إثبات الكرسيّ]. وقال النيسابوري (ت850هـ) في تفسيره (2/117): [المقصود من الكلام تصوير عظمة الله وكبريائه ولا كرسي ثَمَّ ولا قعود ولا قاعد . واختاره جمع من المحققين كالقَفَّال والزمخشري]. القَفَّال (291-365هـ) والزمخشري (476-538هـ).
قال الذهبي في كتابه " العلو":
[قال البخاري في أواخر صحيحه: باب قوله عز وجل {وكان عرشه على الماء} هود: 7. وهو رب العرش العظيم، ثمَّ قال: وقال مجاهد: استوى: علا على العرش].
أقول في بيان ضعف هذا الأثر:
إسناده ضعيف فيه أكثر من عِلَّةٍ تجد تفصيل ذلك في التعليق عليه عند النص رقم (287) لأن الذهبي كرَّره في هذا الكتاب فذكره أيضاً برقم (464). هو قول تابعي ليس بحجة ولا دلالة فيه وهو مردود. ذكره البخاري في صحيحه (12/403) في التوحيد باب 22. قال الحافظ هناك: ((وصله الفريابي عن وَرْقَاء عن ابن أبي نَجِيح عنه)). وورقاء له منكرات منها ما تقدَّم في الكلام على الحديث رقم (92). ويحتمل أنَّ مجاهداً أراد بالعلو علو الرتبة والقهر لا علو المكان والجهة إن صحَّ عنه، ومجاهد تروى عنه في هذا الباب منكرات منها قوله في المقام المحمود أنه يجلسه بجنبه على العرش رواه الخلال عنه في سنته (1/258) - لكن ذلك غير ثابت عنه بسند يصح! - وهذا القول المنسوب لمجاهد في القعود هو أصلاً مأخوذ عن عبدالله بن سلام الإسرائيلي، فالفكرة فكرة إسرائيلية ومجاهد عنده نقل وتفسير من هذه البابة فتأمل جيداً ولا تغفل عن مثل هذا!!
قلت: في كتابي "متن العقيدة والتوحيد": وأما قوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} هود: 7، أي: من الماء. فمعناه أن أصل مادة هذا الكون كانت من ماءٍ خَلَقَهُ الله تعالى وأبرزه من العدم. وحَرْفُ (على) يأتي أحياناً بمعنى (مِنْ) كما في قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} المطففين:2. أي: (من الناس يستوفون) وكما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}( ) المؤمنون:5-6. قال الحافظ ابن الجوزي (510-597هـ) في "زاد المسير" (6/133): [قوله تعالى: {الذين إذا اكتالوا على الناس} أي: من الناس. فَـ (على) بمعنى (مِنْ) في قول المفسرين واللغويين]. وقال ابن الجوزي أيضاً هناك (4/403): [قوله تعالى: {إِلا على أزواجهم} قال الفَرَّاء: (على) بمعنى (مِنْ)]. والفَرَّاء (ولد سنة 144هـ وتوفي سنة 207هـ). وكلامه في تفسير {على أزواجهم} في كتابه "معاني القرآن" (3/188)، وكلامه في تفسير {على الناس} أيضاً في "معاني القرآن" (5/193). قال ابن عادل الحنبلي (775-880هـ) في تفسيره (3/249) والفخر الرازي (ت606هـ) كذلك (7/12): [القول الرابع: ما اختاره القَفَّال وهو أن المقصود من هذا الكلام تصوير عظمة الله وكبريائه وتقريره أنه تعالى خاطب الخلق في تعريف ذاته وصفاته بما اعتادوه في ملوكهم وعظمائهم من ذلك أنه جعل الكعبة بيتاً له يطوف الناس به كما يطوفون ببيوت ملوكهم وأمر الناس بزيارته كما يزور الناس بيوت ملوكهم، وذكر في الحجر الأسود أنه يمين الله في أرضه ثم جعله موضعاً للتقبيل كما يُقَبِّل الناس أيدي ملوكهم، وكذلك ما ذكر في محاسبة العباد يوم القيامة من حضور الملائكة والنبيّين والشهداء ووضع الموازين فعلى هذا القياس أثبت لنفسه عرشاً في قوله: {الرحمن عَلَى العرش استوى} ووصف العرش بقوله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المآء} ثم قال: {وَتَرَى الملائكة حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ العرش} ثم قال: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} وقال: {الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ}، وكذلك إثبات الكرسيّ]. وقال النيسابوري (ت850هـ) في تفسيره (2/117): [المقصود من الكلام تصوير عظمة الله وكبريائه ولا كرسي ثَمَّ ولا قعود ولا قاعد . واختاره جمع من المحققين كالقَفَّال والزمخشري]. القَفَّال (291-365هـ) والزمخشري (476-538هـ).