بيان بطلان حديث جابر الذي جاء بذكر قصة المرأة الحبشية وأنها قالت لمن دفعها:( سوف تعلم يا غُدَرُ إذا وضع الله الكرسي وجمع الأولين والآخرين..):
قال الذهبي في كتابه " العلو":
[حديث ابن وهب، أخبرني مسلم بن خالد، عن ابن خُثَيم، عن أبي الزبير عن جابر قال: لـمَّا رجعت مهاجرات البحر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ألا تُحَدِّثُونَ بأعجب شيء رأيتم بأرض الحبشة؟)) فقال فتية منهم: يا رسول الله: بينا نحن جلوس إذ مرَّت علينا عجوز من عجائزهم تحمل قُلَّة من ماء، فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثمَّ دفعها على ركبتها فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت التفتت إليه فقالت: سوف تعلم يا غُدَرُ إذا وضع الله الكرسي وجمع الأولين والآخرين وتكلَّمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، تعلم أمري وأمرك عنده غداً. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((صدقت، كيف يقدّس الله قوماً لا يؤخذ لضعيفهم من قويهم)). إسناده صالح ].
أقول في بيان بطلان هذا الحديث بذكر هذه الحادثة:
تقدَّم في حديث رقم (155) ـ من تخريجنا لأحاديث كتاب العلو ـ أنها قُلَّة (أي مثل جَرَّة الماء) فيها دقيق وليس ماء وأنها جعلت تجمعه!!
وهو منكر ضعيف بِذِكْرِ قصة المرأة والكرسي. والمرأة نصرانية حبشية لا حجة بقولها وهو جار على التشبيه الذي تعتقده في حق المولى تبارك وتعالى عما تقول. رواه ابن ماجه (4010) وأبو يعلى (4/7/2003) وابن حِبَّان (11/444) وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي ضعَّفه جمهور أهل النقد، وقال البخاري: ((منكر الحديث)). انظر ((تهذيب الكمال)) (27/508-514). وقال الذهبي في ((الميزان)) (4/103) في آخر ترجمة الزنجي: ((فهذه الأحاديث وأمثالها ترد بها قوَّة الرجل ويُضَعَّف)). وبهذا يُردُّ على المعلق على ((صحيح ابن حِبَّان)) (11/444) حيـث قـال: ((وقال الإمام الذهبي في العلو... عن هذا الإسناد.... إسناده صالح)). وابن خُثَيم هو عبدالله بن عثمان ابن خُثَيم المكي فيه ضعف. قال الذهبي نفسه في ((الميزان)) (2/460/4442): ((قال أبوحاتم: ابن خُثَيم ما به بأس، صالح الحديث. وقال مرة: لا يحتج به. وقال النَّسائي عقيب حديثه، عليكم بالإثمد: ليّن الحديث)). ليس له في مسلم إلا حديـث واحـد (2294). وانظر ترجمته في ((تهذيب الكمال)) (15/279). وفيه عنعنة أبي الزبير عن جابر وهي ضعيفة عند قوم. والحديث أخرجه العُقَيلي في "الضعفاء الكبير" (4/257) وذكر أنه غير محفوظ. وروي الحديث أيضاً من حديث بريدة رضي الله عنه رواه البزار (كشف 2/236) والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) ص (404) و"السنن" (6/95) و (10/94) والطبراني في "الأوسط" (مجمع البحرين 4/333/2557) وهو ضعيف. فيه عطاء بن السائب اختلط. وقد تقدَّم الكلام عليه في تخريج الحديث رقم (155). هذا وقد روي حديث: ((كيف يقدّس الله قوماً لا يؤخذ لضعيفهم من قويهم)) أو نحوه عن جماعة عن الصحابة دون هذه القصة أو مع قصة أخرى وقد تقدَّم بعضها في تخريج الحديث رقم (155) ونذكر هنا زيادة ما لم نذكره من الروايات هناك فنقول:
1- رواه ابن مسعود عند الطبراني في ((الكبير)) (10/274) وقال في ((المجمع)) (4/197): ورجاله ثقات. ولفظه: [إن الله عز و جل لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه].
2- وأبو سعيد الخدري عند ابن ماجه (2/810) وأبو يعلى (2/344) وهو صحيح. ولفظه: [لا قُدِّسَتْ أمة لا يعطى الضعيف فيها حقه غير مُتَعْتَعٍ] أي: من غير أن يصيبه أذى يقلقه.
3- وابن عباس رضي الله عنهما عند الطبراني في "الكبير" (11/118/11230). ولفظه: [كيف تُقَدَّس أمة لا يؤخذ لضعيفها من قويها].
4- والسيدة عائشة عند البزار (كشف الأستار2/124). ولفظه: [لا يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفها من شديدها].
5- عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب عند الحاكم (3/256-257).
6- معاويـة وعبدالله بن عمرو عند الطبراني (19/385و388) وقال في ((المجمـع)) (5/209): ((رجاله ثقات)). ولفظه: [لا تُقَدَّس أمة لا يقضى فيها بالحق..]. وبلفظ: [لا قدست أمة لا يأخذ ضعيفها فيها حقه..].
فهذه الروايات كلها ليس فيها ذكر الكرسي فهي تجعل ذكر الكرسي من المنكر المردود، ثمَّ إنَّ حديث المرأة التي تذكر الكرسي ليس في قولها أن الله يجلس على الكرسي فلا حجة فيه.
وقد تبين أنه ضعيف منكر وليس صالحاً بل هو مردود ولا دلالة فيه.
بيان بطلان حديث جابر الذي جاء بذكر قصة المرأة الحبشية وأنها قالت لمن دفعها:( سوف تعلم يا غُدَرُ إذا وضع الله الكرسي وجمع
-
- مشاركات: 777
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm