صفحة 1 من 1

بطلان أثر ابن عباس الذي جاء فيه:( رأى محمد ربه)،وتعليقه على قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار}..:

مرسل: الأحد أغسطس 04, 2024 3:00 pm
بواسطة عود الخيزران
بطلان أثر ابن عباس الذي جاء فيه:( رأى محمد ربه)،وتعليقه على قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار}..:

قال الذهبي في كتابه " العلو":
[ وبه حدثنا الكديمي، نا يزيد بن أبي حكيم، حدثنا الحكم عن عكرمة عن ابن عباس قال: رأى محمد ربه. فقلت لابن عباس: أليس الله يقول: {لا تدركه الأبصار} قال: اسكت لا أم لك، إنما ذلك إذا تجلى بنوره لم يقم لنوره شيء.
أخرجه النَّسائي عن يزيد بن سنان عن يزيد بن أبي حكيم مختصراً].


أقول في بيان بطلان هذا الكلام:

موضوع، الكُدَيمي كذاب، والحَكَم فيه ضَعْف، وقد تقدَّم الكلام عليهما.
وهذا رواه النَّسائي في "السنن الكبرى" (6/472/11537) ولفظه: (الحكم بن أبان قال: سمعت عكرمة يقول: سمعت ابن عباس يقول: إنَّ محمداً  رأى ربه تبارك). وهو واهٍ. وليس فيه: (اسكت لا أم لك، إنما ذلك إذا تجلى بنوره لم يقم لنوره شيء) (!!) ولم أجد هذه الجملة في شيء من كتب الحديث التي وقفت عليها إلا أنني رأيت المزي ذكره ورواه في "تهذيب الكمال" (11/217) فلا أدري من أين أتى به.
[ملاحظة مهمة جداً وتكملة للموضوع]: وممن نقل عنه القول بإثبات الرؤية لسيدنا رسول الله F أبو ذر وأنس بن مالك، فأما أبو ذر فروى النَّسائي في "الكبرى" (6/472/11536) من طريق الحكم بن أبان، عن يزيد بن شريك، عن أبي ذر قال: رأى النبي F ربـه تبارك وتعالى بقلبه ولم يره ببصره. وهذا ضعيف بالحكم بن أبان فلا يثبت. وهو من جملة تخليطات الحكم بن أبان في روايته لهذا الأثر(!!)
وأما سيدنا أنس فروى ابن خزيمة ص (199) وابن أبي عاصم برقم (432) من طريق أبي بحر عبد الرحمن بن عثمان البكراوي عن شعبة عن قتادة عن أنس: إنَّ محمداً قد رأى ربه تبارك وتعالى. وهو منكر موضوع لأنَّ البكراوي تالف، والعجب من الحافظ ابن حجر حيث يقول في "الفتح" (8/608): ((بإسناد قوي))!! وأورد هناك أحاديث بعضها موضوع منكر باطل! ولي على هذا السند ملاحظات: (الأولى): أن البكراوي هذا هو عبد الرحمن بن عثمان بن أمية بن عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي. وأبو بَكَرَة هو الصحابي الأسود الذي كان عبداً لثقيف وأسلم في غزوة حنين واسمه نفيع بن الحارث وهو من أنصار بني أمية وهو مردود الشهادة من زمن عمر بن الخطاب ردَّ شهادته عمر رضي الله عنه عندما شهد على المغيرة بن شعبة بالزنا فبطلت شهادته وجُلِدَ. وانظر ترجمته في كتب التراجم. وحفيده أبو بحر هذا قال الذهبي في ديوان الضعفاء: ((تركوا حديثه)) وقال أحمد: ((طرح الناس حديثه)). وقال ابن حِبَّان في "المجروحين" (2/61): ((منكـر الحديث ممن يروي المقلوبات عـن الأثبات...)). وانظر ترجمته في ((تهذيب الكمال)) (17/271).
(والملاحظة الثانية): قتادة اضطرب في هذا القول!! فتارة يرويه عن أنس وتارة عن أبي ذر وتارة عن ابن عباس رضي الله عنهم!! فلا ندري هذا منه أو من غيره!! فتأمل!!