بيان عدم ثبوت الجملة الواردة في حديث (أنا مع عبدي حين يذكرني...):
مرسل: السبت نوفمبر 09, 2024 2:23 pm
بيان عدم ثبوت الجملة الواردة في حديث (أنا مع عبدي حين يذكرني...):
وهو ما رواه أبو صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((يقول الله تعالى: أنا مع عبدي حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه))
أقول:
رواه البخاري (7405) ومسلم (2675) عن أبي هريرة، وجملة (فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي.. ) لا تثبت وهي من تصرفات الرواة وزياداتهم كما يتبين لكل من تتبع ألفاظه في الصحيحين وغيرهما، وأصله من الإسرائيليات، وهذه الجملة - المنكرة أو الشاذة - بالأخص هي من رواية الأعمش عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة كما في البخاري (6856) ومسلم (4851) والأعمش من المدلسين وإن صرح بالسماع في بعض الروايات المروية عنه. لا سيما وقد رواه غير الأعمش عن أبي صالح السمان وليس فيه تلك الزيادة كما سيأتي. وقد رواه أيضاً دون هذه الجملة عدة، منهم: البخاري (6951) من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بلفظ: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني) وليس فيه تلك الزيادة. ومنها عند مسلم (4849) والبخاري في الأدب (619) من طريق جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرةبلفظ: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني) وليس فيه تلك الزيادة. ورواه أحمد (2/540) من حديث أم الدرداء عن أبي هريرة بأسانيد صحيحة ومن حديث أم الدرداء عن أبي الدرداء عند الحاكم وصححه (4/371) بلفظ: (أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت شفتاه). ورواه تمام في فوائده (1/177/416) من حديث ابن مسعود بلفظ: (أنا عند حسن ظني عبدي بي وأنا أذكره كلما ذكرني). ورواه أحمد (12715) بسند صحيح من طريق شعبة عن قتادة عن أنس بلفظ: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني). وليس فيه تلك الزيادة وكل ذلك بحسب الصناعة الحديثية يفيد أن هذه الزيادة هي من تصرفات الرواة ولا تثبت، وقاعدة أن زيادة الثقة مقبولة ليست صحيحة على إطلاقها، لا سيما وقد رواه مسلم (4927) من طريق زيد بن أسلم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة بلفظ: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني والله لله أفرح بتوبة عبده..). فكيف إذا انضاف إلى ذلك إلى أن أصل مادة هذا الحديث من الإسرائيليات التي تصرف الرواة فيها بحكايته بألفاظ متعددة؟! كما يفهم من خلال تتبع رواياته المختلفة ومن خلال كلام الحفاظ! فقد قال الحافظ السيوطي في "الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة" ص (3-4) حيث قال: [حديث أنا جليس من ذكرني. البيهقي في الشعب من الإسرائيليات، ثم أورد معناه من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: (أنا مع عبدي ما ذكرني، وتحركت بي شفتاه). قلت: ... وأسنده –الديلمي- من طريق عمرو بن الحكم عن ثوبان مرفوعاً: قال الله: يا موسى أنا جليس عبدي حين يذكرني، وأنا معه إذا دعاني. وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" عن كعب: قال موسى: يا رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ قال: يا موسى أنا جليس من ذكرني..]. قلت: ما عزاه لمصنف عبد الرزاق صوابه ابن أبي شيبة (7/73)، فكيف إذا انضاف لذلك قول بسر بن سعيد التابعي الثقة الذي هو من رجال الصحيحين –وهو تلميذ أبي هريرة- حيث يقول: ((اتقوا الله وتحفظوا من الحديث، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدِّث عن رسول الله ، ويحدِّثنا عن كعب، ثمَّ يقوم، فأسمع بعض مَنْ كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب، ويجعل حديث كعب عن رسول الله )). وهو صحيح ثابت عنه. وقال البيهقي في ((الأسماء والصفات)) ص (286) أيضاً: [ومعنى قول من قال: الله سبحانه وتعالى نفس، أنه موجود ثابت غير مُنْتَفٍ، ولا معدوم، وكل موجود نَفْس، وكل معدوم ليس بنفس. والنَّفْس في كلام العرب على وجوه؛ فمنها: نَفْس منفوسة مجسمة مروحة، ومنها: مجسمة غير مروحة، تعالى الله عن هذين علواً كبيراً، ومنها: نَفْس بمعنى إثبات الذات كما تقول في الكلام: هذا نَفْس الأمر، تريد إثبات الأمر لا أن له نَفْساً منفوسة أو جسماً مروحاً، فعلى هذا المعنى يقال في الله سبحانه إنه نفس، لا أن له نفساً منفوسة أو جسماً مروحاً، وقد قيل في قوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} المائدة: 116، أي تعلم ما أُكِنُّهُ وأُسِرُّهُ ولا علم لي بما تستره عني وتغيبه]. وهذا تأويل من الحافظ البيهقي أو ممن ينقل عنه البيهقي لهذه الآية الكريمة حيث لم يُثْبِتُ بها الكلامَ النفسيَّ وإنما أوَّلها بما هو مغاير للكلام النفسي. وأوَّلَه أيضاً ابن حجر في "الفتح" (13/386) فقال: [قوله (فإن ذكرني في نَفْسه ذكرته في نفسي) أي: إن ذَكَرَني بالتنزيه والتقديس سِرَّاً ذكرته بالثواب والرحمة سِرَّاً].
وهو ما رواه أبو صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((يقول الله تعالى: أنا مع عبدي حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه))
أقول:
رواه البخاري (7405) ومسلم (2675) عن أبي هريرة، وجملة (فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي.. ) لا تثبت وهي من تصرفات الرواة وزياداتهم كما يتبين لكل من تتبع ألفاظه في الصحيحين وغيرهما، وأصله من الإسرائيليات، وهذه الجملة - المنكرة أو الشاذة - بالأخص هي من رواية الأعمش عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة كما في البخاري (6856) ومسلم (4851) والأعمش من المدلسين وإن صرح بالسماع في بعض الروايات المروية عنه. لا سيما وقد رواه غير الأعمش عن أبي صالح السمان وليس فيه تلك الزيادة كما سيأتي. وقد رواه أيضاً دون هذه الجملة عدة، منهم: البخاري (6951) من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بلفظ: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني) وليس فيه تلك الزيادة. ومنها عند مسلم (4849) والبخاري في الأدب (619) من طريق جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرةبلفظ: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني) وليس فيه تلك الزيادة. ورواه أحمد (2/540) من حديث أم الدرداء عن أبي هريرة بأسانيد صحيحة ومن حديث أم الدرداء عن أبي الدرداء عند الحاكم وصححه (4/371) بلفظ: (أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت شفتاه). ورواه تمام في فوائده (1/177/416) من حديث ابن مسعود بلفظ: (أنا عند حسن ظني عبدي بي وأنا أذكره كلما ذكرني). ورواه أحمد (12715) بسند صحيح من طريق شعبة عن قتادة عن أنس بلفظ: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني). وليس فيه تلك الزيادة وكل ذلك بحسب الصناعة الحديثية يفيد أن هذه الزيادة هي من تصرفات الرواة ولا تثبت، وقاعدة أن زيادة الثقة مقبولة ليست صحيحة على إطلاقها، لا سيما وقد رواه مسلم (4927) من طريق زيد بن أسلم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة بلفظ: (أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني والله لله أفرح بتوبة عبده..). فكيف إذا انضاف إلى ذلك إلى أن أصل مادة هذا الحديث من الإسرائيليات التي تصرف الرواة فيها بحكايته بألفاظ متعددة؟! كما يفهم من خلال تتبع رواياته المختلفة ومن خلال كلام الحفاظ! فقد قال الحافظ السيوطي في "الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة" ص (3-4) حيث قال: [حديث أنا جليس من ذكرني. البيهقي في الشعب من الإسرائيليات، ثم أورد معناه من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: (أنا مع عبدي ما ذكرني، وتحركت بي شفتاه). قلت: ... وأسنده –الديلمي- من طريق عمرو بن الحكم عن ثوبان مرفوعاً: قال الله: يا موسى أنا جليس عبدي حين يذكرني، وأنا معه إذا دعاني. وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" عن كعب: قال موسى: يا رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ قال: يا موسى أنا جليس من ذكرني..]. قلت: ما عزاه لمصنف عبد الرزاق صوابه ابن أبي شيبة (7/73)، فكيف إذا انضاف لذلك قول بسر بن سعيد التابعي الثقة الذي هو من رجال الصحيحين –وهو تلميذ أبي هريرة- حيث يقول: ((اتقوا الله وتحفظوا من الحديث، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدِّث عن رسول الله ، ويحدِّثنا عن كعب، ثمَّ يقوم، فأسمع بعض مَنْ كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب، ويجعل حديث كعب عن رسول الله )). وهو صحيح ثابت عنه. وقال البيهقي في ((الأسماء والصفات)) ص (286) أيضاً: [ومعنى قول من قال: الله سبحانه وتعالى نفس، أنه موجود ثابت غير مُنْتَفٍ، ولا معدوم، وكل موجود نَفْس، وكل معدوم ليس بنفس. والنَّفْس في كلام العرب على وجوه؛ فمنها: نَفْس منفوسة مجسمة مروحة، ومنها: مجسمة غير مروحة، تعالى الله عن هذين علواً كبيراً، ومنها: نَفْس بمعنى إثبات الذات كما تقول في الكلام: هذا نَفْس الأمر، تريد إثبات الأمر لا أن له نَفْساً منفوسة أو جسماً مروحاً، فعلى هذا المعنى يقال في الله سبحانه إنه نفس، لا أن له نفساً منفوسة أو جسماً مروحاً، وقد قيل في قوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} المائدة: 116، أي تعلم ما أُكِنُّهُ وأُسِرُّهُ ولا علم لي بما تستره عني وتغيبه]. وهذا تأويل من الحافظ البيهقي أو ممن ينقل عنه البيهقي لهذه الآية الكريمة حيث لم يُثْبِتُ بها الكلامَ النفسيَّ وإنما أوَّلها بما هو مغاير للكلام النفسي. وأوَّلَه أيضاً ابن حجر في "الفتح" (13/386) فقال: [قوله (فإن ذكرني في نَفْسه ذكرته في نفسي) أي: إن ذَكَرَني بالتنزيه والتقديس سِرَّاً ذكرته بالثواب والرحمة سِرَّاً].