صفحة 1 من 1

تعليق على قوله تعالى: (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ):

مرسل: السبت نوفمبر 09, 2024 2:33 pm
بواسطة عود الخيزران
تعليق على قوله تعالى: (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ):

قلت في رسالة الرؤية ـ مسألة رؤية الله في الدنيا والآخرة ــ : [واستدل بعض الناس على الرؤية بقوله تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ} الأحزاب: 44، وقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} الكهف: 110، وغيرها من الآيات التي ذُكر فيها اللِّقاء، وبينت أن لفظ اللقاء لا يفيد الرؤية، فلو كان لفظ في اللقاء يدلُّ على أن المؤمنين يرون الله تعالى لوجب أن يدل مثل قوله تعالى: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} التوبة: 77، على أن المنافقين يرونه وهم لا يقولون بذلك لأن {الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ}النساء: 145، وقد قال الله في هؤلاء وأمثالهم {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} المطففين:15، فكيف يرون الله تعالى! وأما قوله تعالى عن الموت: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْن الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}آل عمران:143، هم لم يروه ولم ينظروه بل ذاقوه! وكل ذلك مجاز ولا يراد منه الرؤية البصرية! قال ابن الوزير حاكياً الجواب في ذلك في كتابه ((العواصم والقواصم)) (5/230): [والأصل في الجواب عن ذلك أن اللقاء ليس هو بمعنى الرؤية، ولهذا استعمل أحدهما حيث لا يستعمل الآخر، وعلى هذا فإن الأعمى يقول: لقيت فلاناً، وجلست بين يديه وقرأت عليه، ولا يقول رأيته، وكذلك يسأل أحدهم غيره، هل لقيت الملك؟ فيقول: لا ولكني رأيته على القصر]. ولقاؤه تعالى بالنسبة للمؤمنين هو إثابته لهم، ولقاؤه سبحانه للمنافقين والكافرين هو عقابهم أي لقاء عقابه أو لقاء ملائكته سبحانه. وينبغي التدبر في مثل قوله تعالى:{فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا﴾ الأعراف: 51، وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} الأعراف: 147، فهذا كله لا يفيد الرؤية البتة].