التعليق على حديث النزول:
مرسل: السبت نوفمبر 09, 2024 2:52 pm
التعليق على حديث النزول:
وقد جاء بلفظ:
(إن الله تعالى يمهل حتى إذا كان ثلث الليل الأخير ينزل إلى هذه السماء الدنيا فينادي هل من مذنب يتوب؟ هل من مستغفر؟ هل من داع؟ هل من سائل؟ إلى الفجر).
أقول:
حديث النزول مروي في الصحيحين ولنا فيه كلام وهذا اللفظ رواه مسلم (758) عن أبي هريرة ولفظه: ((إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ هَلْ مِنْ تَائِبٍ هَلْ مِنْ سَائِلٍ هَلْ مِنْ دَاعٍ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ)). وهذا الحديث لا يصح عندنا وهو من جملة الإسرائيليات المروية عن كعب الأحبار كما سيتبين في التعليق التالي مفصلاً، لكن على قول من يقول بصحته نقول: النزول إنما هو لِمَلَكٍ من الملائكة ينزل بأمر الله تعالى، فقد جاءت روايات صحيحة تثبت ذلك، فرواه النسائي في السنن الكبرى (6/124) من حديث أبي سعيد وأبي هريرة مرفوعاً: ((إنَّ الله تعالى يُمْهِلُ حتى يمضي شطر الليل ثم يأمر منادياً أن ينادي يقول: هل من داع فيستجاب له....)). وإسناده صحيح. ورواه أحمد (4/22و217) والطبراني (9/51) والبزار (4/44كشف الأستار) من حديث عثمان بن أبي العاص بأسانيد صحيحة كذلك أنه (ينادي منادٍ). فهذا كله يعكِّر على المجسمة استدلالهم بالحديث على ما يريدون. ويرد تعليل الألباني المتناقض لحديث النسائي الصحيح بحفص بن غياث وهو ثقة من رجال الصحيحين. وهناك رواية شاذة تمسَّك بها بعض المجسمة وهي من حديث رِفَاعة الجُهَني مرفوعاً: ((إذا مضى من الليل نصفه أو ثلثاه هبط الله إلى السماء الدنيا، ثم يقول: لا أسأل عن عبادي غيري، من ذا الذي يستغفرني؟ أغفر له، من ذا الذي يدعوني أستجب له؟ من ذا الذي يسألني أعطيه حتى يطلع الفجر)). رواها النسائي في "الكبرى" (6/123)، والدارمي (1481) وابن حبان (1/444)، وغيرهم، وقد وقع استدلال المجسمة وتمسكهم بلفظ (لا أسأل عن عبادي غيري) في إثبات أن النازل هو الله تعالى وليس مَلَكاً من الملائكة! مع أنها عبارة ضعيفة الصياغة والمعنى، وهو استدلال باطل فاسد لأن هذا اللفظ لا يثبت وهو من تصرُّف بعض الرواة في حكاية المتن، وهو من طريق هلال بن علي بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن رِفَاعة الجهني، وهلال هذا فيه كلام وهو صاحب حديث الجارية بلفظ (أين الله) وهي من طريق يحيى بن أبي كثير عن هلال هذا أي نفس الإسناد من هذه الجهة وهو مضطرب كما بيناه في التعليق على النص رقم (1) في كتاب "العلو" هذا! والإسناد هنا في حديث النزول هذا غريب فرد تفرَّد به هلال من هذه الجهة، قال الحافظ المزي في ترجمة هلال في "تهذيب الكمال" (30/344) ما نصه : [قال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه. وقال النسائي: ليس به بأس] . قال الذهبي في "السير" (6/360): [قلت: قد علمت بالاستقراء التام أنَّ أبا حاتم الرازي إذا قال في رجل يُكْتَب حديثه أنه عنده ليس بحجة]. وفي كتاب "الجرح والتعديل" (6/109): أنَّ الشيخ هو: ضعيف الحديث. وراوي الحديث الصحابي رِفَاعَة بن عَرَابَة الجُهَني قال الحافظ ابن حجر في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (3/244): [وذكر مسلم أن عطاء بن يسار تفرَّد بالرواية عنه]. ورواه الآجُرِّي في "الشريعة" (711) من طريق: [عبد الله بن المبارك قال: حدثنا هشام الدستوائي, عن يحيى بن أبي كثير, عن هلال بن أبي ميمونة, عن رفاعة الجهني. قال ابن صاعد: هكذا قال لنا: عن عبد الله بن المبارك ويقصر من الإسناد عطاء بن يسار]. ثم رواه الآجُرِّي عقبه (برقم712) بسند آخر فقال: [وأخبرنا أبو بكر بن أبي داود قال: حدثنا محمد بن خلف العسقلاني قال: حدثنا رواد بن الجراح قال: حدثنا الأوزاعي, عن يحيى ابن أبي كثير, عن هلال بن أبي ميمونة, عن رِفَاعة الجُهَني]. دون أن يذكر هلالُ عطاءَ بنَ يسار أيضاً. وهذا يبين ضعف رواية هلال بن ميمونة في رواية هذا الحديث واضطرابه! ورواه الطبراني في "الكبير" (5/50/برقم4557) بسند صحيح من طريق هلال بن ميمونة عن عطاء عن رِفَاعة بلفظ: [إذا مضى نصف الليل أو ثلث الليل ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا فيقول: من هذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ من هذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من هذا الذي يسألني فأعطيه؟ حتى ينفجر الفجر]. وليس فيه الجملة التي تشبَّث المجسمة بها وهي: (لا أسأل عن عبادي غيري) وهذا يؤكِّد لنا أن الاضطراب والعلة في هذه الرواية من هلال هذا! وعدم ثبوت هذه الجملة وكونها من الزيادات المردودة لبعض الرواة. ورواه اللالكائي (3/494): [أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخَزَّازُ أَمْلَاهُ عَلَيْنَا مِنْ كِتَابِهِ قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي هِلَالٌ أَنَّ عَطَاءً حَدَّثَهُ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ حَدَّثَهُ قَالَ:..] فذكره. ورجاله إلى هلال ثقات، وهذا اضطراب في الإسناد يوجب تعليل الحديث. ولا رواية لعطاء عن عقبة بن عامر! ورواه مسلم في صحيحه (758) فقال: [حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى (بن أبي كثير)، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: ((إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ))]. وليس فيه تلك الزيادة. وعلى كل الأحوال فهذه مما يزيد تأكيد الاضطراب والضَّعف في رواية رِفَاعة بن عَرَابَة، أضف إلى ذلك أن فيه ألفاظاً منكرة جداً مثل: (هبط) وكذلك: (لا أسأل عن عبادي غيري) وهي جملة ضعيفة الصياغة، ركيكة غير واضحة المعنى. كما قدَّمنا. والحديث برمته لا نقول بصحته من جميع طرقة وإنما هو مما رويَ عن كعب الأحبار من الإسرائيليات، والله المستعان.
وقد جاء بلفظ:
(إن الله تعالى يمهل حتى إذا كان ثلث الليل الأخير ينزل إلى هذه السماء الدنيا فينادي هل من مذنب يتوب؟ هل من مستغفر؟ هل من داع؟ هل من سائل؟ إلى الفجر).
أقول:
حديث النزول مروي في الصحيحين ولنا فيه كلام وهذا اللفظ رواه مسلم (758) عن أبي هريرة ولفظه: ((إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ هَلْ مِنْ تَائِبٍ هَلْ مِنْ سَائِلٍ هَلْ مِنْ دَاعٍ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ)). وهذا الحديث لا يصح عندنا وهو من جملة الإسرائيليات المروية عن كعب الأحبار كما سيتبين في التعليق التالي مفصلاً، لكن على قول من يقول بصحته نقول: النزول إنما هو لِمَلَكٍ من الملائكة ينزل بأمر الله تعالى، فقد جاءت روايات صحيحة تثبت ذلك، فرواه النسائي في السنن الكبرى (6/124) من حديث أبي سعيد وأبي هريرة مرفوعاً: ((إنَّ الله تعالى يُمْهِلُ حتى يمضي شطر الليل ثم يأمر منادياً أن ينادي يقول: هل من داع فيستجاب له....)). وإسناده صحيح. ورواه أحمد (4/22و217) والطبراني (9/51) والبزار (4/44كشف الأستار) من حديث عثمان بن أبي العاص بأسانيد صحيحة كذلك أنه (ينادي منادٍ). فهذا كله يعكِّر على المجسمة استدلالهم بالحديث على ما يريدون. ويرد تعليل الألباني المتناقض لحديث النسائي الصحيح بحفص بن غياث وهو ثقة من رجال الصحيحين. وهناك رواية شاذة تمسَّك بها بعض المجسمة وهي من حديث رِفَاعة الجُهَني مرفوعاً: ((إذا مضى من الليل نصفه أو ثلثاه هبط الله إلى السماء الدنيا، ثم يقول: لا أسأل عن عبادي غيري، من ذا الذي يستغفرني؟ أغفر له، من ذا الذي يدعوني أستجب له؟ من ذا الذي يسألني أعطيه حتى يطلع الفجر)). رواها النسائي في "الكبرى" (6/123)، والدارمي (1481) وابن حبان (1/444)، وغيرهم، وقد وقع استدلال المجسمة وتمسكهم بلفظ (لا أسأل عن عبادي غيري) في إثبات أن النازل هو الله تعالى وليس مَلَكاً من الملائكة! مع أنها عبارة ضعيفة الصياغة والمعنى، وهو استدلال باطل فاسد لأن هذا اللفظ لا يثبت وهو من تصرُّف بعض الرواة في حكاية المتن، وهو من طريق هلال بن علي بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن رِفَاعة الجهني، وهلال هذا فيه كلام وهو صاحب حديث الجارية بلفظ (أين الله) وهي من طريق يحيى بن أبي كثير عن هلال هذا أي نفس الإسناد من هذه الجهة وهو مضطرب كما بيناه في التعليق على النص رقم (1) في كتاب "العلو" هذا! والإسناد هنا في حديث النزول هذا غريب فرد تفرَّد به هلال من هذه الجهة، قال الحافظ المزي في ترجمة هلال في "تهذيب الكمال" (30/344) ما نصه : [قال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه. وقال النسائي: ليس به بأس] . قال الذهبي في "السير" (6/360): [قلت: قد علمت بالاستقراء التام أنَّ أبا حاتم الرازي إذا قال في رجل يُكْتَب حديثه أنه عنده ليس بحجة]. وفي كتاب "الجرح والتعديل" (6/109): أنَّ الشيخ هو: ضعيف الحديث. وراوي الحديث الصحابي رِفَاعَة بن عَرَابَة الجُهَني قال الحافظ ابن حجر في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (3/244): [وذكر مسلم أن عطاء بن يسار تفرَّد بالرواية عنه]. ورواه الآجُرِّي في "الشريعة" (711) من طريق: [عبد الله بن المبارك قال: حدثنا هشام الدستوائي, عن يحيى بن أبي كثير, عن هلال بن أبي ميمونة, عن رفاعة الجهني. قال ابن صاعد: هكذا قال لنا: عن عبد الله بن المبارك ويقصر من الإسناد عطاء بن يسار]. ثم رواه الآجُرِّي عقبه (برقم712) بسند آخر فقال: [وأخبرنا أبو بكر بن أبي داود قال: حدثنا محمد بن خلف العسقلاني قال: حدثنا رواد بن الجراح قال: حدثنا الأوزاعي, عن يحيى ابن أبي كثير, عن هلال بن أبي ميمونة, عن رِفَاعة الجُهَني]. دون أن يذكر هلالُ عطاءَ بنَ يسار أيضاً. وهذا يبين ضعف رواية هلال بن ميمونة في رواية هذا الحديث واضطرابه! ورواه الطبراني في "الكبير" (5/50/برقم4557) بسند صحيح من طريق هلال بن ميمونة عن عطاء عن رِفَاعة بلفظ: [إذا مضى نصف الليل أو ثلث الليل ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا فيقول: من هذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ من هذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من هذا الذي يسألني فأعطيه؟ حتى ينفجر الفجر]. وليس فيه الجملة التي تشبَّث المجسمة بها وهي: (لا أسأل عن عبادي غيري) وهذا يؤكِّد لنا أن الاضطراب والعلة في هذه الرواية من هلال هذا! وعدم ثبوت هذه الجملة وكونها من الزيادات المردودة لبعض الرواة. ورواه اللالكائي (3/494): [أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخَزَّازُ أَمْلَاهُ عَلَيْنَا مِنْ كِتَابِهِ قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي هِلَالٌ أَنَّ عَطَاءً حَدَّثَهُ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ حَدَّثَهُ قَالَ:..] فذكره. ورجاله إلى هلال ثقات، وهذا اضطراب في الإسناد يوجب تعليل الحديث. ولا رواية لعطاء عن عقبة بن عامر! ورواه مسلم في صحيحه (758) فقال: [حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى (بن أبي كثير)، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: ((إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ))]. وليس فيه تلك الزيادة. وعلى كل الأحوال فهذه مما يزيد تأكيد الاضطراب والضَّعف في رواية رِفَاعة بن عَرَابَة، أضف إلى ذلك أن فيه ألفاظاً منكرة جداً مثل: (هبط) وكذلك: (لا أسأل عن عبادي غيري) وهي جملة ضعيفة الصياغة، ركيكة غير واضحة المعنى. كما قدَّمنا. والحديث برمته لا نقول بصحته من جميع طرقة وإنما هو مما رويَ عن كعب الأحبار من الإسرائيليات، والله المستعان.