بيان عدم صحة حديث أبي هريرة فيما يتعلق بمسألة النزول:
مرسل: السبت نوفمبر 09, 2024 2:53 pm
بيان عدم صحة حديث أبي هريرة فيما يتعلق بمسألة النزول:
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قال: ((ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا: حيث يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟)
أقول:
هذا الخبر عندنا كلام إسرائيلي وليس بحديث. رواه البخاري (1077) و (5648) و (6940) ومسلم (1261) عن أبي هريرة مرفوعاً وهو حديث فرد غريب. والحق أنه من كلام كعب الأحبار الذي نقله من التوراة المحرَّفة وليس بحديث وإن روي في الصحيحين!! فقد رواه أبو نُعَيم في "الحلية" (6/4) بسند حسن من كلام كعب الأحبار اليهودي، ولفظه: (عن كعب قال إن لله تعالى ملكاً على صورة ديك رجلاه في التخوم الأسفل من الأرض ورأسه تحت العرش، فما من ليلة إلا والجبار تعالى ينزل إلى السماء الدنيا فيقول ألا من سائل فيعطى ألا من تائب فيتاب عليه ألا من مستغفر فيغفر له). وغاية أمر حديث أبي هريرة الذي في الصحيحين عند من يصححه مرفوعاً من المنزهة أن يذهب إلى أنه صحيح الإسناد ولا يقول بظاهره!! ولذلك نقل النووي في شرحه على صحيح مسلم (6/36) عن جماعات من السلف ومالك والأوزاعي أنها تتأول بنزول رحمته سبحانه، أو كما قال: (على الاستعارة ومعناه: الاقبال على الداعين بالإجابة واللطف).
ولنا فيه كلام طويل سابغ الذيل ذكرنا بعضه في كتبنا وتعليقاتنا السابقة وبعض ذلك في التعليق السابق. والاستدلال بهذا الحديث على أنَّ الله تعالى في السماء أو فوق العرش باطل من وجوه ذكرناها هناك نلخصها هنا بالنقاط التالية:
1- أن في الأخذ بظاهر هذا الحديث إثبات حلول الله تعالى في السماء الدنيا وهي من جملة خلقه، أي حلول الله الخالق المنزه عن المكان في المخلوق المحدود. فصارت السماء إذن أكبرمنه فإذا كانت المسألة عند المجسمة بضخامة الأجسام وكبر حجمها بطل قولهم الله أكبر!! وكل هذا باطل محال!! وقول من قال هنا: (بلا كيف ولا تشبيه ولا تمثيل) لا قيمة له!
ومن العجيب الغريب قول ابن قيم الجوزية الزرعي في "اجتماع الجيوش الإسلامية" (ص 135 برقم 34 بتحقيقنا) -كما ذكرنا في مقدّمتنا على كتاب العلو- (أنَّ الله ينزل فيجلس على كرسيه وله في كل سماء كرسي)! تعالى الله عن هذا الهراء علواً كبيراً!
2- أنه جاءت أحاديث صحيحة تثبت أن النزول هو نزول مَلَك من ملائكة الله تعالى ينادي في الشطر الأخير من الليل بأمر الله تعالى: هل من داع فيستجاب له هل من ذا حاجة.... وهذا رواه النسائي في السنن الكبرى (6/124) من حديث أبي سعيد وأبي هريرة مرفوعاً: ((إنَّ الله تعالى يمهل حتى يمضي شطر الليل ثم يأمر منادياً أن ينادي يقول: هل من داع فيستجاب له....)). وإسناده صحيح. ورواه أحمد (4/22و217) والطبراني (9/51) والبزار (4/44كشف الأستار) من حديث عثمان بن أبي العاص بأسانيد صحيحة كذلك أنه ينادي منادٍ. فهذا كله مما يعكِّر على المجسمة استدلالهم بالحديث على ما يريدون.
3- أنَّ الحافظ ابن حجر ذكر في (( الفتح)) (3/30) أن بعض المشايخ ضبط الحديث الذي أورده المصنف هنا بضم ياء (يُـنْزِل). فتكون لفظة (أنا الملك) من زيادات الرواة قطعاً.
4- أنَّ عقيدة نزول الله حقيقة إلى السماء الدنيا في شطر الليل الآخر باطلة بصريح المعقول، لأنَّ شطر الليل مستمر على وجه الكرة الأرضية طوال الأربع والعشرين ساعة.
وبهذا التقرير رُفِع الإشكال والله المعين.
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قال: ((ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا: حيث يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟)
أقول:
هذا الخبر عندنا كلام إسرائيلي وليس بحديث. رواه البخاري (1077) و (5648) و (6940) ومسلم (1261) عن أبي هريرة مرفوعاً وهو حديث فرد غريب. والحق أنه من كلام كعب الأحبار الذي نقله من التوراة المحرَّفة وليس بحديث وإن روي في الصحيحين!! فقد رواه أبو نُعَيم في "الحلية" (6/4) بسند حسن من كلام كعب الأحبار اليهودي، ولفظه: (عن كعب قال إن لله تعالى ملكاً على صورة ديك رجلاه في التخوم الأسفل من الأرض ورأسه تحت العرش، فما من ليلة إلا والجبار تعالى ينزل إلى السماء الدنيا فيقول ألا من سائل فيعطى ألا من تائب فيتاب عليه ألا من مستغفر فيغفر له). وغاية أمر حديث أبي هريرة الذي في الصحيحين عند من يصححه مرفوعاً من المنزهة أن يذهب إلى أنه صحيح الإسناد ولا يقول بظاهره!! ولذلك نقل النووي في شرحه على صحيح مسلم (6/36) عن جماعات من السلف ومالك والأوزاعي أنها تتأول بنزول رحمته سبحانه، أو كما قال: (على الاستعارة ومعناه: الاقبال على الداعين بالإجابة واللطف).
ولنا فيه كلام طويل سابغ الذيل ذكرنا بعضه في كتبنا وتعليقاتنا السابقة وبعض ذلك في التعليق السابق. والاستدلال بهذا الحديث على أنَّ الله تعالى في السماء أو فوق العرش باطل من وجوه ذكرناها هناك نلخصها هنا بالنقاط التالية:
1- أن في الأخذ بظاهر هذا الحديث إثبات حلول الله تعالى في السماء الدنيا وهي من جملة خلقه، أي حلول الله الخالق المنزه عن المكان في المخلوق المحدود. فصارت السماء إذن أكبرمنه فإذا كانت المسألة عند المجسمة بضخامة الأجسام وكبر حجمها بطل قولهم الله أكبر!! وكل هذا باطل محال!! وقول من قال هنا: (بلا كيف ولا تشبيه ولا تمثيل) لا قيمة له!
ومن العجيب الغريب قول ابن قيم الجوزية الزرعي في "اجتماع الجيوش الإسلامية" (ص 135 برقم 34 بتحقيقنا) -كما ذكرنا في مقدّمتنا على كتاب العلو- (أنَّ الله ينزل فيجلس على كرسيه وله في كل سماء كرسي)! تعالى الله عن هذا الهراء علواً كبيراً!
2- أنه جاءت أحاديث صحيحة تثبت أن النزول هو نزول مَلَك من ملائكة الله تعالى ينادي في الشطر الأخير من الليل بأمر الله تعالى: هل من داع فيستجاب له هل من ذا حاجة.... وهذا رواه النسائي في السنن الكبرى (6/124) من حديث أبي سعيد وأبي هريرة مرفوعاً: ((إنَّ الله تعالى يمهل حتى يمضي شطر الليل ثم يأمر منادياً أن ينادي يقول: هل من داع فيستجاب له....)). وإسناده صحيح. ورواه أحمد (4/22و217) والطبراني (9/51) والبزار (4/44كشف الأستار) من حديث عثمان بن أبي العاص بأسانيد صحيحة كذلك أنه ينادي منادٍ. فهذا كله مما يعكِّر على المجسمة استدلالهم بالحديث على ما يريدون.
3- أنَّ الحافظ ابن حجر ذكر في (( الفتح)) (3/30) أن بعض المشايخ ضبط الحديث الذي أورده المصنف هنا بضم ياء (يُـنْزِل). فتكون لفظة (أنا الملك) من زيادات الرواة قطعاً.
4- أنَّ عقيدة نزول الله حقيقة إلى السماء الدنيا في شطر الليل الآخر باطلة بصريح المعقول، لأنَّ شطر الليل مستمر على وجه الكرة الأرضية طوال الأربع والعشرين ساعة.
وبهذا التقرير رُفِع الإشكال والله المعين.