صفحة 1 من 1

بطلان حديث: ( جنتان من فضة ...وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى وجه ربهم في جنة عدن إلا رداء الكيرياء على وجهه):

مرسل: الأحد نوفمبر 10, 2024 2:32 pm
بواسطة عود الخيزران
بطلان حديث: ( جنتان من فضة ...وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى وجه ربهم في جنة عدن إلا رداء الكيرياء على وجهه):

يروى عنه صلى الله عليه وسلم : ((جنتان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى وجه ربهم في جنة عدن إلا رداء الكبرياء على وجهه))

أقول:

لا يثبت وهو من الشاذ المردود. رواه البخاري (4878) ومسلم (180)، وهو هنا في الصحيحين، وأبو بكر بن أبي موسى قال في ترجمته الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (12/42): [وأبو بكر أرضى عندهم من أبي بردة، وكان يذهب مذهب أهل الشام جاءه أبو غادية الجهني قاتل عمارة فأجلسه إلى جانبه وقال مرحباً بأخي، وقال محمد بن عبد الله بن نمير: كان أكبر من أبي بردة .. وقال عبد الله بن أحمد في العلل: قلت لأبي: فأبو بكر بن أبي موسى سمع من أبيه قال: لا، وقال ابن سعد: اسمه كنيته وكان قليل الحديث يستضعف]. وقال المزي في "تهذيب الكمال" (33/66) في ترجمة أخيه أبي بردة: [أبو بردة بن أبي موسى الأشعري اسمه الحارث ويقال عامر بن عبد الله بن قيس ويقال اسمه كنيته تابعي فقيه من أهل الكوفة وولي القضاء بها فعزله الحجاج وولى مكانه أخاه أبا بكر]. فعلى هذا أبو بكر هذا على مشرب الأمويين والظاهر أنه هو الذي أكرم أبا الغادية المبشر بالنار في الحديث الصحيح لأنه قاتل سيدنا عمار، ولذا نص ابن سعد على أنه يستضعف، والراوي عنه، وهذا الحديث رواه عنه أبو عمران الجَوْني، وأبو عمران له روايات وزيادات شاذة مثل رواية: (سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ) فقوله فيه (وأنت في صلب آدم) زيادة خالف فيها بقية الرواة وهي شاذة مردودة، وأبو عمران الجَوني يروي إسرائيليات عن نوف البكالي ابن امرأة كعب الأحبار مباشرة وعن كعب الأحبار بواسطة، ومن العجيب ما في كتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8/505) بإسناده عن أبي عمران الجَوْني أنه قال: [كان نوف بن امرأة كعب أحد العلماء]. وهو يهودي كذاب، قال عنه ابن عباس: (كذب عدو الله) كما في البخاري (1/218/122). ومن أمثلة ما رواه الجوني عن نوف وعن كعب ما في تفسير ابن أبي حاتم (9/2973) وتفسير ابن كثير (2/612) و(3/253)، وقال النسائي: ليس به بأس . كما في "تهذيب الكمال" (18/299). وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5/346) في ترجمة أبي عمران الجوني: [سألت أبي عن أبي عمران الجوني فقال: صالح]. وهذا يشعر أنه ليس بثقة عندهما ولا يُحْتَجُّ بحديثه بل فيه كلام، خاصة عند أبي حاتم، عند من يفهم صناعة الحديث، قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/37): [وإذا قيل صالح الحديث فإنه يكتب حديثه للاعتبار]. وجعله دون الصدوق. وقال في "الجرح" (2/431): [سمعت أبى يقول: أبو صالح باذان صالح الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به]. وقد أطلت الكلام عليه في تعليقي الأخير على كتاب "العلو" للذهبي في التعليق على النص رقم (43). وأبو بكر بن أبي موسى هو وأخوه أبو بردة ممن كان يروي الإسرائيليات، ويتعلم من ابن سلام الإسرائيلي، كما في مصنف عبد الرزاق في المصنف (8/144) بسند صحيح ولفظه: (عن أبي بُرْدَة قال: أرسلني أبي إلى عبد الله بن سلام أتعلم منه..). فهما ممن يروي الإسرائيليات، ومنطق الإسرائيليات ظاهر على هذا الحديث بوضوح، وقد فصَّلْتُ الكلام عليه في كتاب الرؤية الحديث السابع هناك، وبينت علته سنداً ومتناً. ولذلك استشكل أهل العلم هذا الحديث كما في "فتح الباري" (13/433) فمن ذلك قول الحافظ هناك : [قال -الخَطَّابي-: وقد ورد ذكر الحجاب في عدة أحاديث صحيحة والله سبحانه وتعالى مُنَزَّهٌ عما يحجبه إذ الحجاب إنما يحيط بمقدار محسوس، ولكن المراد بحجابه منعه أبصار خلقه وبصائرهم ...]. قال الحافظ : [وقال النووي: أصل الحجاب المنع من الرؤية، والحجاب في حقيقة اللغة الستر، وإنما يكون في الأجسام والله سبحانه مُنَـَّزه عن ذلك، فعرف أن المراد المنع من رؤيته....].