صفحة 1 من 1

بيان ضعف حديث: (قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن):

مرسل: الجمعة نوفمبر 08, 2024 2:38 pm
بواسطة عود الخيزران
بيان ضعف حديث: (قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن):

قلت في شرحي على الجوهرة: ضعيف. رواه مسلم (2654) وأحمد (2/168) والترمذي (4/449/2141) وابن حبان (3/184) وغيرهم، وهو من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص وهو من رواة الإسرائيليات، تفرَّد به حميد بن هانىء عن عبد الله بن يزيد عن ابن عمرو بن العاص، وإذا اعتبرنا أن متابعة رشدين بن سعد لحيوة بن شريح لا عبرة بها وهو كذلك فالحديث مما تفرَّد به عبد الله بن يزيد المقري عن حيوة بن شريح عن حميد بن هانىء عن أبي عبد الرحمن الحبلي الذي هو عبد الله بن يزيد المعافري عن ابن عمرو وكل واحد تفرَّد به في الرواية ولم يروه غيره عن شيخه! وهذا يوجب ضعف الحديث وأنه غريب فرد في خمس طبقات! فالإسناد على هذا غير صحيح ولا حسن! وحميد بن هانىء قال عنه أبو حاتم: صالح، وقال النسائي: ليس به بأس، وهذا ينبيء أنه ليس من الثقات الذين يعتمد عليهم! ورواه ابن ماجه (199) والحاكم في ((المستدرك)) (1/525) وغيرهما من حديث النواس بن سمعان وهو أيضاً ممن يروي عن أهل الكتاب! ولفظ روايته: ((ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه)) وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك)) قال: ((والميزان بيد الرحمن يرفع أقواماً ويخفض آخرين إلى يوم القيامة)). فعندي أن هذا الحديث لا يصح لأنه صريح في الجبر ورواته ممن يروي من كتب أهل الكتاب. وقد ينتصر بعض الناس لصحة هذا الحديث بقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}الأنفال: 24، ومعنى الآية الكريمة عندنا: أن الله تعالى يطَّلع على كل ما يخطر ببال المرء لا يخفى عليه شيء من ضمائره وما في قلبه ونفسه مما لم يفصح به لأحد فكأنه بينه وبين قلبه. وأما إذا قلنا بأن الله تعالى يمنعه من الهدى أو من الإيمان فقد بطل التكليف والتخلية لهما. وقد أفردت جزءاً في تخريج هذا الحديث في ذيل هذا الكتاب (أي في آخره) مُفَصِّلاً لطرق وروايات هذا الحديث وما قد يستدل لصحته بعضهم من آيات يدعي بأنها تشهد لمعناه وبيان الصواب في ذلك، والله الموفق.