بعض الناس المشاغبين احتج علينا – بالباطل – على أن الأشعري نقل في "رسالة أهل الثغر" الإجماع على ثبوت الصراط....!!!

[عود الخيزران]

بعض الناس المشاغبين احتج علينا – بالباطل – على أن الأشعري نقل في "رسالة أهل الثغر" الإجماع على ثبوت الصراط....!!!

وأقول أولاً قبل الإجابة على ذلك: اللهم انصر أهلنا المظلومين في فلسطين وغزة وسائر أقطار الأرض وأغثهم وأمدهم بمددك وأعنهم وخفف عنهم يا أرحم الراحمين وفرج عنهم عاجلا وآجلا يا أكرم الأكرمين بجاه حبيبك الأعظم ورسلك الكرام يا الله، وصل على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما.

والجواب على ذلك:
أن هذا قطعاً من جملة البواطيل!
لأن هذا من جملة أعمال المقلدين الذين لا يفقهون!

وأقول: بأن هذا باطل لأمرين:
أولاً: لأن هناك خلافاً عند أهل السنة وعند غيرهم في هذه المسألة، والإجماع يشترط فيه اتفاق الأمة لا أهل السنة ولا أي طائفة أخرى وحدها، كما قرر ذلك علماء التوحيد والأصول كالإمام الغزالي في المستصفى والفخر الرازي وعبدالقاهر البغدادي وغيرهم حسب ما بيناه في مقالة سابقة موثقاً عنهم. لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا تجتمع أمتي) فاشترط الأمة جميعها فلا يعتبر إجماع طائفة.

وثانياً: لأن الإجماعات الموجودة في "رسالة أهل الثغر" وأمثالها إجماعات مضحكة باطلة! لو عرضنا لكم بعضها لأنكرتموها ورفضتموها!

وإليكم بعض تلك الإجماعات من "رسالة أهل الثغر" للأشعري وهي غير مسلم بها قطعاً:
قال هناك ص (226):
[الإجماع التاسع: وأجمعوا على أنه عز وجل.... فوق سمواته على عرشه دون أرضه وقد دل على ذلك بقوله أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض وقال إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه وقال الرحمن على العرش استوى وليس استواؤه على العرش استيلاء كما قال أهل القدر..].
وأنتم تعلمون أن قسماً من أهل السنة فسروه بالاستيلاء!!
فأين الإجماع ؟!
فقد فسر الفخر الرازي الاستواء بالاستيلاء (تفسيره16/136).
وقال الإمام الغزالي في "الإحياء" في كتاب قواعد العقائد (1/108):
[الذي أريد بالاستواء إلى السماء حيث قال في القرآن {ثم استوى إلى السماء...} وليس ذلك إلا بطريق القهر والاستيلاء].
وانظر "الاقتصاد في الاعتقاد" ص (104) بتحقيق الدكتور عادل العوا / طبع دار الأمانة / بيروت / 1969م.
فهل خالف الأشاعرة المنزهون المناهضون للأشعري الإجماع ؟!

وقال الأشعري في "رسالة أهل الثغر":
[وأن له عز و جل كرسياً دون العرش وقد دل الله سبحانه على ذلك بقوله وسع كرسيه السموات والأرض وقد جاءت الأحاديث عن النبي أن الله تعالى (يضع كرسيه يوم القيامة لفصل القضاء بين خلقه)].
أستغفر الله!
ويقصد حديث أبي ثعلبة مرفوعاً:
(يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده: إني لم أجعل علمي وحكمي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان فيكم ولا أبالي). هكذا رواه الطبراني في "معجمه الكبير" (2/84).
وفي إسناده رجل كذاب وهو العلاء بن مسلمة بن عثمان الرواس وضاع لا يحل الاحتجاج به [انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (22/539)].

وقال الأشعري في "رسالة أهل الثغر":
[وأجمعوا على أنه عز و جل يسمع ويرى وأن له تعالى يدين مبسوطتين].
وأنتم تعلمون أن كثيراً من العلماء أولوا اليدين بالقدرة وبالقوة!
فما رأيكم بالإجماعات الفارطة مع وجود الخلاف وعدم الاتفاق!

وما رأيكم بالإجماعات الكاذبة وتضليل الآخرين المخالفين بالترهات الفارغة ؟!
وعدم الرجوع للمتمكنين الفاهمين والعارفين بحقائق الأمور!
والله يوفقنا جميعا لنبذ التعصب والجهالة وتنقية الفكر على أسس صحيحة ومجانبة الزلل والهوى لنبني نهضة في فكر أهل السنة ونجتث التجسيم والتشبيه والحقد والبغض والكراهية للآخرين!

وأقول:
أبو الحسن الأشعري لم يدس عليه شيء.. وإنما الشيخ الكوثري رحمه الله تعالى قال بأن نسخة الإبانة المطبوعة في الهند أيام الشيخ الكوثري تلاعبت بها الأيدي الأثيمة.
وربما لم تتلاعب بها الايدي الأثيمة حسب ظني وإنما أراد رحمه صرف الوهابية عن الاحتجاج بما فيها.
فالأشعري معروف بميله إلى الحنابلة ودراسته عند الساجي الحنبلي..
وعبارات الأشعري في كتبه غير مقبولة عندنا لأنها موافقة لاعتقادات ابن تيمية.. وابن تيمية مروج لها في كتبه..
وفي تعليقاتي على كتاب "الإبانة" للأشعري رددت على كثير من الأفكار التي ذكرها الأشعري في ذلك الكتاب..
وفي كتابه مقالات الإسلاميين عبارات موافقة لما في "الإبانة"
والعلماء المنزهون العقلاء من أهل السنة الذين يطلق عليهم لقب الأشاعرة كإمام الحرمين والغزالي والفخر ليسوا على طريقة الأشعري ومخالفون له في الصفات وفي غير الصفات..
وإذا كان هناك من يدعي فعلاً بأن كتب الأشعري محرفة ومزورة غير النقول عن الشيخ الكوثري فليأتنا بذلك.. بطرق علمية صحيحة.. لنستفيد
فنحن يجب علينا أن نتبع الحق لا الأشخاص الذين يصيبون ويخطئون! نتبع الحق وننقي ما بين أيدينا من الزغل والغلط والخطأ ولا نتعصب إلا للكتاب الكريم والسنة المطهرة الثابتة الصحيحة عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله!
هذا هو طريق النجاح والفلاح والنهضة!
لا التقليد الأعمى والتعصب بالباطل للأفكار البالية والأشخاص غير المعصومين!
فالحق والحقائق غاية كل طالب علم مخلص صادق غير مكابر