تشويه الوهابية بالأكاذيب لصورة (المعز لدين الله الفاطمي) الذي بنى وأسس الأزهر والقاهرة: - بقلم حسن السقاف -

مناهضة الفكر التكفيري والرد على منهجهم وأفكارهم
أضف رد جديد
cisayman3
مشاركات: 300
اشترك في: السبت نوفمبر 11, 2023 8:00 pm

تشويه الوهابية بالأكاذيب لصورة (المعز لدين الله الفاطمي) الذي بنى وأسس الأزهر والقاهرة: - بقلم حسن السقاف -

مشاركة بواسطة cisayman3 »

كتب السلفيون الوهابيون والحاقدون مقالات عديدة لبث الفرقة بين المسلمين وبث الأحقاد بين مؤمني كافة الفرق والمذاهب الإسلامية، ومما كتبوه ونشروه وبثُّوه بين الطيبين من المسلمين لتضليلهم عن الحقيقة مقالاً بعنوان: (لماذا قاهرة المعز ؟!)!!
وذكر (السلفيون الوهابيون) في تلك المقالة التي قاموا بنشرها على الانترنت أن (المعز لدين الله) أمر بعالم سني اسمه أبو بكر النابلسي أن يُضرَب ثم يُسْلَخ جلده على يد يهودي بعدما رفض الجزارون المسلمون أن يسلخوا جلده.. إلى آخر ذلك الهراء.
وأوردوا في تلك المقالة عدة مغالطات وعزوها في آخر المقال إلى كتاب ((سير أعلام النبلاء)) للحافظ الذهبي، وكتاب ((البداية والنهاية)) لابن كثير، وهذان الإثنان من تلاميذ ابن تيمية إمام السلفية الوهابية، والناس غير متفرغين لمراجعة تلك المراجع والتأكد من صحة أسانيد ما أورده (الوهابيون) من مغالطات وقصص خرافية.
ولا يسعنا في هذه العجالة استقصاء الرد على كل كلمة ذكرها (الوهابيون المغالطون) وإنما نرد على أهم ما جاء فيها، والله المعين:
والذي يهمنا بيانه أن يعلم المسلمون الطيبون:
1- أن أئمة أهل السنة والجماعة المنصفين نصوا على أن المعز لدين الله الفاطمي هو الذي بنى القاهرة والذي توفي سنة (365هـ) عن 46 سنة تقريباً.
2- وهو مؤسس الجامع الأزهر بالقاهرة الذي هو جامع ومنارة للعلم ليكون من منارات العلم للإسلام والمسلمين.
3- وأن قصة سلخ أبي بكر النابلسي كذبة وفرية، لا تصح أسانيدها.
4- وأن النابلسي هذا ليس هو الشيخ عبد الغني النابلسي الصوفي الحنفي الدمشقي المشهور المتوفى (1143هـ). فبين وفاة المعز والشيخ النابلسي نحو (800) سنة. بل هو رجل آخر اسمه محمد بن أحمد بن سهل بن نصر المعروف بابن النابلسي، ذكروا بأن المعز قتله وسلخه ولا يصح إسناد قصته وخبره لأنه من رواية مجاهيل ومصدرها تاريخ دمشق لابن عساكر (51/50).
(فأولاً): المعز لدين الله الفاطمي هو كما قال الحافظ الذهبي نفسه في ((سير أعلام النبلاء)) (15/162): [المعز هو: المعز لدين الله أبو تميم معد بن المنصور إسماعيل بن القائم العبيدي المهدوي المغربي الذي بنيت القاهرة المعزية له.. وكان عاقلاً لبيباً حازماً ذا أدب وعلم ومعرفة وجلالة وكرم يرجع في الجملة إلى عدل وإنصاف ولولا بدعته ورفضه لكان من خيار الملوك..].
قلت: اعترفوا بفضله وعلمه وامتنعوا أن يصفوه بأنه من خيار الملوك لمخالفتهم له في المذهب! ومَنْ كان فيه عدل وإنصاف لا يسلخ جلود عباد الله تعالى.
وقال الذهبي هناك:
[وكان دخوله إلى الإسكندرية في شعبان سنة اثنتين وستين وثلاثمائة وتلقاه قاضي مصر الذهلي وأعيانها فأكرمهم وطال حديثه معهم وعرَّفهم أن قصده الحق والجهاد وأن يختم عمره بالأعمال الصالحة وأن يقيم أوامر جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووعظ وذكَّر حتى أعجبهم وبكى بعضهم ثم خلع عليهم.. ثم دخل القاهرة وقد بني له بها قصر الإمارة وزينت مصر فاستوى على سرير ملكه وصلى ركعتين. وكان عاقلاً لبيباً حازماً ذا أدب وعلم ومعرفة وجلالة وكرم يرجع في الجملة إلى عدل وإنصاف ولولا بدعته ورفضه لكان من خيار الملوك.. قيل ما عرف عن المعز غير التشيع وكان يطيل الصلاة، ومات قبله بسنة ابنه عبد الله ولي العهد وصبر وغلقت مصر لعزائه ثلاثاً وشيعوه بلا عمائم بل بمناديل صوف فأمهم المعز بأتم الصلاة وأحسنها،.. وثارت عليه القرامطة واستولوا على كثير من الشام وساروا حتى أتوا مصر فحاربهم.. ثم ترحل الأعسم القرمطي منهزماً وذلوا.. وصلى بالناس المعز يومي العيد صلاة طويلة بحيث إنه سبح في السجود نحو ثلاثين ثم خطبهم فأبلغ وأحبته الرعية، وصنع شمسية لتعمل على الكعبة ثمانية أشبار في مثلها من حرير أحمر وفيها اثنا عشر هلالاً من ذهب وفي الهلال ترنجة قد رُصّعت بجواهر وياقوت وزمرد لم يشاهد أحد مثلها.. مات المعز في ربيع الآخر سنة خمس وستين وثلاث مئة بالقاهرة المعزية وكان مولده بالمهدية التي بناها جدهم وعاش ستاً وأربعين سنة وكانت دولته أربعاً وعشرين سنة].
وقال الذهبي في ((تاريخ الإسلام)) (26/349) عن المعز: [ثم دخل القاهرة.. فلما دخل القصر خَرَّ ساجداً وصلى ركعتين، وكان عاقلاً حازماً أديباً سرياً جواداً ممدحاً فيه عدل وإنصاف..].
وقال العلامة ابن الأثير الشافعي (ت630هـ) في ((الكامل)) (4/69): [وكان المعز عالماً، فاضلاً، جواداً، شجاعاً، جارياً على منهاج أبيه من حسن السيرة، وإنصاف الرعية].
وقال العلامة ابن خَلَّكان الشافعي (ت681هـ) في ((وفيات الأعيان)) (5/227): [وهذا المُعِزُّ هو الذي تنسب إليه القاهرة فيقال القاهرة المُعِزِّية لأنه الذي بناها القائد جوهر له.. وكان المعز عاقلاً حازماً سرياً أديباً حسن النظر في النجامة.. وكانت ولادته بالمهدية يوم الإثنين حادي عشر شهر رمضان سنة تسع عشرة وثلثمائة وتوفي يوم الجمعة الحادي عشر من شهر ربيع الآخر، وقيل الثالث عشر، وقيل لسبع خلون منه سنة خمس وستين وثلثمائة بالقاهرة رحمه الله تعالى].
(ثانياً): الأزهر الشريف أو الجامع الأزهر: بُنِيَ سنة (359-361هـ). وهو أشهر منارات العلم في العالم الإسلامي، وهو جامع وجامعة منذ أكثر من ألف سنة، بناه وأسسه الخليفة المعز لدين الله، ووضع المعز حجر أساسه في 14 رمضان سنة 359هـ. وكل ذلك مشهور مأثور معروف. والراجح عند المؤرخين أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمناً بفاطمة الزهراء ابنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإشادة بذكراها.
وأقرب شيء لمعرفة ذلك مراجعة (ويكيبيديا الموسوعة الحرة الجامع الأزهر) على جوجل في الانترنت.
(ثالثاً): قصة سلخ أبي بكر النابلسي وقتله لا تصح:
تقدَّم أن أبا بكر النابلسي هذا ليس هو الشيخ عبد الغني النابلسي قطعاً، ومع كون قصة السلخ والقتل هذه ليس لها سند صحيح أو ثابت، ومصدرها تاريخ ابن عساكر (ت571هـ)، والظاهر أن أبا بكر النابلسي هذا كان أحد أتباع القرامطة الذين سرقوا الحجر الأسود!!
قال ابن الأثير في ((الكامل)) (4/61): [ثم إن القائد أبا محمود الذي سيره المعز يتبع القرامطة وصل إلى دمشق بعد وصول ظالم إليها بأيام قليلة، فخرج ظالم متلقياً له مسروراً بقدومه، لأنه كان مستشعراً من عود القرمطي إليه، فطلب منه أن ينزل بعسكره بظاهر دمشق، ففعل، وسلم إليه أبا المنجى وابنه ورجلاً آخر يعرف بالنابلسي، وكان هرب من الرملة، وتقرَّب إلى القرمطي، فأسر بدمشق أيضاً، فحملهم أبو محمد إلى مصر، فسجن أبو المنجى وابنه، وقيل للنابلسي: أنت الذي قلت لو أن معي عشرة أسهم لرميت تسعة في المغاربة وواحداً في الروم ؟ فاعترف، فسلخ جلده وحشي تبناً وصلب]. وهذا وحده يكفينا في سقوط النابلسي وقصته الموضوعة.
وقد صنع بعضهم ترجمة لأبي بكر النابلسي واصفاً له بالشهيد اعتماداً على ما ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق وليس ذلك بشيء.
تنبيه على القرامطة وأن الذين ردوهم وقاتلوا القرامطة هم الفاطميون:
اعلموا أنه بعد أن انتزع القرامطة الحجر الأسود من الكعبة. وأرسل الخليفة الفاطمي المهدي العلوي رسالة تهديد إلى أبي طاهر القرمطي يأمره بردِّ الحجر الأسود إلى الكعبة وكتب عبيد الله المهدي في رسالته إلى أبي طاهر القرمطي يحذره أنّه إن لم يَرُدَّ أموال أهل مكة التي سرقها وإرجاع الحجر الأسود إلى مكانه ووضع ستار الكعبة عليها مجدّداً فإنّه سيأتيه بجيش لاقِبَلَ له بهم. أذعن القرامطة للتهديد، وأعادوا موسم الحج، بعد تعطيله لمدة تقارب الاثنين وعشرين سنة.
قال ابن كثير في البداية والنهاية (11/223): [ثم دخلت سنة تسع وثلاثين وثلثمائة في هذه السنة المباركة في ذي القعدة منها رد الحجر الأسود المكي إلى مكانه في البيت وقد كان القرامطة أخذوه في سنة سبع عشرة وثلثمائة.. ثم أرسلوه إلى مكة بغير شيء على قعود فوصل في ذي القعدة من هذه السنة ولله الحمد والمنة].
وقد أعاد القصة ابن كثير هناك (11/252) مرة أخرى ولم يذكر من أرغم القرامطة على إرجاع الحجر الأسود!! مع أن رفيقه الذهبي قال في كتابه ((العبر)) (3/379):
[(استيلاء القرامطة على مكة وقلعهم الحجر الأسود) ثم سار أبو طاهر القرمطى سنة تسع عشرة إلى مكة وحج بالناس منصور الديلمى فلما كان يوم التروية نهب أبو طاهر أموال الحجاج وفتك فيهم بالقتل حتى في المسجد والكعبة واقتلع الحجر الأسود وحمله إلى هجر وخرج إليه أبو مخلب أمير مكة في جماعة من الأشراف وسألوه فلم يسعفهم وقاتلوه فقتلهم وقلع باب البيت وأصعد رجلاً يقتلع الميزاب فسقط فمات.. وبلغ الخبر إلى المهدى عبيد الله بافريقية وكانوا يظهرون الدعاء له فكتب إليه بالنكير واللعن ويتهدده على الحجر الأسود فردَّه وما أمكنه من أموال الناس واعتذر عن بقية ما أخذوه بافتراقه في الناس].
مع كل ما ذكرناه من ثناء العلماء والمؤرخين المنصفين من أهل السنة للمعز لدين الله الفاطمي يقول كاتب مقال السلفي: (لماذا قاهرة المعتز ؟!):
[هذا المعز لدين الشيطان كان شيعياً رافضياً زنديقاً بإجماع أهل العلم والمؤرخين] !!
أقول: ثم لماذا لم يذكر أصحاب مقال (لماذا قاهرة المعتز ؟!) المستدل بفضائل صلاح الدين أن صلاح الدين أمر ابنه بقتل شهاب الدين السهروردي الحكيم. قال الحافظ ابن حجر في ((لسان الميزان)) (3/156): [قال ابن خَلَّكان: يحيى بن حبيش الملقب شهاب الدين وقيل اسمه أحمد وقيل اسمه كنيته وهو أبو الفتوح، وكان أوحد أهل زمانه في العلوم الحكمية جامعاً للفنون الفلسفية بارعاً في الأصول الفقهية مفرط الذكاء فصيح العبارة، وقال: إنه كان يعرف السيمياء وله تصانيف كثيرة.. فطلبه ـ الظاهر ابن صلاح الدين وأخذه معه إلى القلعة فاغتبط به وبحث مع الفقهاء فأربى عليهم ثم استطال على أهل حلب جملة فآل أمره إلى أن أفتوا بقتله.. وقال ابن أبي أصيبعة: لما بهر فضله حسن موقعه عند الطاهر دسَّ عليه أعداؤه إلى السلطان صلاح الدين فخوفوه فتنته فكاتب ولده في أمره فناضل عنه فورد عليه كتاب أبيه بخط القاضي الفاضل: لا بُدَّ من إمضاء حكم الشرع فيه ولا سبيل إلى إبقائه ولا إلى إطلاقه، فلما لم يبق إلا قتله اختار هو لنفسه أن يترك في بيت حتى يموت جوعاً ففعل به ذلك في أواخر سنة ست وثمانين وعاش ستاً وثلاثين].
والوهابية ذكروا قتل صلاح الدين للشهاب السهروردي في مقالة أخرى أرادوا أن يثبتوا فيها الترويج بجواز قتل المخالف من الصوفية والفلاسفة وغيرهم من أصحاب المذاهب والفرق المخالفة لهم ترويجاً للعقيدة الداعشية وإقناع الناس بها بطرق فنية. فحذار إخوتي الأفاضل أصحاب القلوب الطيبة السليمة من الانخداع بما يحاول الوهابية السلفيون أن يضللوكم فيه عن الحقائق التاريخية والعقائدية ليجروكم خطوة خطوة وشيئاً فشيئاً إلى ما يريدونه من مقاصدهم لتحويل الناس إلى طريقتهم ومنهجهم وهم لا يشعرون، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
من أراد التوسع فليراجع على النت مقالة (لماذا قاهرة المعز) ليتبين له كيف بتم التزوير والتغرير وتزييف الحقائق والتاريخ.

_____________________________
أضف رد جديد

العودة إلى ”مناهضة الفكر التكفيري والرد على منهجهم وأفكارهم“