الحافظ ابن جرير الطبري إمام منزه لا يرتضي المجسمة الحنابلة ولا منهجهم:
قال ابن جرير في تفسيره (1/192) أنّ علو الله تعالى هو: (علو مُلْك وسلطان لا علو انتقال وزوال).
وهو أعظم من نقل لنا تأويلات الصحابة والتابعين والسلف رضي الله عنهم بالأسانيد في قضايا الصفات وما يتعلق بها! وكل ما ورد في ذلك التفسير مما يؤيد بدعة المجسمة في الصفات فهو مما دس في تفسيره لأن النسخة التي طبع منها تفسير ابن جرير كانت بيد الحنابلة!
قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره (17/532): [عن مجاهد في قوله: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} قال: يجلسه معه على عرشه وأولى القولين في ذلك بالصواب ما صح به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وذلك: ما حدثنا به أبو كريب قال: ثنا وكيع، عن داود بن يزيد، عن أبيه، عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} سئل عنها قال: هي الشفاعة].
قال الذهبي في "السير" (14/280): [وقد وقع بين ابن جرير وبين ابن أبي داود، وكان كل منهما لا ينصف الآخر، وكانت الحنابلة حزب أبي بكر بن أبي داود، فكثروا وشغبوا على ابن جرير، وناله أذى، ولزم بيته، نعوذ بالله من الهوى. وكان ابن جرير من رجال الكمال، وشنع عليه بيسير تشيع، وما رأينا إلا الخير].
أبو بكر بن أبي داود كذبه أبوه صاحب السنن فقال: (إن ابني هذا كذاب) قال ابن صاعد: كفانا ما قاله أبوه فيه!
وقال الخطيب في "تاريخ بغداد" (2/164): أن ابن خزيمة قال عن ابن جرير: [وما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمد بن جرير ولقد ظلمته الحنابلة].
وقال ابن الجوزي في "المنتظم" (13/217): [وَكَانَ قد رفع في حقه أَبُو بكر بْن أبي داود قصة إلى نصر الحاجب يذكر عنه أشياء فأنكرها، منها: أنه نسبه إلى رأى جهم، وَقَالَ: إنه قائل: {بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ} أي: نعمتاه، فأنكر هذا، وَقَالَ ما قلته، ومنها: أنه روى أن روح رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لما خرجت سالت في كف عَلي فحساها، فَقَالَ: إنما الحديث مسح بها على وجهه وليس فيه حساها. وهذا أيضاً محال إلا أنه كتب ابن جرير في جواب هذا إلى نصر الحاجب: لا عصابة في الإسلام كهذه العصابة الخسيسة، وهذا قبيح منه، لأنه كَانَ ينبغي أن يخاصم من خاصمه، وأما أن يذم طائفته جميعاً وهو يدري إلى من ينتسب فغاية في القبح].
ويعني الحافظ ابن جرير بهذه الطائفة الخسيسة الحنابلة عصابة أبي بكر بن أبي داود! وهم كذلك!
وقد انتقدهم ابن الجوزي نفسه في "دفع شبه التشبيه" فقال ص (97من طبعتنا): [ورأيت من أصحابنا مَنْ تكلَّم في الأصول بما لا يصلح، وانتدب للتصنيف ثلاثة: أبو عبد الله بن حامد، وصاحبه القاضي (أبو يعلى)، وابن الزاغوني، فصنفوا كتباً شانوا بها المذهب، ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام، فحملوا الصفات على مقتضى الحس.. وأخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات، فسموها بالصفات تسمية مبتدعة.. وقد نصحت التابع والمتبوع..].
وابن الجوزي إنما ذَكَرَ ما ذكره في "المنتظم" وتظاهر بإنكار ذلك على ابن جرير إما قبل أن يتَّجه إلى عقيدة التنزيه وإما أنه قال ذلك اتقاء شر أصحابه الحنابلة!
وقال الذهبي في العلو:
[قال الخطيب: كان ابن جرير أحد العلماء يُحْكَمُ بقوله، ويُرْجَع إلى رأيه، وكان قد جمع من العلوم ما لا يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان عارفاً بالقرآن بصيراً بالمعاني فقيهاً في الأحكام عالماً بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، ناسخها ومنسوخها، عارفاً بأقوال الصحابة والتابعين في الأحكام والحلال والحرام إلى أن قال: سمعت علي بن عبيد الله اللغوي يحكي أن محمد بن جرير مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة، وقال الأستاذ أبو حامد الاسفراييني: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل له تفسير ابن جرير لم يكن كثيراً، أو كما قال.
وقال إمام الأئمة ابن خزيمة: ما أعلم على أديم الأرض أحداً أعلم من محمد ابن جرير. قلت: توفي سنة عشر وثلاثمائة وله نحو من تسعين سنة رحمه الله، ويُذكر عنه تشيَّع قليل].
وما سوى ذلك مما ينقله المجسمة عن ابن جرير فهو من جملة الأكاذب المدسوسة عليه، وابن جرير على كل حال ليس هو ولا غيره من أهل العلم نبياً معصوماً فكل أحد يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
والله تعالى أعلم.
أرجو من إخوتنا الأفذاذ المنزهين تغذية الموضوع بما يدعم هذه المقالة بكلام علمي مفيد وأي تعليق لمتطاول وهابي أو غير وهابي فسوف يحذفها فريق الصفحة، والله الموفق.
الحافظ ابن جرير الطبري إمام منزه لا يرتضي المجسمة الحنابلة ولا منهجهم:
-
- مشاركات: 777
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm