موضوع (معنى أهل البيت) رضي الله عنهم، وتعقب بعضهم في محاولته إخراج غير أزواجه صلى الله عليه وآله وسلم من أهل البيت!

سير أعلام مرتبطة بالتاريخ والأحداث السياسية الغابرة
أضف رد جديد
عود الخيزران
مشاركات: 777
اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm

موضوع (معنى أهل البيت) رضي الله عنهم، وتعقب بعضهم في محاولته إخراج غير أزواجه صلى الله عليه وآله وسلم من أهل البيت!

مشاركة بواسطة عود الخيزران »

موضوع (معنى أهل البيت) رضي الله عنهم، وتعقب بعضهم في محاولته إخراج غير أزواجه صلى الله عليه وآله وسلم من أهل البيت!

أولاً أقول: رضي الله عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اللاتي قال الله تعالى فيهن {وأزواجه أمهاتهم} وهن القانتات العابدات كما قال الله تعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} رضي الله عنهن وأرضاهن:

ابتدأ بعض الإخوة بمغالطة! فظن أو حاول أن يوهم بأنني أُخْرِج زوجةَ سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام من الخطاب! الذي تقدم الكلام عليه في المقال قبل السابق هنا! مع أنني لا أنفي دخولها في خطاب أهل البيت! ولكنني بينت أن المقصود الأصلي بقوله تعالى: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} هم سيدنا إبراهيم الذي هو أهم المعنيين والمقصودين بالبشارة أولاً ثم ذريته! فأنا أقول إن حصر أهل البيت في الزوجة فقط خطأ جعله أصلاً يبني عليه خطأ! فأنا العبد الفقير إلى الله تعالى قلت في مقالي السابق:
(وحصره بزوجة سيدنا إبراهيم لإثبات ما يريده هذا القائل خطأ محض) وهو يريد أن يقصر ويحصر أهل البيت على الزوجة أو الزوجات فقط! وهذا خطأ كبير! لأن الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم تدل على أن آل سيدنا محمد هم ذريته (أصالة) ًوأزواجه (تبعاً) (!!)

وإنني هنا أفند ما قاله الأخ الحبيب مرشداً وموجهاً له في تصحيح أخطائه فأقول وبالله التوفيق:
الأسس التي قررها القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة في ذلك هي:
1- أن المبشر والمقصود أولاً بالبشرى في ولادة سيدنا إسحاق وفي القصة المذكورة في القرآن الكريم هو سيدنا إبراهيم عليه السلام!
- لقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا... وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ... قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} هود:69-73.
- وقال تعالى: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ... وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ... وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا..} الصافات:109-113.
- {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا... إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ..} الحجر:52.
فالبشارة أصلاً والمقصود بالخطاب هو سيدنا إبراهيم عليه السلام!

أن القرآن الكريم بيَّن من هو المقصود أساساً بقوله عز وجل: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وذلك في نفس آيات سورة هود حيث جاءت البشرى أولاً لسيدنا إبراهيم عليه السلام وخطاب الملائكة كان مع سيدنا إبراهيم بالأصالة وزوجته بالتَّبَع وهذا يبطل احتجاج من خص ذلك بالزوجة فقط ليستدل به على مقصوده وحصره لفظ (عليكم) بالزوجة أو الزوجات! وقد بين القرآن ذلك بوضوح في سورة الصافات حيث قال سبحانه: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ... وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا..} الصافات:109-113.
والقرآن كما هو معلوم عند القاصي والداني يفسّر بعضه بعضاً!
وهو يريد أن يعزل بعضه عن بعض!
وقد فسَّر ذلك الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم حيث علمنا الصلاة الإبراهيمية في سنته المتواترة عنه المروية في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما والتي جاء فيها: (وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) موافقة وامتثالاً لقوله تعالى: {رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} هود:73.
وكانت لفظة (آل محمد) و (آل إبراهيم إنك حميد مجيد) في الصلاة الإبراهيمية في مكان ومعنى ومحل قوله تعالى: {أهل البيت إنه حميد مجيد}!

أن اللغة العربية، تقول بأن الأهل هم الآل، وآل الرجل: أهله وعياله! وأهله هم: عشيرته وذوو قرباه. وألصقهم بهذا المعنى آباؤه وأولاده!
ففي "شرح القاموس" للزبيدي (28/40):
[أَهْلُ الرَّجُلِ: عَشِيرَتُه وذَوُو قُرباه وَمِنْه قولُه تعالَى: {َابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا}].
قال ابن منظور في لسان العرب (11/37):
[وآلُ الرَّجُلِ: أَهلُه وعيالُه، فإِما أَن تَكُونَ الأَلف مُنْقَلِبَةً عَنْ وَاوٍ، وإِما أَن تَكُونَ بَدَلًا مِنَ الْهَاءِ].
وفي المعجم الوسيط:
[(الْأَهْل) الْأَقَارِب وَالْعشيرَة وَالزَّوْجَة وَأهل الشَّيْء أَصْحَابه وَأهل الدَّار وَنَحْوهَا سكانها].
ولو أردنا استقصاء ما في كتب اللغة وبيان ما هو الخطأ وما هو الصواب فيها في ذلك لصنعنا مجلداً كاملاً بمعونة الله تعالى وتوفيقه!
وفي الشرع تستعمل اللفظة الواحدة في كل موضع بمعنى معين وقد يكون مغايراً لما استعملت فيه في الموضع الآخر! ويؤكد القرآن الكريم ما قلناه هنا الآن من المعنى اللغوي الذي يقرر أن الأهل هم أقارب الرجل والزوجة ملتحقة بهم وقد تستثنى منهم! ومن تلك الآيات:
قوله تعالى: {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} هود:81.
وقوله تعالى: {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ} الأعراف:83.
وقوله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنْ الْغَابِرِينَ} العنكبوت:33.
وقوله تعالى: {رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ * فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} الشعراء:169-171.
ففي هذه الآيات بيان واضح قطعي في استثناء الزوجة من الأهل وفي ذلك حل للقضية بكاملها حيث تبين فيها بكل صراحة أنه تم استثناء الزوجة من الأهل وأنها ليست هي وحدها الأهل أو الآل.
وتطبيق بعض المعاني اللغوية المودعة في بعض كتب اللغة والتقاط ما يؤيد هوى بعضهم من هنا وهناك غير مُجدٍ البتة!

وبذلك ينهدم كلام المعترض علينا حينما قال:
[المتقرر في معجمات اللغة ان اهل البيت هم ساكنوه، وبذلك جاء استخدام القرآن الكريم، فهو لم ينقل هذا المعنى الى معنى آخر. لذلك قال تعالى على لسان اخت موسى عليه السلام (هل ادلكم على اهل بيت يكفلونه لكم)، والمقصود بيت امها ام موسى عليها السلام. فهذا بيبن لك ان الزوجة هي اول ما يطلق عليه اهل البيت في لغة القرآن، وهو استعمال اللغة الاصيل ايضا، فقد ذكر ابن الاعرابي ان البيت يطلق على الزوجة، وذكر الزمخشري في الاساس انه يقال : بنى فلان عليه بيتاً اذا أعرس. لذلك فالمقصود من قوله تعالى (رحمة الله وبركاته عليكم اهل البيت) هو زوجة ابراهيم عليه السلام، لأن الخطاب معها سياقاً وسباقاً].

وأما قول بعضهم في الاعتراض علينا:
[من المتقرر في الاصول انه لا يصح خطاب المعدوم اصلا، كما ذكر الآمدي، وانما الخلاف الاصولي هو في صحة تكليف المعدوم من عدمه. ولا شك ان اسحق ويعقوب عليهما السلام وقت مخاطبة الملائكة زوجة ابراهيم عليها السلام لم يكونا قد خلقا بعد، فكيف يقال: هما المقصودان بالخطاب اصلا؟ وكيف تخاطب الملائكة اناساً لم يخلقوا بعد؟]!

فأقول: راحت مشرقة ورحت مغرباً شتان بين مشرق ومغرب
العجيب ممن يريد الاعتراض أنه لا يتقن متى تطبق النظريات هنا ومتى لا تطبق!
وهو لا يعرف في ماذا قال بعضهم (لا يصح خطاب المعدوم)!
وأن الراجح عند أهل السنة جواز خطاب المعدوم وهو يعكسه!
وأن الدليل الشرعي يقضي بجواز خطاب من لم يخلق بعد!
كما لم يدرك أن قوله تعالى: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت} مع أنها تشمل سيدنا إسحاق وسيدنا يعقوب وغيرهما ليست خطاباً لهما! وإنما هي إخبار بمباركة الله لهما بصريح قوله تعالى {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ... وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا..} الصافات:109-113(!!)
وقول بعض أهل العلم (لا يصح خطاب المعدوم) هي في تفسير مثل قوله تعالى {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} النحل:40.
قالوا لبيان أن العدم لا يوجِدُ نفسَه: إن مخاطبة المعدوم هنا لا تصح أي أن يخلق نفسه!

وأما خطاب المعدوم: فالله تعالى خاطب الناس عند نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله مثلاً: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم..} وهذا عام لمن لم يوجد بعد وحتى قيام الساعة!
وكذلك قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا...} يشمل من لم يلد ويوجد بعد!

وأما تفصيل المسألة الأصولية ففيها خبط واختلاف وجمهور أهل السنة على جواز مخاطبة المعدوم، ونقل أصوليو أهل السنة أن المعتزلة هم الذين يقولون بعدم جواز مخاطبة المعدوم مع أن بعضهم في نظري لم يفهم مقصود المعتزلة!
ومن ذلك قول الزركشي في "البحر المحيط" (1/481) في أصول الفقه:
[وَالْقَائِلُونَ بِجَوَازِ أَمْرِ الْمَعْدُومِ اخْتَلَفُوا كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ. فَذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إلَى أَنَّ الْأَمْرَ قَبْلَ وُجُودِ الْمَأْمُورِ أَمْرُ إنْذَارٍ وَإِعْلَامٍ، وَلَيْسَ بِأَمْرِ إيجَابٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ. وَذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ إلَى أَنَّهُ أَمْرُ إيجَابٍ عَلَى شَرْطِ الْوُجُودِ،... وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَأَنْكَرُوا خِطَابَ الْمَعْدُومِ].
وعلى كل فكل هذه المسألة (أن المعدوم لا يخاطب) قائمة عند أخينا الحبيب على ظنه الخاطىء بأن سيدنا إسحاق مأمور ومخاطب! في قوله تعالى: {وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا} خطاب أمر وهو ليس كذلك! ولم ندعي ذلك! فقد تم خلط الحابل بالنابل ولم يتم إحسان الاستدلال بكلام اللغويين والأصوليين! فشط الكلام واشتط! وبَعُدَ عن الدقة!
ومن أخطاء هذا الأخ قوله بعدم نبوة سيدنا آدم عليه السلام {فتلقى آدم من ربه كلمات}!
وكذا السير وراء أدعياء المدرسة العقلية الحديثة! التي تدعي الإصلاح الديني!
وتقليدهم في آرائهم غير الصحيحة وكأنه يرى عصمتهم!
فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
وللحق كرة بعد كرة!
والله تعالى يقول الحق وهو يهدي السبيل!
أضف رد جديد

العودة إلى ”سير أعلام مرتبطة بالتاريخ والأحداث السياسية الغابرة“