فائدة: الترمذي قال من يفسر اليد بالقوة فهو من الجهمية والجواب على ذلك:

مسائل وقضايا التوحيد والإيمان
أضف رد جديد
عود الخيزران
مشاركات: 777
اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm

فائدة: الترمذي قال من يفسر اليد بالقوة فهو من الجهمية والجواب على ذلك:

مشاركة بواسطة عود الخيزران »

فائدة: الترمذي قال من يفسر اليد بالقوة فهو من الجهمية والجواب على ذلك:

اعترض بعض الإخوة على العبد الفقير في المقال السابق فقال لي:
(طيب ماذا تفعل بقول الترمذي عندما يقول ولم يؤل اليد بالقدرة الا الجهميه أم عندكم الامام الترمذي مجسمة؟!)

والجواب على ما طرحه أخونا هو أن نقول على عجل:
أيها الأستاذ:
افهم المسألة بالضبط من حيثياتها والمسألة ليست عنادا! نحن نريد الوصول للحقيقة!
الترمذي هنا رمى من يقول بأن من فسر اليد بالقوة فهو جهمي، والواقع أن ابن عباس وسفيان الثوري وسعيد بن جبير فسروا اليد أو الأيدي أو أيد في قوله تعالى: {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون} قالوا: بقوة!!
فإن جادل مجادل وقال بأن (أيد) ليست جمع يد!
قلنا له: القرآن أفادنا أنها جمع يد! قال تعالى: {ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها} وقال صاحب القاموس الفيروز أبادي: إن أيد جمع يد. وانتهى الكلام في هذه.

فالترمذي هنا عندما قال أن الجهمية فسروها بالقوة إن كان يريد التشنيع على الجهمية فتشنيعه خطأ، لا سيما وهو القائل هناك عند الحديث رقم (2557) ما نصه: (ومعنى قوله في الحديث فيعرفهم نفسه يعني يتجلى لهم) !!
فهو فسر وبين المعنى مع أنه قال نقلا عن السلف (لا تفسر)!!
والترمذي ليس جهمياً عندنا!!
أفهمت ؟! الترمذي عندنا ليس جهمياً!
وإنما أخطأ في هذه النقطة! أي في رمي من فسر اليد بالقوة بأنه جهمي لأنه كان في عصر المتوكل العباسي الذي كان يأمر بذلك! وأظن أنك لا تعرف ضغوطاته على جميع أصحاب كتب الحديث آنذاك! ولشرح هذا موضع آخر!
والدراسة توجب علينا أن نطلعك على بعض ما وقع للترمذي رحمه الله تعالى من التفسير فنقول ونحن نحترم شخصك ورأيك ونخالف توجهك:
روى الترمذي (2883) عن أبي أُمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إقرأوا القرآن، فإنّه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه. إقرأوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان. أو كأنّهما غيايتان..) ..
وقال عقبه: [ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم أنه يجيء ثواب قراءته كذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث وما يشبه هذا من الأحاديث أنه يجيء ثواب قراءة القرآن.. ففي هذا دلالة أنه يجيء ثواب العمل]. و

وهذا يثبت لنا أن الترمذي يؤوِّل ويفسِّر في سننه وينقل التأويل والتفسير عن أهل العلم من أهل السنة ومن السلف في زمانه! وكذلك قال في سننه (3298) عند حديث : (لو أنكم دليتم رجلاً بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله) قال: [وفسَّر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا: إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه...].

لاحظ أن الترمذي ينقل التفسير والتأويل هنا عن أهل العلم في قضية في الصفات! مع أنه يقول في الموضع الآخر أن أهل العلم قالوا في هذا الأمور: (لا تفسر)!!

واعتبر ابن تيمية الحَرَّاني في "مجموع الفتاوى" (6/573) أن تأويل الترمذي هذا من جنس تأويلات الجهمية حيث قال هناك: [فانَّ الترمذى لما رواه قال: وفسَّره بعض أهل الحديث بأنه هبط على علم الله ... وكذلك تأويله بالعلم تأويل ظاهر الفساد من جنس تأويلات الجهمية]!

اعتبر ابنُ تيمية الترمذيَّ ههنا من جملة الجهمية!

وهذا التأويلات والتفسيرات التي ذكرها الترمذي ههنا وغيرها تنقض ما نقله الترمذي نفسه في سننه عن جماعة من السلف أن هذه النصوص الواردة في الصفات (لا تُفَسَّر) انظر سنن الترمذي (2557)حيث قال هناك: (والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال كيف وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه ومعنى قوله في الحديث فيعرفهم نفسه يعني يتجلى لهم).

وهذا الكلام الذي قاله الترمذي في موضوع الجهمية لا نوافق عليه، لأنه هو نفسه خالفه، ونقل عن أهل العلم أنهم فسروا، ولأننا وقفنا لغالب هؤلاء العلماء على تأويلات وتفسيرات في موضوع الصفات، فهؤلاء العلماء فسَّروا وأوَّلوا عدة أحاديث في الصفات كما نقلناه عنهم بالأسانيد الصحيحة والحسنة في شرحنا على الجوهرة، والعجيب أن الترمذي فَسَّرَ كما ترى عقب قوله (لا تُفَسَّر) فقال: (ومعنى قوله في الحديث فيعرّفهم نفسه يعني يتجلى لهم)!

وهذا يجعلنا بحاجة إلى تَقَصِّي الأمر لأن فيه اضطراباً عندهم! وقد بحثناه وتتبعناه في شرحنا على الجوهرة!

وروى الحافظ البيهقي في كتابه "مناقب أحمد" وهو كتاب مخطوط ومنه نقل الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" (10/327) فقال: ((روى البيهقي عن الحاكم عن أبي عمرو بن السمّاك عن حنبل أن أحمد بن حنبل تأوّل قول الله تعالى: {وجاء ربُّك} أنه: جاء ثوابه.. ثم قال البيهقي: وهذا إسناد لا غبار عليه)) اهـ.

لعل الأمور تتضح لك أيها الأستاذ شيئاً فشيئاً، والله الهادي إلى سواء السبيل!


أضف رد جديد

العودة إلى ”مسائل وقضايا التوحيد والإيمان“