مسألة في أنّ : أيد هي جمع يد والرد على الأشعري في كتابه (( الإبانة )):

قضايا ومسائل لغوية تتعلق بالعقائد
أضف رد جديد
عود الخيزران
مشاركات: 777
اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm

مسألة في أنّ : أيد هي جمع يد والرد على الأشعري في كتابه (( الإبانة )):

مشاركة بواسطة عود الخيزران »

مسألة في أنّ : أيد هي جمع يد
والرد على الأشعري في كتابه (( الإبانة )):


قال الدكتور نذير العطاونة في كتابه: ( القواعد اللغوية المبتدَعة):
المسألة الثامنة :
أيد هي جمع يد
والرد على الأشعري في كتابه (( الإبانة ))

زعم قوم أن لفظة ( اليد ) إن أضيفت لله تعالى لا يكون معناها ( القدرة أو القوة ) ، ولما أتاهم مخالفوهم بقول الله تعالى : { والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون }(الذاريات/47) ، ولم يجدوا مناصاً من تفسير ( بأيدٍ ) في هذه الآية بـ ( القوة ) ، ابتدعوا قاعدة مفادها :
أن الأيدٍ ليست جمعاً لليد ( أي الجارحة ) وإنما جمع اليد بمعنى (الجارحة أو العضو ) هو أيدي .
قال الأشعري في كتابه (( الإبانة )) (ص 193) : [ وقد اعتل معتل بقول الله تعالى : { والسماء بنيناها بأيد }(الذاريات/47) ، قالوا : الأيد القوة فوجب أن يكون معنى قوله تعالى : ( بيديَّ ) بقدرتيَّ ، قيل لهم : هذا التأويل فاسد من
وجوه :
أحدها : أن الأيد ليس بجمع لليد ، لأن جمع يد أيدي ، وجمع اليد التي هي نعمة أيادي وإنما قال تعالى : { لما خلقت بيدي }(ص/75) ، فبطل بذلك أن يكون معنى قوله : ( بيدَيَّ ) معنى قوله : { بنيناها بأيد } .
وأيضاً فلو كان أراد القوة لكان معنى ذلك بقدرتي ، وهذا ناقض لقول مخالفنا وكاسر لمذهبهم لأنهم لا يثبتون قدرة واحدة فكيف يثبتون قدرتين ... وأيضاً فلو كان الله تعالى عنى بقوله لما خلقت بيدي ( القدرة ) ، لم يكن لآدم صلى الله عليه وسلم على إبليس مزية في ذلك، والله تعالى أراد أن يرى فضل آدم صلى الله عليه وسلم عليه إذ خلقه بيديه دونه ، ولو كان خالقاً لإبليس بيده كما خلق آدم صلى الله عليه وسلم بيده لم يكن لتفضيله عليه بذلك وجه] .
ونقول : أما جمع يد على أيدٍ ، فقد أقرتها معاجم اللغة والأدب ومنها :
1) قال الفيروزآبادي في (( القاموس المحيط )) : [ اليد : الكف أو من أطراف الأصابع إلى الكتف ، أصلها يَدْيٌ ، جمعها : أيدٍ ويُدِي ] .

2) وقال الجوهري في (( الصحاح )) : [ اليدُ أصلها يَدْيٌ على فَعْلٍ ساكنة العين ، لأنَّ جمعها أيْدٍ ويُدِيٌّ وأيادٍ ] .
3) وفي معجم (( تهذيب اللغة )) ما نصه : [ وقال رجلٌ من العرب : إنَّ لنا في بني فلان خَبْلاً في الجاهليَّة ، أي : قَطْعَ أيدٍ وأرجل ] . ( انظر مادة خبل ) .
فاستخدام ( أيد ) هنا جاء جمعاً للجارحة من الإنسان كما لا يخفى !
4) وقال ابن دريد في (( جمهرة اللغة )) : [ ووصف أعرابي قوماً فقال : لهم أَيْدٍ طِيالٌ وأعين نِجال . وكل شيء اتّسع فهو أَنْجَلُ ] . ( انظر مادة جلن ) .
5) وقال ابن منظور في (( لسان العرب )) : [ اليَدُ : الكَفُّ ، وقال أَبو إِسحق : اليَدُ من أَطْراف الأَصابع إِلى الكف ... والجمع أَيْدٍ ] . ( انظر مادة يدي ) .
وقال ابن منظور أيضاً : [ والأَيادي : جمع أَيْدٍ التي هي جمع يَدٍ ] . ( انظر مادة طوح ) .
ما جاء على لسان الشعراء في جمع اليد على أيادٍ :
1) قال النابغة الذبياني :
خَطاطيفُ جُحنٌ في حِبالٍ مَتينَةٍ تَمُدُّ بِها أَيدٍ إِلَيكَ نَوازِعُ
قال ابن عبد ربه الأندلسي في (( العقد الفريد )) في باب ( ما أدرك على الشعراء ) شارحاً قول النابغة هذا : [ فشَبه نفسه بالدَّلو ، وشَبه النُّعمان بخَطاطيف حُجن ، يريد خطاطيف مُعوجة تُمدّ بها الدلو ] .
وقال ابن سيده في معجمه (( المحكم والمحيط الأعظم )) : [ وبئر نَزُوع ، ونَزِيع : تُنزَع دلاؤها بالأيدي لقربها ] . ( انظر مادة نزع ) .
فـ ( أيد ) في قول النابغة جاءت جمعاً لليد الذي هو العضو المعروف .
2) وقال الأسود النَّهشَلي:
فتجعل أيدٍ في حناجرَ أُقنعت لعادتها من الخزير المُغرَّف
3) وقال كثير عزة:
تَرامى بِنا مِنها بِحَزنِ شَراوَةٍ مُفَوِّزَةً أَيدٍ إِلَيك وَأَرجُـلُ

إبطال زعمه أن أيادي لا تكون إلا مفرد اليد بمعنى النعمة

وأما قول الأشعري : [ وجمع اليد التي هي نعمة أيادي ] ، فباطل ، ومما يبطله قول الشاعر :
فأَمَّا واحدٌ فكفَاكَ مِنِّي فمَنْ لِيَدٍ تُطاوِحُها أَيادي
وقد مرّ فيما سبق ما قاله ابن سيده في معجمه (( المحكم والمحيط الأعظم )) : [ وبئر نَزُوع ، ونَزِيع : تُنزَع دلاؤها بالأيدي لقربها ] . ( انظر مادة نزع ) .
إذ أن ابن سيدة هنا قد جمع اليد ( العضو ) بقوله : ( بالأيدي ) !!

إبطال زعمه أن القدرة لا تثنى
وبيان
جواز إطلاق المثنى ويراد به الإفراد

وأما ما ادّعاه الأشعري من قبل بقوله : [ وأيضاً فلو كان أراد القوة لكان معنى ذلك بقدرتي ، وهذا ناقض لقول مخالفنا وكاسر لمذهبهم لأنهم لا يثبتون قدرة واحدة فكيف يثبتون قدرتين ] ، وتبعه ابن تيمية فزعم عدم جواز التعبير عن الاثنين بالواحد ، فقال في (( مجموع الفتاوى )) (6/365) : [فقوله : { لما خلقت بيدي } ، لا يجوز أن يراد به القدرة ، لأن القدرة صفة واحدة ، ولا يجوز أن يعبر بالاثنين عن الواحد ] .
ونقول : قد يطلق المثنى ويراد به الفرد ، كما في قوله تعالى : { ألقيا في جهنم كل كفار عنيد }(ق/24) ، قال القرطبي في (( تفسيره )) (17/16) : [ قال الخليل والأخفش : هذا كلام العرب الفصيح أن تخاطب الواحد بلفظ الاثنين ، فتقول : ويلك ارحلاها ، وازجراها ، وخذاه ، وأطلقاه ، للواحد ] .
وقال ابن فارس في (( الصاحبي في فقه اللغة )) في باب ( أمر الواحد بلفظ أمر الاثنين ) :
[ تقول العربُ : افعلا ذاك ويكون المخاطب واحداً .
أنشد الفرّاء :
فقلتُ لِصاحِبي لا تحبسانا بنزع أصوله واجدزَّ شِيحا
وقال :
فإنْ تزجُراني يا ابن عَفَّانَ أنْزَجرْ وإنْ تَدَعاني أحْمِ عِرْضاً مُمنَّعا ] .
ومن قبيل ذلك أيضاً قول امرئ القيس في مطلع معلقته :
قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ
فقوله ( قفا ) خطاب لواحد ، ولكنه أخرج الكلام وأجراه مجرى الخطاب لاثنين .
ومن أمثال العرب المشهورة (( مات حتف أنفيه )) والمراد : أي مات على فراشه من غير قتل ولا ضرب ولا حرق ولا غرق ، وليس له سوى أنف واحد !
قال محمد أمين بن فضل الله المحبّي في (( جنى الجنتين في تمييز نوعي المثنيين )) (ص 7) : [ ما ورد مثنى ومعناه مفرد ، فنذكر منه ... وقالوا : نزل القوم عنيزتين ، وإنما اسم الموضع عنيزة، قال عنترة :
كَيفَ المَزارُ وَقَد تَرَبَّعَ أَهلُها بِعُنَيزَتَينِ وَأَهلُنا بِالغَيلَمِ
وناظرة : اسم ماء لبني عبس ، وقد جاء الشعر بالتثنية ، قال المرار :
أتيحَ لَها بِناظِرَتَينِ عُوذٌ مِنَ الآرامِ منظَرُها جَميلُ
وقال الراعي:
يُطِفنَ بِجَونٍ ذي عَثانينَ لَم تَدَع أَشاقيصُ فيهِ وَالبَدِيّانِ مَصنَعا
وإنما أراد بالبديين موضعاً اسمه البدي ] .
وقال الفرزدق أيضاً :
قَعيدَكُما اللَهَ الَّذي أَنتُما لَهُ أَلَم تَسمَعا بِالبَيضَتَينِ المُنادِيا
قال ياقوت في (( معجم البلدان )) (1/532) : [ قال أبو عبيدة : أراد البيضة، فثنى كما قالوا : رامتان ، وإنما هي رامة ] .
[ تكملة ]

قال أبو علي المرزوقي (ت 421 هـ) في رسالة (( ألفاظ الشمول والعموم )) : [ وقد عرف من أصول اللغة وقول أصحابنا النحويين : أن أسماء الأجناس تثنى وتجمع إذا اختلفت ، وقد حمل قوله تعالى : { بل يداه مبسوطتان } على أنه تثنية الجنس كأنه جنسان من النعمة ، نعمة الدنيا والآخرة أو نعمة الدين والدنيا ] .
اليدان تعني القدرة
وقول العرب ( ما لي بهذا الأمر يدان )

ومن جانب آخر فإن العرب تقول : ( ما لي بهذا الأمر يدان ) أي لا قدرة لي عليه . قال الميداني في (( مجمع الأمثال )) : [ ما لي بهذا الأمر يدان ، أي لا أستطيعه ولا أقدر عليه ] .
وقال الزمخشري في (( المستقصى في أمثال العرب )) :
[ ما لي بهذا الأمر يدان : أي طاقة ، قال الغَدير الغَنَوي :
إعمد لما تعلو فما لك بالذي لا تستطيع من الأمور يدان
وقال آخر :
قد سمتني الهجران مرتين وما أظن لي به يدين ] .
وقال عروة بن حزام:
فقالا شفاكَ اللهُ واللهِ ما لَنا بِما ضُمِّنَتْ منكَ الضّلوعُ يَدانِ
وقال أيضاً :
تَحَمَّلْتُ مِنْ عفراءَ ما ليس لي بِهِ ولا لِلجبالِ الرَّاسياتِ يَدانِ
أضف رد جديد

العودة إلى ”قضايا ومسائل لغوية تتعلق بالعقائد“