مسألة: في إبطال زعم ابن تيمية
أن قوله تعالى : { يوم يكشف عن ساق }
لا يكون بمعنى ظهور الشدة
قال الدكتور نذير العطاونة في كتابه: ( القواعد اللغوية المبتدَعة):
المسألة الثامنة عشرة :
في إبطال زعم ابن تيمية
أن قوله تعالى : { يوم يكشف عن ساق }
لا يكون بمعنى ظهور الشدة
قال ابن تيمية في (( الرد على البكري )) (2/482) : [ قوله تعالى : { يوم يكشف عن ساق }(القلم/42) ، لم يقل يوم يكشف الساق ، وهذا يبين خطأ من قال المراد بهذه كشف الشدة وأن الشدة تسمى ساقاً وأنه لو أريد ذلك لقيل : يوم يكشف عن الشدة أو يكشف الشدة ] .
قلت : ينكر ابن تيمية هنا المعنى المجازي للكشف عن الساق ، ويذهب للقول بأن ذلك على الحقيقة ، ليثبت لله تعالى ساقاً يُكشف عنها ويظهرها الله تعالى يوم القيامة ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
وقد زعم ابن تيمية هنا مدلّساً أن ( الكشف عن الساق ) لا يكون في اللغة بمعنى ظهور الشدة والأهوال ، ومسعاه في ذلك خاسر وطريقه إليه بائر ، لأن الاستعمال المجازي مشهور عند أهل اللغة عرفوه وتناقلوه ، قال ابن سيدة في (( المخصص )) ( مادة س و ق ) : [ ويقال للرجل إذا تَشَمَّر لأمر يُريده : قد قَرَع لذلك الأمْر ظُنْبُوبَه ، وهو كقولهم : شَمَّرت الحَرْبُ عن ساقٍ ، وكَشَفَتْ عن
ساقٍ ] ، وقد أصبح هذا من أمثال العرب الشائعة الذائعة كما قال الميداني في (( مجمع الأمثال )) (2/93) : [ ( قد شمرت عن ساقها فشمري ) يضرب في الحث على الجد في الأمر ، والتاء في شمرت للداهية ، والخطاب في شمري على التأنيث للنفس ] .
وأما شواهد هذا الاستخدام في شعر العرب ، فحدّث ولا حرج ، وهي وفيرة كثيرة وإليك طرفاً منها :
1) قال سعد بن مالك البكري:
كَشَفَت لَهُم عَن ساقِها وَبَدا مِنَ الشَرِّ الصُراحُ
2) وقال حسان بن ثابت:
إِذا كَشَفَت عَن ساقِها الحَربُ حَشَّها بِأَبيَضَ سَبّاقٍ إِلى المَوتِ يَرفُلُ
3) وقال حاتم الطائي:
أَخو الحَربِ إِن عَضَّت بِهِ الحَربُ عَضَّها وَإِن شَمَّرَت عَن ساقِها الحَربُ شَمَّرا
4) وقال الشاعر:
عجبت من نفسي ومن إشفاقها
في سنة قد كشفت عن ساقها
ومن طرادي الطير عن أرزاقها
والموت في عنقي وفي أعناقها
5) وقال جري:
أَلا رُبَّ سامي الطَرفِ مِن آلِ مازِنٍ إِذا شَمَّرَت عَن ساقِها الحَربُ شَمَّرا
6) وقال الشاعر:
وقامت الحرب بنا على ساق
7) وقال قيس بن زهير:
فإن شمرت لك عن ساقها فويهاً ربيع ولم يسأموا
فهذه أشعار العرب ماثلة أمامنا تشهد بسعة انتشار المعنى المجازي للكشف عن الساق ، وأنه بمعنى ظهور الشدة ، وما أجمل ما قاله ابن جني في كتابه (( الخصائص )) (3/246) : [ حتى ذهب بعض هؤلاء الجهال في قوله تعالى : { يوم يكشف عن ساق } أنها ساق ربهم ، ونعوذ بالله من ضعفة النظر ، وفساد المعتبر ، ولم يشكوا أن هذه أعضاء له ، وإذا كانت أعضاء كان هو لا محالة جسماً معضّىً ، على ما يشاهدون من خلقه عز وجهه وعلا قدره وانحطت سوامي الأقدار و الأفكار دونه ، ولو كان لهم أنس بهذه اللغة الشريفة أو تصرف فيها أو مزاولة لها لحمتهم السعادة بها ما أصارتهم الشقوة إليه بالبعد عنها ، وسنقول في هذا ونحوه ما يجب في مثله ولذلك ما قال رسول الله لرجل لحن : (( أرشدوا أخاكم فإنه قد ضل )) ، فسمى اللحن ضلالاً ، وقال عليه السلام : (( رحم الله امرأ أصلح من لسانه )) وذلك لما علمه مما يعقب الجهل لذلك من ضد السداد وزيغ الاعتقاد ] .
مسألة: في إبطال زعم ابن تيمية أن قوله تعالى : { يوم يكشف عن ساق } لا يكون بمعنى ظهور الشدة
-
- مشاركات: 777
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm