الرد على ادِّعاء بعضهم أن تفسير الفخر الرازي ليس جميعه له:

أبحاث في التفسير وعلوم القرآن الكريم
أضف رد جديد
عود الخيزران
مشاركات: 777
اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm

الرد على ادِّعاء بعضهم أن تفسير الفخر الرازي ليس جميعه له:

مشاركة بواسطة عود الخيزران »

الرد على ادِّعاء بعضهم أن تفسير الفخر الرازي ليس جميعه له:

قال سماحة السيد حسن السقاف في مقدمة تحقيق " أساس التقديس":
قال ابن العماد( 1 ) في "الشذرات" (3/21) في حوادث سنة (606هـ): ((وقال ابن قاضي شُهْبَة: ومن تصانيفه تفسير كبير لم يتمه, في اثني عشر مجلداً كباراً, سماه مفاتيح الغيب)).
وقال ابن قاضي شُهْبَة (ت851هـ) في "طبقات الشافعية" ص (73): [.. ومن تصانيفه ـ الفخر ـ : تفسير كبير لم يتمه في اثنتي عشرة مجلدة كبيرة سماه مفاتيح الغيب، وكتاب المحصول والمنتخب، وكتاب الأربعين، وكتاب نهاية العقول، وكتاب البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان، وكتاب المباحث العمادية في المطالب المعادية، وكتاب "تأسيس التقديس" في تأويل الصفات].
ونحو ذلك في "وفيات الأعيان" و "الدرر الكامنة" و "كشف الظنون".
وأما الموضع الذي زعموا أن تفسيره انتهى إليه ففي هامش "كشف الظنون" نقلاً عن السيد مرتضى الزبيدي نقلاً عن "شرح الشفا" (1/267) للخفاجي( 2 ) أنه وصل إلى سورة الأنبياء.
وأكَّدوا ذلك بما جاء في تفسير آخر آية من سورة يس (13/99) وهو ما نصه: [واستحسنه فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى سمعته يترحم عليه -أي على الغزالي- بسبب هذا الكلام].
وفي تفسير سورة الواقعة (15/139): [فقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْء} الشورى:11، توحيد بالدليل وليس مثله شيء توحيد من غير دليل وشيء من هذا رأيته في كلام الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله بعدما فرغت من كتابة هذا مما وافق خاطري خاطره على أني معترف بأني أصبت منه فوائد لا أحصيها].
وهذه بنظري كلمات قليلة جداً أضافها النساخ أو وجدت في حواشي الكتاب فدخلت في الأصل، وهي ثلاثة مواضع على التحقيق فيما وجدته قد ذُكِرَ اسمه أو نُقِلَ عنه عندها، مع أنه ذُكِرَ اسمه في التفسير أثناء الكلام في خمسة مواضع منها هذه الثلاث.
إثبات أن ما بعد سورة الأنبياء ولآخر التفسير هو للفخر الرازي:
ومما يدحض أنه وصل فقط إلى سورة الأنبياء أنه ورد في التفسير بعد سورة الأنبياء كلام له يثبت أن ما بعدها له أيضاً ومن ذلك:
1- أنه جاء في هذا التفسير (13/234) في سورة الزمر تفسير الآية 67:
[ولنا كتاب مفرد في إثبات تنزيه الله تعالى عن الجسمية والمكان، سميناه بتأسيس التقديس، من أراد الإطناب في هذا الباب فليرجع إليه].
2- وجاء في تفسيره (15/291) في أول سورة الحشر: [اعلم أنا قد تمسكنا بهذه الآية في كتاب ((المحصول من أصول الفقه)) على أن القياس حجة فلا نذكره ههنا].
3- وقال الفخر الرازي في تفسيره (16/170) في سورة المدثر 42:
[واحتج أصحابنا بهذه الآية على أن الكفار يعذبون بترك فروع الشرائع، والاستقصاء فيه قد ذكرناه في «المحصول من أصول الفقه»].
4- وقال في تفسيره (16/342) في سورة النازعات آية 30:
[وقد ذكرنا هذه المسألة في سورة البقرة في تفسير قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}فصلت:11].
وهذه المواضع كلها بعد سورة الأنبياء.
فيتبين مما تقدَّم خطأ قول بعض العلماء( 3 ) أن التفسير المشهور للفخر الرازي لم يكمله الفخر الرازي، وإنما تعاقب على إتمامه عالمان هما: شهاب الدين الخُوَيِّي الدمشقي (ت639هـ) وأكمل قسماً منه، ثم جاء بعده نجم الدين القَمُولي (ت727هـ) فأتمه إلى الأخير، دون أن يتميز الأصل من التكملة( 4 ).
والذي يظهر لنا أن الفخر الرازي أتم التفسير وإنما تممه هذان العالمان بزيادة بعض الفوائد ما بين ثناياه، فإن وجدنا فيه ما نستنكر أو نستهجن من نسبته للإمام الرازي مما يخالف مذهبه في التنزيه أو ما هو معروف عنه من موافقته لآل البيت والمعتزلة أو مما فيه شدة على المعتزلة فربما كان مما زاده هذان الرجلان فيه، والله تعالى أعلم.
ومما يؤكد أنه أتم التفسير وقد تقدَّم أن الصفدي قال في ترجمة الفخر الرازي: [ومن تصانيف الإمام رحمه الله تعالى: التفسير الذي له وهو في ستة وعشرين مجلداً ذكر تفسير الفاتحة منه في مجلدة وهو على تجزئة الفاتحة في أكثر من ثلاثين مجلداً وأكمل التفسير على المنبر إملاء].
وهذا التفسير "مفاتيح الغيب" يعتبر من أجل كتب التفسير وأعظمها، وأوسعها، وأنفعها، وأغزرها مادة.
وقال الشيخ الطاهر بن عاشور في كتابه "التفسير ورجاله" ص (100):
[والذي يبدو في نظرنا فيصلاً بين ذلك كله أن الرازي لما انتصب في آخر حياته لتصنيف التفسير تمكن من إخراج شيء منه في تحريره النهائي و بقي شيء في الأمالي والمسودات بيد بعض تلاميذه، فأقبل على تصنيفه وتحريره، وألحق في ذلك الفرع بالأصل. فالكتاب بروحه هو للرازي كله وبتحريره هو من وضعه في الأول ووضع تلميذه الخويي في الآخر...].

الحواشي السفلية:

( 1 ) عبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد العكري الحنبلي أبو الفلاح (1032 - 1089 هـ / 1623 - 1679م) المعروف بابن العماد الحنبلي، مؤرخ وفقيه عالم بالأدب، ولد في صالحية دمشق، وأقام في القاهرة مدة طويلة، ومات بمكة حاجاً.
( 2 ) من طبعة القسطنطينية، والخفاجي هو: شهاب الدين قاضي القضاة أحمد بن
محمد بن عمر الخَفَاجي الحنفي المصري، ولد في قرية قريبة من القاهرة سنة (977هـ) وتوفي في القاهرة سنة (1069) بعد أن طاف في بلاد الشام والروم والقسطنطينية.
( 3 ) كما في ((الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة)) (1/359-360) للحافظ ابن حجر في ترجمة القمولي، وكشف الظنون (1756)، وقال الدكتور الذهبي في كتابه ((التفسير والمفسرون)) (1/293): [ولا يكاد القارىء يلحظ في هذا التفسير تفاوتاً في المنهج والمسلك بل يجري الكتاب من أوله إلى آخره على نمط واحد وطريقة واحدة تجعل الناظر فيه لا يستطيع أن يميز بين الأصل والتكملة، ولا يتمكن من الوقوف على حقيقة المقدار الذي كتبه الفخر والمقدار الذي كتبه صاحب التكملة].
( 4 ) قال الدكتور عبدالرحمن الدهش في كتابه "الأقوال الشاذة في التفسير" ص (72): [نجد عبد الرحمن المعلمي اليماني (ت:1386)، يثبت تفاوتاً بين أسلوب الكتاب، وبما يسميه روح، وأن الكتاب متردد بين أسلوبين، وأحدهما يحاول محاكاة الآخر، وعمد إلى مقارنة بين الأسلوبين والمنهج المتبع فيهما في عدة نقاط كتبها، وانتهى إلى أن القدر الذي من تصنيف الفخر الرازي هو: من أول الكتاب إلى آخر تفسير سورة القصص، ثم من أول تفسير الصافات إلى آخر تفسير سورة الأحقاف، ثم تفسير سورة الحديد والمجادلة والحشر، ثم من أول تفسير سورة الملك إلى آخر الكتاب. قال: وما عدا ذلك فهو من تصنيف أحمد بن خليل الخويي].
والذي أميل إليه أن بحث عبدالرحمن المعلمي الوهابي حول تكملة تفسير الرازي يبقى رأياً وتحليلاً له والنفس لا تطمئن لمثل هذا الصنف من الناس.


أضف رد جديد

العودة إلى ”أبحاث في التفسير وعلوم القرآن الكريم“