وجوب النظر والتَّفَكُّر وهما من أسباب الإيمان وزيادة اليقين:

مسائل وقضايا التوحيد والإيمان
Post Reply
عود الخيزران
Posts: 902
Joined: Sat Nov 04, 2023 1:45 pm

وجوب النظر والتَّفَكُّر وهما من أسباب الإيمان وزيادة اليقين:

Post by عود الخيزران »

وجوب النظر والتَّفَكُّر وهما من أسباب الإيمان وزيادة اليقين:


قال سماحة السيد حسن السقاف في كتابه "صحيح شرح العقيدة الطحاوية":

لقد أمر الله تعالى بالنظر والتفكر في هذا الكون وهذه المخلوقات على اختلاف أجناسها وأصنافها وأفرادها في آيات كثيرة في القرآن الكريم، من ذلك قوله تعالى: {فَلْيَنظُرْ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ}الطارق:5-8، وسنورد دليلاً عقلياً على وجوده سبحانه وتعالى في معنى هذه الآيات الكريمة التي تأمر الإنسان بالتفكر: كيف خُلِقَ، وممَّ أوجد، وكيف تكوّن وصار بشراً سوياً إن شاء الله تعالى.
وقال تعالى: {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ * كَلا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ * فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ}عبس:17-32.
وقال تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}الغاشية:17- 20.
وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}سورة ق: 8.
والآيات في ذلك كثيرة جداً وهذا غيض من فيض، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم( ) قبل أن يُبعْث بقليل يذهب إلى غار حراء يجلس متفكراً متحنّثاً ناظراً متأمّلاً في ملكوت السموات والأرض حتى جاءه الوحي وأكرمه الله بالنبوّة والرسالة.
وكان صلى الله عليه وآله وسلم قد حُبّبَ إليه الخلاء، أي الخلوة، والسر في ذلك أن الخلوة فيها ابتعاد عن الناس والمشاغل الدنيوية، وخاصة لمن فارق أهله وبلده وذلك من أقوى أسباب تفرّغ القلب للتفكّر في هذا الكون وأن له صانعاً وخالقاً قادراً وحكيماً، وهو ما يقال له عند أهل الله: الأُنْسُ بالله تعالى.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى ( ): ((والأظهر المختار أن التصديق يزيد وينقص بكثرة النظر ووضوح الأدلة)) انتهى.
فالإيمان الناتج عن نظر وتفكّر وتأمل وعلم وحجة وبرهان وقناعة هو الإيمان القوي، وأما إيمان المقلّد الذي ترك كلَّ هذه الأمور التي أمر الشرع بها فإيمان ضعيف مهلهل، ولذلك نجد الداخلَ في دين الإسلام في هذا العصر من الأوروبيين وغيرهم من الأعاجم أقوى إيماناً وأكثر التزاماً بشرائع الإسلام من كثير من أبناء المسلمين المفرّطين الذين انحصر همهم في المأكل والمشرب والوظيفة والمُرَتّب!! كما هو مشاهد وملموس! ولا يستطيع أحد أن ينكره أو يجحده! فينبغي للإنسان المسلم الذكي المتفتح، والحريص على دينه وإيمانه، أن لا يكون همه منحصراً في المأكل والمشرب والمنكح والمبيت، إذ أن هذه الأشياء يُشارك الإنسان فيها البهائم، فلا بد لصاحب العقل والبصيرة، أن يتفكر في آيات الله تعالى التي خلقها في السماوات والأرض ليستدل بها على خالقها وموجدها، فبذلك يكون إيمانه قوياً لا تزحزحه العواصف والرياح، وقد أرشدنا القرآن الكريم إلى التَفَكُّر في تلك الآيات، كما قال الله تعالى:
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ}آل عمران: 189
Post Reply

Return to “مسائل وقضايا التوحيد والإيمان”