حكم الصوم في النصف الثاني من شعبان وأنه جائز ولا كراهة فيه، وحكم صوم يوم الشك:

مسائل فقهية عامة
Post Reply
عود الخيزران
Posts: 901
Joined: Sat Nov 04, 2023 1:45 pm

حكم الصوم في النصف الثاني من شعبان وأنه جائز ولا كراهة فيه، وحكم صوم يوم الشك:

Post by عود الخيزران »

حكم الصوم في النصف الثاني من شعبان وأنه جائز ولا كراهة فيه، وحكم صوم يوم الشك:

قال سماحة السيّد المحدّث حسن السقاف:

روى البخاري (1970) عن السيدة عائشة قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم شهراً أكثر من شعبان وكان يصوم شعبان كله..)).
قلت: يستحب صوم شهر شعبان لهذا الحديث وأما الحديث الذي فيه ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)) فلا يصح وهو منكر.
رواه أبو داود (2337)، وقال الحافظ في الفتح (4/129): إن أحمد وابن معين قالا: منكر. والحديث رواه الترمذي أيضاً وقال: حسن صحيح، والتحقيق أنه لا يصح. وقد اعتمد على هذا الحديث المنكر من ذهب إلى كراهة الصيام إذا انتصف شعبان إذا لم تكن له عادة قبل ذلك في الصيام.

قال الحافظ في ((الفتح)) (4/129): ((وقال جمهور العلماء: يجوز الصوم تطوعاً بعد النصف من شعبان وضعفوا الحديث الوارد فيه)).
بقي الكلام في صوم يوم الشك، فقد وردت أحاديث تفيد بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم شعبان كله أو غالبه وأحاديث تقول ((لا يتقدمنَّ أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم)) رواه البخاري (1914)، ومسلم (1082).

فمثل هذا الحديث يجوز صيام يوم الشك لمن كانت له عادة صيام يوم وإفطار يوم وصادف يوم صيامه يوم الشك، أو كان يصوم الاثنين والخميس أو نحو ذلك.
وعندي أن هذا ليس بحديث بل هو كلام أبي هريرة لما روى البخاري في الصحيح (1983) عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأله فقال: ((أما صمت سرر هذا الشهر؟)) قال البخاري: وقال ثابت عن مطرف عن عمران عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((من سرر شعبان)). ورواه مسلم في الصحيح (1161).

قال الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (4/231) في شرح هذا الحديث: ((قال أبو عبيد والجمهور: المراد بالسرر هنا آخر الشهر، سميت بذلك لاستسرار القمر فيها وهي ليلة ثمان وعشرين وتسع وعشرين وثلاثين)).
قلت: ومما يضعف الرواية أيضاً أن أبا هريرة كان يقول بجواز صيام يوم الشك كما في سنن البيهقي (4/211).
فإذن صيام هذا اليوم ليس حراماً خلافاً لما جاء عن عمار بن ياسر رضي الله عنه: ((من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم))، رواه الترمذي (686) وقال: حسن صحيح. لكنه ليس حديثاً إنما هو موقوف على سيدنا عمار رضي الله عنه.

والتحقيق عندنا أن هذا الحديث موقوف، فقد قال الحافظ في ((الفتح)) (4/120) إن ابن أبي شيبة أخرجه عن رِبْعِي: أن عماراً وناساً معه أتوهم يسألونهم في اليوم الذي يشك فيه، فاعتزلهم رجل، فقال عمار تعالَ فَكُلْ، فقال: إني صائم، فقال له عمار: إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فتعال وكل.
قلت: ربما كان هذا هو أصل الحديث لكن الرواة حوَّروه ودَوَّروه بروايتهم له بالمعنى، ومتى كان هناك احتمال لم يصح الاستدلال به.
ولذلك نقل الحافظ ابن حجر هناك أن الجوهري المالكي قال: هو موقوف، ثم ذكر الحافظ جواباً على كلام الجوهري أنه: موقوف لفظاً مرفوع حكماً.
وأقول: بل موقوف لفظاً وحكماً وهو اجتهاد من سيدنا عمار رضي الله عنه.
لا سيما والحافظ البيهقي عقد باباً في سننه (4/211) سماه (باب من رخص من الصحابة في صوم يوم الشك) وذكر فيه أن إباحة صوم يوم الشك مذهب السيدة عائشة وأسماء وأبي هريرة، وأشار البيهقي (4/212) أنه مروي عن سيدنا علي وابن عمر رضي الله عنهم.
ثم اعلم أن مَنْ قال إن صوم يوم الشك مكروه أو حرام لم يعن اليوم الذي قبل رمضان إذا لم يشك فيه، وإنما عنى أنه إذا شككنا أنه هل من رمضان أم من شعبان أما إذا تحققنا أنه من شعبان فإنهم لا يقولون بحرمته ولا بكراهته.
وعليه ولما تقدَّم من الأحاديث يتبين لنا أن صوم يوم الشك ليس بحرام ولا مكروه. وهذا قول أبي حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى وهو المعتمد عندنا.
Post Reply

Return to “مسائل فقهية عامة”