مسألة: الحب والبغض في الله تعالى:

توجيهات وتصحيح لأفكار طلبة العلم والمنصفين من المشايخ
Post Reply
عود الخيزران
Posts: 901
Joined: Sat Nov 04, 2023 1:45 pm

مسألة: الحب والبغض في الله تعالى:

Post by عود الخيزران »

مسألة: الحب والبغض في الله تعالى:

قال سماحة السيّد المحدّث حسن السقاف:

عندنا قاعدة جليلة صحيحة هي أن الحب والبغض يكون في الله تعالى ، ودليلها قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}الحجرات:10، ومقتضى الأُخُوَّة التحاب والتآلف، وقال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}المجادلة: 22.
وقال تعالى: {لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ}آل عمران:28، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}المائدة:51، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا}الأنعام:129.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((المرء مع من أحب)) رواه البخاري (10/557)، ومسلم (4/2034).
وقال الإمام البخاري في الصحيح (1/45): ((والحب في الله والبغض في الله من الإيمان)). قال الحافظ ابن حجر في شرحه في ((الفتح)) (1/47):
[قوله (والحب في الله والبغض في الله من الإيمان) هو لفظ حديث أخرجه أبو داود من حديث أبي أمامة ومن حديث أبي ذر ولفظه ((أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله)). ولفظ أبي أمامة ((مَنْ أَحَبَّ لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان)). وللترمذي من حديث معاذ بن أنس نحو حديث أبي أمامة وزاد أحمد فيه ((ونصح لله)) وزاد في أخرى ((ويعمل لسانه في ذكر الله)) وله عن عمرو بن الجموح بلفظ ((لا يجد العبد صريح الإيمان حتى يُحِبَّ لله ويُبْغِضَ لله)) ولفظ البزار رفعه ((أوثق عرا الإيمان الحب في الله والبغض في الله)) وسيأتي عند المصنف ((آية الإيمان حب الأنصار)) واسْتُدِلَّ بذلك على أن الإيمان يزيد وينقص، لأن الحب والبغض يتفاوتان].
ومما يجب ذكره هنا مما يتعلق في الحب والبغض في الله تعالى: وجوب اعتقاد أن الله سبحانه يحب المؤمنين ويبغض الكافرين، وفلسفة بعض منحرفي المتصوفة (أدعياء التصوف) وغيرهم في قولهم: ((إن الله تعالى يحب الكفار؛ ولولا أنه يحبهم ما أرسل الرسل لهم لينقذهم من النار)) قول مخالف للقرآن والسنة وهو كفر بحت لقوله سبحانه وتعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}آل عمران:32، ولقوله سبحانه: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ}البقرة:276.
وبالمناسبة فإننا نذكر هنا بعض الآيات الكريمة التي ذكر فيها بعض الأصناف الذين ذكر الله تعالى في كتابه أنه لا يحبهم:
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}المائدة:87، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا}النساء:107، وقال تعالى: {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}الأعراف:55، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ}الأنفال:58، وقال تعالى: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ}النحل:23، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}لقمان:18.
ذكر الآيات التي فيها مَنْ يُحِبهم الله تعالى:
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}البقرة:195، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}البقرة:222، وقال تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}آل عمران:76، وقال تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}آل عمران:146، وقال تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}التوبة:108، وقال تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ}الصف:4.
ومن الخطأ الشائع الذائع بين العلماء المتأخرين في هذه الأعصار وخاصة المتأثرين بالتصوف منهم قول بعضهم: (نحن لا نكره ولا نبغض الكافر لذاته وإنما نبغضه لعمله) ويستدل بعضهم لذلك بقوله تعالى: {إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنْ الْقَالِينَ}الشعراء:168،!! فيقولون لم يقل لذواتكم وإنما قال لعملكم!!
ونقول لهم: هذا خطأ محض؛ وذِكْرُ الشيء لا ينفي ما عداه؛ كما هو مُقَرَّرٌ في علم الأصول؛ وهذا التفصيل باطل بصحيح المنقول وصريح المعقول، ولم يرد على لسان أحد من المتقدمين فيما نعلم، وخاصة أنَّ كتب الجرح والتعديل تحوي كلام آلاف العلماء الذين يُجَرِّحون الرجال ويبغضون المجروح في الله ويوثقون آخرين ويحبونهم.
وإذا كان ما يقول هؤلاء حقاً لبطل الحب في الله والبغض في الله!! وخاصة أنَّ الله تعالى يقول: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}المجادلة:22، ولم يقل يوادون أعمال من حاد الله ورسوله!! ومن ذلك يتبين فساد هذا المذهب الذي نبهنا عليه والله الموفق.
Post Reply

Return to “توجيهات وتصحيح لأفكار طلبة العلم والمنصفين من المشايخ”