الإمام مالك كان منزهاً وهو مؤيد لأئمة أهل البيت عليهم السلام:

أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم
أضف رد جديد
cisayman3
مشاركات: 300
اشترك في: السبت نوفمبر 11, 2023 8:00 pm

الإمام مالك كان منزهاً وهو مؤيد لأئمة أهل البيت عليهم السلام:

مشاركة بواسطة cisayman3 »

القسم الأول: إثبات أن الإمام مالكاً كان من المنزهين:
قال الذهبي في كتاب العلو:
[ساق البيهقي بإسناد صحيح عن أبي الربيع الرشيديني عـن ابن وهب
قال: كنت عند مالك فدخل رجل فقال: يا أبا عبدالله { الرحمن على العرش استوى } كيف استوى ؟ فأطرق مالك وأخذته الرحضاء، ثمَّ رفع رأسه فقال: { الرحمن على العرش استوى } كما وصف نفسه ولا يقال كيف، وكيف عنه مرفوع، وأنت صاحب بدعة، أخرجوه].
: وفي رواية صحيحة: (الكيف غير معقول).
رواه بلفظيه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) ص (408) وإسناده صحيح.
وأما رواية (والكيف مجهول) التي يرددها ابن تيمية فليست صحيحة.
فالمجسمة والمشبهة يقولون دائماً قال مالك: ((الاستواء معلوم والكيف مجهول...)) والإمام مالك لم يقل ذلك! وإنما قال: ((.. والكيف غير معقول ولا يقال كيف..)) فهو نفى أن يكون لله تعالى كيفاً، وكلامهم الذي ينقلونه عنه فيه أنَّ لله تعالى كيفاً ولكنَّ هذا الكيف مجهول!!
وقد انقدح لي في هذه الأقوال المنقولة عن الإمام ربيعة وعن الإمام مالك وغيرهما رحمهمـــا الله تعالى التالي:
لقد أدركنا وعرفنا من خلال تحقيقنا لكتاب العلو للذهبي واطلاعنا على الجو الذي كان سائداً في تلك الأعصار من الانكباب على كتب أهل الكتاب والشغف بالإسرائيليات ونقلها في التفاسير عن كعب الأحبار ووهب بن منبه وتأيد الدولة الأموية يومئذ للتجسيم وسكوتها عن حملة أفكاره أنَّ أولئك الأئمة العقلاء رحمهم الله تعالى كانوا منزعجين من هذه الإسرائيليات التي تصف الله تعالى بأنه جسم جالس على العرش وأنَّ رجليه أو قدميه على الكرسي وما إلى ذلك من خرط وطامات مستشنعة، فكان أتباع أو حملة ذلك الفكر الإسرائيلي يأتون أولئك الأئمة في دروسهم ليثيروا تلك القضايا عندهم ويعرفوا موقفهم منها فكانوا يجيبونهم بهذا الجواب، فيقولون: (الاستواء غير مجهول) أي غير مجهول ذكره في القرآن فنحن نعرف أنه مذكور، أو (الاستواء معلوم) أي معلوم ذكره في القرآن، (والكيف غير معقول) أي ما تقولونه أيها المجسمة من الكيفيات التي تصوّرون الله تعالى بها غير مقبولة ولا يقبلها العقل الذي يعرف أن الكتاب والسنة والشريعة جاءت بتنزيه الله تعالى عن مشابهة خلقه، وإذا كانت النصوص تنزه الله تعالى عن مشابهة الخلق فلا يعقل أن يكون لله تعالى كيف، وفي رواية مالك وقد تقدمت: (ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع) أي ما يقوله هؤلاء هو تجسيم محض لأنه إثبات كيفية وصورة وهيئة لله تعالى والله تعالى بخلاف ذلك!!
ومما يؤكد هذا الذي قررناه ولا يدع مجالاً للشك فيه أن الإمام مالكاً رحمه الله تعالى المتبع لشيخه الإمام ربيعة الرأي في ذلك كان ينهاهم عن رواية ما يسمونه بأحاديث الصفات فقد نقل الحافظ ابن حجر في الفتح (7/124) أن الإمام مالكاً أنكر حديث (اهتزاز العرش بموت سعد بن معاذ) ونهى عن التحديث به حيث قال الحافظ ناقلاً هناك:
[ووقع لمالك نحو ما وقع لابن عمر أولاً، فذكر صاحب " العتبية " فيها أن مالكاً سئل عن هذا الحديث فقال: أنهاك أن تقوله، وما يدعو المرء أن يتكلم بهذا وما يدري ما فيه من الغرور. قال أبو الوليد بن رشد في " شرح العتبية ": إنما نهى مالك لئلا يسبق إلى وهم الجاهل أن العرش إذا تحرك يتحرك الله بحركته كما يقع للجالس منا على كرسيه، وليس العرش بموضع استقرار الله، تبارك الله وتنزه عن مشابهة خلقه. انتهى ملخصاً].
وفي ((سير أعلام النبلاء)) (8/103) للحافظ الذهبي وبعضه في التمهيد لابن عبد (7/150): [قال ابن القاسم: سألتُ مالكاً عمَّن حدَّث بالحديث، الذين قالوا: ((إنَّ الله خلق آدم على صورته)) والحديث الذي جاء: ((إنَّ الله يكشف عن ساقه)) ((وأنه يُدخل يده في جهنم حتى يخرج من أراد)) فأنكر مالك ذلك إنكاراً شديداً، ونهى أن يحدث بها أحد، فقيل له: إنَّ ناساً من أهل العلم يتحدّثون به، فقال: من هو ؟ قيل: ابن عجلان عن أبي الزناد، قال: لم يكن ابن عجلان يعرف هذه الأشياء، ولم يكن عالماً. وذكر أبا الزناد فقال: لم يزل عاملاً لهؤلاء حتى مات] انتهى.
وزاد العقيلي على هـــذه العبارة في ((الضعفاء)) (2/251): (وكان صاحب عمَّال يتبعهم). أي أنَّ أبا الزناد كان صاحب عامل بني أمية على المدينة وكان تابعاً لهم ويدل على ذلك ما سيأتي الآن من بيان سيرته!!
وما قاله الإمام مالك رحمه الله تعالى من كلام فهو مهم جداً جداً لا بُدَّ من تحليله فنقول وبالله تعالى التوفيق: قال الذهبي في ((تذكرة الحفاظ)) (1/134) في ترجمة أبي الزناد:
((قال الليث بن سعد: رأيت خلفه ثلاثمائة تابع من طالب فقه وطالب شعر وصنوف. قال ثمَّ لم يلبث أن بقي وحده وأقبلوا على ربيعة الرأي... وقال مصعب الزبيري:.... وفد على هشام بحساب ديوان المدينة وكان يعاند ربيعة، قال إبراهيم بن المنذر: هو كان سبب جلد ربيعة، فولِيَ بعدُ أميرٌ فطيَّنَ على أبي الزناد بيتاً (أي عاقبه فأغلق بيته وهو كناية عن حبسه أو منعه من الخروج) فشفع فيه ربيعة)) رحم الله ربيعة ورضي عنه ما أجل خلقه { والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس }.
قلت: توفي أبو الزناد سنة (130) من الهجرة أي في أيام الدولة الأموية كما نجد ذلك في ترجمته.
واعلم أنَّ الأمويين كانوا يروّجون للتشبيه والتجسيم!! فهذا معاوية يقول في كعب الأحبار ((ألا إنَّ كعب الأحبار أحد العلماء إن كان عنده لعلم كالثمــار وإن كنا فيه لمفرطين)) (!!) وهو منقول من ترجمة كعب في مثل ((تهذيب)) الحافظ ابن حجر والمزي.
وحكام الدولة الأموية كانوا يروّجون لعقائد التجسيم مما ساعد على انتشارها!! ومن ذلك ما روى ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص (108) فقال: حدثنا محمد بن العلاء أبو كريب قال: حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه قال: [قدمت على عبد الملك فذكرت عنده الصخرة التي ببيت المقدس فقال عبد الملك: هذه صخرة الرحمن التي وضع عليها رجله …] فأنكر عليه عروة.
وسنده صحيح. فتأمل!!
أورد الذهبي في كتاب العلو (النص 280) عن كعب خبراً من أخبار التجسيم فقال:
[قال أبوصفوان الأموي عبدالله بن سعيد بن عبدالملك بن مروان، ثنا يونس بن يزيد، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن كعب الأحبار قال:
قال الله في التوراة: أنا الله فوق عبادي وعرشي فوق جميع خلقي وأنا على عرشي أدبر أمور عبادي ولا يخفى عليَّ شيء في السماء ولا في الأرض. رواتــه ثقات].
راوي هذه الحكاية هنا عن كعب الأحبار التي ينقلها من التوراة أحد رجالات بني أمية وهو عبدالله بن سعيد هذا وكان له أربعة عمومة خلفاء وهم: الوليد بن عبدالملك، وسليمان بن عبد الملك، وهشام بن عبدالملك، ويزيد بن عبد الملك. كما في ((تهذيب الكمال)) (15/37) ومن هذا يعلم أنَّ هذه الأفكار كانت تروَّج في دولــة بني أمية (!!) وأنهم كانوا يقومون بأنفسهم على ترويج التجسيم وبث الإسرائيليات (!!)
ومما ينبغي أن تعلموه أنه كان في زمن عبدالملك بن مروان دولة عبدالله بن الزبير في الحجاز وأنَّ عبدالملك ابن مروان كان يمنع الناس من الذهاب للحج إلى الحجاز لئلا يقتنعوا بابن الزبير ويصبحوا في صفه وينقلبوا على عبدالملك، فبنى القبة فوق تلك الصخرة ودعا الناس إلى بيت المقدس وحاول صرفهم عن بيت الله الحرام وصار يقول لهم هنا أولى القبلتين، فاعتمد على الإسرائيليات كثيراً في بيان فضائل ذلك الموقع المبارك ففشت في ذلك المجتمع تلك الأقوال التجسيمية ولـمَّا كانت الدولة معتمدة عليها لتحقيق مآربها السياسية لم تجد من يوقف ذلك التيار المخرف بثقل كبير غير صيحات أهل الحق أو إشاراتهم ورموزهم من هنا وهناك (!!)
ورحم الله السيد أبو بكر بن شهاب حيث قال عن أولئك الأمويون:
غَيَّروا بدَّلوا طَغَوا وتعامى حاملوا العلمِ خيفةً واضطرارا
ألف شَهْرٍ تَمَتَّعُوا ثمَّ حَقَّتْ نِقمةُ الله فاستحقوا الدمارا
والمشهور أيضاً أن الإمام مالكاً أول حديث النزول بنزول رحمته سبحانه وتعالى، قال الإمام النووي في شرح مسلم (6/36) عند حديث النزول:
[مذهب أكثر المتكلمين وجماعات من السلف وهو محكي هنا عن مالك والأوزاعي: أنها تتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها. فعلى هذا تأولوا هذا الحديث تأويلين أحدهما: تأويل مالك بن أنس وغيره معناه: تنزل رحمته وأمره وملائكته كما يقال: فعل السلطان كذا إذا فعله أتباعه بأمره].
وهو أيضاً في التمهيد لابن عبد البر (7/143-144).
وبذلك يتبين لنا من مجموع هذه النصوص أن الإمام مالكاً رحمه الله تعالى كان مقاوماً لمذهب المجسمة والمشبهة وكان لا يقف في صف الأمويين ولا يرتضي طريقتهم.
وكل ما خالف هذا في العقائد عن الإمام مالك لا يصح عنه كما بينته في التعليقات الناقدة لكتاب (العلو) للذهبي، والتعليقات الناقدة والناسفة لكتاب (إجتماع الجيوش الإسلامية) لابن القيم.
...... تتبع الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى مولاته لأهل البيت عليهم السلام والله الموفق:



_________________________________
أضف رد جديد

العودة إلى ”أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم“