مسألة المسح على الخفين :

مسائل فقهية عامة
Post Reply
عود الخيزران
Posts: 901
Joined: Sat Nov 04, 2023 1:45 pm

مسألة المسح على الخفين :

Post by عود الخيزران »

مسألة المسح على الخفين :

قال سماحة السيّد المحدّث حسن السقاف:

لا معنى لإيراد مسألة المسح على الخفين في كتب العقائد، وإنما مكانها في باب المسح على الخفين في كتاب الطهارة من كتب الفقه، وفي مسائل الفقه المجمع عليها ما هو أولى إنَّ يورده هنا لو قبلنا طرح أمثال هذه المسألة هنا، مثل قولنا: ونرى أنَّ صلاة الصبح ركعتان وأن في كل ركعة ركوعاً واحداً وسجدتين.... الخ، فتنبه!!!
والأمة لم تجمع على المسح على الخفين فأئمة العِتْرَة المطهرة والزيدية والإمامية والإباضية ومالك في آخر أقواله على عدم جواز المسح على الخفين.
بالإضافة إلى خلاف جار في عهد الصحابة في جواز ذلك.
في حواشي كتاب ((المجموع شرح المهذب)) للإمام النووي رحمه الله تعالى (1/484): ((قال في البحر: وروى ابن أبي ذئب عن مالك أنه أبطل المسح على الخفين في آخر أيامه، وروى الشافعي عنه أنه قال: يكره ذلك،..... قال ابن أبي فديك: أبطل مالك في آخر عمره المسح على الخفين،..... قال مالك: أقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي بالمدينة ستاً وثلاثين سنة فما نُقِلَ عن أحد منهم أنه مسح على الخفين)).
وقال الحافظ في ((الفتح)) (1/305): ((وقال ابن عبد البر: لا أعلم رويَ عن أحد من فقهاء السلف إنكاره ـ أي المسح على الخفين ـ إلا عن مالك، مع أن الروايات الصحيحة عنه مصرحة بإثباته...)).
أقول: لقد تراجع الإمام مالك عما يصفه ابن عبد البر بالروايات الصحيحة وصرَّح قبل موته بإنكار المسح على الخفين كما تقدَّم واعترفوا بذلك!
واعترف بذلك ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى (4/389) في أول باب المسح على الخفين حيث قال:
[باب المسح على الخفين: قال أبو العباس: وخفيَ أصله على كثير من السلف والخلف ؛ حتى أنكره بعض الصحابة وطائفة من أهل المدينة وأهل البيت؛ وصنف الإمام أحمد كتاباً كبيراً في الأشربة في تحريم المسكر ولم يذكر فيه خلافاً عن الصحابة فقيل له في ذلك فقال: هذا صح فيه الخلاف عن الصحابة بخلاف المسكر، ومالك مع سعة علمه وعلو قدره أنكره في رواية؛ وأصحابه خالفوه في ذلك؛ قلت: وحكى ابن أبي شيبة إنكاره عن عائشة وأبي هريرة وابن عباس وضعف الرواية عن الصحابة بإنكاره غير واحد والله أعلم].
ولنذكر ما في كتاب ((الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير)) وهو من كتب السادة الزيدية من المجلد الأول باب المسح على الخفين الذي نقل فيه قول سيدنا علي والعترة المطهرة عليهم السلام والسيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وابن عباس وأبي هريرة وغيرهم ليطلع القارىء على خلاف الصحابة وغيرهم في هذه المسألة التي يدَّعون فيها التواتر والإجماع، قال الشرفي في ((الروض النضير)):
[باب المسح على الخفين والجبائر:
قال المصنف رحمه الله تعالى: (حدثني زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسح قبل نزول المائدة فلما نزلت المائدة لم يمسح بعدها).
الشرح: أخرج المؤيد بالله في ((شرح التجريد)) ما يشهد لصحته، فقال: أخبرنا أبو الحسين بن إسماعيل قال: أخبرنا الناصر، قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: أنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: لما كان في ولاية عمر جاء سعد بن أبي وقاص فقال: يا أمير المؤمنين ما لقيت من عمَّار، قال: وما ذاك، قال: حيث خرجت وأنا أريدك ومعي الناس فأمرت منادياً فنادى بالصلاة، ثم دعوت بطهور ومسحت على خفي، وتقدمت أصلي فاعتزلني عمار، فلا هو اقتدى بي ولا تركني وجعل ينادي من خلفي يا سعد أصلاة بغير وضوء، فقال عمر: يا عمَّار، أخرج مما جئت به، فقال: نعم، كان المسح قبل المائدة، فقال عمر: يا أبا الحسن ما تقول؟ قلتُ: أقول إن المسح كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيت عائشة والمائدة نزلت في بيتها، فأرسل عمر إلى عائشة: فقالت عائشة: كان المسح قبل المائدة وقل لعمر والله لأن تقطع قدماي بعقبيهما أحب إليّ من أمسح عليهما، قال عمر: لا نأخذ بقول امرأة، ثم قال أُنْشِدُ الله أمرءاً شهد المسح من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قام، فقام ثمانية عشر رجلاً كلهم رأوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح وعليه جُبَّة شامية ضيقة اليدين فأخرج يده من تحتها ثم مسح على خُفَّيه، فقال عمر: ما ترى يا أبا الحسن؟ فقال: سلهم أقبل المائدة أو بعدها، فسألهم فقالوا: ما ندري، فقال عليّ أنشد بالله امرءاً مسلماً علم أن المسح كان قبل نزول المائدة لما قام، فقام اثنان وعشرون رجلاً فتفرَّق القوم، وهؤلاء فئام يقولون لا نترك وهؤلاء فئام يقولون لا نترك ما رأينا انتهى.وإسناد هذا الحديث فيه خمسة من أئمة أهل البيت، وأربعة من أشياعهم ممن نص المؤيد بالله وغيره، على عدالتهم وثقتهم.
وقد أخرج في ((شرح التجريد)) بهذا الإسناد أحاديث كثيرة وبنى عليها أحكاماً عديدة، وروى المؤيد بالله من طريق أبي بكر بن أبي شَيْبَةَ، عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر عن أبيه قال: قال عليّ عليه السلام: سبق الكتاب الخفين، وأُعِلَّ بالانقطاع لأن أبا جعفر الباقر لم يدرك جده أمير المؤمنين عليه السلام، ولكنه سيأتي في ((المجموع)) من رواية زيد بن علي موصولاً.
وَرَوَى نحوه المؤيد بالله من طريق أبي بكر بن أبي شَيْبَةَ، عن عليّ بن مُسْهِر، عن عثمان بن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ((سبق الكتاب الخفين)) .
وفي مسند علي من ((جمع الجوامع)) ما لفظه عن رجل من الموالي قال: سمعت منادي عليَّ ابن أبي طالب ينادي يا أيها الناس إن الكتاب قد سبق المسح على الخفين ثلاث مرات أخرجه ابن جرير انتهى.وأُعِلَّ بأنّ الراوي عن عليّ مجهول.
وأخرج المؤيد بالله عن شيخه أبي العباس الحسني، قال: أخبرنا عليّ بن الحسن المروزي، قال حدثنا الفضل بن العباس، قال أنا عمرو بن حصين، قال: أنا أبو عوانة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: ((مسح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الخفين فَسَلْ الذين يزعمون ذلك أقبل المائدة أم بعدها؟ ما مسح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد المائدة، ولأَن أمسح على ظهر عَيْر في الفلاة أَحَبُّ إليَّ من أن أمسح على الخفين)) انتهى. وفيه عمرو بن حصين العقيلي وهو ضعيف جداً، ولكنه منجبر بما رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند عبد الله ابن عباس، من كتاب أبيه أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي، ثنا أبو الوليد، أنا أبو عوانه، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: ((قد مسح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الخفين، فسلوا هؤلاء الذين يزعمون أن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مسح قبل نزول المائدة أو بعدها، والله ما مسح بعد نزول المائدة، ولأَنْ أمسحَ على ظهر عابرٍ بالفلاة أحب إليّ من أن أمسح عليهما)).
قال في ((التخريج)) وهذا إسناد رجاله رجال الصحيح.
وبما أخرجه البيهقي في ((سننه))، بسنده إلى عبد الرزاق، أنا أبا
جرير، أخبرني خُصَيفٌ أن مقسماً مولى عبد الله بن الحارث، أخبره أن ابن عباس أخبره قال: أنا عند عمر حين سأله سعد وابن عمر عن المسح على الخفين، فقضى لسعد قال فقلت لسعد: قد علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسح على خفيه، ولكن أقبل المائدة أم بعدها، لا يخبرك أحد من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسح بعد المائدة، فسكت عمر وهو في مسند أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق بتمام السند.
قال في ((التخريج)): وهذا إسناد رجاله رجال الصحيح، إلا خصيف بن عبد الرحمن وهو إن ضعفه أحمد بن حنبل فقد وثقه يحيى بن معين وأبو زُرْعَة، وقال ابن عَدِي إذا حدَّث عنه ثقة فلا بأس به، وروى عنه أهل السنن الأربعة، وذكر الذهبي اختلاف قول أحمد فيه فتارة قال: ضعيف، وأخرى قال: ليس بقوي، وهي مرتبة دون الأولى، ولهذا أخرج له في مسنده.
وفي ((مجمع الزوائد)) عن ابن عباس أنه قال: ذُكِرَ المسح على الخفين عند عمر من سعد وعبد الله بن عمر فقال: عمر: سعد أفقه منك، فقال عبد الله بن عباس: يا سعد: إنا لا ننكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسح ولكن ما مَسَحَ منذ نزلت المائدة، فإنها أحكمت كلَّ شيء، وكانت آخر سورة نزلت في القرآن إلا براءة، قال فلم يَتَكَلَّمْ أحد، رواه الطبراني في ((الأوسط)) وروى ابن ماجه طرفاً منه، وفيه عبيد بن عبيدة التمَّار وقد ذكره ابن حبان في ((الثقات)) وقال: يُغْرْبُ انتهى.
قال في ((شرح التجريد)): قد ثبت عن أمير المؤمنين، وابن عباس، وعائشة وأبي هريرة وغيرهم إنكار المسح على الخفين.
وروى أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ قال: حدثنا هشيم، قال، أنا يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عائشة أنها قالت: ((لأَنْ أجذّهما بالسكين أحبُّ إلي من أن أمسح عليهما)).
وروى ابن أبي شَيْبَةَ، عن يحيى ابن أبي بكير، قال أنا شعبة، عن أبي بكر بن حفص، قال: سمعت عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: ((لأَن أجذهما أو أجذ أصابعي بالسكين أحبُّ إلي من أمسح عليهما)) .
وروى ابن أبي شَيْبَةَ قال: أنا يونس بن محمد، قال: أنا عبد الواحد بن زياد، قال أنا اسماعيل بن سُمَيع، قال: أنا أبو رزين، قال: قال لي أبو هريرة: ((ما أبالي على ظهر خفي مسحت أم على ظهر حمار)) انتهى.
قال في ((التخريج)): وهذه الأسانيد إلى عائشة رجالها رجال الصحيح، ورجال حديث أبي هريرة على شرط مسلم وفيه إسماعيل ابن سُمَيع وهو إن كان فيه بدعة من خارجية، فقد روى له مسلم وغيره. وقال الخزرجي في ((الخلاصة)): وثَّقَهُ أحمد وابن معين انتهى. وذكره الذهبي في ((جزء من تُكُلِّمَ فيه وهو موثق)) وأخرج الذهبي في ترجمة زكريا بن يحيى الكسائي الكوفي من ((الميزان)) عن زاذان أنه قال: قال علي لأبي مسعود، أنت المُحَدِّثُ أن رسول الله مسح على الخفين؟! قال: أَوَلَيْسَ كذلك؟! قال: أقبل المائدة أم بعدها؟ قال: لا أدري، قال: لا دَرَيْتَ، إنه من كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمداً فليتبوأ مقعده من النار.
وهذه الأدلة حجة القائلين بنسخ سنية المسح على الخفين بالآية الكريمة، وهو إجماع أهل البيت المحقق لانحصارهم في زمن الصحابة، بدليل ما رواه في ((المجموع)) عن الحسين بن عليّ قال: ((إنَّا ولد فاطمة لا نمسح على الخفين)).
وما أخرجه السيد أبو العباس الحسني في كتاب ((أسماء التابعين)) الذين رَوَوْا عن زيد بن علي فساق بإسناده إلى نصر البارقي، قال: سألت زيد بن علي عن المسح على الخفين فقال: نحن أهل بيتٍ لا نمسح، وكان أبونا لا يمسح، وما رأيت أحداً من أهل بي تي يمسح على خفٍ قط.
وروى إجماعهم أيضاً في كتابه ((الجامع الكافي)) وقال فيه بعد حكاية الإجماع: سمعنا عن عليّ، وابن مسعود وغيرهم من الصحابة والتابعين أنهم قرأوا (وأرجلَكم) نصباً، وقالوا: أعاد الأمر إلى الغَسل، ثم ذكروا حديث ((ويل للأعقاب من النار)).
وروى الإجماع أيضاً المؤيَّد بالله عليه السلام في ((شرح التجريد)) ، وقد قررّ المحققون من أهل الأصول حجية إجماعهم بأدلة ناهضة، حتى قال العلامة المقبلي في ((نجاح الطالب)) بعد الإشارة إليها ومن أنصف علم، إن هذا الدليل أقوى من أدلة إجماع الأمة بمراتب، ولكن إهمال الخصوم لدليله كالجواب عنه في قوله صلى الله عليه وآله وسلم ((انظروا كيف تخلفوني فيهما)) ، وممن تابعهم على ذلك الإمامية والخوارج، وأبو بكر بن داود ورواية عن مالك].
انتهى كلام العلامة السياغي من ((الروض النضير)).


Post Reply

Return to “مسائل فقهية عامة”