إغواء الرعاع ببطلان الإجماع في النقض على من يسوّق لأجماعات زائفة تدعي أن الله في السماء ( الحلقة الثالثة):

مسائل وقضايا التوحيد والإيمان
Post Reply
عود الخيزران
Posts: 901
Joined: Sat Nov 04, 2023 1:45 pm

إغواء الرعاع ببطلان الإجماع في النقض على من يسوّق لأجماعات زائفة تدعي أن الله في السماء ( الحلقة الثالثة):

Post by عود الخيزران »

إغواء الرعاع ببطلان الإجماع في النقض على من يسوّق لأجماعات زائفة تدعي أن الله في السماء ( الحلقة الثالثة):
؛ تحريرات سماحة العلّامة المحدث السيد حسن بن علي السقاف :


قال سماحته في رسالته المتينة التي جاءت تحت عنوان: (إغواء الرَّعاع بباطل الإجماع الذي تنقله المجسمة عن الصحابة والسلف والأتباع):

وأما قول الوهابي المشاغب:
[ 5. الامام عثمان بن سعيد الدارمي (280):
قال رحمه الله في النقض على بشر المريسي (ص154):
وقد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالى فوق عرشه فوق سمواته.
وقال رحمه الله في الرد على الجهمية ( ص64):
والأحاديث عن رسول الله وعن أصحابه والتابعين ومن بعدهم في هذا أكثر من أن يحصيها كتابنا هذا غير أنا قد اختصرنا من ذلك ما يستدل به أولوا الألباب أن الأمة كلها والأمم السالفة قبلها لم يكونوا يشكون في معرفة الله تعالى أنه فوق السماء بائن من خلقه غير هذه العصابة الزائغة عن الحق المخالفة للكتاب وأثارات العلم كلها حتى لقد عرف ذلك كثير من كفار الأمم وفراعنتهم].
أقول:
ما قدَّمناه أول هذه الرسالة من عن الصحابة ومن بعدهم مع قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للمصلي (فإن ربه بينه وبين قبلته) رواه البخاري
هذا الدارمي أحد أئمة التجسيم المكشوفين!! وهو صاحب كتاب "الرد على بشر المريسي" والكتاب من منابع الضلال، وهو يقول فيه: إنَّ من كان على رأس جبلٍ أقرب إلى الله تعالى ممن كان واقفاً بأسفله، وأن معبوده لو شاء لاستقرَّ على ظهر بعوضة!! إلى غير ذلك من الخرافات!! تعالى الله عن ذلك، وقد تكفَّل الإمام المحدث الكوثري عليه الرحمة والرضوان بكشف حاله في مقالة خاصة!! انظر كتابـه "المقالات" ص (282).
وهذا الذي قاله كذب مبين!! بل اتفقت كلمة المسلمين البعيدين عن التشبيه والتجسيم على تنزيه الله تعالى عن المكان وأنه سبحانه {لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}.
والمسلمون فيهم فرق ومذاهب متعددة ولم يتَّفقوا على ذلك ولا أجمعوا عليه! وهذا نفس كلام كعب الأحبار الذي نقله من التوراة المحرَّفة وقد فصلنا القول فيه في تحقيقنا لكتاب "العلو".

قوله:
[6. الامام:زكريا الساجي ت 307 هـ
قال رحمه الله: "القول في السنة التي رأيت عليها أصحابنا أهل الحديث الذين لقيناهم أن الله تعالى على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء ".
رواه ابن بطه كما في العلو للذهبي ( برقم 524).
قال الذهبي: وكان الساجي شيخ البصرة وحافظها وعنه اخذ أبو الحسن الاشعري علم الحديث ومقالات أهل السنة].
أقول:
لا يثبت هذا من ناحية الإسناد. فالعلة الأولى في الإسناد: ابن بَطَّة وهو وضَّاع مجسِّم من أئمة التشبيه لا عبرة بقوله!! واسمه: عبيدالله بن محمد بن بَطَّة العُكْبُري، قال الحافظ ابن حجر في ((لسان الميزان)) (4/131) متعقباً على الذهبي: [وقفت لابن بَطَّة على أمر استعظمته واقشعرَّ جلدي منه]. ثمَّ أثبت الحافظ أنه وضَّاع، وأنه كان يَحُكُّ أسماء الأئمة من كُتُبِ الحديث ويضع اسمه مكان الحَكِّ، وأورد الخطيب البغدادي في تاريخه (10/375) حديثاً بسند باطل ثمَّ قال: [وهو موضـوع بـهذا الإسناد والحمل فيه على ابن بطة]. أي أنه هو واضعه!! فخبره مردود!!
والعلة الثانية في الإسناد: (أحمد بن زكريا الساجي) وهو مجهول! وهذا من الدلائل على كذب ابن بَطَّة حيث إنه اخترع للساجي ولداً يروي هذه العقيدة الفاسدة عنه!! وقد اعترف متناقض عصرنا الألباني!! في "مختصر العلو" ص (223) أنَّ أحمد بن زكريا الساجي لا يُعْـرَف!! فقال: [ولم أعرف أحمد هذا ولا ذكروه في الرواة عن أبيه الساجي]. وقال البراك الوهابي في تعليقه على "العلو" (2/1052): [لم أجد له ترجمة].
ثم إن الساجي في هذا الكلام المكذوب عنه لم يدع فيه الإجماع وإنما حكاه عمن لقيه من أصحابه من أهل الحديث وهذا لا يمثل إجماع الأمة المحمدية!
وعليه فهذا الإجماع المنقول عن الساجي من جملة الخرافات المخترعة.

قوله:
[7. الامام ابن أبي زيد القيرواني ( 386):
قال رحمه الله في الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ ( ص 107-108):
فمما أجمعت عليه الأمة من أمور الديانة، ومن السنن التي خلافها بدعة وضلالة؛ أن الله تبارك اسمه له الأسماء الحسنى والصفات العلى لم يزل بجميع صفاته.....وأنه فوق سماواته على عرشه دون أرضه وأنه في كل مكان بعلمه].
أقول:
أولاً: لا نعرف مدى ثبوت هذا الكتاب لابن أبي زيد القيرواني.
ثانياً: ما يقوله ابن أبي زيد في موضوع العلو وما ذكره في رسالته من أنه تعالى (فوق العرش بذاته) وما يتعلَّق بهذه الأمور وما ينقله من الإجماع لا يعوَّل عليه ولا يوثق به، خصوصاً في هذه القضية التي أنكرها الحفاظ والعلماء على ابن أبي زيد!
فابن أبي زيد انتقده أهل العلم في قوله في رسالته المشهورة إنه تعالى (فوق عرشه المجيد بذاته) وهذا قول مردود على ابن أبي زيد، وهو غالط فيه ولا دليل له عليه إذ لم ترد لفظة (بذاته) في الكتاب ولا في السنة وهي تدل على التجسيم! وقد قال الذهبي في كتابه "العلو" عند ذكر قول ابن أبي زيد القيرواني هذا: [وقد نقموا عليه في قوله (بذاته) فليته تركها]! وهذا يثبت لنا أن في علماء عصره مَن ينكر هذا عليه! ولهذا نقم أهل العلم على ابن أبي زيد! وابن عبد البر من الناقمين! فقد كان عمره عند وفاة ابن أبي زيد (21) سنة! قال ابن عبد البر في "التمهيد" (7/144) عن يحيى بن عثمان بن صالح قال: [وَقَالَ نُعَيم (بن حماد): يَنْزِلُ بِذَاتِهِ وَهُوَ عَلَى كُرْسِيِّهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ عِنْدَ أَهْلِ الْفَهْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ لِأَنَّ هَذَا كَيْفِيَّةٌ وَهُمْ يَفْزَعُونَ مِنْهَا لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ إِلَّا فِيمَا يُحَاطُ بِهِ عِيَاناً وَقَدْ جَلَّ اللَّهُ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ]. وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/508): عند شرح حديث: ((إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى)): [وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته ومهما تؤوِّل به هذا جاز أن يُتَأَوَّل به ذاك والله أعلم]. وقد ألَّف ابن أبي زيد رسالته على ما حكاه الذهبي في "السير" (17/12) وعمره (17) عاماً. وقد غلَّط المالكية ابن أبي زيد في هذه اللفظة التي ذكرها واعتبرها بعضهم مدسوسة عليه كمن يجد ذلك مَنْ يُراجع شروحهم عليها!! وكما اعترف الذهبي نفسه في كتاب "العلو" بذلك في آخر هذه الأسطر التي فيها كلام ابن أبي زيد والتعليق عليه!!
قال العلامة الحافظ ابن بَطَّال المالكي (ت449هـ) في شرحه على "صحيح البخاري" (10/453): [وكذلك لا شبهة لهم في قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} لأن صعود الكلم إلى الله تعالى لا يقتضي كونه في جهة العلو، لأن الباري تعالى لا تحويه جهة؛ إذ كان موجوداً ولا جهة، وإذا صح ذلك وجب صرف هذا عن ظاهره وإجراؤه على المجاز؛ لبطلان إجرائه على الحقيقة... وأما وصف الكلام بالصعود إليه فمجاز أيضاً واتساع؛ لأن الكلم عَرَض والعَرَض لا يصح أن يفعل؛ لأن من شرط الفاعل كونه حياً قادراً عالماً مريدًا، فوجب صرف الصعود المضاف إلى الكلم إلى الملائكة الصاعدين به]. وكلام الحافظ ابن بَطَّال مهم جداً في بيان طريقة المالكية المتقدمين في التنزيه البعيدة عن طريقة ابن أبي زيد وأمثاله من المائلين إلى الجهة والتشبيه! وقال العلامة العيني الحنفي في "شرح البخاري" (7/199) عند الكلام على حديث النزول: [احتج به قوم على إثبات الجهة لله تعالى وقالوا هي جهة العلو، وممن قال بذلك ابن قتيبة وابن عبد البر، وحكي أيضاً عن أبي محمد بن أبي زيد القيرواني، وأنكر ذلك جمهور العلماء لأن القول بالجهة يؤدّي إلى تحيز وإحاطة وقد تعالى الله عن ذلك].
فهذا الإجماع الذي حكاه ابن أبي زيد القيرواني إن صح عنه فهو إجماع منخرم باطل لا يعوَّل عليه بل هو من جملة الإجماعات الخرافية المكذوبة على السلف لقول بعضهم وخاصة من الصحابة والتابعين كما نقلنا في المقدمة (إنه بكل مكان) ولوجود الخلاف بين الأمة حيث إن المعتزلة وغيرهم من أهل السنة ينزهون الله تعالى عن المكان.
Post Reply

Return to “مسائل وقضايا التوحيد والإيمان”