تخريج حديث الجارية (فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أين الله))؟ فقالت: في السماء)

[الباحث المفكر]

تخريج حديث الجارية (فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أين الله))؟ فقالت: في السماء)

من كتاب (تأسيس التقديس)

أخرج في الصحيح عن عمر بن الحكم أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت يا رسول الله: إن لي جارية كانت ترعى غنماً، فجئتها. ففقدت شاة، فسألتها. فقالت: أكلها الذئب. فأسفت فاستبقت عليها فلطمت وجهها. وعليَّ رقبة. أفأُعْتقها؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أين الله))؟ فقالت: في السماء. فقال: ((من أنا؟)). قالت: أنت رسول الله. فقال عليه السلام: ((أعتقها فإنها مؤمنة))

هذا حديث ليس بصحيح بل هو شاذ منكر بلفظ (أين الله؟)، أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحه (537) من رواية معاوية بن الحكم السُّلَمي وليس من رواية عمر بن الحكم، والذي رواه من رواية عمر بن الحكم: مالك في الموطأ (1511) و(عمر بن الحكم) قال ابن عبد البر في التمهيد (22/76) بأنه من أوهام مالك. وأنكر البيهقي أن تكون قصة الجارية مروية في صحيح مسلم فقال في كتابه "الأسماء والصفات" ص (422): [وهذا صحيح قد أخرجه مسلم مقطّعاً من حديث الأوزاعي وحجاج الصوَّاف عن يحيى بن أبي كثير دون قصة الجارية؛ وأظنه إنما تركها من الحديث لاختلاف الرواة في لفظه؟ وقد ذكرت في كتاب الظهار من السنن مخالفة من خالف معاوية بن الحكم في لفظ الحديث]. وأما لفظة (أين الله) فهي شاذة لمخالفتها لرويات أخرى فيها لفظ الشهادة ولمخالفتها لسائر ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأمر بالشهادة والسؤال عنها، والصواب أن لفظ (أين الله) منكرة لأن هلالاً الذي في اسنادها لَيِّنُ الحديث، وقد خالف، وله أحاديث منكرة، منها ما تقدَّم في التعليق رقم(152) في بعض روايات حديث النزول، وقد روى الحديث آخرون فلم يذكروا (أين الله)!! بل ذكروا غيرها وهو: ((أتشهدين أن لا إله إلا الله....)) وهو الصواب كما في مسند أحمد (3/452) وقال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/244): ((رجاله رجـال الصحيح)). ورواه أيضاً بهذا اللفظ الصحيح مالك في الموطأ (1512) وعبدالرزاق في المصنَّف (9/175) والبزار (1/14كشف) والدارمي (2/187) والبيهقي (10/57) والطبرانــي (12/27) وابـن الجـــارود في "المنتقى" (931) وابن أبي شيبة (11/20) وغيرهم، وقد بسطنا الكلام بإسهاب على هذا الحديث وما يتعلّق به في كتابنا "تنقيح الفهوم العالية بما ثبت وما لم يثبت في حديث الجارية" وأثبتنا عدم صحة لفظ (أين الله) وجزمنا بأنَّ النبي | لم يقله بـــل قال لها: ((أتشهدين أن لا إله إلا الله...)) فليرجع إليها من شاء استقصاء الأمر من جميع أطرافه وبه يبطل الاستدلال على العلو الذي تزعمه المجسمة والله الموفق والهادي.