ذهب الألباني إلى تحريم صيام يوم السبت إلا في فريضة معتمداً على هذا الحديث:
حديث الصَمَّاء بنت بُسْر مرفوعاً: ((لا تصوموا يوم السبت إلا في فريضة وإن لم يجد أحدكم إلا عود كَرْمٍ أو لحاء شجرة فليفطر عليه)).
هذا الحديث رواه أحمد في مسنده (4/189) و (6/368) وأبو داود (2421) والترمذي (744) وابن حبّان (8/379/3615) والحاكم (1/435) والبيهقي (4/302) وغيرهم.
وهو حديث مردود غير ثابت لاضطرابه ومخالفته لكثير من الأحاديث الأخرى الصحيحة.
وقد ضعّف هذا الحديث أحمد ومالك وأبو داود وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين بتضعيفات شتى.
وقد حاول الألباني أن يصححه ويثبته ويرد ما سواه بشتى الطرق وهذا مردود منه أو عليه.
وبعض فقهائنا الذين قالوا بكراهة إفراد صوم يوم السبت تأثروا بهذا الحديث وحاولوا أن يجمعوا بينه وبين غيره من الأحاديث الصحيحة وهذا قول مرجوح غير صحيح عندي، وإن كان قولهم أيضاً لا يتوافق مع ما ذهب إليه الألباني.
قال ابن القيم كما في ((عون المعبود)) (7/68):
((احتج الأثرم ـ تلميذ أحمد بن حنبل ـ بما ذكر في النصوص المتواترة على صوم يوم السبت.... فدلّ على أن الحديث غير محفوظ وأنه شاذ، ثم قال: وقد قال أبو داود: قال مالك: هذا كذب، وذكر بـإسناده عن الزهري أنه كان إذا ذكر له النهي عن صوم يوم السبت يقول هذا حديث حمصي، وعن الأوزاعي قال ما زلت كاتماً له حتى رأيته انتشر.
وقال ابن القيم أيضاً: قال أبو بكر الأثرم سمعت أبا عبد الله ـ يعني أحمد ابن
حنبل ـ يسئل عن صيام يوم السبت يفرد به ؟ فقال: أمّا صيام يوم السبت يفرد به فقد جاء فيه ذلك الحديث حديث الصمّاء، ثم قال الإمام أحمد: يحيى بن سعيد
ينفيه، أبى أن يحدّثني به. قال الاثرم: حجة أبي عبد الله أحمد بن حنبل في الرخصة في صوم يوم السبت أن الأحاديث كلّها مخالفة لحديث عبد الله بن بسر، منها حديث أم سلمة: سئلت أي الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم أكثر صياما لها ؟
فقالت: السبت والأحد. قال ابن القيم: فقد فهم الأثرم من كلام أبي عبد الله أحمد بن حنبل أنه توقف عن الأخذ بالحديث وأنه رخَّص في صومه، حيث ذكر الحديث الذي يحتج به في الكراهة، وذكر أن الإمام علّل حديث يحيى بن سعيد وكان ينفيه، وأبا أن يحدّث به، ثم قال ابن القيم: فهذا تضعيف للحديث)) اهـ من عون المعبود فليرجعه من شاء.
وقال الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/81):
[ولقد أنكر الزهري حديث الصمَّاء في كراهة صوم يوم السبت ولم يعدَّه من حديث أهل العلم بعد معرفته به..].
ولذلك أقول بأن صيام جائز بل مستحب وإن أفرده الصائم ولم يصم قبله أو بعده، للحديث الصحيح:
((أحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً)) رواه البخاري (1131) ومسلم (1159).
وهذا يقتضي إفراده بالصوم.
وللعبد الفقير رسالة في الموضوع كتبتها قبل نحو (30) سنة سميتها (وهم سيء البخت الذي حرّم صيام السبت) رددت فيها على الألباني في هذه المسألة.
والله الموفق.