الإسراء والمعراج ثابتان بقطعي الدلالات في الكتاب والسنة:

مسائل وقضايا التوحيد والإيمان
أضف رد جديد
cisayman3
مشاركات: 300
اشترك في: السبت نوفمبر 11, 2023 8:00 pm

الإسراء والمعراج ثابتان بقطعي الدلالات في الكتاب والسنة:

مشاركة بواسطة cisayman3 »

الإسراء والمعراج ثابتان بقطعي الدلالات في الكتاب والسنة ولكن قصة الإسراء والمعراج الطويلة المروية في الصحاح وغيرها جاءت فيها بعض أمور عليها كلام أي فيها ما هو مردود!
وأبين بعض ذلك فأقول مستعينا بالله تعالى:
أولاً: الإسراء والمعراج لا جدال في ثبوتهما، أما الإسراء ففي سورة الإسراء وأما المعراج ففي مثل قوله تعالى {ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى) أي أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم رأى سيدنا جبريل عليه السلام مرة أخرى بصورته الأصلية عند سدرة المنتهى في السماء.
ثانياً: ليس في قصة الإسراء والمعراج أن الله تعالى في السماء أو فوق السماء أو في أي مكان، وليس المقصود من الإسراء والمعراج أن يذهب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكان فيه رب العزة سبحانه المنزه عن الزمان والمكان. بل أخبرنا الله تعالى في القرآن الكريم في سورة الإسراء فقال: (لنريه من آياتنا) وقال سبحانه في سورة النجم: { لقد رأى من آيات ربه الكبرى} والله تعالى ليس من آيات ربه الكبرى. فالمقصود من الإسراء والمعراج أن يُطلع الله حبيبه المصطفى على بعض آياته الكبرى ويسلي قلبه ويبين له عظيم منزلته صلى الله عليه وآله وسلم.
ثالثاً: ورد في قصة الإسراء والمعراج في الصحيحين أو أحدهما ألفاظ استنكرها الحفاظ والعلماء سابقا، بل فيها ما هو مستشنع! ومن ذلك قول الحافظ ابن حجر في شرحه هناك (13/483): (قال الخطَّابي: ليس في هذا الكتاب يعني صحيح البخاري حديث أشنع ظاهراً ولا أشنع مذاقاً من هذا الفصل) ثم قال الحافظ بعد ذلك: (وقد روي هذا الحديث عن أنس من غير طريق شَرِيك فلم يذكر فيه هذه الألفاظ الشنيعة). وهذا يدلنا على أن في حديث الإسراء الذي في الصحيح أشياء شنيعة، وهي مستشنعة بشهادة فحول الحفاظ وكبار العلماء والمحدثين، فافهم هذا ولا تنسه.
وهناك كلام طويل في ذلك عند الحفاظ يمكن مراجعته في فتح الباري بشرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر.
رابعاً: دعك من تهويلات وتشغيبات المعترضين على ما نقوله في هذه القضية وخاصة من السلفيين في ادعائهم بأن ما نقوله هو طعن في السنة وما إلى ذلك من هرطقات فارغة، وقد ضعف شيوخهم كابن تيمية والألباني أحاديث في الصحيحين وفي مقدمة الجزء الأول من كتابي (تناقضات الألباني الواضحات) نماذج من أحاديث في الصحيحين أو أحدهما ضعفها الألباني.

خامساً: وبالسؤال والتتبع وجدنا أن أصل قصة الإسراء والمعراج موجود في كتب أهل الكتاب اليهود والنصارى في رحلة (إخنوخ) وهو سيدنا إدريس عليه السلام إلى السموات. فعرض القصة بهذه الصورة موجود عند أهل الكتاب، و (سفر إخنوخ) أو (رحلة إخنوخ) من الأسفار القديمة عند اليهود، ولكن الكنيسة بأقسامها الثلاث (المجامع الكنيسية المتأخرة) اعتبرته سِفْرَاً غير قانوني، ولكن الكنيسة الحبشية لا تزال تعتبره، والثابت أن المفسرين والمسلمين المتقدمين بما فيهم جماعة الصحابة رضوان الله عليهم اطلعوا على هذا السِّفْر عند هجرتهم إلى الحبشة في عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن هنا صورت قصة الإسراء والمعراج بهذه الصورة، وقد ورد اسم (إخنوخ) في بعض التفاسير كتفسير القرطبي مثلاً عند تفسير قوله تعالى في حق سيدنا إدريس عليه السلام {ورفعناه مكانا علياً} وسِفْر (إخنوخ) اليهودي هذا يحتوي على قصة رحلة (إخنوخ) وهو سيدنا إدريس للسموات السبع وإعلانات الله لإخنوخ (كما يُعَبِّر)!!
وكذلك يحتوي - كما يقول - على تحذيرات إخنوخ لأبنائه!! وفي الفصل الثاني من سفر التكوين العدد (10و11و12و13و14) ورد ذكر هذه الأنهار الأربعة الواردة في حديث الإسراء ببعض تغيير للأسماء وهي: فيحون وجيحون وحداقل والفرات. فالذي ألَّف القصة حور ودور في هذه الأسماء إلى ما يناسب معلومات العرب آنذاك فينبغي التدبر والتأمل والتفكر الدقيق في هذا الأمر!!
وأعود وأؤكد أن الإسراء والمعراج ثابتان بقطعي الدلالات ولكن هذه القصة المروية في الصحيحين فيها أمور غير ثابتة ووبعض تفاصيلها مشكوك فيها، وهي قصة غير قطعية.
سادساً: مما جاء في القصة من الأمور المنكرة وصف سيدنا موسى عليه السلام لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأنه (غلام)!!!
فقد جاء في نص الحديث: (ما يبكيك ؟ قال: أبكي لأنَّ غلاماً بُعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي).
أنا أُنزّه سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام من هذا، فهو لا يسمي ولا يصف سيد الخلق وشفيعهم ومن أخذ منه العهد والميثاق على الإيمان به بغلام!! وخاصة أنَّ سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان عمره ساعتئذ خمسين سنة!! ثمَّ أتساءل هل يجوز لنبي أن يتحسَّر ويبكي على أنَّ الذين يتبعونه أقل وأن سيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم أتباعه أكثر ممن يتبعه هو ؟!! وهل هناك تحاسد بين الأنبياء عليهم الصلاة وأزكى السلام؟!
لاحظ أن بعض الألفاظ الداخلة على القصة من الإسرائليات التي أراد واضعها إبراز صورة سيدنا موسى عليه السلام، فسيدنا محمد بنظره (غلام)، وهو الذي يعرف أكثر من نبينا ما يناسب الناس وأمة سيدنا محمد من الصلوات!
سابعاً: جاء في حديث الإسراء هذا (فانطلق بي جبريل حتى أتى بي السماء الدنيا فاستفتح فقيل: مَنْ هــذا ؟ قال: جبريل. قيل: ومَنْ معك ؟ قال: محمد. قيل: أَوَقَدْ أرسل إليه) وكذلك حصل في كل سماء! وفي بعض الروايات الأخرى: (أوقد بعث ؟ قال: نعم).
فهنا أمران:
الأول: يحتمل أن الملائكة لا تعرف أن سيدنا محمدا قد بُعِثَ وقد أرسِل في تلك اللحظة بعد مبعثه بنحو اثنتي عشرة سنة! وهذه مشكلة!
والثاني: كيف يدعو الله تعالى سيد الخلق ومعه سيد الملائكة أو أحد سادة الملائكة ولم يعلمهم الله تعالى أو يخبرهم بذلك ولم يتهيأوا للاستقبال والداعي هو رب العزة جل وعز!
ربما لو كان المدعو سيدنا موسى عليه السلام لجعل واضع القصة الملائكة تستقبلهما صفوقا قبل أن يبلغوا أبواب السماء!
لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ثامناً: من القضايا التي فيها كلام أيضا في القصة فرض الصلوات أولا خمسين صلاة! ثم ردها بواسطة تنبيهات سيدنا موسى عليه السلام إلى خمس صلوات!
إنني أرى أن هذا غير ثابت. وأرى أن الفكر الإسرائيلي أدخل بعض هذه التفاصيل على هذه القصة أو سردها بهذا الترتيب فلمَّا وصل إلى ذكر سيدنا موسى فيها وقف عنده وأراد أن يبرز دوره وفضله على هذه الأمة وأظهر بعض ما يجول من الأفكار بذهن ذلك الفكر تجاه شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ووضعها على لسان سيدنا موسى عليه السلام الذي أُنَزّهه أنا من هذا كله!!
ثمَّ لم يكتف بذلك بل بين أنَّ إدراك سيدنا موسى لعدم تحمّل هذه الأمة لخمسين صلاة فوق إدراك الله ـ جل جلاله وتعالى عما يقولون ـ لذلك!!! حتى جعل يُغَيِّر فيها ويطلب تخفيفها وتخفيضها حتى أوصلها لخمس ولم يدرك ذلك سيدنا محمد ولا سيدنا إبراهيم! فجعل واضع القصة تجارب سيدنا موسى متفوقة على تجارب سيدنا محمد وتجارب سيدنا إبراهيم عليهم الصلاة والسلام! بل متفوقة على علم الله تعالى بما يناسب عباده!! لكن غفل مُرَكِّب القصة بهذا السياق عن أنَّ سيدنا جبريل قد مرَّت عليه تجارب سيدنا موسى وما عاناه وكذا مرت عليه تجارب جميع الأنبياء والمرسلين ومعاناتهم مع أممهم، فلم يتفطن لذلك وتفطنها سيدنا موسى عليه السلام الذي ينتمي واضع هذا السياق إليه وهو عليه السلام بريءٌ منه ومن عمله!! فتأملوا في هذا كله فما وجدتموه حقاً فخذوه وما سوى ذلك فانبذوه!! والمقصد في ذلك كله تنزيه الله سبحانه عما لا يليق به وكذا والأنبياء والملائكة عليهم الصلاة والسلام!!
تاسعاً: في حديث الإسراء أن نهر النيل والفرات ينبعان من فوق السماء السابعة عند سدرة المنتهى!! فقد جاء فيه: (قال: هذه سدرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران. فقلت: ما هذان يا جبريل ؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات)!!!
فالنهران الظاهران والباطنان مثلاً خرافة إسرائيلية لا شك في ذلك لأن هذه القضية في هذا الحديث معارضة للقرآن الكريم الذي نص على أن الله تعالى أخرج الأنهار والعيون من ينابيع سلكها في الأرض بعدما أمطرت السماء عليها. قال تعالى { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض }.
ثم إن العلوم الكونية تخالف أيضاً ما جاء في هذا الحديث من أن منابع نهر النيل والفرات ودجلة من أماكن معروفة ومشهورة يعرفها أدنى مطلع على الجغرافيا والثقافة العامة التي يشترك فيها العام والخاص.
ثم إن بُعْدَ ما بين السماء السابعة والجنة وسدرة المنتهى وبين الأرض مسافة شاسعة جداً لا يمكن أن يتصور عاقل أن منابع هذه النهار عند سدرة المنتهى فوق السماء السابعة وهي تقطع هذه المسافة الطويلة فضلاً عن أن ينطق بهذا سيد البشر والعقلاء وأعلمهم صلى الله عليه وآله وسلم.
ويعتبر حديث شريك بن أبي نمر في الإسراء والمعراج الذي في صحيح البخاري من أشنع روايات حديث الإسراء والمعراج كما تقدم نقلا عن بعض الحفاظ والأئمة، وقد ذكر الحافظ في الفتح (13/485) أن شريكاً خالف الحفاظ في عشرة أشياء في هذا الحديث (يعني حديث الإسراء والمعراج)، فينبغي التنبه لذلك والتوسع فيه بالمراجعة
وقد ذكرت هذه الأمور وغيرها فيما يتعلق في هذا الموضوع قبل ثلاثين سنة في كتابي (صحيح شرح العقيدة الطحاوية) وقبل نحو أربع وعشرين سنة في تعليقاتي على كتاب (العلو) للذهبي فليرجع إليهما من شاء الاستزادة.
والله تعالى أعلم.



______________(تعليقات مفيدة)____________
الباحث عن الحقيقة يرد على أحد المتمسلفين:
الرجاء ان تتمعن في قول الحافظ ابن حجر في شرحه على البخاري لحديث المعراج حيث يقول:
(في الإسراء)
أي في ليلة الإسراء، وهذا مصير من المصنف إلى أن المعراج كان في ليلة الإسراء، وقد وقع في ذلك اختلاف فقيل: كانا في ليلة واحدة في يقظته صلى الله عليه وسلم وهذا هو المشهور عند الجمهور، وقيل: كانا جميعا في ليلة واحدة في منامه، وقيل: وقعا جميعا مرتين في ليلتين مختلفتين إحداهما يقظة والأخرى مناما، وقيل كان الإسراء إلى بيت المقدس خاصة في اليقظة وكان المعراج مناما إما في تلك الليلة أو في غيرها، والذي ينبغي أن لا يجري فيه الخلاف أن الإسراء إلى بيت المقدس كان في اليقظة لظاهر القرآن، ولكون قريش كذبته في ذلك ولو كان مناما لم تكذبه فيه ولا في أبعد منه، وقد روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة لكن طرقه في الصحيحين تدور على أنس مع اختلاف أصحابه عنه، فرواه الزهري عنه عن أبي ذر كما في هذا الباب، ورواه قتادة عنه عن مالك بن صعصعة، ورواه شريك بن أبي نمر وثابت البناني عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة، وفي سياق كل منهم عنه ما ليس عند الآخر).
تأمل هذا جيدا وفقك الله.



فريق الصفحة: ليس من الضروري أن نذكر لك ولا نصف عالم واحد سبق السيد السقاف في تضعيف بعض التفاصيل الواردة في حديث المعراج، هناك أحاديث في البخاري لم يسبق الدارقطني أو غيره أحد في تضعيفها، ولم يقل له أحد: من سبقك بهذا؟ والدارقطني ليس منزلا من السماء له أحقية أن يضعف دون غيره، كما أن البخاري أو مسلما ليسا منزلين كذلك، فليس من مقاييس العلم أن يقال للعالم: من سبقك بهذا؟! أو من أنت حتى تقول هذا؟! هل قلت للألباني عندما ضعف أحاديث في الصحيحين من سبقك بهذا التضعيف؟! هل قلت لابن تيمية عندما ضعف بعض أحاديث الصحيحين كذلك من سبقك بهذا؟! نحن لا نقول لإنسان عامي ليست له أي خلفيات علمية معتبرة لك أن تصحح وتضعف في الأحاديث! هناك مقاييس شرعية معروفة وضوابط للتصحيح والتضعيف مذكورة في كتب المصطلح والأصول ذكرها العلماء ليتعلم المعنيون المشتغلون بهذه الفنون كيف يصححون ويضعفون، والبخاري ومسلم لهما منزلة جليلة في العلم ونحن والسيد نحتج بما فيهما وكذلك نرد بعض المروي فيهما! فهناك أسس وقواعد، فمنطق من سبقك إلى هذا منطق غير علمي وغير معتبر ولا يسمن ولا يغني من جوع!
عندما ضعف المازري أو البغوي وغيره حديث شريك بن أبي نمر في الإسراء والمعراج المروي في صحيح البخاري لم يقولوا له: من سبقك إلى هذا!
إذا روى لك البخاري حديثا أو أثرا فيه ان ابن مسعود أنكر كون المعوذتين من القرآن وقال ابن حزم ثم النووي ثم الرازي إنه باطل موضوع لم يقولوا لابن حزم من سبقك بهذا!
فالموازين والضوابط التي ترد بها البحث العلمي سيدي الدكتور غير معتبرة! وأنت بذلك تقتل العلم قتلا! أما إذا جاء ملحد أو علماني أو صاحب هوى غير منضبط بقواعد العلم والشريعة فقال قولا من هذه البابة فإنك ترد عليه بأسس وقواعد علمية ومنها نص الكتاب أو السنة أو الإجماع أو العقل! ولا تقل له: أعطني قول عالم واحد سبقك بهذا!
أخباار الآحاد يا أستاذ قابلة للقبول والرد!
والرجل قال لك: إن الإسراء والمعراج ثابتان بقطعي الدلالات!
وأفادك بمعلومات قلما تجدها في موضع آخر!
يكفينا تجمد!
منطق العلم لا يفهم نظرية: أعطني عالما واحدا سبقك بهذا!
ربنا يهدينا ويهديك إلى سواء السبيل
وقال الباحث عن الحقيقة أيضاً:
وقال الحافظ العيني في شرح حديث المعراج في عمدة القاري:
(واختلفوا في المعراج والإسراء هل كانا في ليلة واحدة أو في ليلتين وهل كانا جميعا في اليقظة أو في المنام أو أحدهما في اليقظة والآخر في المنام فقيل إن الإسراء كان مرتين مرة بروحه مناما ومرة بروحه وبدنه يقظة ومنهم من يدعي تعدد الإسراء في اليقظة أيضا حتى قال إنه أربع إسراآت وزعم بعضهم أن بعضها كان بالمدينة ووفق أبو شامة في روايات حديث الإسراء بالجمع بالتعدد فجعل ثلاث إسراآت مرة من مكة إلى بيت المقدس فقط على البراق ومرة من مكة إلى السموات على البراق أيضا ومرة من مكة إلى بيت المقدس ثم إلى السموات وجمهور السلف والخلف على الإسراء كان ببدنه وروحه).
فقوله (اختلفوا) وقوله (الجمهور) ينبئك بأن هناك من لم يأخذ ببعض الروايات المروية في الصحيحين وغيرهما وأن في الروايات إشكالات لا مانع لمن ردها بعلم.
مع تأكيدنا أننا وشيخنا العلامة السيد السقاف نقول بقطعية ثبوت الإسراء والمعراج.
فتأنَّ حفظك الله تعالى......

وقال عبد الله المالكي الأشعري:
جَزَاكُمُ اللهُ تَعَالَى خَيْرًا شَيْخَنَا العَلَّامَـةَ المُدَقِّقَ عَلَى هَذَا التَّحْقِيقِ الرَّائِعِ، وَبَارَكَ فِي عِلْمِكُمْ وَعَمَلِكُمْ، وَأُنَبِّهُ المُتَابِعِينَ الكِرَامَ هُنَا إِغْنَاءً لمَنْشُورِكُمْ المَاتِعِ النَّافِعِ، إِلَى أَنَّ وَضَّاعِي الإِسْرَائِيليَّاتِ عَلَى شَكْلِ (أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ) أَذْكِيَاءُ جِدًّا وَمُحْتَالُونَ وَخُبَثَاءُ، فَمِنْ خِلَالِ البَحْثِ والمُقَارَنَـةِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُمْ قَدْ لَا يَنْقُلُونَ القِصَّـةَ كَمَا هِيَ مِنْ حَيْثُ المَوْضُوعُ!!
لَكِنَّهُمْ يَنْقُلُونَ بَعْضَهَا مِنْ مَوْضُوعٍ مُعَيَّنٍ فَيُرَكِّبُونَ عَلَيْهِ مَوْضُوعًا آخَرَ مُغَايِرًا، ثُمَّ يَنْسبُونَـهُ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ)!!
وَمَنْ لَمْ يَفْهَمْ هَذَا الأَمْرَ سَيَظَلُّ يَبْحَثُ دَائمًا عَنْ (أَصْلٍ إِسْرَائِيلِيٍّ حَرْفِيٍّ) لِكَثِيرٍ مِنَ الأَحَادِيثِ الظَّاهِرَةِ الصُّنْعِ وَلَنْ يَظْفَرَ بِذَلِكَ، وسرُّ ذَلِكَ: أَنَّهُمْ لَا يَنْقُلُونَ دَائِمًا الإِسْرَائِيلِيَّاتِ بالحَرْفِ بَلْ يُؤَلِّفُونَهَا تَأْلِيفًا.
فَمَثَلًا هَذَا الحَدِيثُ المَصْنُوعُ المُخَرَّجُ فِي الصَّحِيحِ، فِيهِ أَنَّ عَدَدَ الصَّلَواتِ كَانَ 50 صَلاةً ثُمَّ خُفِّفَ إِلَى 5 صَلَوَاتٍ، وهَذَا لَيْسَ مَوْجُودًا بالحَرْفِ هَكَذَا فِي الإِسْرَائِيلِيَّاتِ!!
لَكِنَّنَا نَجِدُ هَذَا النَّفَسَ فِي مَوْضُوعٍ آخَرَ، وَمَنْسُوبًا لِنَبِيٍّ آخَرَ، فَفِي (سفر التَّكوْين، الإصْحَاح 18) جَاءَ:
[23- فَاقْتَرَبَ إِبْرَاهِيمُ وَقَالَ: أَتُهْلِكُ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ؟
24- لَوْ وُجِدَ فِي الْمَدِينَةِ ((خَمْسُونَ)) بَارّاً، فَهَلْ تُدَمِّرُهَا وَلاَ تَصْفَحُ عَنْهَا مِنْ أَجْلِ ((الْخَمْسِينَ)) بَارّاً الَّذِينَ فِيهَا؟
25- تَنَزَّهْتَ عَنْ أَنْ تُهْلِكَ الْبَارَّ مَعَ الأَثِيمِ، فَيَكُونُ الْبَارُّ كَالأَثِيمِ؛ حَاشَا لَكَ. أَدَيَّانُ الأَرْضِ كُلِّهَا لاَ يُجْرِي عَدْلاً؟
26- فَقَالَ الرَّبُّ: إِنْ وَجَدْتُ فِي سَدُومَ ((خَمْسِينَ)) بَارّاً فَإِنَّنِي أَصْفَحُ عَنِ الْمَكَانِ كُلِّهِ مِنْ أَجْلِهِمْ.
27- فَأَجَابَ إِبْرَاهِيمُ: هَا أَنَا قَدْ أَخَذْتُ فِي مُخَاطَبَةِ الْمَوْلَى، مَعَ أَنَّنِي لَسْتُ سِوَى تُرَابٍ وَرَمَادٍ.
28- مَاذَا لَوْ ((نَـقَـصَ)) ((الْخَمْسُونَ)) بَارّاً ((خَمْسَـةً)) ؟ أَفَتُهْلِكُ الْمَدِينَةَ كُلَّهَا مِنْ أَجْلِ ((الْخَمْسَةِ)) ؟ فَأَجَابَهُ: إِنْ وَجَدْتُ ((خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ)) بَارّاً لاَ أُهْلِكُهَا.
29- فَخَاطَبَهُ إِبْرَاهِيمُ ثَانِيَةً: وَمَاذَا لَوْ وُجِدَ هُنَاكَ ((أَرْبَعُونَ)) بَارّاً فَقَطْ. فَأَجَابَهُ: لاَ أُهْلِكُهَا مِنْ أَجْلِ ((الأَرْبَعِينَ)).
30- وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: لاَ يَغْضَبِ الْمَوْلَى، بَلْ دَعْنِي أَتَكَلَّمُ. مَاذَا لَوْ وُجِدَ هُنَاكَ ((ثَلاَثُونَ)) بَارّاً؟ فَأَجَابَهُ: لاَ أُهْلِكُهَا إِنْ وَجَدْتُ ((ثَلاَثِينَ)).
31- وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: هَا أَنَا قَدِ اسْتَرْسَلْتُ فِي الْكَلاَمِ أَمَامَ الْمَوْلَى، فَمَاذَا لَوْ وَجَدْتَ هُنَاكَ ((عِشْرِينَ)) بَارّاً؟ فَقَالَ: لاَ أُهْلِكُهَا مِنْ أَجْلِ ((الْعِشْرِينَ)).
32- وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: لاَ يَغْضَبِ الْمَوْلَى، فَأَتَكَلَّمَ مَرَّةً أُخْرَى: مَاذَا لَوْ وُجِدَ هُنَاكَ ((عَشَرَةٌ)) ؟». فَأَجَابَهُ الرَّبُّ: لاَ أُهْلِكُهَا مِنْ أَجْلِ ((الْعَشَرَةِ)).
33- وَعِنْدَمَا فَرَغَ الرَّبُّ مِنْ مُحَادَثَةِ إِبْرَاهِيمَ مَضَى، وَرَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى مَكَانِهِ] انتْهَى.
------
فَهُنَا خُفِّضَ العَدَدُ مِنْ 50 إِلَى 10، وَمِثْلُ هَذَا مَوْجُودٌ كَثِيرًا، وَمِنْ ذَلِكَ (حَدِيثُ التُّرْبَـةِ) المُخَرَّجُ فِي مُسْلِمٍ، فإِنَّ أَصْلَـهُ مِنْ (سفْر التَّكْوِين، الإِصْحَاح 2)، وَلَيْسَ مَنْقُولًا بالحَرْفِ، وَمَعَ ذَلِكَ حَكَمَ عَلَيْه الحُفَّاظُ أَنَّـهُ مِنْ كَلَامِ كَعْب الأَحْبَارِ!!
-----
وَالمَقْصُودُ أَنَّ الإِسْرَائِيلِيَّاتِ لَا تَكُونُ دَائِمًا مَنْقُولَـةً بالحَرْفِ، فَقَدْ تُؤَلَّفُ وَتُسْتَوْحَى، كَمَسْأَلَـةِ الإِقْعَادِ عَلَى العَرْشِ، فَهِيَ مُسْتَوْحَاةٌ مِنْ إِقْعَادِ مُوسَى وإِقْعَادِ عِيسَى، فأُلِّفَتْ فِي نَبِيِّنَا مُحَمِّدٍ (عَلَى الجَمِيعِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وآلِ مُحَمَّدٍ)، وَمَع تَأْلِيفِهَا فَهِي مَعْدُودَةٌ مِنَ الإِسْرَائِيلِيَّاتِ، وإِنْ لَمْ تُنْقَلْ بالحَرْفِ.. وَهَكَذَا.
انتهت تعليقات الإخوة المعلقين على الموضوع.

ثم أكمل العلامة السيد حسن السقاف الموضوع فقال:
وتتميماً لموضوع الإسراء والمعراج لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نقول:
نبهنا فيما سبق بأن الإسراء والمعراج ثابتان عندنا بقطعي الدلالات.
والمعراج ثابت عندنا في القرآن الكريم، في قوله تعالى في سورة النجم:
{إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى، ذو مرة فاستوى، وهو بالأفق الأعلى، ثم دنا فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى، أفتمارونه على ما يرى، ولقد رآه نزلة أخرى، عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، إذ يغشى السدرة ما يغشى، ما زاغ البصر وما طغى، لقد رأى من آيات ربه الكبرى}
هذا النص الكريم إذا لم يُحْمَل على المعراج لا يبقى له معنى للأسباب التالية:
هذا الكلام أو الحدث قد تم:
في الأفق الأعلى
عند سدرة المنتهى
عند جنة المأوى
وأعتقد أن هذه الأمور ليست في الأرض وإنما هي في السماء.
فمن هو الذي رأى (نزلة أخرى عند سدرة المنتهى) عند (جنة المأوى)؟! فسدرة المنتهى إذن عند جنة المأوى. وجنة المأوى ليست في الأرض!
وكل هذا بالإضافة إلى ما ثبت من أحاديث المعراج الصحيحة يجعل المعراج من القضايا الثابتة وهو المطلوب.
هذه مسألة،
والمسألة الثانية هي استعمال العقل في النصوص وخاصة في قبول الأحاديث وردها، وسنفرد له بحثا خاصا إن شاء الله تعالى، لكننا نقول الآن:
إن تهويل وتهويش بعض المترسمين بالعلم بأن الطعن في حديثٍ مروي في الصحيحين أو في أحدهما طعن في السنة وهدم لها من باب خرط القتاد الذي لا معنى له! ولا نلتفت إليه وهو سلاح المفلسين والجهلاء!
وكتاب الله هو وحده الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}
وادعاء أن الأمة أجمعت على صحة ما فيهما دعوى غير صحيحة عند علماء أهل السنة من الحفاظ المتقدمين والمتأخرين، وكذلك عند أئمة الوهابيين وخاصة ابن تيمية والألباني، وخالف في ذلك أيضاً غير أهل السنة من الفرق والمذاهب الإسلامية الأخرى!
فلا إجماع ولا اتفاق!
قال الإمام النووي في متن التقريب في المصطلح ص 25:
[وإذا قالوا صحيح متفق عليه أو على صحته فمرادهم اتفاق الشيخين، وذكر الشيخ تقي الدين أن ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحته والعلم القطعي حاصل فيه، وخالفه المحققون والأكثرون، فقالوا: يفيد الظن ما لم يتواتر، والله أعلم].
لماذا إذا ضعفنا أو ضعف بعض العلماء حديثا رواه الترمذي في كتابه السنن الذي سماه (الجامع الصحيح) أو في (صحيح ابن خزيمة) أو في (صحيح ابن حبان) أو (مسند أحمد) أو أو أو..... لا يعتبر طاعنا في السنة وهادماً لها؟!
لماذا إذا طعن جماعة من أكابر حفاظ أهل السنة كالدارقطني والجياني وابن الجوزي وغيرهم بأحاديث عديدة في الصحيحين أو أحدهما لا يعتبرون من الطاعنين في السنة والهادمين لها؟!
وكذلك لماذا يطعن ابن تيمية والألباني وغيرهما من السلفية والوهابية بأحاديث في الصحيحين ويردونها ولا يعتبرونهم ممن يطعن في السنة ولا يعدونهم من الهادمين لها أو من أعدائها؟!
هل أولئك يوحى إليهم بالصواب والتوفيق ونحن لسنا كذلك؟
وهل هم معصومون ونحن على عكس ذلك؟!
وأنا العبد الفقير بينت في كتبي وخاصة في كتابي "تناقضات الألباني الواضحات" الواقع في ثلاثة أجزاء ما تناقض وأخطأ فيه الألباني في تصحيح وتضعيف الأحاديث بطرق علمية مبنية على قواعد أهل السنة في علم الأصول والمصطلح والجرح والتعديل وبينت أنه يصحح الحديث في كتاب ثم نجده يضعفه بنفس الإسناد في موضع آخر من كتبه! فلماذا يوصف هو بالعلم والمعرفة والفهم دوننا ويكون ذلك جائزا له وغير جائز لنا!
ليس هناك سبب إلا التعصب المقيت والتقليد الذي يغشي عين وعقل صاحبه عن إدراك الحقيقة!
نحن لا نقول أن يأتي العامة فيتكلمون في أحاديث الصحيحين! أو في تصحيح الأحاديث وتضعيفها سندا ومتنا وعقلا ونقلا!
نحن نتكلم في المجال العلمي ويعلم الجميع أن هذا مما ينبغي أن يعلمه ويتعلمه طلبة العلم! وليس أي طلبة علم! والعامة - ومنهم بعض الدكاترة - ما عليهم إلا أن يراقبوا وينصتوا ولا يتدخلوا بإبداء الرأي لأن رأيهم غير معتبر بسبب أنهم ليسوا من أهل الاختصاص! بل يتعلموا ويلتجئوا إلى الله تعالى ليكشف لهم الحقيقة! لأنه ليس لدينا كهنوت في الإسلام وليس عندنا ما نخفيه فيطّلع عليه أناس دون أناس!
والله الهادي إلى سواء السبيل.
أضف رد جديد

العودة إلى ”مسائل وقضايا التوحيد والإيمان“