بيان بطلان ما نقله الذهبي عن سلام أبي المنذر المقرئ، وأنه قال لرجل سأله عن القرآن،(قم يا زنديق):
قال الذهبي في كتابه "العلو" في النص رقم(355):
[سلام مقرىء البصرة (171)
355- قال أبو حاتم الرازي: حدثني يعقوب بن يوسف بن الجارود، عن عفان بن مسلم قال: كنت عند سلام أبي المنذر قارىء أهل البصرة فأتاه رجل بمصحف فقال: أليس هذا ورق وزاج فهو مخلوق؟ فقال له سلام: قـم يا زنديق].
أقول في الكشف عن هذا النقل الذي جاء به الذهبي:
سلام بن سليمان أبو المنذر القارىء، مترجم في "تهذيب الكمال" (12/288) و"الضعفاء الكبير" للعقيلي (2/160). قال: ابن معين: لا شيء، وقال أبو حاتم: صدوق. كما في "الجرح والتعديل" (4/259). قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (4/249): [وقال ابن الجنيد: سألت ابن معين عنه ثقة هو؟ قال: لا. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: صدوق صالح الحديث. وقال الآجري عن أبي داود ليس به بأس أنكر عليه حديث داود عن عامر في القراءة. وقال في موضع آخر: لم يكن أحد أشد على القدرية منه.. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان يخطىء وليس هذا بسلام الطويل ذاك ضعيف وهذا صدوق. وقال الساجي: صدوق يهم ليس بمتقن في الحديث]. وأورده الذهبي في كتاب "الضعفاء" (برقم2497)! فقول مثل هذا لا يقدّم ولا يؤخر في القضية فكل أحد يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا الأنبياء المعصومين عليهم الصلاة والسلام.
والرواية التي قالها الذهبي عنه أعتقد أنها من جملة الأكاذيب! رواه ابن أبي حاتم الرازي كما نقل المزي في "تهذيب الكمال" (12/290) والذهبي هنا في "العلو"! ولم أقف في كتب الرجال والحديث على مَن اسمه (يعقوب بن يوسف بن الجارود) إلا في هذا الموضع وهذا كما أرى من اختراعات ابن أبي حاتم الرازي في كتاب "الرد على الجهمية". ولم يروه غيره! ولم يأت بهذا الرجل غيره! فلا يثبت هذا عن سلام بن سليمان!! فقد ذكره المزي في "تهذيب الكمال" (12/290) فقال: [وَقَال عَبْد الرحمن بْن أَبي حاتم: حَدَّثني أبي، قال: حَدَّثَنِي يعقوب بْن يوسف بْن الجارود، قال: زعم عفان بْن مسلم، قال: كنت عند سلام أبي المنذر قارئ أهل البصرة، فأتاه رجل بمصحف، فقال: أليس هذا ورق وزاج. فقال له سلام: قم يا زنديق]. قلت: لاحظ قوله (زعم عفان) وهي تفيد التشكيك في الرواية! والذهبي والمزي تلاميذ الشيخ الحراني يروّجان في كتبهما هذه الخرافات وكأنها من حجج الله على عباده! والظاهر أن عفان رواها زمن الاختلاط فإنه اختلط قبل موته بقليل كما في "تهذيب التهذيب" (7/207) وفيه هناك: [..قال الآجري: قلت لأبي داود: بلغك عن عفان أنه يُكَذِّب وهب بن جرير؟ فقال: حدثني عباس العنبري سمعت علياً يقول: أبو نُعَيم وعفان صدوقان لا أقبل كلامهما في الرجال، هؤلاء لا يدعون أحداً إلا وقعوا فيه.. وقال ابن معين: كان يحيى إذا تابعه عفان على شيء ثبت عليه وإن كان خطأ.. قال ابن عَدِي: عفان أشهر وأصدق وأوثق من أن يقال فيه شيء.. ولا أعلم لعفان الا أحاديث مراسيل عن الحمادين وغيرهما وصلها وأحاديث موقوفة رفعها والثقة قد يهم في الشيء وعفان لا بأس به صدوق.. قال ابن أبي خيثمة: سمعت أبي وابن معين يقولان: أنكرنا عفَّان في صفر سنة 19 وفي رواية سنة عشرين.. ]. فالظاهر أن عفان رواه في زمن الاختلاط ولذلك قيل في هذه الرواية (زعم عفان..)! وبمثل هذا لا تصحح الروايات! ويعقوب بن يوسف بن الجارود الذي في إسناده مجهـول على التحقيق!! وادّعى متناقض العصر!! في "مختصر العلو" ص (149) أنه الدشتكي وهذا تحديس ورجم بالوهم الباطل الذي لا دليل عليه!! وهو يريد ترقيع المسألة!! والدشتكي مترجم في "الجرح والتعديل" (9/217) وقال فيه (صدوق) والصدوق لا يحتج بحديثه في الغالب عند أبي حاتم! ولم أر للدشتكي رواية في كتب الحديث! ثم نقول: لا دلالة في هذا إن صحَّ لأنَّ أقوال الرجال لا يبنى عليها أصل الاعتقاد!! والورق والحبر مخلوقان بلا شك وكذا الكتابة بالورق والحبر وكذا اللفظ! وتأملوا كيف يشرّعون رمي مخالفيهم بالكفر والزندقة! مع أن البخاري ومسلم وجماعة يقولون (لفظي بالقرآن مخلوق) وعلى كلٍّ فقول سلام هذا الذي نقله الذهبي ليس في موضوع العلو وإنما يريد الذهبي تكثير الأسماء الموافقة لمعتقده إذ ذاك! ثم عاد فقال في "سير النبلاء" (12/80) معتمداً ومثبتاً كون اللفظ مخلوق في ترجمة الكرابيسي: [وهو أوّل مَن فتق اللفظ ..... ولا ريب أن ما ابتدعه الكرابيسي وحرّره في مسألة التلفظ وأنه مخلوق هو حق]. وفي هذا عبرة لمن اعتبر. فرمي الناس بالزندقة في هذا الأمر لا يقول به إلا المختلطون أو المبرسمون! ومثل هذه النصوص لا تثبت ولا يجوز اتخاذها ديناً!.
بيان بطلان ما نقله الذهبي عن سلام أبي المنذر المقرئ، وأنه قال لرجل سأله عن القرآن،(قم يا زنديق):
-
- Posts: 908
- Joined: Sat Nov 04, 2023 1:45 pm