بيان عدم صحة ما نُسب إلى الإمام الشافعي في مسألة خلق القرآن:

[عود الخيزران]

بيان عدم صحة ما نُسب إلى الإمام الشافعي في مسألة خلق القرآن:

قال الذهبي في كتابه " اللو" النص رقم(414):
[414- قال ابن أبي حاتم: سمعت الربيع بن سليمان، سمعت الشافعي يقول: من حلف باسم من أسماء الله فحنث فعليه الكفارة، (لأنَّ اسم الله غير مخلوق)، ومن حلف بالكعبة وبالصفا والمروة فليس عليه كفارة، (لأنها مخلوقة)].

أقول في بيان عدم صحة هذا الأثر وبيان حال ابن أبي حاتم وتصرفه في النقولات !:

هذه الصياغة فيها كذب على الإمام الشافعي رحمه الله تعالى والكذب هو ما وضعناه بين قوسين في النص أعلاه: وما بين القوسين () ليس من كلام الشافعي وإنما هو من زيادات الناس المائلين لمنع القول بخلق القرآن!! فسَّروا به كلام الشافعي على مرادهم فزادوا فيه ما يحلوا لهم!! فهذا من جملة طرق الوضع وأساليبه!!
وقد تبيَّن لي أنَّ ما ينقله ابن أبي حاتم عن الأئمة لا يوثق به البتة!! فإنَّ هذا الكلام رواه ابن أبي حاتم في كتابه ((آداب الشافعي ومناقبه)) ص (193) ونستطيع أن نقول بأنَّ هذا كذب صريح على الإمام الشافعي لأنَّ الشافعي قال كما في ((الأم)) (5/288) وهو من رواية الربيع عنه: ((من حلف بالله أو باسم من أسماء الله تعالى فعليه الكفارة إذا حنث ومن حلف بشيء غير الله فليس بحالف ولا كفارة عليه إذا حنث)) وانظر ((الأم)) أيضاً (5/248) و ((مختصر المزني)) (5/223) وأورد هذا أيضاً البيهقي في ((الأسماء والصفات)) ص (255-256) وبين أنَّ هذه الزيادة من ابن أبي حاتم إذ قال البيهقي عقبها هناك: [زاد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الحنظلي في هذه الحكاية عن الربيع عن الشافعي رضي الله عنه: لأنَّ هذا مخلوق وذلك غير مخلوق] وهذا أمر خطير من ابن أبي حاتم يجعلنا لا نثق بما ينقله ويرويه في هذه البابة ونحوها!!
وقد رواه أيضاً أبو نُعَيم في "الحلية" (9/113) عن الطبراني، عن زكريا الساجي قال: سمعت الربيع به مثل لفظ ابن أبي حاتم(!!) والذي أجزم به أنَّ زكريا الساجي لم يرو عن الربيع، فقد قال الذهبي في ترجمته في "السير" (14/198): ((ولم يرحل فيما أحسب)). وهو من أهل البصرة. وقال في السير (12/587) في ترجمة الربيع بن سليمان وهو مصري: ((ولم يكن صاحب رحلة، فأما ما يروى أنَّ الشافعيَّ بعثه إلى بغداد بكتابه إلى أحمد بن حنبل فغير صحيح))!! وكل ذلك المحكي بالزيادة عن الإمام الشافعي مردود بما نقلناه عن نص الأم ورواية البيهقي!! فأما الطبراني والساجي وابن أبي حاتم فهم من المائلين إلى التجسيم والتشبيه بلا ريب!! ولا أدلَّ على ذلك من تصانيفهم في تلك الأمور الموبقات!! فثبت بذلك أن رواياتهم في مثل هذه الأبواب والمسائل مما يؤيد بدعتهم مردودة ولو ثبتت بأسانيد ظاهرها الصحة!! والمتناقض!! سكت عن هذا البيان فلم يوضح الأمر في القضية!! والله المستعان!!