خرافة (في دارنا نخلة) عن حماد بن زيد:
يحتج المجسمة والمشبهة لتثبيت عقيدتهم المنهارة بكلمة تروى عن حماد بن زيد، وإليكم ذلك مفصلاً:
قال الذهبي في كتاب "العلو":
[نُقل عن حماد بن زيد أنه قال: مَثَلُ الجهمية كقوم قالوا: في دارنا نخلة. قيل: لها سعف؟ قالوا: لا. قيل: فلها كرب؟ قالوا: لا. قيل: لها رطب وقنو؟ قالوا: لا. قيل: فلها: فلها ساق؟ قالوا: لا. قيل: فما في داركم نخلة].
وهذا قول متهاوٍ بنفسه!
أقول:
هذا القول من جملة الأكاذيب ولو صح عن قائله فهو مردود عليه! لأن مَثَل النخلة هذا لا ينطبق على الله تعالى الذي لا يشبه النخلة ولا الأجسام و{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}!! قال الله تعالى: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}!!
أما إسناد هذا الأثر الفاسد: فرواه ابن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة" (برقم34) قال:
[حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثَ السِّجِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ..] به.
وأخشى أن سليمان بن حرب رواه عن حماد بن سلمة وليس عن حماد بن زيد لأنه يروي عن الحمادين ولأن المعروف بمثل هذا الكلام الباطل في التجسيم حماد بن سلمة وليس حماد بن زيد!
وعلى كل؛ فعبد الله بن سليمان الذي في أول الإسناد هو أبو بكر بن أبي داود السجستاني وهو كذَّاب كما سيأتي مفصلاً! كذَّبه أبوه أبو داود، وقال ابن صاعد: (كفانا ما قال أبوه فيه)!
وإليكم ترجمته مع تعليقاتي عليها خارج الأقواس:
أبو بكر بن أبي داود واسمه عبدالله شيخ المجسمة والنواصب في عصره في بغداد، فلا يجوز التعويل على ما يقوله. وقد كذّبه أبوه أبو داود صاحب السنن قال ابن صاعد: كفانا ما قاله أبوه فيه. ومحاولة دفاع الذهبي عنه لا يعول عليها!
ومن طامات هذا المجرم الأفَّاك الذي لا يتقي الله تعالى أنه زعم كما في ترجمته أنَّ سيدنا علياً عليه السلام حفيت أظافره من التسلق على أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالليل(!!) كما في ترجمته في "لسان الميزان" (3/364) و "الميزان". وقد شهد عليه بذلك ثلاثة منهم محمد بن يحيى ابن مَنْدَه وحكم بضرب عنقه وخلصه من القتل بعض الناس!! وهذه ملخص ترجمته كما في "الميزان" للذهبي لأنه ينبغي الاطلاع على شيء من حقيقة حاله مع تعقيبنا على بعض ما جاء في ترجمته خارج الأقواس:
قال الحافظ ابن حجر في"لسان الميزان" (3/293) نقلاً عن ميزان الذهبي مترجماً أبا بكر بن أبي داود (235-316هـ):
[عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني أبو بكر بن أبي داود الحافظ الثقة صاحب التصانيف وثقه الدارقطني فقال: ثقة إلا أنه كثير الخطأ في الكلام على الحديث]. وهذا يفيدنا من الدارقطني أنه لا يعتمد عليه! لأنه كثير الخطأ فوصف الذهبي له بأنه ثقة لا عبرة به والدارقطني جرحه بطريقة سياسية حكيمة لينجو من أذى الحنابلة أتباع بن أبي داود الذين كان يسلطهم أبو بكر بن أبي داود على العلماء كابن جرير الذي آذاه الحنابلة بأمر أبي بكر! كما سيأتي [وذكره ابن عَدِي فقال: لولا ما شَرَطْنا لما ذكرته. إلى أن قال: وهو معروف بالطلب وعامة ما كتب مع أبيه هو مقبول عند أصحاب الحديث، وأما كلام أبيه فيه فما أدري أيش تبين له منه. حدثنا علي بن عبد الله الداهري، سمعت أحمد بن محمد بن عمر بن كركرة، سمعت على بن الحسين بن الجنيد، سمعت أبا داود يقول: ابني عبد الله كذاب. قال ابن صاعد: كفانا ما قال أبوه فيه]. وكلام ابن عَدِي مردود بقول أبي داود في ابنه أبي بكر بأنه كذاب، وقول ابن عَدِي بأنه مقبول عند أهل الحديث ليس بشيء فهو مقبول عند أصحابه الحنابلة المجسمة [ثم قال ابن عَدِي: سمعت موسى بن القاسم بن الأشيب يقول: حدثني أبو بكر سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول: أبو بكر بن أبي داود كذاب] وهذه شهادةُ عالِمٍ آخر من أهل الحديث فيه بأنه كذاب! [وسمعت أبا القاسم البغوي وقد كتب إليه أبو بكر بن أبي داود رقعة يسأله عن لفظ حديث لجده، فلما قرأ رقعته قال: أنت والله عندي منسلخ من العلم. وسمعت عبدان يقول سمعت أبا داود السجستاني يقول: ومن البلاء أن عبد الله يطلب القضاء] وهذه كلها شهادات من أبيه وغيره بالطعن فيه! [وسمعت محمد بن الضحاك بن عمرو بن أبي عاصم: يقول أشهد على محمد بن يحيى بن مَنْدَه بين يدي الله أنه قال: أشهد على أبي بكر بن أبي داود بين يدي الله أنه قال: روى الزهري عن عروة قال: حفيت أظافير فلان من كثرة ما كان يتسلق على أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قلت: وهذا لم يسنده أبو بكر إلى الزهري فهو منقطع، ثم لا يسمع قول الأعداء بعضهم في بعض...] وهذه شهادة من ابن مَنْدَه على أبي بكر بن أبي داود طعناً فيه بكونه ناصبياً ويؤيده قول ابن جرير (تكبيرة من حارس) الذي سيأتي [قال أحمد بن يوسف الأزرق سمعت بن أبي داود يقول كل الناس في حل إلا من رماني ببغض علي بن أبي طالب رضي الله عنه] وهو غير صادق في ذلك لثبوت ذلك عنه من عدة جهات وخوفه أن يُخْرَجَ من البلد الذي هو فيه كما أخرجوه أول مرة [قال ابن عَدِي: كان في الابتداء نسب إلى شيء من النصب فنفاه بن الفرات من بغداد، فردَّه علي بن عيسى فحدَّث وأظهر فضائل علي، ثم تحنبل وصار شيخاً فيهم. قلت (الذهبي): كان قوي النفس وقع بينه وبين بن صاعد وبين ابن جرير نسأل الله العافية. قال ابن شاهين: أراد الوزير علي بن عيسى أن يصلح بين أبي بكر بن أبي داود وابن صاعد فجمعهما وحضر القاضي أبو عمر فقال الوزير لأبي بكر: أبو محمد بن صاعد أكبر منك فلو قمت إليه. فقال: لا أفعل. فقال له: أنت شيخ زيف. قال أبو بكر: الشيخ الزيف الكذاب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقال الوزير: مَن الكذَّاب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! قال أبو بكر: هذا] وهنا يرمي أبو بكر بن أبي داود ابن صاعد بالكذب! فهؤلاء الحنابلة يرمي بعضهم بعضاً بالبوائق والمخازي! [... وقال محمد بن عبد الله القطان: كنت عند محمد بن جرير فقال رجل: ابن أبي داود يقرأ على الناس فضائل علي رضي الله عنه! قال ابن جرير: تكبيرة من حارس] يعني بالمختصر أنه كذاب يروي فضائل سيدنا علي عليه السلام ليموه على الناس أنه ليس بناصبي [قلت(الذهبي): وقد قام ابن أبي داود وأصحابه وكانوا خلقاً كثيراً على ابن جرير ونسبوه إلى بدعة اللفظ فصنف الرجل معتقداً حسناً سمعناه يناضل عنه مما قيل فيه، وتألم لذلك. وقد كان أبو بكر من كبار الحفاظ والأئمة الأعلام...] وهذا مردود على الذهبي فأكثر العلماء كانوا لا يرضونه وعلى رأسهم أبوه الحافظ أبو داود صاحب السنن ومعه ابن صاعد وابن جرير الطبري وخلق أخرون، والذهبي يحاول أن يذب عنه لأنه يتفق معه في الاعتقاد.
والله تعالى أعلم.
خرافة (في دارنا نخلة) عن حماد بن زيد وعدم ثبوتها:
أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم
-
- مشاركات: 19
- اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:33 pm
العودة إلى ”أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم“
الانتقال إلى
- القرآن الكريم وتفسيره
- ↲ تفسير آية أو آيات كريمة
- ↲ أبحاث في التفسير وعلوم القرآن الكريم
- الحديث النبوي الشريف وعلومه
- ↲ قواعد المصطلح وعلوم الحديث
- ↲ تخريج أحاديث وبيان مدى صحتها
- ↲ شرح الحديث
- ↲ التراجم والرجال: الصحابة والعلماء وغيرهم
- ↲ أحاديث العقائد
- العقائد والتوحيد والإيمان
- ↲ القواعد والأصول العقائدية
- ↲ مسائل وقضايا التوحيد والإيمان
- ↲ أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم
- ↲ قضايا ومسائل لغوية تتعلق بالعقائد
- ↲ الفرق والمذاهب وما يتعلق بها
- ↲ عرض عقائد المجسمة والمشبهة والرد عليها
- التاريخ والسيرة والتراجم
- ↲ السيرة النبوية
- ↲ قضايا تاريخية
- ↲ سير أعلام مرتبطة بالتاريخ والأحداث السياسية الغابرة
- ↲ معاوية والأمويون والعباسيون
- الفكر والمنهج والردود
- ↲ توجيهات وتصحيح لأفكار طلبة العلم والمنصفين من المشايخ
- ↲ الردود على المخالفين
- ↲ مناهضة الفكر التكفيري والرد على منهجهم وأفكارهم
- ↲ أسئلة وأجوبة عامة
- الفقه وأصوله
- ↲ القواعد الأصولية الفقهية
- ↲ مسائل فقهية عامة
- ↲ المذهب الحنفي
- ↲ المذهب المالكي
- ↲ المذهب الشافعي
- ↲ المذهب الحنبلي
- علوم اللغة العربية
- ↲ النحو والصرف
- ↲ مسائل لغوية ومعاني كلمات وعبارات
- الكتب الإلكترونية
- ↲ كتب العلامة المحدث الكوثري
- ↲ كتب السادة المحدثين الغماريين
- ↲ كتب السيد المحدث حسن السقاف
- ↲ كتب مجموعة من العلماء
- المرئيات
- ↲ العقيدة والتوحيد: شرح متن العقيدة والتوحيد