بيان عدم صحة القصص التي يروجها المجسمة عن إسحاق بن راهويه لنصرة مذهبهم:

أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم
أضف رد جديد
عود الخيزران
مشاركات: 777
اشترك في: السبت نوفمبر 04, 2023 1:45 pm

بيان عدم صحة القصص التي يروجها المجسمة عن إسحاق بن راهويه لنصرة مذهبهم:

مشاركة بواسطة عود الخيزران »

بيان عدم صحة القصص التي يروجها المجسمة عن إسحاق بن راهويه لنصرة مذهبهم:

قال الذهبي في كتابه " العلو" النص رقم(447):
[447- أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: جمعني وهذا المبتدع يعني إبراهيم بن أبي صالح مجلس الأمير عبدالله بن طاهر، فسألني الأمير عن أخبار النزول فسردتها، فقال ابن أبي صالح: كفرتُ بربٍّ ينزل من سماء إلى سماء، فقلت: آمنتُ برب يفعل ما يشاء. رواها البيهقي عن الحاكم عن محمد بن صالح ابن هانىء سمع أحمد بن سلمة، فكأنَّ إسحاق الإمام يخاطبك بها].


أقول في بيان عدم صحة هذه القصة والكشف عن الكثير مما ينقل في هذا الصدد:

لا يثبت هذا!! وليس فيه ما يدل على أن إسحاق أفحم خصمه! وهناك عدة قصص وحكايات مخترعة تُحكى عن إسحاق بن راهويه بحضرة هذا الأمير الظالم عبد الله بن طاهر! تدور هذه القصص حول إفحام إسحاق لمخالفه في الاعتقاد وكلها ضعيفة! وليس فيها دلالة! فهذه الحكاية جعلها المجسمة مناظرة ابن راهويه مع إبراهيم بن أبي صالح الذي رموه بالجهمية! ووقع في رواية أخرى ستأتي؛ ذكرها الذهبي في "سير النبلاء" أن الذي ناظره إسحاق هو: منصور بن طلحة، وفي رواية ثالثة مكذوبة – ستأتي - أنه ألزم إبراهيم بن أبي صالح بشيء في كتاب جَدِّ إبراهيم وأنه غلبه وأثبت كذبه، وفي رواية رابعة ستأتي أيضاً إن شاء الله تعالى في النص رقم (450) أن كلام إسحاق كان مع أحد قادة وقواد الأمير عبد الله بن طاهر. وفي رواية خامسة أن السائل عن النزول هو الأمير عبد الله بن طاهر نفسه، وفي رواية سادسة أيضاً ذكرها الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (11/367) قال: [وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيَّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ بَالُوَيْه، سَمِعْتُ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ طَاهِرٍ، وَإِذَا عِنْدَهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، فَقَالَ لَهُ: يَا إِبْرَاهِيْمُ، مَا تَقُوْلُ فِي غَسِيْلِ الثِّيَابِ؟ قَالَ: فَرِيْضَةٌ. قَالَ: مِنْ أَيْنَ تَقُوْلُ؟ قَالَ: مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وِثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} فَكَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ طَاهِرٍ اسْتَحْسَنَهُ. فَقُلْتُ: أَعَزَّ اللهُ الأَمِيْرَ، كَذِبٌ هَذَا، أَخْبَرَنَا وَكِيْعٌ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}، قَالَ: قَلْبَكَ فَنَقِّهِ. وَأَخْبَرَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: عَنْ قَتَادَةَ: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}، قَالَ: عَمَلَكَ فَأَصْلِحْهُ. ثُمَّ ذَكَرَ إِسْحَاقُ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ: (مَنْ قَالَ فِي القُرْآنِ بِرَأْيِهِ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ). فَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: يَا إِبْرَاهِيْمُ، إِيَّاكَ أَنْ تَنْطِقَ فِي القُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ. قَالَ قَائِلٌ: مَا دَلَّتِ الآيَةُ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الأَقْوَالِ المَذْكُوْرَةِ، بَلْ هِيَ نَصٌّ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ مِنَ الثَّوْبِ، فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ تَحْرِيْفِ كِتَابِهِ]. وهذا اعتراف من الذهبي بأن قول إسحاق تحريف وتخبيص! وهذا نقله الذهبي من كتاب "الخلافيات" للبيهقي (1/71). وابن بالويه هو أبو العباس المتوفى سنة (296هـ) مجهول الحال لم يذكره أحد بتوثيق! وترجمته مختصرة في تاريخ "الإسلام للذهبي" (22/246تدمري) أخذاً من "تاريخ نيسابور" للحاكم (1/53). فهذه قصص وحكايات تم اختراعها لتمجيد إسحاق بن راهويه وأنه يقول بالحق ويفحم الخصوم وأن الله في السماء! والمناظرة هزيلة كما ترى فليس فيها ما يُعَدُّ دليلاً مفحماً! فقوله (آمنت برب يفعل ما يشاء) جواب هزيل!
وهذا الذي ذكره الذهبي هنا في "العلو" رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" ص (452) فقال: [ْوَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ سَلَمَةَ...] به. أقول: محمد بن صالح بن هانىء أبو جعفر الوراق النيسابوري، ثقة كبير القدر عالم بالرجال وثقه الحاكم كما في "تاريخ ابن عساكر" (5/47) و"لسان الميزان" (7/267طبعة أبو غدة) للحافظ ابن حجر فقال مبيناً توثيقه: [قال الحاكم: فسمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانيء الثقة المأمون يقول:...]. وكذا هو في "الأنساب" للسمعاني (1/147)، وقد أفاد ابنُ هانىء هذا أيضاً أبا أحمد الحاكم صاحب كتاب "الكنى والأسماء" في مواضع كثيرة بِكُنَى أشخاصٍ! وترجمه السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (3/174) أيضاً. وقال الحافظ ابن الجوزي في "المنتظم" 6/370) في أواخر سنة (340هـ): [محمد بن صالح بن هانىء بن زيد أبو جعفر الوراق، سمع الحديث الكثير، وكان له فهم وحفظ، وكان من الثقات الزهاد لا يأكل إلا من كسب يده، قال أبو عبد الله بن يعقوب الحافظ: صحبت محمد بن صالح سنين ما رأيته أتى شيئاً لا يرضاه الله، ولا سمعت منه شيئاً يسأل عنه، وكان يقوم الليل وتوفى فى ربيع الأول من هذه السنة]. وإنما ذكرت ذلك لأن الألباني المتناقض لم يعرفه! ومشى على هذا في كتبه ومن ذلك: أنه قال في "ضعيفته" (3/368/1223): [وفي السند جماعة آخرون لم أعرفهم : محمد بن صالح بن هانىء شيخ الحاكم](!!) وقال الألباني أيضاً في "ضعيفته" (8/108): [أخرجه الديلمي (2/ 148) من طريق الحاكم: حدثنا أبو جعفر الوراق :... قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ رجاله ثقات غير السمناني هذا؛ فلم أعرفه. ومثله شيخ الحاكم أبو جعفر الوراق، وقد تتبعت شيوخ الحاكم الذين كنوا بهذه الكنية: "أبي جعفر" في "المستدرك" في المجلد الأول منه، فوجدت فيهم: 1- محمد بن صالح بن هانىء... 2- أحمد بن عبيد الهمذاني الحافظ:.... قلت: فهؤلاء كل شيوخ الحاكم الذين رأيتهم في الجزء المذكور من "المستدرك"، ولكنهم لم يوصفوا بـ "الوراق"، ولكنه لم يكنه مطلقاً، فقلت: لعله هو أبو جعفر الوراق شيخه في هذا الحديث، وسواء كان هو أو غيره، فيبدو لي أنه من شيوخه المستورين الذين لم يكثر عنهم، ولم يحتج بهم في "صحيحه: المستدرك"، والله أعلم](!!) فلم يعلم هذا الألباني المسكين أن أبا جعفر الوراق هو محمد بن صالح بن هانىء! و(أحمد بن سلمة) هو: أبو الفضل أحمد بن سلمة البزاز النيسابوري، له ترجمة في "طبقات أصبهان" (3/217)، وتَرْجَمَهُ الخطيب البغدادي في "تاريخه" (4/186) فقال: [أحمد بن سلمة بن عبد الله أبو الفضل البزار المعدل النيسابوري أحد الحفاظ المتقنين،..] ولم ينقل فيه توثيقاً لأحد من معاصريه ولا لغيرهم!! وبعد هذا التحقيق في سند هذه المقولة عن إسحاق نقول: تنص هذه القصة على أن ابن راهويه دخل على الأمير عبد الله بن طاهر وأن ابن طاهر حكم بما هو الحق والصواب! مع أن قول (عبد الله بن طاهر) لا قيمة له ولن يقدّم أو يؤخِّر!! والذهبي عندما ترجم ابنَ طاهر في "السير" (10/685) وحاول أن يُفخِّم من أمره ختم ترجمته بما كشف عن حاله فقال: [ولما مرض تاب وكسر الملاهي وافْتَكَّ الأسرى، ومات بالخانوق سنة ثلاثين ومئتين وله ثمان وأربعون سنة](!!) فإسحاق كما قدَّمنا لم يأت بشيء يُذْكَر هنا إنما قال: (آمنت برب يفعل ما يشاء) وليس هذا نص الكتاب أو السنة! وعقول كثير من أصحاب الحديث في التعنت في مكايدة المعتزلة والمنزهين من أهل السنة غريبة عجيبة، وهذه القصة لا قيمة لها وشهادة الأمير لابن راهويه أو نَصْره له لا قيمة له! ثم في هذه القصة اضطراب كما تقدم! فالمناظرة تحكى مع أشخاص عدة! وأوردها الذهبي أيضاً في "سير أعلام النبلاء" (11/376) فقال: [قال أبو العباس السَّراج: سمعت إسحاق الحنظلي يقول: دخلت على طاهر بن عبد الله بن طاهر، وعنده منصور بن طلحة، فقال لي منصور: يا أبا يعقوب! تقول: إن الله ينزل كل ليلة؟ قلت: نؤمن به إذا أنت لا تؤمن أن لك في السماء رباً، لا تحتاج أن تسألني عن هذا. فقال له طاهر الأمير: ألم أنهك عن هذا الشيخ؟]. وهذه أيضاً لا قيمة لها! لأنها من الأكاذيب!
أضف رد جديد

العودة إلى ”أقوال لأئمة وعلماء ومشايخ في العقيدة ومدى صحتها عنهم“